الرسم العثمانيقَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِى بِهِمْ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُۥ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
الـرسـم الإمـلائـيقَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَـكُمۡ اَنۡفُسُكُمۡ اَمۡرًاؕ فَصَبۡرٌ جَمِيۡلٌؕ عَسَى اللّٰهُ اَنۡ يَّاۡتِيَنِىۡ بِهِمۡ جَمِيۡعًاؕ اِنَّهٗ هُوَ الۡعَلِيۡمُ الۡحَكِيۡمُ
تفسير ميسر:
ولما رجعوا وأخبروا أباهم قال لهم; بل زَيَّنَت لكم أنفسكم الأمَّارة بالسوء مكيدة دبَّرتموها كما فعلتم مِن قبل مع يوسف، فصبري صبر جميل لا جزع فيه ولا شكوى معه، عسى الله أن يردَّ إليَّ أبنائي الثلاثة -وهم يوسف وشقيقه وأخوهم الكبير المتخلف من أجل أخيه- إنه هو العليم بحالي، الحكيم في تدبيره.
قال لهم كما قال لهم حين جاءوا على قميصي يوسف بدم كذب " بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل " قال محمد بن إسحاق لما جاءوا يعقوب وأخبروه بما يجرى اتهمهم فظن أنها كفعلتهم بيوسف قال " بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل " وقال بعض الناس لما كان صنيعهم هذا مرتبا على فعلهم الأول سحب حكم الأول عليه وصح قوله " بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل " ثم ترجى من الله أن يرد عليه أولاده الثلاثة يوسف وأخاه بنيامين وروبيل الذي أقام بديار مصر ينتظر أمر الله فيه إما أن يرضى عنه أبو فيأمره بالرجوع إليه وإما أن يأخذ أخاه خفية ولهذا قال " عسى الله أن يأتيني بهم جميعا انه هو العليم " أي العليم بحالي " الحكيم " في أفعاله وقضائه وقدره.
قوله تعالى ; قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيمفيه مسألتان ; الأولى ; قوله تعالى ; قال بل سولت أي زينت ." لكم أنفسكم " أن ابني سرق وما سرق ، وإنما ذلك لأمر يريده اللهفصبر جميل أي فشأني صبر جميل أو صبر جميل أولى بي على ما تقدم أول السورة .الواجب على كل مسلم إذا أصيب بمكروه في نفسه أو ولده أو ماله أن يتلقى ذلك بالصبر الجميل ، والرضا والتسليم لمجريه عليه وهو العليم الحكيم ، ويقتدي بنبي الله يعقوب وسائر النبيين - صلوات الله عليهم أجمعين - . وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن قال ; ما من جرعتين يتجرعهما العبد أحب إلى الله من جرعة مصيبة يتجرعها العبد بحسن صبر وحسن عزاء ، وجرعة غيظ يتجرعها العبد بحلم وعفو . وقال ابن جريج عن مجاهد في قوله تعالى ; فصبر جميل أي لا أشكو ذلك إلى أحد . وروى مقاتل بن سليمان عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ; من بث لم يصبر . وقد تقدم في " البقرة " أن الصبر عند أول الصدمة ، وثواب من ذكر مصيبته واسترجع وإن تقادم عهدها . وقال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال ; إن يعقوب أعطي على يوسف أجر مائة شهيد ، وكذلك من احتسب من هذه الأمة في مصيبته فله مثل أجر يعقوب - عليه السلام - .[ ص; 216 ] قوله تعالى ; عسى الله أن يأتيني بهم جميعا لأنه كان عنده أن يوسف - صلى الله عليه وسلم - لم يمت ، وإنما غاب عنه خبره ; لأن يوسف حمل وهو عبد لا يملك لنفسه شيئا ، ثم اشتراه الملك فكان في داره لا يظهر للناس ، ثم حبس ، فلما تمكن احتال في أن يعلم أبوه خبره ; ولم يوجه برسول لأنه كره من إخوته أن يعرفوا ذلك فلا يدعوا الرسول يصل إليه وقال ; " بهم " لأنهم ثلاثة ; يوسف وأخوه ، والمتخلف من أجل أخيه ، وهو القائل ; فلن أبرح الأرض . " إنه هو العليم " بحالي ، " الحكيم " فيما يقضي .
القول في تأويل قوله تعالى ; قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83)قال أبو جعفر; في الكلام متروك ، وهو; فرجع إخوة بنيامين إلى أبيهم ، وتخلف روبيل ، فأخبروه خبره ، فلما أخبروه أنه سرق قال ، (بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا)، يقول; بل زينت لكم أنفسكم أمرًا هممتم به وأردتموه (15) (فصبر جميل)، يقول; فصبري على ما نالني من فقد ولدي، صبرٌ جميل لا جزع فيه ولا شكاية (16) ، عسى الله أن يأتيني بأولادي جميعًا فيردّهم عليّ ، (إنه هو العليم)، بوحدتي، وبفقدهم وحزني عليهم، وصِدْقِ ما يقولون من كذبه ، (الحكيم) ، في تدبيره خلقه (17) .* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك;19644 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله; (بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل)، يقول; زينت ، وقوله; (عسى الله أن يأتيني بهم جميعًا) يقول; بيوسف وأخيه وروبيل.19645 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال; لما جاءوا بذلك إلى يعقوب ، يعني بقول روبيل لهم، اتَّهمهم وظن أن ذلك كفعلتهم بيوسف ، ثم قال; (بل سولت لكم أنفسكم أمرًا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا) أي; بيوسف وأخيه وروبيل.* * *----------------------الهوامش;(15) انظر تفسير ;" التسويل" فيما سلف 15 ; 583 .(16) انظر تفسير ;" صبر جميل" فيما سلف 15 ; 584 .(17) انظر تفسير ;" العليم" و" الحكيم" فيما سلف عن فهارس اللغة ( علم ) ، ( حكم ) .
فلما رجعوا إلى أبيهم وأخبروه بهذا الخبر، اشتد حزنه وتضاعف كمده، واتهمهم أيضا في هذه القضية، كما اتهمهم في الأولى، و { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } أي: ألجأ في ذلك إلى الصبر الجميل، الذي لا يصحبه تسخط ولا جزع، ولا شكوى للخلق، ثم لجأ إلى حصول الفرج لما رأى أن الأمر اشتد، والكربة انتهت فقال: { عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا } أي: يوسف و \"بنيامين\" وأخوهم الكبير الذي أقام في مصر. { إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ } الذي يعلم حالي، واحتياجي إلى تفريجه ومنَّته، واضطراري إلى إحسانه، { الْحَكِيمُ } الذي جعل لكل شيء قدرا، ولكل أمر منتهى، بحسب ما اقتضته حكمته الربانية.
(قال) فعل ماض
(بل) حرف إضراب ،
(سوّلت) فعل ماض و (التاء) للتأنيث
(اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (سوّلت) ،
(أنفسكم) فاعل مرفوع.. و (كم) ضمير مضاف إليه
(أمرا) مفعول به منصوب،
(الفاء) عاطفة
(صبر) خبر لمبتدأ محذوف وجوبا تقديره صبري
(جميل) نعت لصبر مرفوع مثله
(عسى) فعل ماض جامد ناقص
(الله) لفظ الجلالة اسم عسى مرفوع
(أن يأتي) مثل أن نأخذ في الآية
(79) ، والفاعل هو و (النون) للوقاية و (الياء) ضمير مفعول به
(بهم) مثل لكم متعلّق بـ (يأتي) ،
(جميعا) حال منصوبة من الضمير المجرور في(بهم) . والمصدر المؤوّلـ (أن يأتيني ... ) في محلّ نصب خبر عسى. (إنّ) حرف مشبّه بالفعل و (الهاء) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ
(هو) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(العليم) خبر المبتدأ مرفوع
(الحكيم) خبر ثان مرفوع. جملة: «قال ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ. وجملة: «سوّلت لكم أنفسكم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.. وجملة مقول القول محذوفة . وجملة: «
(صبري) صبر ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة سوّلت ... وجملة: «عسى الله ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز القول. وجملة: «يأتيني بهم ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أنّ) . وجملة: «إنّه هو العليم ... » لا محلّ لها تعليليّة. وجملة: «هو العليم ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
- القرآن الكريم - يوسف١٢ :٨٣
Yusuf12:83