الرسم العثمانيوَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنۢ بَعْدِ مِيثٰقِهِۦ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِى الْأَرْضِ ۙ أُولٰٓئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوٓءُ الدَّارِ
الـرسـم الإمـلائـيوَالَّذِيۡنَ يَنۡقُضُوۡنَ عَهۡدَ اللّٰهِ مِنۡۢ بَعۡدِ مِيۡثَاقِهٖ وَيَقۡطَعُوۡنَ مَاۤ اَمَرَ اللّٰهُ بِهٖۤ اَنۡ يُّوۡصَلَ وَيُفۡسِدُوۡنَ فِى الۡاَرۡضِۙ اُولٰۤٮِٕكَ لَهُمُ اللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوۡۤءُ الدَّارِ
تفسير ميسر:
أما الأشقياء فقد وُصِفوا بضد صفات المؤمنين، فهم الذين لا يوفون بعهد الله بإفراده سبحانه بالعبادة بعد أن أكدوه على أنفسهم، وهم الذين يقطعون ما أمرهم الله بوصله مِن صلة الأرحام وغيرها، ويفسدون في الأرض بعمل المعاصي، أولئك الموصوفون بهذه الصفات القبيحة لهم الطرد من رحمة الله، ولهم ما يسوءهم من العذاب الشديد في الدار الآخرة.
هذا حال الأشقياء وصفاتهم وذكر ما لهم في الآخرة ومصيرهم إلى خلاف ما صار إليه المؤمنون كما أنهم اتصفوا بخلاف صفاتهم في الدنيا فأولئك كانوا يوفون بعهد الله ويصلون ما أمر الله به أن يوصل وهؤلاء " ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون فى الأرض " كما ثبت في الحديث " آية المنافق ثلاث; إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان " وفي رواية " وإذا ما هد غدر وإذا خاصم فجر " ولهذا قال " أولئك لهم اللعنة " وهي الإبعاد عن الرحمة " ولهم سوء الدار " وهي سوء العاقبة والمآل " ومأواهم جهنم وبئس المهاد " وقال أبو العالية في قوله تعالى " والذين ينقضون عهد الله " الآية قال هى ست خصال في المنافقين إذا كان فيهم الظهرة على الناس أظهروا هذه الخصال إذا حدثوا كذبوا وإذا وعدوا أخلفوا وإذا ائتمنوا خانوا ونقضوا عهد الله من بعد ميثاقه وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل وأفسدوا في الأرض وإذا كانت الظهرة عليهم أظهروا الثلاث الخصال; إذا حدثوا كذبوا وإذا وعدوا أخلفوا وإذا ائتمنوا خانوا.
قوله تعالى ; والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاعقوله تعالى ; والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه لما ذكر الموفين بعهده ، والمواصلين لأمره ، وذكر ما لهم ذكر عكسهم . نقض الميثاق ; ترك أمره . وقيل ; إهمال عقولهم ، فلا يتدبرون بها ليعرفوا الله تعالى .ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل أي من الأرحام . والإيمان بجميع الأنبياء .ويفسدون في الأرض أي بالكفر وارتكاب المعاصيأولئك لهم اللعنة أي الطرد والإبعاد من الرحمة .ولهم سوء الدار أي سوء المنقلب ، وهو جهنم . وقال سعد بن أبي وقاص ; والله الذي لا إله إلا هو ! إنهم الحرورية .
قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره و أما الذين ينقضون عهد الله , ونقضهم ذلك، خلافهم أمر الله, وعملهم بمعصيته (23) (من بعد ميثاقه) ، يقول; من بعد ما وثّقوا على أنفسهم لله أن يعملوا بما عهد إليهم (24) (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) ، (25) يقول; ويقطعون الرحم التي أمرهم الله بوصلها(ويفسدون في الأرض) ، فسادهم فيها; عملهم بمعاصي الله ( (26) أولئك لهم اللعنة) ، يقول; فهؤلاء لهم اللعنة, وهي البعد من رحمته، والإقصاء من جِنانه (27) (ولهم سوء الدار) يقول; ولهم ما يسوءهم في الدار الآخرة .* * *20349- حدثني المثنى قال; حدثنا عبد الله بن صالح قال; حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قال; أكبر الكبائر الإشراك بالله, لأن الله يقول; وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ [سورة الحج;31]، ونقض العهد، وقطيعة الرحم, لأن الله تعالى يقول; (أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) ، يعني; سوء العاقبة .20350- حدثنا القاسم قال; حدثنا الحسين قال; حدثني حجاج قال; قال ابن جريج, في قوله; (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) ، قال; بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال; " إذا لم تمش إلى ذي رحمك برجلك ولم تعطه من مالك فقد قطعته " .20351- حدثني محمد بن المثنى قال; حدثنا محمد بن جعفر قال; حدثنا شعبة, عن عمرو بن مرة, عن مصعب بن سعد قال; سألت أبي عن هذه الآية; قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [سورة الكهف;103 ، 104]، أهم الحرورية؟ قال; لا ولكن الحرورية (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار)، فكان سعدٌ يسميهم الفاسقين . (28)20352- حدثنا ابن المثنى قال; حدثنا أبو داود قال; حدثنا شعبة, عن عمرو بن مرة قال; سمعت مصعب بن سعد قال; كنت أمسك على سعدٍ المصحف, فأتى على هذه الآية, ثم ذكر نحو حديث محمد بن جعفر . (29)----------------------------الهوامش ;(23) انظر تفسير" النقض" فيما سلف 9 ; 363 / 10 ; 125 / 14 ; 22 .(24) انظر تفسير" الميثاق" فيما سلف ص ; 419 ، تعليق ; 2 ، والمراجع هناك .(25) انظر تفسير" الوصل" فيما سلف 1 ; 415 وهذا ص ; 420 ، تعليق ; 1 .(26) انظر تفسير" الفساد في الأرض" فيما سلف من فهارس اللغة ( فسد ) .(27) انظر تفسير" اللعنة" فيما سلف 15 ; 467 ، تعليق ; 1 ، والمراجع هناك .(28) الأثر ; 20351 -" مصعب بن سعد بن أبي وقاص" ، تابعي ثقة ، روى له الجماعة ، مضى مرارًا ، آخرها رقم ; 18776 .رواه البخاري في صحيحه من طريق محمد بن بشار ، عن محمد بن جعفر ، مطولا ( الفتح 8 ; 323 ) وسيأتي مطولا في التفسير 17 ; 27 ( بولاق ) في تفسير آية سورة الكهف . رواه الحاكم في المستدرك 2 ; 370 ، من طريق" إسحاق ، عن جرير ، عن منصور ، عن مصعب بن سعد" ، وقال ;" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه" . ووافقه الذهبي . ثم انظر تخريجه في غير المطبوع من الكتب ، في الدر المنثور 4 ; 253 . وسيأتي بإسناد آخر في الذي يليه .(29) الأثر ; 20352 - هو مكرر الذي قبله من رواية أبي داود الطيالسي ، عن شعبة .
لما ذكر حال أهل الجنة ذكر أن أهل النار بعكس ما وصفهم به، فقال عنهم: { والَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ } أي: من بعد ما أكده عليهم على أيدي رسله، وغلظ عليهم، فلم يقابلوه بالانقياد والتسليم، بل قابلوه بالإعراض والنقص، { وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ } فلم يصلوا ما بينهم وبين ربهم بالإيمان والعمل الصالح، ولا وصلوا الأرحام ولا أدوا الحقوق، بل أفسدوا في الأرض بالكفر والمعاصي، والصد عن سبيل الله وابتغائها عوجا، { أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ } أي: البعد والذم من الله وملائكته وعباده المؤمنين، { وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ } وهي: الجحيم بما فيها من العذاب الأليم.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الرعد١٣ :٢٥
Ar-Ra'd13:25