الرسم العثمانيوَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوٰجًا وَذُرِّيَّةً ۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِىَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ
الـرسـم الإمـلائـيوَلَقَدۡ اَرۡسَلۡنَا رُسُلًا مِّنۡ قَبۡلِكَ وَ جَعَلۡنَا لَهُمۡ اَزۡوَاجًا وَّذُرِّيَّةً ؕ وَمَا كَانَ لِرَسُوۡلٍ اَنۡ يَّاۡتِىَ بِاٰيَةٍ اِلَّا بِاِذۡنِ اللّٰهِ ؕ لِكُلِّ اَجَلٍ كِتَابٌ
تفسير ميسر:
وإذا قالوا; ما لك -أيها الرسول- تتزوج النساء؟ فلقد بعثنا قبلك رسلا من البشر وجعلنا لهم أزواجًا وذرية، وإذا قالوا; لو كان رسولا لأتى بما طلبنا من المعجزات، فليس في وُسْع رسولٍ أن يأتي بمعجزةٍ أرادها قومه إلا بإذن الله. لكل أمر قضاه الله كتاب وأجل قد كتبه الله عنده، لا يتقدم ولا يتأخر.
يقول تعالى وكما أرسلناك يا محمد رسولا بشريا كذلك قد بعثنا المرسلين قبلك بشرا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ويأتون الزوجات ويولد لهم وجعلنا لهم أزواجا وذرية وقد قال تعالى لأشرف الرسل وخاتمهم " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي " وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال " أما أنا فأصوم وأفطر وأقوم وأنام وآكل اللحم وأتزوج النساء فمن رغب فمن سنتي فليس مني " قال الإمام أحمد; حدثنا يزيد أنبأنا الحجاج بن أرطاة عن مكحول قال; قال أبو أيوب قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " أربع من سنن المرسلين; التعطر والنكاح والسواك والحناء " وقد رواه أبو عيسى الترمذي عن سفيان بن وكيع عن حفص بن غيلان عن الحجاج عن مكحول عن أبى السماك عن أبي أيوب فذكره ثم قال وهذا أصح من الحديث الذي لم يذكر فيه أبو السماك. وقوله " وما كان لرسول أن يأتي بأية إلا بإذن الله " أي لم يكن يأتي قومه بخارق إلا إذا أذن له فيه ليس ذلك إليه بل إلى الله عز وجل يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد " لكل أجل كتاب " أي لكل مدة مضروبة كتاب مكتوب بها وكل شيء عنده بمقدار " ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير " وكان الضحاك بن مزاحم يقول في قوله " لكل أجل كتاب " أي لكل كتاب أجل يعني لكل كتاب أنزله من السماء مدة مضروبة عند الله ومقدار معين.
قوله تعالى ; ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتابفيه مسألتان ;الأولى ; قيل ; إن اليهود عابوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - الأزواج ، وعيرته بذلك وقالوا ; ما نرى لهذا الرجل همة إلا النساء والنكاح ، ولو كان نبيا لشغله أمر النبوة عن النساء ; فأنزل الله هذه الآية ، وذكرهم أمر داود وسليمان فقال ; ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية أي جعلناهم بشرا يقصون ما أحل الله من شهوات الدنيا ، وإنما التخصيص في الوحي .[ ص; 286 ] الثانية ; هذه الآية تدل على الترغيب في النكاح والحض عليه ، وتنهى عن التبتل ، وهو ترك النكاح ، وهذه سنة المرسلين كما نصت عليه هذه الآية ، والسنة واردة بمعناها ; قال - صلى الله عليه وسلم - ; تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم الحديث . وقد تقدم في " آل عمران " وقال ; من تزوج فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الثاني . ومعنى ذلك أن النكاح يعف عن الزنا ، والعفاف أحد الخصلتين اللتين ضمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهما الجنة فقال ; من وقاه الله شر اثنتين ولج الجنة ما بين لحييه وما بين رجليه خرجه الموطأ وغيره . وفي صحيح البخاري عن أنس قال ; جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا ; وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم - ! قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . فقال أحدهم ; أما أنا فإني أصلي الليل أبدا ، وقال الآخر ; إني أصوم الدهر فلا أفطر . وقال الآخر ; أنا أعتزل النساء فلا أتزوج ; فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم فقال ; ( أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني . خرجه مسلم بمعناه ; وهذا أبين . وفي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال ; ( أراد عثمان أن يتبتل فنهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - ; ولو أجاز له ذلك اختصينا ، وقد تقدم في " آل عمران " الحض على طلب الولد والرد على من جهل ذلك . وقد روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه كان يقول ; إني لأتزوج المرأة وما لي فيها من حاجة ، وأطؤها وما أشتهيها ; قيل له ; وما يحملك على ذلك يا أمير المؤمنين ؟ قال ; حبي أن يخرج الله مني من [ ص; 287 ] يكاثر به النبي - صلى الله عليه وسلم - النبيين يوم القيامة ; وإني سمعته يقول ; عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها وأحسن أخلاقا وأنتق أرحاما وإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة يعني بقوله ; أنتق أرحاما أقبل للولد ; ويقال للمرأة الكثيرة الولد ناتق ; لأنها ترمي بالأولاد رميا . وخرج أبو داود عن معقل بن يسار قال ; جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ; إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال ، وإنها لا تلد ، أفأتزوجها ؟ قال لا ثم أتاه الثانية فنهاه ، ثم أتاه الثالثة فقال ; تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم صححه أبو محمد عبد الحق وحسبك .قوله تعالى ; وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله عاد الكلام إلى ما اقترحوا من الآيات - ما تقدم ذكره في هذه السورة - فأنزل الله ذلك فيهم ; وظاهر الكلام حظر ومعناه النفي ; لأنه لا يحظر على أحد ما لا يقدر عليه .لكل أجل كتاب أي لكل أمر قضاه الله كتاب عند الله ; قاله الحسن . وقيل ; فيه تقديم وتأخير ، المعنى ; لكل كتاب أجل ; قاله الفراء والضحاك ; أي لكل أمر كتبه الله أجل مؤقت ، ووقت معلوم ; نظيره . لكل نبإ مستقر ; بين أن المراد ليس على اقتراح الأمم في نزول العذاب ، بل لكل أجل كتاب . وقيل ; المعنى لكل مدة كتاب مكتوب ، وأمر مقدر لا تقف عليه الملائكة . وذكر الترمذي الحكيم في " نوادر الأصول " عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال ; لما ارتقى موسى - صلوات الله عليه وسلامه - طور سيناء رأى الجبار في إصبعه خاتما ، فقال ; يا موسى ما هذا ؟ وهو أعلم به ، قال ; شيء من حلي الرجال ، قال ; فهل عليه شيء من أسمائي مكتوب أو كلامي ؟ قال ; لا ، قال ; فاكتب عليه لكل أجل كتاب .
قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; (ولقد أرسلنا) ، يا محمد (رسلا من قبلك) إلى أمم قَدْ خَلَتْ من قبلِ أمتك، فجعلناهم بَشرًا مثلَك, لهم أزواج ينكحون, وذريةٌ أنْسَلوهم, (21) ولم نجعلهم ملائكةً لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون, فنجعلَ الرسولَ إلى قومك من الملائكة مثلهم, ولكن أرسلنا إليهم بشرًا مثلهم, كما أرسلنا إلى من قبلهم من سائر الأمم بشرًا مثلهم(وما كان لرسول أن يأتيَ بآية إلا بإذن الله) يقول تعالى ذكره; وما يقدِر رسولٌ أرسله الله إلى خلقه أنْ يأتي أمَّتَه بآية وعلامة، (22) من تسيير الجبال، ونقل بَلْدةٍ من مكان إلى مكان آخر، وإحياء الموتى ونحوها من الآيات(إلا بإذن الله) ، يقول; إلا بأمر الله الجبالَ بالسير، (23) والأرضَ بالانتقال, والميتَ بأن يحيَا(لكل أجل كتاب) ، يقول; لكلِّ أجلِ أمرٍ قضاه الله، كتابٌ قد كتَبَه فهو عنده . (24)* * *وقد قيل; معناه; لكل كتابٍ أنـزله الله من السماء أجَلٌ .* ذكر من قال ذلك;20460- حدثني المثنى قال; حدثنا إسحاق بن يوسف, عن جويبر, عن الضحاك في قوله; (لكلّ أجل كتاب) ، يقول; لكل كتاب ينـزل من السماء أجل, فيمحُو الله من ذلك ما يشاءُ ويُثْبت, وعنده أمُّ الكتاب . (25)* * *قال أبو جعفر; وهذا على هذا القول نظيرُ قول الله; وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ [سورة ق;19] ، وكان أبو بكر رحمه الله يقرؤه (26) (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْحَقِّ بِالْمَوْتِ) ، وذلك أن سَكْرة الموت تأتي بالحق والحق يأتي بها, فكذلك الأجل له كتاب وللكتاب أجَلٌ .-------------------الهوامش ;(21) انظر تفسير" الذرية" فيما سلف 423 تعليق ; 3 ، والمراجع هناك .(22) انظر تفسير" الآية" فيما سلف من فهارس اللغة ( أيي ) .(23) انظر تفسير" الإذن" فيما سلف من فهارس اللغة ( أذن ) .(24) انظر تفسير" الأجل" فيما سلف 15 ; 100 ، تعليق ; 2 ، والمراجع هناك .وتفسير" الكتاب" فيما سلف 14 ; 90 ، تعليق ; 1 ، والمراجع هناك .(25) الأثر ; 20460 -" المثنى" ، هو" المثنى بن إبراهيم الآملي" ، شيخ الطبري ، مضى مرارًا و" إسحاق بن يوسف" ، لعله" إسحاق بن يوسف الواسطي" ، الذي مضى برقم ; 3339 ، 4224 ، 12742 .(26) في المطبوعة ;" وكان أبو بكر رضى الله عنه يقول" ، وهو فاسد .
أي: لست أول رسول أرسل إلى الناس حتى يستغربوا رسالتك، { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً } فلا يعيبك أعداؤك بأن يكون لك أزواج وذرية، كما كان لإخوانك المرسلين، فلأي شيء يقدحون فيك بذلك وهم يعلمون أن الرسل قبلك كذلك؛ إلا لأجل أغراضهم الفاسدة وأهوائهم؟ وإن طلبوا منك آية اقترحوها فليس لك من الأمر شيء. { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ } والله لا يأذن فيها إلا في وقتها الذي قدره وقضاه، { لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } لا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه، فليس استعجالهم بالآيات أو بالعذاب موجبا لأن يقدم الله ما كتب أنه يؤخر مع أنه تعالى فعال لما يريد.
(الواو) استئنافيّة
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر
(قد) حرف تحقيق
(أرسلنا) فعل ماض وفاعله
(رسلا) مفعول به منصوبـ (من قبلك) جارّ ومجرور متعلّق بـ (أرسلنا) ، و (الكاف) مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(جعلنا) مثل أرسلنا
(اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (جعلنا) ،
(أزواجا) مفعول به ثان منصوبـ (ذرّيّة) معطوف على
(أزواجا) بالواو منصوبـ (الواو) عاطفة
(ما) نافية
(كان) فعل ماض ناقص- ناسخ-
(لرسول) جارّ ومجرور خبر كان
(أن يأتي) مثل أن أعبد ،
(بآية) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يأتي) ،
(إلّا) استثناء
(بإذن) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف مستثنى من أعمّ الأحوالـ (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور.
والمصدر المؤوّلـ (أن يأتي..) في محلّ رفع اسم كان.
(لكلّ) جارّ ومجرور متعلّق بخبر مقدّم
(أجل) مضاف إليه مجرور
(كتاب) مبتدأ مؤخّر مرفوع.
جملة: «أرسلنا رسلا ... » لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة: «جعلنا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم.وجملة: «ما كان لرسول ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم .
وجملة: «لكلّ أجل كتاب ... » لا محلّ لها تعليليّة أو استئناف بيانيّ.
- القرآن الكريم - الرعد١٣ :٣٨
Ar-Ra'd13:38