الرسم العثمانينَبِّئْ عِبَادِىٓ أَنِّىٓ أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الـرسـم الإمـلائـينَبِّئۡ عِبَادِىۡۤ اَنِّىۡۤ اَنَا الۡغَفُوۡرُ الرَّحِيۡمُۙ
تفسير ميسر:
أخبر -أيها الرسول- عبادي أني أنا الغفور للمؤمنين التائبين، الرحيم بهم، وأن عذابي هو العذاب المؤلم الموجع لغير التائبين. وأخبرهم -أيها الرسول- عن ضيوف إبراهيم من الملائكة الذين بشَّروه بالولد، وبهلاك قوم لوط.
وقوله "نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم" أي أخبر يا محمد عبادي أنى ذو رحمة وذو عذاب أليم وقد تقدم ذكر نظير هذه الآية الكريمة وهي دالة على مقامي الرجاء والخوف وذكر في سبب نزولها ما رواه موسى بن عبيدة عن مصعب بن ثابت قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناس من أصحابه يضحكون فقال "اذكروا الجنة واذكروا النار" فنزلت "نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم". رواه ابن أبي حاتم وهو مرسل وقال ابن جرير حدثني المثنى حدثنا إسحاق أخبرنا ابن المكي أخبرنا ابن المبارك أخبرنا مصعب بن ثابت حدثنا عاصم بن عبيد الله عن ابن أبي رباح عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال; طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة فقال " ألا أراكم تضحكون " ثم أدبر حتى إذا كان عند الحجر رجع إلينا القهقري فقال " إني لما خرجت جاء جبريل عليه السلام فقال يا محمد إن الله يقول لك لم تقنط عبادي " نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم " " وقال شعبة عن قتادة في قوله "نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم" قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورع من حرام ولو يعلم العبد قدر عذاب الله لبخع نفسه".
قوله تعالى ; نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم هذه الآية وزان قوله - عليه السلام - ; لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من رحمته أحد أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة . وقد تقدم في الفاتحة . وهكذا ينبغي للإنسان أن يذكر نفسه وغيره فيخوف ويرجي ، ويكون الخوف في الصحة أغلب عليه منه في المرض . وجاء في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج على الصحابة وهم يضحكون فقال ; أتضحكون وبين أيديكم الجنة والنار فشق ذلك عليهم [ ص; 32 ] فنزلت الآية . ذكره الماوردي والمهدوي . ولفظ الثعلبي عن ابن عمر قال ; اطلع علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة ونحن نضحك فقال ; مالكم تضحكون لا أراكم تضحكون ثم أدبر حتى إذا كان عند الحجر رجع القهقرى فقال لنا ; إني لما خرجت جاءني جبريل فقال يا محمد لم تقنط عبادي من رحمتي نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم .فالقنوط إياس ، والرجاء إهمال ، وخير الأمور أوساطها .
وقوله ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; أخبر عبادي يا محمد، أني أنا الذي أستر على ذنوبهم إذا تابوا منها وأنابوا، بترك فضيحتهم بها وعقوبتهم عليها، الرحيم بهم أن أعذّبهم بعد توبتهم منها عليها.
ولما ذكر ما يوجب الرغبة والرهبة من مفعولات الله من الجنة والنار، ذكر ما يوجب ذلك من أوصافه تعالى فقال: { نَبِّئْ عِبَادِي } أي: أخبرهم خبرا جازما مؤيدا بالأدلة، { أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } فإنهم إذا عرفوا كمال رحمته، ومغفرته سَعَوا في الأسباب الموصلة لهم إلى رحمته وأقلعوا عن الذنوب وتابوا منها، لينالوا مغفرته.
(نبّئ) فعل أمر، والفاعل أنت
(عبادي) مفعول به منصوب، وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الياء.. و (الياء) مضاف إليه
(أنّ) حرف توكيد ونصب و (الياء) ضمير في محلّ نصب اسم أنّ
(أنا) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ ،
(الغفور) خبر مرفوع
(الرحيم) خبر ثان مرفوع.والمصدر المؤوّلـ (أنّي أنا الغفور..) في محلّ نصب سدّ مسدّ المفعولين لثاني والثالث لفعل نبّأ.
جملة: «نبّيء ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أنا الغفور ... » في محلّ رفع خبر أنّ.
(الواو) عاطفة
(أنّ عذابي هو العذاب الأليم) مثل أنّي أنا الغفور الرحيم.
والمصدر المؤوّلـ (أن عذابي ... ) في محلّ نصب معطوف على المصدر المؤوّل السابق.
وجملة: «هو العذاب ... » في محلّ رفع خبر أنّ.
(الواو) عاطفة
(نبّئهم) مثل الأول.. و (هم) ضمير مفعول به
(عن ضيف) جارّ ومجرور متعلّق بـ (نبّئ) ،
(إبراهيم) مضاف إليه مجرور، وعلامة الجرّ الفتحة.
وجملة: «نبّئهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة نبّئ عبادي.
(إذ) ظرف للزمن الماضي مبنيّ في محلّ نصب متعلّق بـ (ضيف) .
(دخلوا) فعل ماض وفاعله
(على) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (دخلوا) ،
(الفاء) عاطفة
(قالوا) مثل دخلوا
(سلاما) مفعول مطلق لفعل محذوف أي نسلّم سلاما
(قال) فعل ماض، والفاعل هو (إنّا) مثل إنّي
(من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (وجلون) وهو خبر إنّ مرفوع وعلامة الرفع الواو.وجملة: «دخلوا ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «قالوا ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة دخلوا.
وجملة: «
(نسلّم) سلاما» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «قال ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «إنّا منكم وجلون» في محلّ نصب مقول القول.
- القرآن الكريم - الحجر١٥ :٤٩
Al-Hijr15:49