الرسم العثمانيأَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّـَٔاتِ أَن يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ
الـرسـم الإمـلائـياَفَاَمِنَ الَّذِيۡنَ مَكَرُوا السَّيِّاٰتِ اَنۡ يَّخۡسِفَ اللّٰهُ بِهِمُ الۡاَرۡضَ اَوۡ يَاۡتِيَهُمُ الۡعَذَابُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُوۡنَۙ
تفسير ميسر:
أفأمن الكفار المدبِّرون للمكايد أن يخسف الله بهم الأرض كما فعل بقارون، أو يأتيهم العذاب من مكان لا يُحِسُّونه ولا يتوقعونه، أو يأخذهم العذاب، وهم يتقلبون في أسفارهم وتصرفهم؟ فما هم بسابقين الله ولا فائتيه ولا ناجين من عذابه؛ لأنه القوي الذي لا يعجزه شيء، أو يأخذهم الله بنقص من الأموال والأنفس والثمرات، أو في حال خوفهم من أخذه لهم، فإن ربكم لرؤوف بخلقه، رحيم بهم.
يخبر تعالى عن حلمه وإنظاره العصاة الذين يعملون السيئات ويدعون إليها ويمكرون بالناس في دعائهم إياهم وحملهم عليها مع قدرته على أن يخسف بهم الأرض أو يأتيهم العذاب" من حيث لا يشعرون" أي من حيث لا يعلمون مجيئه إليهم كقوله تعالى "أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير".
قوله تعالى ; أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرونقوله تعالى ; أفأمن الذين مكروا السيئات أي بالسيئات ، وهذا وعيد للمشركين الذين احتالوا في إبطال الإسلام .أن يخسف الله بهم الأرض قال ابن عباس ; كما خسف بقارون ، يقال ; خسف المكان يخسف خسوفا ذهب في الأرض ، وخسف الله به الأرض خسوفا أي غاب به فيها ; ومنه قوله ; فخسفنا به وبداره الأرض . وخسف هو في الأرض وخسف به . والاستفهام بمعنى الإنكار ; أي يجب ألا يأمنوا عقوبة تلحقهم كما لحقت المكذبين .أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون كما فعل بقوم لوط وغيرهم . وقيل ;[ ص; 99 ] يريد يوم بدر ; فإنهم أهلكوا ذلك اليوم ، ولم يكن شيء منه في حسابهم .
يقول تعالى ذكره; أفأمن الذين ظلموا المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فراموا أن يفتنوهم عن دينهم من مشركي قريش الذين قالوا; إذ قيل لهم; ماذا أنـزل ربكم; أساطير الأوّلين، صدّا منهم لمن أراد الإيمان بالله عن قصد السبيل، أن يخسف الله بهم الأرض على كفرهم وشركهم، أو يأتيهم عذاب الله من مكان لا يشعر به ، ولا يدري من أين يأتيه ، وكان مجاهد يقول; عنى بذلك نمرود بن كنعان.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال; ثنا إسحاق، قال; ثنا عبد الله، عن ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأرْضَ ) ... إلى قوله أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ قال; هو نمرود بن كنعان وقومه.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.وإنما اخترنا القول الذي قلناه في تأويل ذلك، لأن ذلك تهديد من الله أهل الشرك به، وهو عقيب قوله وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ فكان تهديد من لم يقرّ بحجة الله الذي جرى الكلام بخطابه قبل ذلك أحرى من الخبر عمن انقطع ذكره عنه.وكان قتادة يقول في معنى السيئات في هذا الموضع، ما حدثنا به بشر بن معاذ، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ ) ; أي الشرك.
تفسير الآيات من 45 حتى 47 :ـهذا تخويف من الله تعالى لأهل الكفر والتكذيب وأنواع المعاصي، من أن يأخذهم بالعذاب على غرَّة وهم لا يشعرون، إما أن يأخذهم العذاب من فوقهم، أو من أسفل منهم بالخسف وغيره، وإما في حال تقلُّبهم وشغلهم وعدم خطور العذاب ببالهم، وإما في حال تخوفهم من العذاب، فليسوا بمعجزين لله في حالة من هذه الأحوال، بل هم تحت قبضته ونواصيهم بيده . ولكنه رءوف رحيم لا يعاجل العاصين بالعقوبة، بل يمهلهم ويعافيهم ويرزقهم وهم يؤذونه ويؤذون أولياءه، ومع هذا يفتح لهم أبواب التوبة، ويدعوهم إلى الإقلاع من السيئات التي تضرهم، ويعدهم بذلك أفضل الكرامات، ومغفرة ما صدر منهم من الذنوب، فليستح المجرم من ربه أن تكون نعم الله عليه نازلة في جميع اللحظات ومعاصيه صاعدة إلى ربه في كل الأوقات، وليعلم أن الله يمهل ولا يهمل وأنه إذا أخذ العاصي أخذه أخذ عزيز مقتدر، فليتب إليه، وليرجع في جميع أموره إليه فإنه رءوف رحيم. فالبدار البدار إلى رحمته الواسعة وبره العميم وسلوك الطرق الموصلة إلى فضل الرب الرحيم، ألا وهي تقواه والعمل بما يحبه ويرضاه.
(الهمزة) للاستفهام التوبيخيّ
(الفاء) استئنافيّة
(أمن) فعل ماض
(الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع فاعلـ (مكروا) فعل ماض وفاعله
(السيّئات) مفعول به منصوب ، بتضمينه معنى عملوا، وعلامة النصب الكسرة
(أن) حرف مصدريّ ونصبـ (يخسف) مضارع منصوبـ (الله) لفظ الجلالة فاعلـ (الباء) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (يخسف) ،
(الأرض) مفعول به منصوب.
والمصدر المؤوّلـ (أن يخسف) في محلّ نصب مفعول به عامله أمن.
(أو) حرف عطف
(يأتيهم) مثل يخسف ومعطوف عليه. و (هم) ضمير مفعول به
(العذاب) فاعل مرفوع
(من) حرف جرّ
(حيث) اسم مبنيّ على الضمّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (يأتيهم) ،
(لا يشعرون) مثل لا تعلمون .
جملة: «أمن الذين ... » لا محلّ لها استئنافيّة .وجملة: «مكروا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «يخسف بهم ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة: «يأتيهم العذاب ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يخسف ...وجملة: «لا يشعرون ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
(أو) مثل الأولـ (يأخذهم) مثل يأتيهم
(في تقلّبهم) جارّ ومجرور متعلّق بحال من المفعول أي متلبّسين في تقلّبهم
(الفاء) تعليليّة
(ما) نافية عاملة عمل ليس
(هم) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع اسم ما
(الباء) حرف جرّ زائد
(معجزين) مجرور لفظا منصوب محلّا خبر ما، وعلامة الجرّ الياء.
وجملة: «يأخذهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يأتيهم.
وجملة: «ما هم بمعجزين ... » لا محلّ لها تعليليّة.
(أو يأخذهم على تخوّف) مثل أو يأخذهم في تقلّبهم
(الفاء) تعليليّة
(إنّ) حرف توكيد ونصبـ (ربّكم) اسم إنّ منصوب.. و (كم) ضمير مضاف إليه
(اللام) المزحلقة للتوكيد
(رؤف) خبر إنّ مرفوع
(رحيم) خبر ثان مرفوع.
وجملة: «يأخذهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يأخذهم الأولى.
وجملة: «إنّ ربّكم لرؤوف ... » لا محلّ لها تعليليّة.
- القرآن الكريم - النحل١٦ :٤٥
An-Nahl16:45