الرسم العثمانييَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِۦ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا
الـرسـم الإمـلائـييَوۡمَ يَدۡعُوۡكُمۡ فَتَسۡتَجِيۡبُوۡنَ بِحَمۡدِهٖ وَتَظُنُّوۡنَ اِنۡ لَّبِثۡتُمۡ اِلَّا قَلِيۡلًا
تفسير ميسر:
يوم يناديكم خالقكم للخروج من قبوركم، فتستجيبون لأمر الله، وتنقادون له، وله الحمد على كل حال، وتظنون -لهول يوم القيامة- أنكم ما أقمتم في الدنيا إلا زمنًا قليلا؛ لطول لبثكم في الآخرة.
كما قال تعالى "يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده" أي تقولون كلكم إجابة لأمره وطاعة لإرادته. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس فتستجيبون بحمده أي بأمره وكذا قال ابن جريج وقال قتادة بمعرفته وطاعته وقال بعضهم "يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده" أي وله الحمد في كل حال. وقد جاء في الحديث "ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم كأني بأهل لا إله إلا الله يقومون من قبورهم ينفضون التراب عن رءوسهم يقولون لا إله إلا الله وفي رواية يقولون "الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن" وسيأتي في سورة فاطر. وقوله تعالى "وتظنون" أي يوم تقومون من قبوركم "إن لبثتم" أي في الدار الدنيا "إلا قليلا" وكقوله تعالى "كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها" وقال تعالى "يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما" وقال تعالى "ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون" وقال تعالى "قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنت تعلمون".
قوله تعالى ; يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا [ ص; 248 ] يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده الدعاء ; النداء إلى المحشر بكلام تسمعه الخلائق ، يدعوهم الله - تعالى - فيه بالخروج . وقيل ; بالصيحة التي يسمعونها ; فتكون داعية لهم إلى الاجتماع في أرض القيامة . قال - صلى الله عليه وسلم - ; إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم .فتستجيبون بحمده أي باستحقاقه الحمد على الإحياء . وقال أبو سهل ; أي والحمد لله ; كما قال ;فإني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ، ولا من غدرة أتقنعوقيل ; حامدين لله - تعالى - بألسنتكم . قال سعيد بن جبير ; تخرج الكفار من قبورهم وهم يقولون سبحانك وبحمدك ; ولكن لا ينفعهم اعتراف ذلك اليوم . وقال ابن عباس ; بحمده بأمره ; أي تقرون بأنه خالقكم . وقال قتادة ; بمعرفته وطاعته . وقيل ; المعنى بقدرته . وقيل ; بدعائه إياكم . قال علماؤنا ; وهو الصحيح ; فإن النفخ في الصور إنما هو سبب لخروج أهل القبور ; بالحقيقة إنما هو خروج الخلق بدعوة الحق ، قال الله - تعالى - ; يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده فيقومون يقولون سبحانك اللهم وبحمدك . قال ; فيوم القيامة يوم يبدأ بالحمد ويختم به ; قال الله - تعالى - ; يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وقال في آخر وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين .وتظنون إن لبثتم إلا قليلا يعني بين النفختين ; وذلك أن العذاب يكف عن المعذبين بين النفختين ، وذلك أربعون عاما فينامون ; فذلك قوله - تعالى - ; من بعثنا من مرقدنا فيكون خاصا للكفار . وقال مجاهد ; للكافرين هجعة قبل يوم القيامة يجدون فيها طعم النوم ، فإذا صيح بأهل القبور قاموا مذعورين . وقال قتادة ; المعنى أن الدنيا تحاقرت في أعينهم وقلت حين رأوا يوم القيامة . الحسن ; وتظنون إن لبثتم إلا قليلا في الدنيا لطول لبثكم في الآخرة .
القول في تأويل قوله تعالى ; يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا (52)يقول تعالى ذكره; قل عسى أن يكون بعثكم أيها المشركون قريبا، ذلك يوم يدعوكم ربكم بالخروج من قبوركم إلى موقف القيامة، فتستجيبون بحمده.اختلف أهل التأويل في معنى قوله (فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِه) فقال بعضهم; فتستجيبون بأمره.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثني عبد الله، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ ) يقول; بأمره.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج (فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ) قال; بأمره.وقال آخرون; معنى ذلك; فتستجيبون بمعرفته وطاعته.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ ) ; أي بمعرفته وطاعته.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال ; معناه; فتستجيبون لله من قبوركم بقدرته، ودعائه إياكم، ولله الحمد في كلّ حال، كما يقول القائل; فعلت ذلك الفعل بحمد الله، يعني; لله الحمد على كلّ ما فعلته، وكما قال الشاعر;فــإنّي بِحَـمْد اللـه لا ثَـوْبَ فـاجِرٍلَبِسْــتُ وَلا مِــنْ غَــدْرَةٍ أتَقَنَّـعُ (4)بمعنى; فإني والحمد لله لا ثوب فاجر لبست.وقوله ( وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا ) يقول; وتحسبون عند موافاتكم القيامة من هول ما تعاينون فيها ما لبثتم في الأرض إلا قليلا كما قال جلّ ثناؤه قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ .وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا ) ; أي في الدنيا، تحاقرت الدنيا في أنفسهم وقلَّت، حين عاينوا يوم القيامة.-----------------------الهوامش ;(4) البيت شاهد على أن قوله "بحمد الله" في معنى "والحمد لله". واستشهد به القرطبي في (10; 276) ولم ينسبه إلى قائل معروف.
{ يَوْمَ يَدْعُوكُمْ } للبعث والنشور وينفخ في الصور { فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } أي: تنقادون لأمره ولا تستعصون عليه. وقوله: { بحمده } أي: هو المحمود تعالى على فعله ويجزي به العباد إذا جمعهم ليوم التناد. { وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا } من سرعة وقوعه وأن الذي مر عليكم من النعيم كأنه ما كان. فهذا الذي يقول عنه المنكرون: { متى هو } ؟ يندمون غاية الندم عند وروده ويقال لهم: { هذا الذي كنتم به تكذبون }
(يوم) ظرف زمان منصوب بدل من(قريبا) ،
(يدعوكم) مضارع مرفوع، وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الواو و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل هو (الفاء) عاطفة
(تستجيبون) مثل يقولون
(بحمده) جارّ ومجرور متعلّق بحال من فاعل تستجيبون بتضمينه معنى تسبّحون.. و (الهاء) مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(تظنّون) مثل يقولون
(إن) حرف نفي(لبثتم) فعل ماض
(إلّا) للحصر
(قليلا) مفعول فيه نائب عن الظرف فهو صفته أي لبثتم وقتا طويلا. وجملة: «يدعوكم ... » في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة: «تستجيبون ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة يدعوكم وجملة: «تظنّون ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة تستجيبون وجملة: «لبثتم ... » في محلّ نصب سدّت مسدّ مفعولي ظنّ المعلّق بـ (إن)
- القرآن الكريم - الإسراء١٧ :٥٢
Al-Isra'17:52