إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنّٰتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا
اِنَّ الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ كَانَتۡ لَهُمۡ جَنّٰتُ الۡفِرۡدَوۡسِ نُزُلًا ۙ
تفسير ميسر:
إن الذين آمنوا بي، وصدَّقوا رسلي، وعملوا الصالحات، لهم أعلى الجنة وأفضلها منزلا.
يخبر تعالى عن عباده السعداء وهم الذين آمنوا بالله ورسوله وصدقوا المرسلين فيما جاءوا به أن لهم جنات الفردوس قال مجاهد; الفردوس هو البستان بالرومية وقال كعب والسدي والضحاك هو البستان الذي فيه شجر الأعناب وقال أبو أمامة; الفردوس سرة الجنة وقال قتادة; الفردوس ربوة الجنة وأوسطهـا وأفضلها وقد روي هذا مرفوعًا من حديث سعيد بن جبير عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " الفردوس ربوة الجنة أوسطها وأحسنها "وهكذا رواه إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن سمرة مرفوعًا وروي عن قتادة عن أنس بن مالك مرفوعًا بنحوه روى ذلك كله ابن جرير رحمه الله وفي الصحيحين " إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة "وقوله تعالى " نزلا" أي ضيافة فإن النزل الضيافة.
قوله تعالى ; إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا قال قتادة ; الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأعلاها وأفضلها وأرفعها وقال أبو أمامة الباهلي ; الفردوس سرة الجنة . وقال كعب ; ليس في الجنان جنة أعلى من جنة الفردوس ; فيها الآمرون بالمعروف ، والناهون عن المنكر . وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; من آمن بالله وبرسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقا على الله أن يدخله الجنة جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها قالوا ; يا رسول الله أفلا نبشر الناس ؟ قال ; إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله - تعالى - فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة - أراه [ ص; 438 ] قال - وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة وقال مجاهد ; والفردوس البستان بالرومية . الفراء ; هو عربي . والفردوس حديقة في الجنة . وفردوس اسم روضة دون اليمامة . والجمع فراديس ، قال أمية بن أبي الصلت الثقفي ;كانت منازلهم إذ ذاك ظاهرة فيها الفراديس والفومان والبصلوالفراديس موضع بالشام . وكرم مفردس أي معرش .
القول في تأويل قوله تعالى ; إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا (107)يقول تعالى ذكره; إن الذين صدقوا بالله ورسوله، وأقرّوا بتوحيد الله وما أنـزل من كتبه وعملوا بطاعته، كانت لهم بساتين الفردوس، والفردوس; معظم الجنة، كما قال أمية;كــانَتْ مَنــازِلُهُمْ إذْ ذاكَ ظــاهِرَةًفِيهـا الفَـراديسُ والفُومـانُ والبَصَـلُ (4)واختلف أهل التأويل في معنى الفردوس ؛ فقال بعضهم; عنى به أفضل الجنة وأوسطها.* ذكر من قال ذلك;حدثنا محمد بن المثنى، قال; ثنا عباس بن الوليد، قال; ثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة، قال; الفردوس; ربَوة الجنة وأوسطها وأفضلها.حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازي، قال; ثنا الهيثم أبو بشر، قال; أخبرنا الفرج بن فضالة، عن لقمان، عن عامر، قال ; سئل أبو أسامة عن الفردوس، فقال; هي سرّة الجنة.حدثنا أحمد بن أبي سريج، قال; ثنا حماد بن عمرو النصيبي، عن أبي عليّ، عن كعب، قال; ليس في الجنان جنة أعلى من جنة الفردوس، وفيها الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر.وقال آخرون; هو البستان بالرومية.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ بن سهل الرملي، قال; ثنا حجاج عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد، قال; الفردوس; بستان بالرومية.حدثنا العباس بن محمد، قال; ثنا حجاج، قال; ابن جريج; أخبرني عبد الله عن مجاهد، مثله.وقال آخرون; هو البستان الذي فيه الأعناب.حدثنا عباس بن محمد، قال; ثنا محمد بن عبيد، عن الأعمش، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن كعب ، قال; جنات الفردوس التي فيها الأعناب.والصواب من القول في ذلك، ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.وذلك ما حدثنا به أحمد بن أبي سريج، قال; ثنا يزيد بن هارون، قال; أخبرنا همام بن يحيى، قال; ثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبادة بن الصامت، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال ; " الجَنَّةُ مِئَةُ دَرَجَةٍ، ما بينَ كُلّ دَرَجَتَيْنِ مَسِيرَةُ عامٍ والفِرْدَوْسُ أعْلاها دَرَجَةً، ومِنْها الأنهَارُ الأربعةُ، والفِرْدَوْسُ مِنْ فَوْقِها، فإذَا سألْتُمُ اللهَ فاسألُوهُ الفِرْدَوسَ".حدثنا موسى بن سهل، قال; ثنا موسى بن داود، قال; ثنا همام بن يحيى، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عُبادة بن الصامت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال; الجَنَّةُ مِئَةُ دَرَجَةٍ مَا بَينَ كُلّ دَرَجَتَيْنِ كمَا بينَ السَّماءِ والأرْضِ، أعْلاها الفِرْدَوْسُ، ومِنْها تُفَجَّر أنهارُ الجَنَّةِ الأرْبَعَةُ، فإذَا سألْتُمُ اللهَ فاسألُوه الفِرْدَوْسَ".حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; ثني أبو يحيى بن سليمان، عن هلال بن أسامة ، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، أو أبي سعيد الخُدريّ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ; إذَا سألْتُمُ اللهَ فاسألُوهُ الفِرْدَوْسَ، فإنَّها أوْسَطُ الجَنَّة وأعْلَى الجَنَّةِ، وَفَوْقَها عَرْشُ الرَّحْمنِ تَبَارَكَ وَتَعالى، ومِنْهُ تَفَجَّرُ أنهارُ الجَنَّةِ".حدثنا محمد بن المثنى، قال; ثنا أبو عامر، قال; ثنا فليح، عن هلال، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مثله، إلا أنه قال ; " وَسَطُ الجَنَّةِ" وقالَ أيضًا ; " ومِنْهُ تُفَجَّرُ أو تَتَفَجَّرُ".حدثني عمار بن بكار الكلاعي، قال; ثنا يحيى بن صالح، قال; ثنا عبد العزيز بن محمد، قال; ثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن معاذ بن جبل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إنَّ فِي الجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ، ما بينَ كُلّ دَرَجَتَينِ كَمَا بينَ السَّماءِ والأرْضِ، والفِرْدَوْسُ أعْلَى الجنَّةِ وأوْسَطُها، وفَوْقُها عَرْشُ الرَّحْمن، ومِنْها تَفَجَّر أنهَارُ الجَنَّهِ، فإذَا سألْتُمُ الله فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ".حدثنا أحمد بن منصور، قال; ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال; ثنا الحارث بن عمير، عن أبيه، قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ; " جناتُ الفِرْدَوْسِ أرْبَعَةٌ، اثْنَتانِ مِنْ ذَهَبٍ حِلْيَتُهُما وآنِيَتُهُما، ومَا فِيهِما مِنْ شَيْءٍ، واثْنَتانِ مِنْ فِضَّة حِلْيَتُهُما وآنِيَتُهُما، ومَا فِيهِما مِنْ شَيْءٍ".حدثنا أحمد بن أبي سريج، قال; ثنا أبو نعيم ، قال; ثنا أبو قدامة، عن أبي عمران الجوني، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس، عن أبيه، قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ; " جَنَّاتُ الفِرْدَوْسِ أرْبَعٌ; ثِنْتانِ مِنْ ذَهَبٍ حِلْيَتهُما ومَا فِيهِما، وَثِنْتان مِنْ فِضَّةٍ حِلْيتُهُما وآنِيَتُهُما ومَا فِيهِما ".حدثنا ابن حميد، قال; ثنا يعقوب، عن حفص، عن شمر، قال; خلق الله جنة الفردوس بيده، فهو يفتحها في كلّ يوم خميس، فيقول; ازدادي طيبا لأوليائي، ازدادي حسنا لأوليائي.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; سمعت مخلد بن الحسين يقول; وسئل عنها، قال; سمعت بعض أصحاب أنس يقول; قال ; يقول ; أوّلهم دخولا; إنما أدخلني الله أوّلهم ، لأنه ليس أحد أفضل مني، ويقول آخرهم دخولا; إنما أخرني الله، لأنه ليس أحد أعطاه الله مثل الذي أعطاني.
أي: إن الذين آمنوا بقلوبهم، وعملوا الصالحات بجوارحهم، وشمل هذا الوصف جميع الدين، عقائده، وأعماله، أصوله، وفروعه الظاهرة، والباطنة، فهؤلاء -على اختلاف طبقاتهم من الإيمان والعمل الصالح -لهم جنات الفردوس. يحتمل أن المراد بجنات الفردوس، أعلى الجنة، وأوسطها، وأفضلها، وأن هذا الثواب، لمن كمل فيه الإيمان والعمل الصالح، والأنبياء والمقربون. ويحتمل أن يراد بها، جميع منازل الجنان، فيشمل هذا الثواب، جميع طبقات أهل الإيمان، من المقربين، والأبرار، والمقتصدين، كل بحسب حاله، وهذا أولى المعنيين لعمومه، ولذكر الجنة بلفظ الجمع المضاف إلى الفردوس، ولأن الفردوس يطلق على البستان، المحتوي على الكرم، أو الأشجار الملتفة، وهذا صادق على جميع الجنة، فجنة الفردوس نزل، وضيافة لأهل الإيمان والعمل الصالح، وأي: ضيافة أجل وأكبر، وأعظم من هذه الضيافة، المحتوية على كل نعيم، للقلوب، والأرواح، والأبدان، وفيها ما تشتهيه الأنفس. وتلذ الأعين، من المنازل الأنيقة، والرياض الناضرة، والأشجار المثمرة،. والطيور المغردة المشجية، والمآكل اللذيذة، والمشارب الشهية، والنساء الحسان، والخدم، والولدان، والأنهار السارحة، والمناظر الرائقة، والجمال الحسي والمعنوي، والنعمة الدائمة، وأعلى ذلك وأفضله وأجله، التنعم بالقرب من الرحمن ونيل رضاه، الذي هو أكبر نعيم الجنان، والتمتع برؤية وجهه الكريم، وسماع كلام الرءوف الرحيم، فلله تلك الضيافة، ما أجلها وأجملها، وأدومها وأكملها\"، وهي أعظم من أن يحيط بها وصف أحد من الخلائق، أو تخطر على القلوب، فلو علم العباد بعض ذلك النعيم علما حقيقيا يصل إلى قلوبهم، لطارت إليها قلوبهم بالأشواق، ولتقطعت أرواحهم من ألم الفراق، ولساروا إليها زرافات ووحدانا، ولم يؤثروا عليها دنيا فانية، ولذات منغصة متلاشية، ولم يفوتوا أوقاتا تذهب ضائعة خاسرة، يقابل كل لحظة منها من النعيم من الحقب آلاف مؤلفة، ولكن الغفلة شملت، والإيمان ضعف، والعلم قل، والإرادة نفذت فكان، ما كان، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(لهم) متعلّق بخبر كانت ،
(نزلا) حال منصوبة من جنّات على حذف مضاف أي ذوات نزل .
جملة: «إنّ الذين.. كانت» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «عملوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «كانت ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
108-
(خالدين) حال منصوبة من الضمير في(لهم) ، وعلامة النصب الياء
(فيها) متعلّق بـ (خالدين)
(عنها) متعلّق بحال من(حولا) وهو مفعول به عامله يبغون، منصوب.
وجملة: «لا يبغون ... » في محلّ نصب حال من الضمير في خالدين أو في(لهم) .