الرسم العثمانيوَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزٰوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِى فَجْوَةٍ مِّنْهُ ۚ ذٰلِكَ مِنْ ءَايٰتِ اللَّهِ ۗ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ۖ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ وَلِيًّا مُّرْشِدًا
الـرسـم الإمـلائـيوَتَرَى الشَّمۡسَ اِذَا طَلَعَتۡ تَّزٰوَرُ عَنۡ كَهۡفِهِمۡ ذَاتَ الۡيَمِيۡنِ وَاِذَا غَرَبَتۡ تَّقۡرِضُهُمۡ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمۡ فِىۡ فَجۡوَةٍ مِّنۡهُ ؕ ذٰ لِكَ مِنۡ اٰيٰتِ اللّٰهِ ؕ مَنۡ يَّهۡدِ اللّٰهُ فَهُوَ الۡمُهۡتَدِ ۚ وَمَنۡ يُّضۡلِلۡ فَلَنۡ تَجِدَ لَهٗ وَلِيًّا مُّرۡشِدًا
تفسير ميسر:
فلما فعلوا ذلك ألقى الله عليهم النوم وحَفِظهم. وترى -أيها المشاهد لهم- الشمس إذا طلعت من المشرق تميل عن مكانهم إلى جهة اليمين، وإذا غربت تتركهم إلى جهة اليسار، وهم في متسع من الكهف، فلا تؤذيهم حرارة الشمس ولا ينقطع عنهم الهواء، ذلك الذي فعلناه بهؤلاء الفتية من دلائل قدرة الله. من يوفقه الله للاهتداء بآياته فهو الموفَّق إلى الحق، ومن لم يوفقه لذلك فلن تجد له معينًا يرشده لإصابة الحق؛ لأن التوفيق والخِذْلان بيد الله وحده.
فهذا فيه دليل على أن باب هذا الكهف كان من نحو الشمال لإنه تعالى أخبر أن الشمس إذا دخلته عند طلوعها تزاور عنه " ذات اليمين" أي يتقلص الفيء يمنة كما قال ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة " تزاور " أي تميل وذلك أنها كلما ارتفعت في الأفق تقلص شعاعها بارتفاعها حتى لا يبقى منه شيء عند الزوال في مثل ذلك المكان ولهذا قال " وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال " أي تدخل إلى غارهم من شمال بابه وهو من ناحية المشرق فدل على صحة ما قلناه وهذا بين لمن تأمله وكان له علم بمعرفة الهيئة وسير الشمس والقمر والكواكب وبيانه أنه لو كان باب الغار من ناحية الشرق لما دخل إليه منها شيء عند الغروب ولو كان من ناحية القبلة لما دخل منها شيء عند الطلوع ولا عند الغروب ولا تزاور الفيء يمينًا ولا شمالا ولو كان من جهة الغرب لما دخلته وقت الطلوع بل بعد الزوال ولم تزل فيه إلى الغروب فتعين ما ذكرناه ولله الحمد وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة; " تقرضهم" تتركهم وقد أخبر الله تعالى بذلك وأراد منا فهمه وتدبره ولم يخبرنا بمكان هذا الكهف في أي البلاد من الأرض إذ لا فائدة لنا فيه ولا قصد شرعي وقد تكلف بعض المفسرين فذكروا فيه أقوالا فتقدم عن ابن عباس أنه قال هو قريب من أيلة وقال ابن إسحاق; هو عند نينوى وقيل ببلاد الروم وقيل ببلاد البلقاء والله أعلم بأي بلاد الله هو ; ولو كان لنا فيه مصلحة دينية لأرشدنا الله تعالى ورسوله إليه فقد قال صلى الله عليه وسلم " ما تركت شيئًا يقربكم إلى الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أعلمتكم به "فأعلمنا تعالى بصفته ولم يعلمنا بمكانه فقال " وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم " قال مالك عن زيد بن أسلم; تميل" ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه " أي في متسع منه داخلا بحيث لا تصيبهم إذ لو أصابتهم لأحرقت أبدانهم وثيابهم قاله ابن عباس " ذلك من آيات الله " حيث أرشدهم إلى هذا الغار الذي جعلهم فيه أحياء والشمس والريح تدخل عليهم فيه لتبقي أبدانهم ولهذا قال تعالى " ذلك من آيات الله" ثم قال " من يهد الله فهو المهتد " الآية أي هو الذي أرشد هؤلاء الفتية إلى الهداية من بين قومهم فإنه من هداه الله اهتدى ومن أضله فلا هادي له.
قوله تعالى ; وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين أي ترى أيها المخاطب الشمس عند طلوعها تميل عن كهفهم . والمعنى ; إنك لو رأيتهم لرأيتهم كذا ; لا أن المخاطب رآهم على التحقيق . وتزاور تتنحى وتميل ; من الازورار . والزور الميل . والأزور في العين المائل النظر إلى ناحية ، ويستعمل في غير العين ; كما قال ابن أبي ربيعة ;وجنبي خيفة القوم أزورومن اللفظة قول عنترة ;فازور من وقع القنا بلبانهوفي حديث غزوة مؤتة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى في سرير عبد الله بن رواحة ازورارا عن سرير جعفر وزيد بن حارثة . وقرأ أهل الحرمين وأبو عمرو " تزاور " بإدغام التاء في الزاي ، والأصل " تتزاور " . وقرأ عاصم وحمزة والكسائي تزاور مخففة الزاي . وقرأ ابن عامر " تزور " مثل تحمر . وحكى الفراء " تزوار " مثل تحمار ; كلها بمعنى واحد .وإذا غربت تقرضهم قرأ الجمهور بالتاء على معنى تتركهم ; قاله مجاهد . وقال قتادة ; تدعهم . النحاس ; وهذا معروف في اللغة ، حكى البصريون أنه يقال ; قرضه يقرضه إذا تركه ; والمعنى ; أنهم كانوا لا تصيبهم شمس ألبتة كرامة لهم ; وهو قول ابن عباس . يعني أن الشمس [ ص; 331 ] إذا طلعت مالت عن كهفهم ذات اليمين ، أي يمين الكهف ، وإذا غربت تمر بهم ذات الشمال ، أي شمال الكهف ، فلا تصيبهم في ابتداء النهار ولا في آخر النهار . وكان كهفهم مستقبل بنات نعش في أرض الروم ، فكانت الشمس تميل عنهم طالعة وغاربة وجارية لا تبلغهم لتؤذيهم بحرها ، وتغير ألوانهم وتبلي ثيابهم . وقد قيل ; إنه كان لكهفهم حاجب من جهة الجنوب ، وحاجب من جهة الدبور وهم في زاويته . وذهب الزجاج إلى أن فعل الشمس كان آية من الله ، دون أن يكون باب الكهف إلى جهة توجب ذلك . وقرأت فرقة " يقرضهم " بالياء من القرض وهو القطع ، أي يقطعهم الكهف بظله من ضوء الشمس . وقيل ; وإذا غربت تقرضهم أي يصيبهم يسير منها ، مأخوذ من قراضة الذهب والفضة ، أي تعطيهم الشمس اليسير من شعاعها . وقالوا ; كان في مسها لهم بالعشي إصلاح لأجسادهم . وعلى الجملة فالآية في ذلك أن الله - تعالى - آواهم إلى كهف هذه صفته لا إلى كهف آخر يتأذون فيه بانبساط الشمس عليهم في معظم النهار . وعلى هذا فيمكن أن يكون صرف الشمس عنهم بإظلال غمام أو سبب آخر . والمقصود بيان حفظهم عن تطرق البلاء وتغير الأبدان والألوان إليهم ، والتأذي بحر أو برد .وهم في فجوة منه أي من الكهف ، والفجوة المتسع ، وجمعها فجوات وفجاء ; مثل ركوة وركاء وركوات وقال الشاعر ;ونحن ملأنا كل واد وفجوة رجالا وخيلا غير ميل ولا عزلأي كانوا بحيث يصيبهم نسيم الهواء .ذلك من آيات الله لطف بهم . وهذا يقوي قول الزجاج .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17)يقول تعالى ذكره ( وَتَرَى الشَّمْسَ ) يا محمد ( إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ ) يعني بقوله; ( تَزَاوَرُ ) ; تعدل وتميل، من الزور; وهو الْعَوج والميل ، يقال منه; في هذه الأرض زَوَر; إذا كان فيها اعوجاج، وفي فلان عن فلان ازورار، إذا كان فيه عنه إعراض ، ومنه قول بشر بن أبي خازم;يَــؤُمُّ بِهــا الحُــدَاةُ مِيـاهَ نَخْـلٍوفيهـــا عَـــنْ أبــانَين ازْوِرَارُ (2)يعني; إعراضا وصدا.وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء المدينة ومكة والبصرة; " تزَّاور " بتشديد الزاي، بمعنى; تتزاور بتاءين، ثم أدغم إحدى التاءين في الزاي، كما قيل; تظَّاهرون عليهم. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين; (تَزَاوَرُ) بتخفيف التاء والزاي، كأنه عنى به تفاعل من الزور ، ورُوي عن بعضهم; " تَزْوَرّ" بتخفيف التاء وتسكين الزاي وتشديد الراء مثل تحمرُّ، وبعضهم ; تَزْوَارّ; مثل تحمارّ.والصواب من القول في قراءه ذلك عندنا أن يقال; إنهما قراءتان، أعني (تَزَاوَرُ) بتخفيف الزاي، و (تزَّاوَرُ) بتشديدها معروفتان، مستفيضة القراءة بكلّ واحدة منهما في قرّاء الأمصار، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب. وأما القراءتان الأخريان فإنهما قراءتان لا أرى القراءة بهما، وإن كان لهما في العربية وجه مفهوم، لشذوذهما عما عليه قرأة الأمصار.وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله ( تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ) قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا محمد بن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال; ثنا محمد بن أبي الوضاح، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير ، قال; ( وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ ) قال; تميل.حدثني علي، قال; ثنا عبد الله، قال; ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس ( تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ ) يقول; تميل عنهم.حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; ( وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ ) يقول; تميل عن كهفهم يمينا وشمالا.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ، قوله; ( وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ ) يقول; تميل ذات اليمين، تدعهم ذات اليمين.حدثنا الحسن بن يحيى، قال; أخبرنا عبد الرزّاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله ( تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ ) قال; تميل عن كهفهم ذات اليمين.حُدثت عن يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، عن يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال; لو أن الشمس تطلع عليهم لأحرقتهم، ولو أنهم لا يقلَّبون لأكلتهم الأرض، قال; وذلك قوله; ( وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ ).حدثني محمد بن سنان القزاز، قال; ثنا موسى بن إسماعيل، قال; ثنا محمد بن مسلم بن أبي الوضاح، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، قال; ( تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ) تميل.وقوله; ( وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ ) يقول تعالى ذكره;وإذا غربت الشمس تتركهم من ذات شمالهم. وإنما معنى الكلام; وترى الشمس إذا طلعت تعدل عن كهفهم، فتطلع عليه من ذات اليمين، لئلا تصيب الفتية، لأنها لو طلعت عليهم قبالهم لأحرقتهم وثيابهم، أو أشحبتهم ، وإذا غربت تتركهم بذات الشمال، فلا تصيبهم ، يقال منه;قرضت موضع كذا; إذا قطعته فجاوزته ، وكذلك كان يقول بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة ، وأما الكوفيون فإنهم يزعمون أنه المحاذاة، وذكروا أنهم سمعوا من العرب قرضته قُبُلا ودبرا، وحذوته ذات اليمين والشمال، وقُبلا ودبرا; أي كنت بحذائه ، قالوا; والقرض والحذو بمعنى واحد ، وأصل القرض; القطع، يقال منه; قرضت الثوب; إذا قطعته ، ومنه قيل للمقراض; مقراض، لأنه يقطع ، ومنه قرض الفأر الثوب ، ومنه قول ذي الرُّمَّة;إلـى ظُعْـن يَقْـرِضْنَ أجْوَاز مُشْرِفٍشِــمالا وعـن أيمـانِهنَّ الفـوارِسُ (3)يعنى بقوله; يَقْرِضْنَ; يقطعن.وبنحو ما قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثني أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله; ( وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ ) يقول ; تذرهم.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا محمد بن أبي الوضاح، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، قال ( وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ) تتركهم ذات الشمال.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل; (تَقْرِضُهُمْ) قال; تتركهم.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ ) يقول; تدعهم ذات الشمال.حدثنا الحسن بن يحيى، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا مَعْمر، عن قتادة، قوله; ( تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ ) قال; تدعهم ذات الشمال.حدثنا ابن سنان القَزّاز، قال; ثنا موسى بن إسماعيل، قال; أخبرنا محمد بن مسلم بن أبي الوضَّاح عن سالم، عن سعيد بن جبير ( وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ) قال; تتركهم.وقوله; ( وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ) يقول; والفتية الذين أووا إليه في متسع منه يُجْمَع; فَجَوات، وفِجَاء ممدودا.وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ) يقول; في فضاء من الكهف، قال الله ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ).حدثنا ابن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا محمد بن أبي الوضاح، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير ( وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ) قال; المكان الداخل.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ) قال; المكان الذاهب.حدثني ابن سنان، قال; ثنا موسى بن إسماعيل، قال; ثنا محمد بن مسلم أبو سعيد بن أبي الوضَّاح، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير ( فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ) قال; في مكان داخل.وقوله; (ذلك من آيات الله) يقول عز ذكره;فعلنا هذا الذي فعلنا بهؤلاء الفتية الذين قصصنا عليكم أمرهم من تصييرناهم، إذ أردنا أن نضرب على آذانهم بحيث تزاور الشمس عن مضاجعهم ذات اليمين إذا هي طلعت، وتقرضهم ذات الشمال إذا هي غَرَبت، مع كونهم في المتسع من المكان، بحيث لا تحرْقهم الشمس فتُشحبهم، ولا تبلى على طول رقدتهم ثيابهم، فتعفَّن على أجسادهم، من حجج الله وأدلته على خلقه، والأدلة التي يستدل بها أولو الألباب على عظيم قدرته وسلطانه، وأنه لا يعجزه شيء أراده ، وقوله ( مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ) يقول عزّ وجلّ; من يوفقه الله للاهتداء بآياته وحججه إلى الحق التي جعلها أدلة عليه، فهو المهتدي ; يقول; فهو الذي قد أصاب سبيل الحقّ( وَمَنْ يُضْلِلِ ) يقول; ومن أضله الله عن آياته وأدلته ، فلم يوفقه للاستدلال بها على سبيل الرشاد ( فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ) يقول; فلن تجد له يا محمد خليلا وحليفا يرشده لإصابتها، لأن التوفيق والخِذْلان بيد الله، يوفق من يشاء من عباده، ويخذل من أراد ، يقول; فلا يَحْزنُك إدبار من أدبر عنك من قومك وتكذيبهم إياك ، فإني لو شئت هديتهم فآمنوا، وبيدي الهداية والضلال.------------------------الهوامش;(2) البيت لبشر بن خازم . ذكره البكري في معجم ما استعجم طبع القاهرة ( لجنة التأليف ، بتحقيق مصطفى السقا) في رسم "أبان" . قال ; أبان جبل . وهما أبانان ; أبان الأبيض وأبان الأسود ، بينهما فرسخ ، ووادي الرمة يقطع بينهما . فأبان الأبيض لبني جريد من بني فزارة خاصة ، والأسود لبني والبة ، من بني الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد .وقال بشر فيهما وفيهـــا عـــن أبــانين ازورار. وقال الأصمعي ; أراد أبانا ، فثناه للضرورة . ونخل ، كما في معجم ما استعجم ; على لفظ جمع نخلة ، وقال يعقوب ; هي قرية بواد يقال له شدخ ، لفزارة وأشجع وأنمار وقريش والأنصار ... على ليلتين من المدينة . أو هي ماء بين القصة والثاملية . ويؤم بها ; يقصد بها بالإبل ، والحداة ; جمع حاد وهو سائق الإبل يحدو بها ، ويغني لها. والازورار ; الميل والعدول والإعراض عن الشيء ، كما استشهد به المؤلف عند قوله تعالى; ( تزاور عن كهفهم ) أي تميل عنه وتنحرف.(3) البيت في ديوان ذي الرمة طبع كيمبردج سنة 1919 ص 313 من القصيدة رقم 41 ، وعدة أبياتها 51 بيتا . أي نظرت إلى ظعن يقرضن أي يملن عنها . والفوارس ; رمال بالدهناء . والبيت من شواهد أبي عبيدة في ( مجاز القرآن ; 1 ; 396 ) ، قال ; " تقرضهم ذات الشمال ، أي تخلفهم شمالا ، وتجاوزهم وتقطعهم ، وتتركهم عن شمالها . ويقال ; هل مررت بمكان كذا وكذا ؟ فيقول المسئول ; قرضته ذات اليمين ليلا . وقال ذو الرمة ; إلـى ظعـن يقـرضن أجواز مشرف... البيت . ومشرف والفوارس ; موضعان بنجد ، كما في معجم ما استعجم ، وأنشد البيت في رسم الفوارس ، ونسبه إلى ذي الرمة . والظعن ; جمع ظعينة ، وهي المرأة في الهودج على جملها أو ناقتها .
أي: حفظهم الله من الشمس فيسر لهم غارا إذا طلعت الشمس تميل عنه يمينا، وعند غروبها تميل عنه شمالا، فلا ينالهم حرها فتفسد أبدانهم بها، { وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ } أي: من الكهف أي: مكان متسع، وذلك ليطرقهم الهواء والنسيم، ويزول عنهم الوخم والتأذي بالمكان الضيق، خصوصا مع طول المكث، وذلك من آيات الله الدالة على قدرته ورحمته بهم، وإجابة دعائهم وهدايتهم حتى في هذه الأمور، ولهذا قال: { مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ } أي: لا سبيل إلى نيل الهداية إلا من الله، فهو الهادي المرشد لمصالح الدارين، { وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا } أي: لا تجد من يتولاه ويدبره، على ما فيه صلاحه، ولا يرشده إلى الخير والفلاح، لأن الله قد حكم عليه بالضلال، ولا راد لحكمه.
(الواو) استئنافيّة
(ترى) مضارع مرفوع، وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف، والفاعل أنت
(الشمس) مفعول به منصوبـ (إذا) ظرف للزمن المستقبل غير متضمّن معنى الشرط ، في محلّ نصب متعلّق بـ (ترى) ،
(طلعت) فعل ماض، و (التاء) للتأنيث، والفاعل هي
(تزاور) مضارع مرفوع- حذف منه إحدى التاءين- والفاعل هي
(عن كهفهم) جارّ ومجرور متعلّق بـ (تزاور) ، و (هم) ضمير مضاف إليه
(ذات) ظرف منصوب متعلّق بـ (تزاور) ،
(اليمين) مضاف إليه مجرور
(الواو) عاطفة
(إذا غربت تقرضهم ذات الشمال) مثل نظيرها المتقدّمة، والضمير
(هم) في الفعل مفعول به
(الواو) واو الحالـ (هم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ
(في فجوة) جارّ ومجرور متعلّق بخبر المبتدأ هم
(من) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بنعت لـ (فجوة)
(ذلك) اسم إشارة في محلّ رفع مبتدأ، والإشارة إلى التزاور والقرض، و (اللام) للبعد، و (الكاف) للخطابـ (من آيات) جارّ ومجرور متعلّق بخبر المبتدأ ذلك
(الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ نصب مفعول به مقدّم
(يهد) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف حرف العلّة
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(هو) مثل هم
(المهتد) خبر هو مرفوع وعلامةالرفع الضمّة المقدّرة على الياء المحذوفة للتخفيف مراعاة للفظ في الوقف
(الواو) عاطفة
(من يضلل) مثل من يهد، وعلامة الجزم السكون
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(لن) حرف نفي ونصبـ (تجد) مضارع منصوب، والفاعل أنت
(اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف مفعول به ثان
(وليّا) مفعول به أوّل منصوبـ (مرشدا) نعت لـ (وليّا) منصوب مثله. جملة: «ترى ... » لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: «طلعت ... » في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة: «تزاور ... » في محلّ نصب حال من فاعل ترى. وجملة: «غربت ... » في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة: «تقرضهم ... » في محلّ نصب حال من فاعل ترى. وجملة: «هم في فجوة ... » في محلّ نصب حال. وجملة: «ذلك من آيات الله» لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: «يهد الله ... » لا محلّ لها تعليليّة. وجملة: «هو المهتدي» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء. وجملة: «يضلل ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يهد الله. وجملة: «لن تجد ... » في محلّ جزم جواب الشرط الثاني مقترنة بالفاء.
- القرآن الكريم - الكهف١٨ :١٧
Al-Kahf18:17