الرسم العثمانيوَلَا تَقُولَنَّ لِشَاىْءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَدًا
الـرسـم الإمـلائـيوَلَا تَقُوۡلَنَّ لِشَاىۡءٍ اِنِّىۡ فَاعِلٌ ذٰ لِكَ غَدًا
تفسير ميسر:
ولا تقولنَّ لشيء تعزم على فعله; إني فاعل ذلك الشيء غدًا إلا أن تُعَلِّق قولك بالمشيئة، فتقول; إن شاء الله. واذكر ربك عند النسيان بقول; إن شاء الله، وكلما نسيت فاذكر الله؛ فإن ذِكْرَ الله يُذهِب النسيان، وقل; عسى أن يهديني ربي لأقرب الطرق الموصلة إلى الهدى والرشاد.
هذا إرشاد من الله تعالى لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأدب فيما إذا عزم على شيء ليفعله في المستقبل أن يرد ذلك إلى مشيئة الله عز وجل علام الغيوب الذي يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " قال سليمان بن داود لأطوفن الليلة علي سبعين امرأة - وفي رواية تسعين امرأة وفي رواية مائة امرأة - تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله فقيل له - وفي رواية قال له الملك - قل إن شاء الله فلم يقل فطاف بهن فلم يلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم; والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته "وفي رواية " ولقاتلوا في سبيل الله فرسانا أجمعين "وقد تقدم في أول السورة ذكر سبب نزول هذه الآية في قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن قصة أصحاب الكهف " غدا أجيبكم "فتأخر الوحي خمسة عشر يوما وقد ذكرناه بطوله في أول السورة فأغنى عن إعادته.
قوله تعالى ; ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشداقوله تعالى ; ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله فيه ;قال العلماء عاتب الله - تعالى - نبيه - عليه السلام - على قوله للكفار حين سألوه عن الروح والفتية وذي القرنين ; غدا أخبركم بجواب أسئلتكم ; ولم يستثن في ذلك . فاحتبس الوحي عنه خمسة عشر يوما حتى شق ذلك عليه وأرجف الكفار به ، فنزلت عليه هذه السورة مفرجة . وأمر في هذه الآية ألا يقول في أمر من الأمور إني أفعل غدا كذا وكذا ، إلا أن يعلق ذلك بمشيئة الله - عز وجل - حتى لا يكون محققا لحكم الخبر ; فإنه إذا قال ; لأفعلن ذلك ولم يفعل كان كاذبا ، وإذا قال لأفعلن ذلك إن شاء الله خرج عن أن يكون محققا للمخبر عنه . واللام في قوله لشيء بمنزلة في ، أو كأنه قال لأجل شيء .
القول في تأويل قوله تعالى ( ولا تقولن لشئ إنى فاعل ذلك غدا) (23)
تفسير الآيتين 23 و 24 :ـ هذا النهي كغيره، وإن كان لسبب خاص وموجها للرسول صل الله عليه وسلم، فإن الخطاب عام للمكلفين، فنهى الله أن يقول العبد في الأمور المستقبلة، { إني فاعل ذلك } من دون أن يقرنه بمشيئة الله، وذلك لما فيه من المحذور، وهو: الكلام على الغيب المستقبل، الذي لا يدري، هل يفعله أم لا؟ وهل تكون أم لا؟ وفيه رد الفعل إلى مشيئة العبد استقلالا، وذلك محذور محظور، لأن المشيئة كلها لله { وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين } ولما في ذكر مشيئة الله، من تيسير الأمر وتسهيله، وحصول البركة فيه، والاستعانة من العبد لربه، ولما كان العبد بشرا، لا بد أن يسهو فيترك ذكر المشيئة، أمره الله أن يستثني بعد ذلك، إذا ذكر، ليحصل المطلوب، وينفع المحذور، ويؤخذ من عموم قوله: { وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } الأمر بذكر الله عند النسيان، فإنه يزيله، ويذكر العبد ما سها عنه، وكذلك يؤمر الساهي الناسي لذكر الله، أن يذكر ربه، ولا يكونن من الغافلين، ولما كان العبد مفتقرا إلى الله في توفيقه للإصابة، وعدم الخطأ في أقواله وأفعاله، أمره الله أن يقول: { عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا } فأمره أن يدعو الله ويرجوه، ويثق به أن يهديه لأقرب الطرق الموصلة إلى الرشد. وحري بعبد، تكون هذه حاله، ثم يبذل جهده، ويستفرغ وسعه في طلب الهدى والرشد، أن يوفق لذلك، وأن تأتيه المعونة من ربه، وأن يسدده في جميع أموره.
الواو) عاطفة
(لا تقولنّ) مثل لا يشعرنّ ، والفاعل أنت
(لشيء) جارّ ومجرور متعلّق بـ (تقولنّ) ، و (اللام) بمعنى من أجل،
(إنّ) حرف مشبّهة بالفعل و (الياء) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ
(فاعل) خبر إنّ مرفوع
(ذلك) اسم إشارة مبنيّ في محلّ نصب مفعول به لاسم الفاعل.. و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطابـ (غدا) ظرف زمان منصوب متعلّق بـ (فاعل) . وجملة: «لا تقولنّ ... » في محلّ جزم معطوفة على جملة لا تمار. وجملة: «إنّي فاعل ... » في محلّ نصب مقول القول. (إلّا) أداة استثناء
(أن) حرف مصدريّ ونصبـ (يشاء) مضارع منصوبـ (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع. والمصدر المؤوّلـ (أن يشاء الله..) في محلّ نصب على الاستثناء على حذف مضاف أي إلّا وقت مشيئة الله .
- القرآن الكريم - الكهف١٨ :٢٣
Al-Kahf18:23