الرسم العثمانيوَأُحِيطَ بِثَمَرِهِۦ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلٰى مَآ أَنفَقَ فِيهَا وَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلٰى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يٰلَيْتَنِى لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّىٓ أَحَدًا
الـرسـم الإمـلائـيوَاُحِيۡطَ بِثَمَرِهٖ فَاَصۡبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيۡهِ عَلَىٰ مَاۤ اَنۡفَقَ فِيۡهَا وَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلٰى عُرُوۡشِهَا وَيَقُوۡلُ يٰلَيۡتَنِىۡ لَمۡ اُشۡرِكۡ بِرَبِّىۡۤ اَحَدًا
تفسير ميسر:
وتحَقَّقَ ما قاله المؤمن، ووقع الدمار بالحديقة، فهلك كل ما فيها، فصار الكافر يُقَلِّب كفيه حسرةً وندامة على ما أنفق فيها، وهي خاوية قد سقط بعضها على بعض، ويقول; يا ليتني عرفت نِعَمَ الله وقدرته فلم أشرك به أحدًا. وهذا ندم منه حين لا ينفعه الندم.
يقول تعالى " وأحيط بثمره" بأمواله أو بثماره على القول الآخر والمقصود أنه وقع بهذا الكافر ما كان يحذر مما خوفه به المؤمن من إرسال الحسبان على جنته التي اغتر بها وألهته عن الله عز وجل " فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها " وقال قتادة يصفق كفيه متأسفًا متلهفًا على الأموال التي أذهبها عليها " ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدًا.
قوله تعالى ; وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول ياليتني لم أشرك بربي أحدا ولم تكن اسم ما لم يسم فاعله مضمر ، وهو المصدر . ويجوز أن يكون المخفوض في موضع رفع . ومعنى أحيط بثمره أي أهلك ماله كله . وهذا أول ما حقق الله - تعالى - به إنذار أخيه .فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها أي فأصبح الكافر يضرب إحدى يديه على الأخرى ندما ; لأن هذا يصدر من النادم . وقيل ; يقلب ملكه فلا يرى فيه عوض ما أنفق ; وهذا لأن الملك قد يعبر عنه باليد ، من قولهم ; في يده مال ، أي في ملكه مال . ودل قوله فأصبح على أن هذا الإهلاك جرى بالليل ; كقوله فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم ويقال ; أنفقت في هذه الدار كذا وأنفقت عليها .وهي خاوية على عروشها أي خالية قد سقط بعضها على بعض ; مأخوذ من خوت النجوم تخوى خيا أمحلت ، وذلك إذا سقطت ولم تمطر في نوئها . وأخوت مثله . وخوت الدار خواء أقوت ، وكذلك إذا سقطت ; ومنه قوله - تعالى - ; فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ويقال ساقطة ; كما يقال فهي خاوية على عروشها أي ساقطة على سقوفها ; فجمع عليه بين هلاك الثمر والأصل ، وهذا من أعظم الجوائح ، مقابلة على بغيه .ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أي يا ليتني عرفت نعم الله علي ، وعرفت أنها كانت بقدرة الله ولم أكفر به . وهذا ندم منه حين لا ينفعه الندم .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42)يقول تعالى ذكره; وأحاط الهلاك والجوائح بثمره، وهي صنوف ثمار جنته التي كان يقول لها; مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا فأصبح هذا الكافر صاحب هاتين الجنتين، يقلب كفيه ظهرا لبطن، تلهفا وأسفا على ذهاب نفقته التي أنفق في جنته ( وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ) يقول; وهي خالية على نباتها وبيوتها.وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ) ; أي يصفق ( كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا ) متلهفا على ما فاته ، (وَ) هو ( يَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ) ويقول; يا ليتني ، يقول; يتمنى هذا الكافر بعد ما أصيب بجنته أنه لم يكن كان أشرك بربه أحدا، يعني بذلك; هذا الكافر إذا هلك وزالت عنه دنياه وانفرد بعمله، ودّ أنه لم يكن كفر بالله ولا أشرك به شيئا.
فاستجاب الله دعاءه { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ } أي: أصابه عذاب، أحاط به، واستهلكه، فلم يبق منه شيء، والإحاطة بالثمر يستلزم تلف جميع أشجاره، وثماره، وزرعه، فندم كل الندامة، واشتد لذلك أسفه، { فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا } أي على كثرة نفقاته الدنيوية عليها، حيث اضمحلت وتلاشت، فلم يبق لها عوض، وندم أيضا على شركه، وشره، ولهذا قال: { وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا }
(الواو) استئنافيّة
(أحيط) فعل ماض مبنيّ للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بثمره) جارّ ومجرور متعلّق بـ (أحيط) بتضمينه معنى فجع ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(الفاء) عاطفة
(أصبح) ماض ناقص ناسخ واسمه ضمير مستتر تقديره هو (يقلّب) مضارع مرفوع، والفاعل هو (كفّيه) مفعول به منصوب، وعلامة النصب الياء. و (الهاء) مضاف إليه
(على) حرف جرّ
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (يقلّب)» بمعنى يندم
(أنفق) ماض والفاعل هو (في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (أنفق) ،
(الواو) حاليّة
(هي) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ(خاوية) خبر مرفوع
(على عروشها) جارّ ومجرور متعلّق بـ (خاوية) .. و (ها) مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(يقول) مثل يقلّبـ (يا) للتنبيه
(ليتني) حرف تمنّ ونصب، و (النون) للوقاية، و (الياء) ضمير اسم ليت في محلّ نصبـ (لم) حرف نفي وجزم
(أشرك) مضارع مجزوم، والفاعل أنا
(بربّي) جارّ ومجرور متعلّق بـ (أشرك) ، و (الياء) مضاف إليه
(أحدا) مفعول به منصوب.
جملة: «أحيط ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أصبح ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «يقلّب ... » في محلّ نصب خبر أصبح.
وجملة: «أنفق ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «هي خاوية ... » في محلّ نصب حال من الضمير في(فيها) .
وجملة: «يقول ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة يقلّب.
وجملة: «ليتني لم أشرك ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «لم أشرك ... » في محلّ رفع خبر ليت.
- القرآن الكريم - الكهف١٨ :٤٢
Al-Kahf18:42