الرسم العثمانيوَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنٰهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا
الـرسـم الإمـلائـيوَيَوۡمَ نُسَيِّرُ الۡجِبَالَ و تَرَى الۡاَرۡضَ بَارِزَةً ۙ وَّحَشَرۡنٰهُمۡ فَلَمۡ نُغَادِرۡ مِنۡهُمۡ اَحَدًا
تفسير ميسر:
واذكر لهم يوم نُزيل الجبال عن أماكنها، وتبصر الأرض ظاهرة، ليس عليها ما يسترها مما كان عليها من المخلوقات، وجمعنا الأولين والآخِرين لموقف الحساب، فلم نترك منهم أحدًا.
يخبر تعالى عن أهوال يوم القيامة وما يكون فيه من الأمور العظام كما قال تعالى; " يوم تمور السماء مورًا وتسير الجبال سيرًا " أي تذهب من أماكنها وتزول كما قال تعالى " وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب " وقال تعالى " وتكون الجبال كالعهن المنفوش " وقال " ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفًا فيذرها قاعًا صفصفا لا ترى فيها عوجًا ولا أمتا " يذكر تعالى بأنه تذهب الجبال وتتساوى المهاد وتبقى الأرض قاعًا صفصفًا أي سطحًا مستويًا لا عوج فيه ولا أمتا أي لا وادي ولا جبل ولهذا قال تعالى " وترى الأرض بارزة " أي بادية ظاهرة ليس فيها معلم لأحد ولا مكان يواري أحدًا بل الخلق كلهم ضاحون لربهم لا تخفى عليه منهم خافية.قال مجاهد وقتادة " وترى الأرض بارزة " لا حجر فيها ولا غيابة قال قتادة; لا بناء ولا شجر وقوله " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدًا " أي وجمعناهم الأولين منهم والآخرين فلم نترك منهم أحدًا لا صغيرًا ولا كبيرًا كما قال " قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم " وقال " ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود".
قوله تعالى ; ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا قوله تعالى ; ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة قال بعض النحويين ; التقدير والباقيات الصالحات خير عند ربك يوم نسير الجبال . قال النحاس ; وهذا غلط من أجل الواو وقيل ; المعنى واذكر يوم نسير الجبال ، أي نزيلها من أماكنها من على وجه الأرض ، ونسيرها كما نسير السحاب ; كما قال في آية أخرى وهي تمر مر السحاب . ثم تكسر فتعود إلى الأرض ; كما قال ; وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا . وقرأ ابن كثير والحسن وأبو عمرو وابن عامر " ويوم تسير " بتاء مضمومة وفتح الياء . و " الجبال " رفعا على الفعل المجهول . وقرأ ابن محيصن ومجاهد " ويوم تسير الجبال " بفتح التاء مخففا من سار . [ ص; 372 ] " الجبال " رفعا . دليل قراءة أبي عمرو وإذا الجبال سيرت . ودليل قراءة ابن محيصن وتسير الجبال سيرا . واختار أبو عبيد القراءة الأولى نسير بالنون لقوله وحشرناهم . ومعنى " بارزة " ظاهرة ، وليس عليها ما يسترها من جبل ولا شجر ولا بنيان ; أي قد اجتثت ثمارها وقلعت جبالها ، وهدم بنيانها ; فهي بارزة ظاهرة . وعلى هذا القول أهل التفسير . وقيل ; وترى الأرض بارزة أي برز ما فيها من الكنوز والأموات ; كما قال وألقت ما فيها وتخلت وقال وأخرجت الأرض أثقالها وهذا قول عطاء .وحشرناهم أي إلى الموقف .فلم نغادر منهم أحدا أي لم نترك ; يقال ; غادرت كذا أي تركته . قال عنترة ;غادرته متعفرا أوصاله والقوم بين مجرح ومجدلأي تركته . والمغادرة الترك ; ومنه الغدر ; لأنه ترك الوفاء . وإنما سمي الغدير من الماء غديرا لأن الماء ذهب وتركه . ومنه غدائر المرأة لأنها تجعلها خلفها . يقول ; حشرنا برهم وفاجرهم وجنهم وإنسهم .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47)يقول تعالى ذكره;(وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ) عن الأرض، فنبسُّها بَسًّا، ونجعلها هباء منبثا(وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً) ظاهرة; وظهورها لرأي أعين الناظرين من غير شيء يسترها من جبل ولا شجر هو بروزها.وبنحو ذلك قال جماعة من أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى " ح " ، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً) قال; لا خَمْرَ فيها ولا غيابة ولا بناء، ولا حجر فيها.حدثني القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; (وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً) ليس عليها بناء ولا شجر.وقيل; معنى ذلك; وترى الأرض بارزا أهلها الذين كانوا في بطنها، فصاروا على ظهرها.وقوله (وَحَشَرْنَاهُمْ) يقول; جمعناهم إلى موقف الحساب (فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا) ، يقول; فلم نترك، ولم نبق منهم تحت الأرض أحدا، يقال منه; ما غادرت من القوم أحدا، وما أغدرت منهم أحدا، ومن أغدرت قول الراجز;هَـلْ لـكِ والعـارِضُ مِنـكِ عـائِضُفــي هَجْمَـةٍ يُغْـدِرُ مِنْهـا القـابِضُ (1)
يخبر تعالى عن حال يوم القيامة، وما فيه من الأهوال المقلقة، والشدائد المزعجة فقال: { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ } أي: يزيلها عن أماكنها، يجعلها كثيبا، ثم يجعلها كالعهن المنفوش، ثم تضمحل وتتلاشى، وتكون هباء منبثا، وتبرز الأرض فتصير قاعا صفصفا، لا عوج فيه ولا أمتا، ويحشر الله جميع الخلق على تلك الأرض، فلا يغادر منهم أحدا، بل يجمع الأولين والآخرين، من بطون الفلوات، وقعور البحار، ويجمعهم بعدما تفرقوا، ويعيدهم بعد ما تمزقوا، خلقا جديدا
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الكهف١٨ :٤٧
Al-Kahf18:47