الرسم العثمانيفَلَعَلَّكَ بٰخِعٌ نَّفْسَكَ عَلٰىٓ ءَاثٰرِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا
الـرسـم الإمـلائـيفَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّـفۡسَكَ عَلٰٓى اٰثَارِهِمۡ اِنۡ لَّمۡ يُؤۡمِنُوۡا بِهٰذَا الۡحَـدِيۡثِ اَسَفًا
تفسير ميسر:
فلعلك -أيها الرسول- مُهْلِك نفسك غمًّا وحزنًا على أثر تولِّي قومك وإعراضهم عنك، إن لم يصدِّقوا بهذا القرآن ويعملوا به.
يقول تعالى مسليًا لرسوله صلوات الله وسلامه عليه في حزنه على المشركين لتركهم الإيمان وبعدهم عنه كما قال تعالى " فلا تذهب نفسك عليهم حسرات " وقال ولا تحزن عليهم وقال " لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين " باخع أي مهلك نفسك بحزنك عليهم ولهذا قال " فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث " يعني القرآن أسفا يقول لا تهلك نفسك أسفًا قال قتادة; قاتل نفسك غضبًا وحزنًا عليهم وقال مجاهد جزعًا والمعنى متقارب أي لا تأسف عليهم بل أبلغكم رسالة الله فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تذهب نفسك عليهم حسرات ثم أخبر تعالى أنه جعل الدنيا دارا فانية مزينة بزينة زائلة وإنما جعلها دار اختبار لا دار قرار.
قوله تعالى ; فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا قوله تعالى ; فلعلك باخع نفسك على آثارهم باخع أي مهلك وقاتل ; وقد تقدم . آثارهم جمع أثر ، ويقال إثر . والمعنى ; على أثر توليهم وإعراضهم عنك .إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أي القرآن .أسفا أي حزنا وغضبا على كفرهم ; وانتصب على التفسير .
القول في تأويل قوله تعالى ; فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)يعني تعالى ذكره بذلك; فلعلك يا محمد قاتلٌ نفسك ومهلكها على آثار قومك الذين قالوا لك لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا تمردا منهم على ربهم، إن هم لم يؤمنوا بهذا الكتاب الذي أنـزلته عليك، فيصدقوا بأنه من عند الله حزنا وتلهفا ووجدا، بإدبارهم عنك، وإعراضهم عما أتيتهم به وتركهم الإيمان بك. يقال منه; بخع فلان نفسه يبخعها بخعا وبخوعا، ومنه قول ذي الرُّمة;ألا أَيُّهَــذَا البــاخِعُ الوَجْـدُ نَفْسَـهُلِشَــيْءٍ نَحَتْـهُ عَـنْ يديـه المقـادر (2)يريد; نحته فخفف.وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله; (بَاخِعٌ) قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ) يقول; قاتل نفسك.حدثنا الحسن بن يحيى ، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله.و قوله; (أَسَفًا) فإنّ أهل التأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم; معناه; فلعلك باخع نفسك إن لم يؤمنوا بهذا الحديث غضبا.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة (إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) قال ; غضبا.وقال آخرون; جَزَعا.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى " ح " ، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله (أَسَفًا) قال; جَزعا.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.وقال آخرون; معناه; حزنا عليهم.* ذكر من قال ذلك;حدثنا الحسن بن يحيى، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله; (أَسَفًا) قال; حزنا عليهم.وقد بينا معنى الأسف فيما مضى من كتابنا هذا ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.وهذه معاتبة من الله عزّ ذكره على وجده بمباعدة قومه إياه فيما دعاهم إليه من الإيمان بالله، والبراءة من الآلهة والأنداد، وكان بهم رحيما.وبنحو ما قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن حميد، قال; ثنا سلمة، عن ابن إسحاق (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) يعاتبه على حزنه عليهم حين فاته ما كان يرجو منهم; أي لا تفعل.
ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على هداية الخلق، ساعيا في ذلك أعظم السعي، فكان صلى الله عليه وسلم يفرح ويسر بهداية المهتدين، ويحزن ويأسف على المكذبين الضالين، شفقة منه صلى الله عليه وسلم عليهم، ورحمة بهم، أرشده الله أن لا يشغل نفسه بالأسف على هؤلاء، الذين لا يؤمنون بهذا القرآن، كما قال في الآية الأخرى: { لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين } وقال { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } وهنا قال { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ } أي: مهلكها، غما وأسفا عليهم، وذلك أن أجرك قد وجب على الله، وهؤلاء لو علم الله فيهم خيرا لهداهم، ولكنه علم أنهم لا يصلحون إلا للنار، فلذلك خذلهم، فلم يهتدوا، فإشغالك نفسك غما وأسفا عليهم، ليس فيه فائدة لك. وفي هذه الآية ونحوها عبرة، فإن المأمور بدعاء الخلق إلى الله، عليه التبليغ والسعي بكل سبب يوصل إلى الهداية، وسد طرق الضلال والغواية بغاية ما يمكنه، مع التوكل على الله في ذلك، فإن اهتدوا فبها ونعمت، وإلا فلا يحزن ولا يأسف، فإن ذلك مضعف للنفس، هادم للقوى، ليس فيه فائدة، بل يمضي على فعله الذي كلف به وتوجه إليه، وما عدا ذلك، فهو خارج عن قدرته، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله له: { إنك لا تهدي من أحببت } وموسى عليه السلام يقول: { رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي } الآية، فمن عداهم من باب أولى وأحرى، قال تعالى: { فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر }
(الفاء) استئنافيّة
(لعلّك) حرف ترجّ ونصب.. و (الكاف) ضمير في محلّ نصب اسم لعلّ
(باخع) خبر لعلّ مرفوع
(نفسك) مفعول به لاسم الفاعل باخع منصوب.. و (الكاف) مضاف إليه
(على آثارهم) جارّ ومجرور متعلّق بـ (باخع) و (هم) ضمير مضاف إليه
(إن) حرف شرط جازم
(لم) حرف نفي(يؤمنوا) مضارع مجزوم فعل الشرط، وعلامة الجزم حذف النون.. و (الواو) فاعلـ (الباء) حرف جرّ
(ها) حرف تنبيه
(ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (يؤمنوا) ،
(الحديث) بدل من اسم الإشارة- أو عطف بيان- مجرور
(أسفا) مفعول لأجله منصوب .
جملة: «لعلّك باخع ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لم يؤمنوا ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه قوله لعلّك باخع..
7-
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل.. و (نا) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ(جعلنا) فعل ماض وفاعله
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به
(على الأرض) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف صلة ما
(زينة) مفعول به ثان منصوب ،
(اللام) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بنعت لـ (زينة)
(اللام) للتعليلـ (نبلوهم) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام.. و (هم) ضمير مفعول به، والفاعل نحن للتعظيم
(أيّهم) اسم استفهام مبتدأ مرفوع ، و (هم) مضاف إليه
(أحسن) خبر المبتدأ مرفوع
(عملا) تمييز منصوب وجملة: «إنّا جعلنا ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو تعليليّة- وجملة: «جعلنا ما ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «نبلوهم ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
والمصدر المؤوّلـ (أن نبلوهم) في محلّ جرّ باللام متعلّق بـ (جعلنا) .
وجملة: «أيّهم أحسن ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو تفسير للبلاء 8-
(الواو) عاطفة
(إنّا) مثل الأولـ (اللام) المزحلقة للتوكيد
(جاعلون) خبر إنّ مرفوع وعلامة الرفع الواو (ما) مثل الأولـ (على) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف صلة ما
(صعيدا) مفعول به ثان منصوب لاسم الفاعل جاعلون
(جرزا) نعت لـ (صعيدا) منصوب.
وجملة: «إنّا لجاعلون ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة إنّا جعلنا.
- القرآن الكريم - الكهف١٨ :٦
Al-Kahf18:6