قَالَ ذٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلٰىٓ ءَاثَارِهِمَا قَصَصًا
قَالَ ذٰ لِكَ مَا كُنَّا نَبۡغِ ۖ فَارۡتَدَّا عَلٰٓى اٰثَارِهِمَا قَصَصًا
تفسير ميسر:
قال موسى; ما حصل هو ما كنا نطلبه، فإنه علامة لي على مكان العبد الصالح، فرجعا يقصان آثار مشيهما حتى انتهيا إلى الصخرة.
" قال ذلك ما كنا نبغ"أي هذا هو الذي نطلب " فارتدا " أي رجعا " على آثارهما " أي طريقهما " قصصا " أي يقصان آثار مشيهما ويقفوان أثرهما.
قوله تعالى ; ذلك ما كنا نبغ أي قال موسى لفتاه أمر الحوت وفقده هو الذي كنا نطلب ، فإن الرجل الذي جئنا له ثم ; فرجعا يقصان آثارهما لئلا يخطئا طريقهما . وفي البخاري ; ( فوجدا خضرا على طنفسة خضراء على كبد البحر مسجى بثوبه ، قد جعل طرفه تحت رجليه ، وطرفه تحت رأسه ، فسلم عليهموسى ، فكشف عن وجهه وقال ; هل بأرضك من سلام ؟ من أنت ؟ قال ; أنا موسى . قال ; موسى بني إسرائيل ؟ قال ; نعم . قال ; فما شأنك ؟ قال جئت لتعلمني مما علمت رشدا . . . ) الحديث . وقال الثعلبي في كتاب العرائس ; ( إن موسى وفتاه وجدا الخضر وهو نائم على طنفسة خضراء على وجه الماء وهو متشح بثوب أخضر فسلم عليه موسى ، فكشف عن وجهه فقال ; وأنى بأرضنا السلام ؟ ثم رفع رأسه واستوى جالسا وقال ; وعليك السلام يا نبي بني إسرائيل ، فقال له موسى ; وما أدراك بي ؟ ومن أخبرك أني نبي بني إسرائيل ؟ قال ; الذي أدراك بي ودلك علي ; ثم قال ; يا موسى لقد كان لك في بني إسرائيل شغل ، قال موسى ; إن ربي أرسلني إليك لأتبعك وأتعلم من علمك ، ثم جلسا يتحدثان ، فجاءت خطافة وحملت بمنقارها من الماء . . . ) وذكر الحديث على ما يأتي .
القول في تأويل قوله تعالى ; قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64)يقول تعالى ذكره; ف (قال) موسى لفتاه (ذلك) يعني بذلك; نسيانك الحوت ( مَا كُنَّا نَبْغِ ) يقول; الذي كنا نلتمس ونطلب، لأن موسى كان قيل له صاحبك الذي تريده حيث تنسى الحوت.كما حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله; ( ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ) قال موسى; فذلك حين أخبرت أني واجد خضرا حيث يفوتني الحوت.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله، إلا أنه قال; حيث يفارقني الحوت.وقوله; ( فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ) يقول; فرجعا في الطريق الذي كانا قطعاه ناكصين على أدبارهما يمصان آثارهما التي كانا سلكاهما.وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال ; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، قوله; (قَصصًا) قال; اتبع موسى وفتاه أثر الحوت، فشقا البحر راجعين.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج ، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله; ( فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ) قال; اتباع موسى وفتاه أثر الحوت بشقّ البحر، وموسى وفتاه راجعان وموسى يعجب من أثر الحوت في البحر، ودوراته التي غاب فيها.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قال; رجعا عودهما على بدئهما( فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا )حدثنا ابن حميد، قال; ثنا سلمة، قال; ثني محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس، عن أبيّ بن كعب، قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله ; ( ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ) ; " أيْ يَقُصَّانِ آثارَهما حتى انْتَهَيا إلى مَدْخَلِ الحوُت ".
تفسير الآيتين 64 و 65 :ـ { ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ْ} أي: نطلب { فَارْتَدَّا ْ} أي: رجعا { عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ْ} أي رجعا يقصان أثرهما إلى المكان الذي نسيا فيه الحوت فلما وصلا إليه، وجدا عبدا من عبادنا، وهو الخضر، وكان عبدا صالحا، لا نبيا على الصحيح. آتيناه [رحمة من عندنا أي: أعطاه الله رحمة خاصة بها زاد علمه وحسن عمله { وَعَلَّمْنَاهُ ْ}] { مِنْ لَدُنَّا ْ} [أي: من عندنا] عِلْمًا، وكان قد أعطي من العلم ما لم يعط موسى، وإن كان موسى عليه السلام أعلم منه بأكثر الأشياء، وخصوصا في العلوم الإيمانية، والأصولية، لأنه من أولي العزم من المرسلين، الذين فضلهم الله على سائر الخلق، بالعلم، والعمل، وغير ذلك، فلما اجتمع به موسى قال له على وجه الأدب والمشاورة، والإخبار عن مطلبه.
(قال) فعل ماض، والفاعل هو أي موسى
(ذلك) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطابـ (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع خبر
(كنّا) فعل ماض ناقص واسمه
(نبغي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء المحذوفة من الرسم تخفيفا، والفاعل نحن
(الفاء) عاطفة
(ارتدّا) مثل بلغا ،
(على آثارهما) جارّ ومجرور متعلّق بـ (ارتدّا) ، و (هما) ضمير مضاف إليه
(قصصا) مفعول مطلق لفعل محذوف منصوب جملة: «قال ... » لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: «ذلك ما كنّا ... » في محلّ نصب مقول القول وجملة: «كنّا نبغي ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) وجملة: «نبغي ... » في محلّ نصب خبر كنّا.
وجملة: «ارتدّا ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة65-
(الفاء) عاطفة
(وجدا) مثل بلغا ،
(عبدا) مفعول به منصوبـ (من عبادنا) جارّ ومجرور متعلّق بنعت
(عبدا) ، و (نا) مضاف إليه
(آتيناه) فعل ماض مبنيّ على السكون.. و (نا) فاعل، و (الهاء) ضمير مفعول به
(رحمة) مفعول به منصوبـ (من عندنا) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لرحمة ، و (نا) مثل الأولـ (الواو) عاطفة
(علّمناه) ، مثل آتيناه
(من لدنّا) جارّ ومجرور، والاسم في محلّ جرّ متعلّق بـ (علّمناه) . و (نا) مثل الأولـ (علما) مفعول به ثان منصوب.
وجملة: «وجدا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ارتدّا وجملة: «آتيناه ... » في محلّ نصب نعت لـ (عبدا) وجملة: «علّمناه ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة آتيناه..