الرسم العثمانيقَالَ رَبِّ إِنِّى وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّى وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنۢ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيًّا
الـرسـم الإمـلائـيقَالَ رَبِّ اِنِّىۡ وَهَنَ الۡعَظۡمُ مِنِّىۡ وَاشۡتَعَلَ الرَّاۡسُ شَيۡبًا وَّلَمۡ اَكُنۡۢ بِدُعَآٮِٕكَ رَبِّ شَقِيًّا
تفسير ميسر:
قال; رب إني كَبِرْتُ، وضعف عظمي، وانتشر الشيب في رأسي، ولم أكن من قبل محرومًا من إجابة الدعاء.
قال رب إني وهن العظم مني أي ضعفت وخارت القوى "واشتعل الرأس شيبا" أي اضطرم المشيب في السواد كما قال ابن دريد في مقصورته; أما ترى رأسي حاكى لونه طرة صبح تحت أذيال الدجــــــا واشتعل المبيض في مسوده مثل اشتعال النار في جمر الغضا والمراد من هذا الإخبار عن الضعف والكبر ودلائله الظاهرة والباطنة وقوله "ولم أكن بدعائك رب شقيا" أي ولم أعهد منك إلا الإجابة في الدعاء ولم تردني قط فيما سألتك وقوله "وإني خفت الموالي من ورائي" قرأ الأكثرون بنصب الياء من الموالي على أنه مفعول وعن الكسائي أنه سكن الياء كما قال الشاعر; كأن أيديهن في القاع القرق أيدي جوار يتعاطين الورق وقال الآخر; فتى لو يباري الشمس ألقت قناعها أو القمر الساري لألقى المقالدا ومنه قول أبي تمام حبيب بن أوس الطائي; تغاير الشعر منه إذ سهرت له حتى ظننت قوافيه ستقتتل وقال مجاهد وقتادة والسدي; أراد بالموالي العصبية وقال أبو صالح الكلالة وروي عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه كان يقرؤها.
قوله تعالى ; قال رب إني وهن العظم مني فيه مسألتان ; الأولى ; قوله تعالى ; قال رب إني وهن قرئ وهن بالحركات الثلاث أي ضعف . يقال ; وهن يهن وهنا إذا ضعف فهو واهن . وقال أبو زيد يقال ; وهن يهن ووهن يوهن . وإنما ذكر العظم لأنه عمود البدن ، وبه قوامه ، وهو أصل بنائه ، فإذا وهن تداعى وتساقط سائر قوته ؛ ولأنه أشد ما فيه وأصلبه ؛ فإذا وهن كان ما وراءه أوهن منه . ووحده لأن الواحد هو الدال على معنى الجنسية ، وقصده إلى أن هذا الجنس الذي هو العمود والقوام ، وأشد ما تركب منه الجسد قد أصابه الوهن ، ولو جمع لكان قصد إلى معنى آخر ، وهو أنه لم يهن منه بعض عظامه ولكن كلها .الثانية ; قوله تعالى ; واشتعل الرأس شيبا أدغم السين في الشين أبو عمرو . وهذا من أحسن الاستعارة في كلام العرب . والاشتعال انتشار شعاع النار ؛ شبه به انتشار الشيب في الرأس ؛ يقول ; شخت وضعفت ؛ وأضاف الاشتعال إلى مكان الشعر ومنبته وهو الرأس . ولم يضف الرأس اكتفاء بعلم المخاطب أنه رأس زكريا - عليه السلام - . و شيبا في نصبه وجهان ; [ ص; 7 ] أحدهما ; أنه مصدر ؛ لأن معنى اشتعل شاب ؛ وهذا قول الأخفش . وقال الزجاج ; وهو منصوب على التمييز . النحاس ; قول الأخفش أولى ؛ لأنه مشتق من فعل فالمصدر أولى به . والشيب مخالطة الشعر الأبيض الأسود .قال العلماء ; يستحب للمرء أن يذكر في دعائه نعم الله تعالى عليه وما يليق بالخضوع ؛ لأن قوله تعالى ; وهن العظم مني إظهار للخضوع . وقوله ; ولم أكن بدعائك رب شقيا إظهار لعادات تفضله في إجابته أدعيته ؛ أي لم أكن بدعائي إياك شقيا ؛ أي لم تكن تخيب دعائي إذا دعوتك ؛ أي إنك عودتني الإجابة فيما مضى . يقال ; شقي بكذا أي تعب فيه ولم يحصل مقصوده . وعن بعضهم أن محتاجا سأله ، وقال ; أنا الذي أحسنت إليه في وقت كذا ؛ فقال ; مرحبا بمن توسل بنا إلينا ؛ وقضى حاجته .
حدثنا موسى بن هارون، قال; ثنا عمرو بن حماد، قال; ثنا أسباط، عن السدي، قال; رغب زكريا في الولد، فقام فصلى، ثم دعا ربه سرّا ، فقال; ( رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ).... إلى وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا وقوله; ( قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ) يقول تعالى ذكره، فكان نداؤه الخفي الذي نادى به ربه أن قال; ( رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ) يعني بقوله (وَهَنَ) ضعف ورقّ من الكبر.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ) أي ضعف العظم مني.حدثنا الحسن بن يحيى، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله; ( وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ) قال; نحل العظم. قال عبد الرزاق، قال; الثوري; وبلغني أن زكريا كان ابن سبعين سنة.وقد اختلف أهل العربية في وجه النصب في الشَّيْب، فقال بعض نحويي البصرة; نصب على المصدر من معنى الكلام، كأنه حين قال; اشتعل، قال; شاب، فقال; شَيْبا على المصدر. قال; وليس هو في معنى; تفقأت شحما وامتلأت ماء، لأن ذلك ليس بمصدر. وقال غيره ; نصب الشيب على التفسير، لأنه يقال; اشتعل شيب رأسي، واشتعل رأسي شيبا، كما يقال; تفقأت شحما، وتفقأ شحمي.وقوله; ( وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ) يقول; ولم أشق يا رب بدعائك، لأنك لم تخيب دعائي قبل إذ كنت أدعوك في حاجتي إليك، بل كنت تجيب وتقضي حاجتي قبلك.كما حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج عن ابن جريج، قوله; ( وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ) يقول; قد كنت تعرّفني الإجابة فيما مضى.
{ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ْ} أي: وهى وضعف، وإذا ضعف العظم، الذي هو عماد البدن، ضعف غيره، { وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا ْ} لأن الشيب دليل الضعف والكبر، ورسول الموت ورائده، ونذيره، فتوسل إلى الله تعالى بضعفه وعجزه، وهذا من أحب الوسائل إلى الله، لأنه يدل على التبري من الحول والقوة، وتعلق القلب بحول الله وقوته. { وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ْ} أي: لم تكن يا رب تردني خائبا ولا محروما من الإجابة، بل لم تزل بي حفيا ولدعائي مجيبا، ولم تزل ألطافك تتوالى علي، وإحسانك واصلا إلي، وهذا توسل إلى الله بإنعامه عليه، وإجابة دعواته السابقة، فسأل الذي أحسن سابقا، أن يتمم إحسانه لاحقا.
(ربّ) منادى مضاف حذفت منه أداة النداء، منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل ياء المتكلّم المحذوفة للتخفيف- أصله ربّي- و (الياء) المحذوفة مضاف إليه
(منّي) متعلّق بحال من العظم
(الواو) عاطفة في الموضعين
(شيبا) تمييز محوّل عن الفاعل منصوبـ (بدعائك) متعلّق بـ (شقيّا) ، وقد أضيف المصدر دعاء إلى المفعول أي
(بدعائي إيّاك) ،
(شقيّا) خبر أكن منصوب.
جملة: «قال ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «النداء وجوابها ... » في محلّ نصب مقول القول.وجملة: «إنّي وهن العظم ... » لا محلّ لها جواب النداء وجملة: «وهن العظم ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «اشتعل الرأس ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة وهن العظم .
وجملة: «لم أكن.. شقيّا» لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة: «النداء: ربّ
(الثانية) ... » لا محلّ لها اعتراضيّة.
5-
(الواو) عاطفة
(من ورائي) متعلّق بحال من الموالي ،
(الواو) حاليّة قبل كانت
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(هب) فعل أمر دعائيّ، والفاعل أنت
(لي) متعلّق بـ (هب) ،
(من لدنك) متعلّق بـ (هب) ،
(وليّا) مفعول به منصوب.
وجملة: «إنّي خفت ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: «خفت الموالي ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «كانت امرأتي عاقرا» في محلّ نصب حال بتقدير
(قد) .
وجملة: «هب لي ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن كان هذا حالي فهب لي.
6-
(النون) للوقاية في(يرثني) ،
(من آل) متعلّق بـ (يرث) ،
(رضيّا) مفعول به ثان منصوب.
وجملة: «يرثني ... » في محلّ نصب نعت لـ (وليّا) .
وجملة: «يرث من آل يعقوب ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة يرثني.وجملة: «النداء: ربّ
(الثالثة) » لا محلّ لها اعتراضيّة لتأكيد الاسترحام.
- القرآن الكريم - مريم١٩ :٤
Maryam19:4