الرسم العثمانيوَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ۖ لَهُۥ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ ۚ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا
الـرسـم الإمـلائـيوَمَا نَتَنَزَّلُ اِلَّا بِاَمۡرِ رَبِّكَ ۚ لَهٗ مَا بَيۡنَ اَيۡدِيۡنَا وَمَا خَلۡفَنَا وَمَا بَيۡنَ ذٰ لِكَ ۚ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا
تفسير ميسر:
وقل - يا جبريل - لمحمد; وما نتنزل - نحن الملائكة - من السماء إلى الأرض إلا بأمر ربك لنا، له ما بين أيدينا مما يستقبل من أمر الآخرة، وما خلفنا مما مضى من الدنيا، وما بين الدنيا والآخرة، فله الأمر كله في الزمان والمكان، وما كان ربك ناسيًا لشيء من الأشياء.
قال الإمام أحمد; حدثنا يعلى ووكيع قالا حدثنا عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبرائيل " ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟ " قال فنزلت "وما نتنزل إلا بأمر ربك" إلى آخر الآية. انفرد بإخراجه البخاري فرواه عند تفسير هذه الآية عن أبي نعيم عن عمر بن ذر به ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث عمر بن ذر به وعندهما زيادة في آخر الحديث فكان ذلك الجواب لمحمد صلى الله عليه وسلم وقال العوفي عن ابن عباس احتبس جبرائيل جبرائيل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك وحزن فأتاه جبرائيل وقال يا محمد "وما نتنزل إلا بأمر ربك" الآية. وقال مجاهد لبث جبرائيل عن محمد صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة ليلة ويقولون أقل فلما جاءه قال يا جبرائيل لقد رثت علي حتى ظن المشركون كل ظن " فنزلت "وما نتنزل إلا بأمر ربك" الآية قال وهذه الآية كالتي في الضحى وكذلك قال الضحاك بن مزاحم وقتادة والسدي وغير واحد أنها نزلت في احتباس جبرائيل وقال الحكم بن أبان عن عكرمة قال أبطأ جبرائيل النزول على النبي صلى الله عليه وسلم أربعين يوما ثم نزل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " ما نزلت حتى اشتقت إليك " فقال له جبريل بل أنا كنت إليك أشوق ولكني مأمور فأوحى الله إلى جبرائيل أن قل له "وما نتنزل إلا بأمر ربك" الآية رواه ابن أبي حاتم رحمه الله وهو غريب وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مجاهد قال أبطأت الرسل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم أتاه جبريل فقال له " ما حبسك يا جبريل؟ " فقال له جبريل وكيف نأتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم ولا تنقون براجمكم ولا تأخذون شواربكم ولا تستاكون؟ ثم قرأ "وما نتنزل إلا بأمر ربك" إلى آخر الآية. وقد قال الطبراني حدثنا أبو عامر النحوي حدثنا محمد بن إبراهيم الصوري حدثنا سليمان بن عبدالرحمن الدمشقي حدثنا إسماعيل بن عياش أخبرني ثعلبة بن مسلم عن أبي كعب مولى ابن عباس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم; أن جبرائيل أبطأ عليه فذكر له ذلك فقال وكيف وأنتم لا تستنون ولا تقلمون أظفاركم ولا تقصون شواربكم ولا تنقون براجمكم؟ وهكذا رواه الإمام أحمد عن أبي اليمان عن إسماعيل بن عياش عن ابن عباس بنحوه وقال الإمام أحمد حدثنا سيار حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا المغيرة بن حبيب عن مالك بن دينار حدثني شيخ من أهل المدينة عن أم سلمة قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " أصلحي لنا المجلس فإنه ينزل ملك إلى الأرض لم ينزل إليها قط " وقوله "له ما بين أيدينا وما خلفنا" قيل المراد ما بين أيدينا أمر الدنيا وما خلفنا أمر الآخرة "وما بين ذلك" ما بين النفختين هذا قول أبي العالية وعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة في رواية عنهما والسدي والربيع بن أنس وقيل "ما بين أيدينا" ما يستقبل من أمر الآخرة "وما خلفنا" أي ما مضى من الدنيا "وما بين ذلك" أي ما بين الدنيا والآخرة ويروى نحوه عن ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة وابن جريج والثوري واختاره ابن جرير أيضا والله أعلم. وقوله "وما كان ربك نسيا" قال مجاهد والسدي; معناه ما نسيك ربك وقد تقدم عنه أن هذه الآية كقوله "والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى" وقال ابن أبي حاتم حدثنا يزيد بن محمد بن عبدالصمد الدمشقي حدثنا محمد بن عثمان يعني أبا الجماهر حدثنا إسماعيل بن عياش حدثنا عاصم بن رجاء بن حيرة عن أبيه عن أبي الدرداء يرفعه قال " ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرمه فهو حرام وما سكت عنه فهو عافية فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئا " ثم تلا هذه الآية "وما كان ربك نسيا".
قوله ; وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسياروى الترمذي عن ابن عباس قال ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجبريل ; ما منعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا قال ; فنزلت هذه الآية وما نتنزل إلا بأمر ربك إلى آخر الآية . قال هذا حديث حسن غريب ورواه البخاري ; حدثنا خلاد بن يحيى حدثنا عمر بن ذر قال ; سمعت أبي يحدث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لجبريل ; ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا فنزلت وما نتنزل إلا بأمر ربك الآية ؛ قال كان هذا الجواب لمحمد - صلى الله عليه وسلم - .وقال مجاهد أبطأ الملك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أتاه فقال ; ما الذي أبطأك قال ; كيف نأتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم ولا تأخذون من شواربكم ، ولا تنقون رواجبكم ، ولا تستاكون ؛ قال مجاهد ; فنزلت الآية في هذا وقال مجاهد أيضا وقتادة وعكرمة والضحاك ومقاتل والكلبي احتبس جبريل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سأله قومه عن قصة أصحاب الكهف وذي القرنين والروح ، ولم يدر ما يجيبهم ورجا أن يأتيه جبريل بجواب ما سألوه عنه ، قال عكرمة ; فأبطأ عليه أربعين يوما ، وقال مجاهد ; اثنتي عشرة ليلة ، وقيل ; خمسة عشر يوما ، وقيل ; ثلاثة عشر ، وقيل ; ثلاثة أيام ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أبطأت علي حتى ساء ظني واشتقت إليك فقال جبريل - عليه السلام - ; إني كنت أشوق ولكني عبد مأمور إذا بعثت نزلت وإذا حبست احتبست فنزلت الآية وما نتنزل إلا بأمر ربك وأنزل والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ذكره الثعلبي والواحدي والقشيري وغيرهم وقيل هو إخبار من [ ص; 53 ] أهل الجنة أنهم يقولون عند دخولها ، وما نتنزل هذه الجنان إلا بأمر ربك ، وعلى هذا تكون الآية متصلة بما قبل ، وعلى ما ذكرنا من الأقوال قبل ; تكون غير متصلة بما قبلها والقرآن سور ثم السور تشتمل على جمل ، وقد تنفصل جملة عن جملة وما نتنزل أي قال الله تعالى قل يا جبريل ; وما نتنزل إلا بأمر ربك وهذا يحتمل وجهين ; أحدهما ; إنا إذا أمرنا نزلنا عليك . الثاني ; إذا أمرك ربك نزلنا عليك فيكون الأمر على الأول متوجها إلى النزول ، وعلى الوجه الثاني متوجها إلى التنزيل .وقوله تعالى ; له أي لله ما بين أيدينا أي علم ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك قال ابن عباس وابن جريج ; ما مضى أمامنا من أمر الدنيا ، وما يكون بعدنا من أمرها وأمر الآخرة وما بين ذلك من البرزخ . وقال قتادة ومقاتل ; له ما بين أيدينا من أمر الآخرة وما خلفنا ما مضى من الدنيا وما بين ذلك ما بين النفختين وبينهما أربعون سنة . الأخفش ; ما بين أيدينا ما كان قبل أن نخلق وما خلفنا ما يكون بعد أن نموت وما بين ذلك ما يكون منذ خلقنا إلى أن نموت . وقيل ; ما بين أيدينا من الثواب والعقاب وأمور الآخرة وما خلفنا ما مضى من أعمالنا في الدنيا وما بين ذلك أي ما يكون من هذا الوقت إلى يوم القيامة ويحتمل خامسا ما بين أيدينا السماء وما خلفنا الأرض وما بين ذلك أي ما بين السماء والأرض وقال ابن عباس في رواية له ما بين أيدينا يريد الدنيا إلى الأرض وما خلفنا يريد السماوات - وهذا على عكس ما قبله - وما بين ذلك يريد الهواء ، ذكر الأول الماوردي والثاني القشيري الزمخشري ; وقيل ما مضى من أعمارنا وما غبر منها والحال التي نحن فيها ولم يقل ما بين ذينك لأن المراد ما بين ما ذكرنا كما قال لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك أي بين ما ذكرنا وما كان ربك نسيا أي ناسيا إذا شاء أن يرسل إليك أرسل ، وقيل ; المعنى لم ينسك وإن تأخر عنك الوحي وقيل المعنى أنه عالم بجميع الأشياء متقدمها ومتأخرها ولا ينسى شيئا منها .
ذُكر أن هذه الآية نـزلت من أجل استبطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم جبرائيل بالوحي، وقد ذكرت بعض الرواية ، ونذكر إن شاء الله باقي ما حضرنا ذكره مما لم نذكر قبل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا أبو كريب، قال; ثنا عبد الله، قال ; ثنا عبد الله بن أبان العجلي، وقبيصة ووكيع; وحدثنا سفيان بن وكيع قال; ثنا أبي، جميعا عن عمر بن ذرّ، قال; سمعت أبي يذكر عن سعيد بن جيبر، عن ابن عباس، أن محمدا قال لجبرائيل; " ما يَمْنَعُكَ أنْ تَزُورَنا أكْثرَ مِمَّا تَزُورُنا " فنـزلت هذه الآية ( وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) قال; هذا الجواب لمحمد صلى الله عليه وسلم.حدثني محمد بن معمر، قال; ثنا عبد الملك بن عمرو، قال; ثنا عمر بن ذرّ ، قال; ثني أبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لجبرائيل; مَا يَمْنَعُكَ أنْ تَزُورَنا أكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا؟ فنـزلت ( وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ ) ".حدثني محمد بن سعد ، قال; ثني أبي، قال ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ) إلى (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) قال; احتبس جبرائيل عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك وحزن، فأتاه جبرائيل فقال ; يا محمد ( وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ).حدثنا الحسن بن يحيى، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة، قال; لبث جبرائيل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكأن النبي استبطأه، فلما أتاه قال له جبرائيل ( وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ ).... الآية.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا ) قال; هذا قول جبرائيل، احتبس جبرائيل في بعض الوحي، فقال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم; " ما جئْتَ حتى اشْتَقْتُ إلَيْك فقال له جبرائيل; ( وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا ) ".حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تبارك وتعالى ( وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ ) قال; قول الملائكة حين استراثهم محمد صلى الله عليه وسلم، كالتي في الضحى.حدثنا القاسم، قال ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال; لبث جبرائيل عن محمد اثنتي عشرة ليلة، ويقولون; قُلي، فلما جاءه قال; أيْ جَبْرائِيلُ لَقَدْ رِثْتَ عَلَيَّ حتى لَقَدْ ظَنَّ المُشْرِكُونَ كُلَّ ظَنّ فنـزلت ( وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ).حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ، يقول; ثنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; ( وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ ) احتبس عن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم حتى تكلم المشركون في ذلك، واشتدّ ذلك على نبيّ الله، فأتاه جبرائيل، فقال; اشتدّ عليك احتباسنا عنك، وتكلم في ذلك المشركون، وإنما أنا عبد الله ورسوله، إذا أمرني بأمر أطعته ( وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ ) يقول; بقول ربك.ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله; ( لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ) فقال بعضهم; يعني بقوله ( مَا بَيْنَ أَيْدِينَا ) من الدنيا، وبقوله ( وَمَا خَلْفَنَا) الآخرة (وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ) النفختين.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن حميد، قال; ثنا حكام، عن أبي جعفر، عن الربيع ( لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا ) يعني الدنيا( وَمَا خَلْفَنَا) الآخرة (وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ) النفختين.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، قال ( مَا بَيْنَ أَيْدِينَا) مِنَ الدُّنْيَا(وَمَا خَلْفَنَا ) من أمر الآخرة ( وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ) ما بين النفختين.وقال آخرون ( مَا بَيْنَ أَيْدِينَا) الآخرة (وَمَا خَلْفَنَا) الدنيا(وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ) ما بين الدنيا والآخرة.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( بَيْنَ أَيْدِينَا) الآخرة (وَمَا خَلْفَنَا ) من الدنيا.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد ، عن قتادة ( لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا ) من أمر الآخرة ( وَمَا خَلْفَنَا ) من أمر الدنيا( وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ) ما بين الدنيا والآخرة ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ).حدثنا الحسن بن يحيى، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة ( لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا ) مِنَ الآخِرَةِ( وَمَا خَلْفَنَا) مِنَ الدُّنْيَا(وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ) ما بين النفختين.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; أخبرنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله ( مَا بَيْنَ أَيْدِينَا) مِنَ الآخِرَةِ(وَمَا خَلْفَنَا ) من الدنيا.وقال آخرون في ذلك بما حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج ( مَا بَيْنَ أَيْدِينَا ) قال; ما مضى أمامنا من الدنيا( وَمَا خَلْفَنَا ) ما يكون بعدنا من الدنيا والآخرة ( وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ) قال; ما بين ما مضى أمامهم، وبين ما يكون بعدهم.وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يتأوّل ذلك له ( مَا بَيْنَ أَيْدِينَا ) قبل أن نخلق ( وَمَا خَلْفَنَا ) بعد الفناء ( وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ) حين كنا.قال أبو جعفر; وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال; معناه; له ما بين أيدينا من أمر الآخرة، لأن ذلك لم يجئ وهو جاء، فهو بين أيديهم، فإن الأغلب في استعمال الناس إذا قالوا ; هذا الأمر بين يديك، أنهم يعنون به ما لم يجئ، وأنه جاء، فلذلك قلنا; ذلك أولى بالصواب. وما خلفنا من أمر الدنيا، وذلك ما قد خلفوه فمضى، فصار خلفهم بتخليفهم إياه، وكذلك تقول العرب لما قد جاوزه المرء وخلفه هو خلفه، ووراءه وما بين ذلك; ما بين ما لم يمض من أمر الدنيا إلى الآخرة، لأن ذلك هو الذي بين ذَينك الوقتين.وإنما قلنا; ذلك أولى التأويلات به، لأن ذلك هو الظاهر الأغلب، وإنما يحمل تأويل القرآن على الأغلب من معانيه، ما لم يمنع من ذلك ما يجب التسليم له. فتأمل الكلام إذن; فلا تستبطئنا يا محمد في تخلفنا عنك، فإنا لا نتنـزل من السماء إلى الأرض إلا بأمر ربك لنا بالنـزول إليها، لله ما هو حادث من أمور الآخرة التي لم تأت وهي آتية، وما قد مضى فخلفناه من أمر الدنيا، وما بين وقتنا هذا إلى قيام الساعة ، بيده ذلك كله، وهو مالكه ومصرّفه، لا يملك ذلك غيره، فليس لنا أن نحدث في سلطانه أمرا إلا بأمره إيانا به ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) يقول; ولم يكن ربك ذا نسيان، فيتأخر نـزولي إليك بنسيانه إياك بل هو الذي لا يعزب عنه شيء في السماء ولا في الأرض فتبارك وتعالى ولكنه أعلم بما يدبر ويقضي في خلقه. جلّ ثناؤه.وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) ما نسيك ربك.
استبطأ النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام مرة في نزوله إليه فقال له: \" لو تأتينا أكثر مما تأتينا \" -تشوقا إليه، وتوحشا لفراقه، وليطمئن قلبه بنزوله- فأنزل الله تعالى على لسان جبريل: { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ } أي: ليس لنا من الأمر شيء، إن أمرنا، ابتدرنا أمره، ولم نعص له أمرا، كما قال عنهم: { لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } فنحن عبيد مأمورون، { لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ } أي: له الأمور الماضية والمستقبلة والحاضرة، في الزمان والمكان، فإذا تبين أن الأمر كله لله، وأننا عبيد مدبرون، فيبقى الأمر دائرا بين: \" هل تقتضيه الحكمة الإلهية فينفذه؟ أم لا تقتضيه فيؤخره \" ؟ ولهذا قال: { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا } أي: لم يكن لينساك ويهملك، كما قال تعالى: { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى } بل لم يزل معتنيا بأمورك، مجريا لك على أحسن عوائده الجميلة، وتدابيره الجميلة. أي: فإذا تأخر نزولنا عن الوقت المعتاد، فلا يحزنك ذلك ولا يهمك، واعلم أن الله هو الذي أراد ذلك، لما له من الحكمة فيه.
(الواو) استئنافيّة
(ما) نافية، وفاعلـ (نتنزّل) نحن للتعظيم يعود على جبريل ،
(إلّا) أداة حصر
(بأمر) متعلّق بـ (نتنزّل) ،
(له) متعلّق بمحذوف خبر مقدّم، والموصول مبتدأ مؤخّر
(بين) ظرف منصوب متعلّق بمحذوف صلة ما، والموصول الثاني معطوف على الأولـ (خلفنا) ظرف منصوب متعلّق بمحذوف صلة ما الثاني والموصول الثالث معطوف على الأول في محلّ رفع
(بين) مثل الأول متعلّق بصلة ما الثالث
(ما) نافية.
جملة: «ما نتنزّل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.وجملة: «له ما بين ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «ما كان ربّك نسيّا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ما نتنزّل..
65-
(ربّ) بدل من ربّك الثاني مرفوع ،
(ما) موصول في محلّ جرّ معطوف على السموات بالواو (بينهما) مثل الأولـ (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(لعبادته) متعلّق بـ (اصطبر) ،
(هل) حرف استفهام
(له) متعلّق بحال من(سميّا) ،
(سميّا) مفعول به منصوب.
وجملة: «اعبده ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن عرفت ربوبيّته فاعبده.
وجملة: «اصطبر ... » في محلّ جزم معطوفة على جملة اعبده.
وجملة: «تعلم ... » لا محلّ لها استئنافيّة مؤكدة للربوبيّة.
- القرآن الكريم - مريم١٩ :٦٤
Maryam19:64