الرسم العثمانيقَالَ بَلْ أَلْقُوا ۖ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعٰى
الـرسـم الإمـلائـيقَالَ بَلۡ اَلۡقُوۡاۚ فَاِذَا حِبَالُهُمۡ وَعِصِيُّهُمۡ يُخَيَّلُ اِلَيۡهِ مِنۡ سِحۡرِهِمۡ اَنَّهَا تَسۡعٰى
تفسير ميسر:
قال لهم موسى; بل ألقُوا أنتم ما معكم أولا فألقَوا حبالهم وعصيَّهم، فتخيل موسى مِن قوة سحرهم أنها حيات تسعى، فشعر موسى في نفسه بالخوف.
" قال بل ألقوا" أي أنتم أولا لنرى ماذا تصنعون من السحر وليظهر للناس جلية أمرهم" فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى" وفي الآية الأخرى أنهم لما ألقوا" قالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون" وقال تعالى" سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم" وقال ههنا" فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى" وذلك أنهم أودعوها من الزئبق ما كانت تتتحرك بسببه وتضطرب وتميد بحيث يخيل للناظر أنها تسعى باختيارها وإنما كانت حيلة وكانوا جما غفيرا وجمعا كثيرا فألقى كل منهم عصا وحبلا حتى صار الوادى ملآن حيات يركب بعضها بعضا.
قال بل ألقوا فإذا حبالهم في الكلام حذف ، أي فألقوا ؛ دل عليه المعنى . وقرأ الحسن ( وعصيهم ) بضم العين . قال هارون القارئ ; لغة بني تميم ( وعصيهم ) وبها يأخذ الحسن . الباقون بالكسر اتباعا لكسرة الصاد . ونحوه دلي ودلي وقسي وقسي . يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى وقرأ ابن عباس وأبو حيوة وابن ذكوان وروح عن يعقوب ( تخيل ) بالتاء ؛ وردوه إلى العصي والحبال إذ هي مؤنثة . وذلك أنهم لطخوا العصي بالزئبق ، فلما أصابها حر الشمس ارتهشت واهتزت . قال الكلبي ; خيل إلى موسى أن الأرض حيات وأنها تسعى على بطنها . وقرئ ( تخيل ) بمعنى تتخيل وطريقه طريق ( تخيل ) ومن قرأ يخيل بالياء رده إلى الكيد . وقرئ ( نخيل ) بالنون على أن الله هو المخيل للمحنة والابتلاء . وقيل ; الفاعل أنها تسعى ف ( أن ) في موضع رفع ؛ أي يخيل إليه سعيها ؛ قاله الزجاج . وزعم الفراء أن موضعها موضع نصب ؛ أي بأنها ثم حذف الباء . والمعنى في الوجه الأول ; تشبه إليه من سحرهم وكيدهم حتى ظن أنها تسعى . وقال الزجاج ومن قرأ بالتاء جعل ( أن ) في موضع نصب أي تخيل إليه ذات سعي ، قال ; ويجوز أن تكون في موضع رفع بدلا من الضمير في ( تخيل ) وهو عائد على الحبال والعصي ، والبدل فيه بدل اشتمال . وتسعى معناه تمشي .
القول في تأويل قوله تعالى ; قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65)يقول تعالى ذكره; فأجمعت السحرة كيدهم، ثم أتوا صفا فقالوا لموسى ( يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ) وترك ذكر ذلك من الكلام اكتفاء بدلالة الكلام عليه.واختلف في مبلغ عدد السحرة الذين أتوا يومئذ صفا، فقال بعضهم; كانوا سبعين ألف ساحر، مع كل ساحر منهم حبل وعصا.* ذكر من قال ذلك;حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال; ثنا ابن علية، عن هشام الدستوائي، قال; ثنا القاسم بن أبي بزّة، قال; جمع فرعون سبعين ألف ساحر، فألقوا سبعين ألف حبل، وسبعين ألف عصا، فألقى موسى عصاه، فإذا هي ثعبان مبين فاغر به فاه، فابتلع حبالهم وعصيهم فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا عند ذلك، فما رفعوا رءوسهم حتى رأوا الجنة والنار وثواب أهلهما، فعند ذلك قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ .وقال آخرون; بل كانوا نيفا وثلاثين ألف رجل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا موسى، قال; ثنا عمرو، قال; ثنا أسباط، عن السديّ، قال; (قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا) ، فألقوا حبالهم وعصيهم، وكانوا بضعة وثلاثين ألف رجل ليس منهم رجل إلا ومعه حبل وعصا.وقال آخرون بل كانوا خمسة عشر ألفا.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن حميد، قال; ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال; حدثت عن وهب بن منبه، قال; صف خمسة عشر ألف ساحر، مع كل ساحر حباله وعصيه.وقال آخرون; كانوا تسع مئة.* ذكر من قال ذلك;حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال; كان السحرة ثلاث مئة من العريش، وثلاث مئة من فيوم، ويشكون في ثلاث مئة من الإسكندرية، فقالوا لموسى; إما أن تلقي ما معك قبلنا، وإما أن نلقي ما معنا قبلك، وذلك لقوله ( وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ) وأن في قوله (إمَّا أنْ ) في موضع نصب، وذلك أن معنى الكلام; اختر يا موسى أحد هذين الأمرين; إما أن تلقي قبلنا، وإما أن نكون أوّل من ألقى، ولو قال قائل; هو رفع، كان مذهبا، كأنه وجَّهه إلى أنه خبر، كقول القائل;فَسِــيرَا فإمَّــا حاجَـةً تَقْضِيانهـاوإمَّــا مَقِيــل صَــالِحٌ وصَـدِيقُ (1)---------------الهوامش;(1) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( مصورة الجامعة ، الورقة 198) قال ; وقوله " إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى " . . أن وأن ; في موضع نصب ، والمعنى ; اختر إحدى هاتين ؛ ولو رفع إذ لم يظهر الفعل ، كان صوابا ، كأنه خبر ، كقول الشاعر ; فسيرا . . . البيت " . ولو رفع " فإما منا بعد وإما فداء " كان أيضا صوابا . ومذهبه كمذهب قوله ; " فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " والنصب في قوله " إما أن تلقي " وفي قوله " فإما منا بعد وإما فداء " ; أجود من الرفع ، لأنه شيء ليس بعام ، مثل ما ترى من معنى قوله " فإمساك " و " فصيام ثلاثة أيام " لما كان المعنى يعم الناس في الإمساك بالمعروف في صيام الثلاثة الأيام في كفارة اليمين ، كان الجزاء ، فرفع لذلك ، والاختيار إنما هي فعلة واحدة .
فقال لهم موسى: { بَلْ أَلْقُوا } فألقوا حبالهم وعصيهم، { فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ } أي: إلى موسى { مِنْ سِحْرِهِمْ } البليغ { أَنَّهَا تَسْعَى } أي: أنها حيات تسعى فلما خيل إلى موسى ذلك.
(بل) للإضراب الانتقاليّ
(الفاء) عاطفة
(إذا) فجائيّة
(حبالهم) مبتدأ مرفوع
(يخيّل) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع،
(إليه) متعلّق بـ (يخيّل) ،
(من سحرهم) متعلّق بـ (يخيّل) و (من) سببيّة .
والمصدر المؤوّلـ (أنّها تسعى..) في محلّ رفع نائب الفاعل .
وجملة: «قال ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ألقوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة ومقول القول مقدّر أي: قال لا ألقي أوّلا بل ألقوا.
وجملة: «حبالهم ... يخيّل» لا محلّ لها معطوفة على مقدّر مستأنف أي فألقوا فإذا حبالهم ...وجملة: «يخيّل ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ حبالهم.
وجملة: «تسعى ... » في محلّ رفع خبر أنّ.
67-
(الفاء) عاطفة في نفسه
(متعلّق) بـ (أوجس) ،
(خيفة) مفعول به منصوب.
وجملة: «أوجس ... موسى» لا محلّ لها معطوفة على جملة حبالهم..
يخيّل.
- القرآن الكريم - طه٢٠ :٦٦
Taha20:66