الرسم العثمانيوَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا ءَاخَرِينَ
الـرسـم الإمـلائـيوَكَمۡ قَصَمۡنَا مِنۡ قَرۡيَةٍ كَانَتۡ ظَالِمَةً وَّاَنۡشَاۡنَا بَعۡدَهَا قَوۡمًا اٰخَرِيۡنَ
تفسير ميسر:
وكثير من القرى كان أهلها ظالمين بكفرهم بما جاءتهم به رسلهم، فأهلكناهم بعذاب أبادهم جميعًا، وأوجدنا بعدهم قومًا آخرين سواهم.
وقوله " وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة " هذه صيغة تكثير كما قال " وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح " وقال تعالى " وكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها " الآية. وقوله " وأنشأنا بعدها قوما آخرين " أي أمة أخرى بعدهم.
قوله تعالى ; وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة يريد مدائن كانت باليمن . وقال أهل التفسير والأخبار ; إنه أراد أهل حضور وكان بعث إليهم نبي اسمه شعيب بن ذي مهدم ، وقبر [ ص; 184 ] شعيب هذا باليمن بجبل يقال له ضنن كثير الثلج ، وليس بشعيب صاحب مدين ؛ لأن قصة حضور قبل مدة عيسى - عليه السلام - ، وبعد مئين من السنين من مدة سليمان - عليه السلام - ، وأنهم قتلوا نبيهم وقتل أصحاب الرس في ذلك التاريخ نبيا لهم اسمه حنظلة بن صفوان ، وكانت حضور بأرض الحجاز من ناحية الشام ، فأوحى الله إلى أرميا أن ايت بختنصر فأعلمه أني قد سلطته على أرض العرب ، وأني منتقم بك منهم ، وأوحى الله إلى أرميا أن احمل معد بن عدنان على البراق إلى أرض العراق ؛ كي لا تصيبه النقمة والبلاء معهم ، فإني مستخرج من صلبه نبيا في آخر الزمان اسمه محمد ، فحمل معدا وهو ابن اثنتا عشرة سنة ، فكان مع بني إسرائيل إلى أن كبر وتزوج امرأة اسمها معانة ؛ ثم إن بختنصر نهض بالجيوش ، وكمن للعرب في مكان - وهو أول من اتخذ المكامن فيما ذكروا - ثم شن الغارات على حضور فقتل وسبى وخرب العامر ، ولم يترك بحضور أثرا ، ثم انصرف راجعا إلى السواد . وكم في موضع نصب ب ( قصمنا ) . والقصم الكسر ؛ يقال ; قصمت ظهر فلان وانقصمت سنه إذا انكسرت والمعني به هاهنا الإهلاك . وأما الفصم ( بالفاء ) فهو الصدع في الشيء من غير بينونة ؛ قال الشاعر ;كأنه دملج من فضة نبه في ملعب من عذارى الحي مفصومومنه الحديث فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا . وقوله ; كانت ظالمة أي كافرة ؛ يعني أهلها . والظلم وضع الشيء في غير موضعه ، وهم وضعوا الكفر موضع الإيمان . وأنشأنا أي أوجدنا وأحدثنا بعد إهلاكهم قوما آخرين
يقول تعالى ذكره; وكثيرا قصمنا من قرية، والقصم; أصله الكسر، يقال منه; قصمت ظهر فلان إذا كسرته، وانقصمت سنه; إذا انكسرت ، وهو هاهنا معني به أهلكنا، وكذلك تأوّله أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( وَكَمْ قَصَمْنَا ) قال; أهلكنا.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله ( وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ ) قال; أهلكناها ، قال ابن جُرَيج; قصمنا من قرية، قال; باليمن قصمنا، بالسيف أهلكوا.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد في قول الله ( قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ ) قال; قصمها أهلكها.وقوله ( مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً ) أجرى الكلام على القرية، والمراد بها أهلها لمعرفة السامعين بمعناه، وكأن ظلمها كفرها بالله وتكذيبها رسله، وقوله ( وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ ) يقول تعالى ذكره; وأحدثنا بعد ما أهلكنا هؤلاء الظلمة من أهل هذه القرية التي قصمناها بظلمها قوما آخرين سواهم.
يقول تعالى - محذرا لهؤلاء الظالمين، المكذبين للرسول، بما فعل بالأمم المكذبة لغيره من الرسل - { وَكَمْ قَصَمْنَا ْ} أي: أهلكنا بعذاب مستأصل { مِنْ قَرْيَةٍ ْ} تلفت عن آخرها { وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ ْ}
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الأنبياء٢١ :١١
Al-Anbiya'21:11