مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَالْءَاخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَآءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُۥ مَا يَغِيظُ
مَنۡ كَانَ يَظُنُّ اَنۡ لَّنۡ يَّـنۡصُرَهُ اللّٰهُ فِى الدُّنۡيَا وَالۡاٰخِرَةِ فَلۡيَمۡدُدۡ بِسَبَبٍ اِلَى السَّمَآءِ ثُمَّ لۡيَـقۡطَعۡ فَلۡيَنۡظُرۡ هَلۡ يُذۡهِبَنَّ كَيۡدُهٗ مَا يَغِيۡظُ
تفسير ميسر:
من كان يعتقد أن الله تعالى لن يؤيد رسوله محمدًا بالنصر في الدنيا بإظهار دينه، وفي الآخرة بإعلاء درجته، وعذابِ مَن كذَّبه، فلْيَمدُدْ حبلا إلى سقف بيته وليخنق به نفسه، ثم ليقطع ذلك الحبل، ثم لينظر; هل يُذْهِبنَّ ذلك ما يجد في نفسه من الغيظ؟ فإن الله تعالى ناصرٌ نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم لا محالة.
قال ابن عباس من كان يظن أن لن ينصرَ اللهُ محمدًا "صلى الله عليه وعلى آله وسلم" في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب أي بحبل " إلى السماء " أي سماء بيته " ثم ليقطع " يقول ثم ليختنق به وكذا قال مجاهد وعكرمة وعطاء وأبو الجوزاء وقتادة وغيرهم وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم " فليمدد بسبب إلى السماء " أي ليتوصل إلى بلوغ السماء فإن النصر إنما يأتي محمدا من السماء " ثم ليقطع " ذلك عنه إن قدر على ذلك وقول ابن عباس وأصحابه أولى وأظهر في المعنى وأبلغ في التهكم فإن المعنى من كان يظن أن الله ليس بناصرٍ محمدا وكتابه ودينه فليذهب فليقتل نفسه إن كان ذلك غائظه فإن الله ناصره لا محاله قال الله تعالى;" إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد " الآية ولهذا قال; " فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ " قال السدي يعني من شأن محمد وقال عطاء الخراساني فلينظر هل يشفي ذلك ما يجد في صدره من الغيظ.
قوله تعالى ; من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء قال أبو جعفر النحاس ; من أحسن ما قيل فيها أن المعنى من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأنه يتهيأ له أن يقطع النصر الذي أوتيه . فليمدد بسبب إلى السماء أي فليطلب حيلة يصل بها إلى السماء . ثم ليقطع أي ثم ليقطع النصر إن تهيأ له فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ وحيلته ما يغيظه من نصر النبي - صلى الله عليه وسلم - . والفائدة في الكلام أنه إذا لم يتهيأ له الكيد والحيلة بأن يفعل مثل هذا لم يصل إلى قطع النصر . وكذا قال ابن عباس ; ( إن الكناية في ينصره الله ترجع إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وهو وإن لم يجر ذكره فجميع الكلام دال عليه ؛ لأن الإيمان هو الإيمان بالله وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، والانقلاب عن الدين انقلاب عن الدين الذي أتى به محمد - صلى الله عليه وسلم - ؛ أي من كان يظن ممن يعادي محمدا - صلى الله عليه وسلم - ومن يعبد الله على حرف أنا لا ننصر محمدا فليفعل كذا وكذا ) . وعن ابن عباس أيضا ( أن الهاء تعود على ( من ) والمعنى ; من كان يظن أن الله لا يرزقه فليختنق ، فليقتل نفسه ؛ إذ لا خير في حياة تخلو من عون الله ) . والنصر على هذا القول الرزق ؛ تقول العرب ; من ينصرني نصره الله ؛ أي من أعطاني أعطاه الله . ومن ذلك قول العرب ; أرض منصورة ؛ أي ممطورة . قال الفقعسي ;وإنك لا تعطي امرأ فوق حقه ولا ملك الشق الذي الغيث ناصرهوكذا روى ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال ; من كان يظن أن لن ينصره الله أي لن يرزقه . وهو قول أبي عبيدة . وقيل ; إن الهاء تعود على الدين ؛ والمعنى ; من كان يظن أن لن ينصر الله دينه . فليمدد بسبب أي بحبل . والسبب ما يتوصل به إلى الشيء . إلى السماء إلى سقف البيت . ابن زيد ; هي السماء المعروفة . وقرأ الكوفيون ثم ليقطع بإسكان اللام . قال النحاس ; وهذا بعيد في العربية ؛ ( لأن ) ثم ليست مثل الواو والفاء ، لأنها يوقف عليها وتنفرد . وفي قراءة عبد الله ( فليقطعه ثم لينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ ) . قيل ; ( ما ) بمعنى الذي ؛ أي هل يذهبن كيده الذي يغيظه ، فحذف الهاء ليكون أخف . وقيل ; ( ما ) بمعنى المصدر ؛ أي هل يذهبن كيده غيظه .
اختلف أهل التأويل في المعنيّ بالهاء التي في قوله; ( أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ ) .فقال بعضهم; عُنِي بها نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، فتأويله على قول بعض قائلي ذلك; من كان من الناس يحسب أن لن ينصر الله محمدا في الدنيا والآخرة، فليمدد بحبل، وهو السبب إلى السماء; يعني سماء البيت، وهو سقفه، ثم ليقطع السبب بعد الاختناق به، فلينظر هل يذهبن اختناقه ذلك، وقطعه السبب بعد الاختناق ما يغيظ، يقول; هل يذهبن ذلك ما يجد في صدره من الغيظ.* ذكر من قال ذلك;حدثنا نصر بن عليّ، قال; ثني أبي، قال; ثني خالد بن قيس، عن قَتادة; من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه ولا دينه ولا كتابه، ( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ ) يقول; بحبل إلى سماء البيت فليختنق به ( فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ) .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة; ( مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) قال; من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه صلى الله عليه وسلم، ( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ ) يقول; بحبل إلى سماء البيت، ( ثُمَّ لِيَقْطَعْ ) يقول; ثم ليختنق ثم لينظر هل يذهبنّ كيده ما يغيظ.حدثنا الحسن، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال أخبرنا معمر، عن قَتادة، بنحوه.وقال آخرون ممن قال; الهاء في ينصره من ذكر اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم السماء التي ذكرت في هذا الموضع، هي السماء المعروفة.قالوا; معنى الكلام ما حدثني به يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله; ( مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) فقرأ حتى بلغ ( هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ) قال; من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه صلى الله عليه وسلم، ويكابد هذا الأمر ليقطعه عنه ومنه; فليقطع ذلك من أصله من حيث يأتيه، فإن أصله في السماء، فليمدد بسبب إلى السماء، ثم ليقطع عن النبيّ صلى الله عليه وسلم الوحي الذي يأتيه من الله، فإنه لا يكايده حتى يقطع أصله عنه، فكايد ذلك حتى قطع أصله عنه.( فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ) ما دخلهم من ذلك، وغاظهم الله به من نصرة النبي صلى الله عليه وسلم، وما ينـزل عليه. وقال آخرون ممن قال " الهاء " التي في قوله; ( يَنْصُرَهُ) من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم; معنى النصر هاهنا الرزق، فعلى قول هؤلاء تأويل الكلام; من كان يظنّ أن لن يرزق الله محمدا في الدنيا، ولن يعطيه. وذكروا سماعا من العرب; من ينصرني نصره الله، بمعنى; من يعطيني أعطاه الله، وحكوا أيضا سماعا منهم; نصر المطر أرض كذا; إذا جادها وأحياها.واستشهد لذلك ببيت الفقعسيّ;وإنَّـكَ لا تُعْطِـي امْـرأً فَـوْقَ حَظِّـهِولا تَمْلِـكُ الشَّـقَّ الَّـذِي الغَيْثُ ناصِرُهُ (2)* ذكر من قال ذلك;حدثني أبو كريب، قال; ثنا ابن عطية، قال; ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن التميمي، قال; قلت لابن عباس; أرأيت قوله ( مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ) قال; من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا، فليربط حبلا في سقف ثم ليختنق به حتى يموت.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا حكام عن عنبسة، عن أبي إسحاق الهمدانيّ، عن التميمي، قال; سألت ابن عباس، عن قوله; ( مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ ) قال; أن لن يرزقه الله في الدنيا والآخرة، ( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ) والسبب; الحَبْل، والسماء; سقف البيت، فليعلق حبلا في سماء البيت ثم ليختنق ( فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ) هذا الذي صنع ما يجد من الغيظ.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا حكام، عن عمرو بن مطرف، عن أبي إسحاق، عن رجل من بني تميم، عن ابن عباس، مثله.حدثنا محمد بن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن التميميّ، عن ابن عباس; ( مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ) قال; سماء البيت.حدثنا محمد بن المثنى، قال; ثنا أبو داود، قال; ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال; سمعت التميميّ، يقول; سألت ابن عباس، فذكر مثله.حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبى، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; ( مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) ... إلى قوله; ( مَا يَغِيظُ ) قال; السماء التي أمر الله أن يمد إليها بسبب سقف البيت أمر أن يمد إليه بحبل فيختنق به، قال; فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ إذا اختنق إن خشي أن لا ينصره الله!وقال آخرون; الهاء في ينصره من ذكر " مَنْ". وقالوا; معنى الكلام; من كان يظنّ أن لن يرزقه الله في الدنيا والآخرة، فليمدد بسبب إلى سماء البيت ثم ليختنق، فلينظر هل يذهبن فعله ذلك ما يغيظ، أنه لا يرزق!* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى; وحدثني الحارث (3) ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله ( أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ ) قال; يرزقه الله.( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ ) قال; بحبل ( إِلَى السَّمَاءِ ) سماء ما فوقك ( ثُمَّ لِيَقْطَعْ ) ليختنق، هل يذهبن كيده ذلك خنقه أن لا يرزق.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، في قوله ( مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ ) يرزقه الله ( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ) قال; بحبل إلى السماء.قال ابن جُرَيج، عن عطاء الخراسانيّ، عن ابن عباس، قال; ( إِلَى السَّمَاءِ ) إلى سماء البيت. قال ابن جُرَيج; وقال مجاهد; ( ثُمَّ لِيَقْطَعْ ) قال; ليختنق، وذلك كيده ( مَا يَغِيظُ ) قال; ذلك خنقه أن لا يرزقه الله.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; ثنا عبيد بن سليمان، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله ( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ ) يعني; بحبل ( إِلَى السَّمَاءِ ) يعني; سماء البيت.حدثني يعقوب، قال; ثنا ابن عطية، قال; أخبرنا أبو رجاء، قال; سُئل عكرِمة عن قوله; ( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ) قال; سماء البيت.( ثُمَّ لِيَقْطَعْ ) قال; يختنق.وأولى ذلك بالصواب عندي في تأويل ذلك قول من قال; الهاء من ذكر نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ودينه وذلك أن الله تعالى ذكره، ذكر قومًا يعبدونه على حرف وأنهم يطمئنون بالدين إن أصابوا خيرا في عبادتهم إياه، وأنهم يرتدّون عن دينهم لشدّة تصيبهم فيها، ثم أتبع ذلك هذه الآية، فمعلوم أنه إنما أتبعه إياها توبيخا لهم على ارتدادهم عن الدين، أو على شكهم فيه نفاقهم، استبطاء منهم السعة في العيش، أو السبوغ في الرزق. وإذا كان الواجب أن يكون ذلك عقيب الخبر عن نفاقهم، فمعنى الكلام إذن، إذ كان كذلك; من كان يحسب أن لن يرزق الله محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته في الدنيا، فيوسع عليهم من فضله فيها، ويرزقهم في الآخرة من سَني عطاياه وكرامته، استبطاء منه فعل الله ذلك به وبهم، فليمدد بحبل إلى سماء فوقه; إما سقف بيت، أو غيره مما يعلق به السبب من فوقه، ثم يختنق إذا اغتاظ من بعض ما قضى الله، فاستعجل انكشاف ذلك عنه، فلينظر هل يذهبنّ كيده اختناقه كذلك ما يغيظ، فإن لم يذهب ذلك غيظه؛ حتى يأتي الله بالفرج من عنده فيذهبه، فكذلك استعجاله نصر الله محمدا ودينه لن يُؤَخِّر ما قضى الله له من ذلك عن ميقاته، ولا يعجَّل قبل حينه، وقد ذكر أن هذه الآية نـزلت في أسد وغطفان، تباطئوا عن الإسلام، وقالوا; نخاف أن لا ينصر محمد صلى الله عليه وسلم، فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا من اليهود فلا يميروننا ولا يُرَوُّوننا، فقال الله تبارك وتعالى لهم; من استعجل من الله نصر محمد، فليمدد بسبب إلى السماء فليختنق فلينظر استعجاله بذلك في نفسه، هل هو مُذْهِبٌ غيظه؟ فكذلك استعجاله من الله نصر محمد غير مقدّم نصره قبل حينه.واختلف أهل العربية في " ما " التي في قوله; ( مَا يَغِيظُ ) فقال بعض نحوييِّ البصرة هي بمعنى الذي، وقال; معنى الكلام; هل يذهبنّ كيده الذي يغيظه، قال; وحذفت الهاء لأنها صلة الذي، لأنه إذا صارا جميعا اسما واحدا كان الحذف أخفّ. وقال غيره; بل هو مصدر لا حاجة به إلى الهاء، هل يذهبنّ كيده غيظه.------------------------الهوامش;(2) البيت للفقعسي ، كما قال المؤلف . والشاهد فيه قوله " الغيث ناصره " . قال في ( اللسان ; نصر ) قال أبو حنيفة الدينوري الناصر والناصرة ; ما جاء من مكان بعيد إلى الوادي ، فنصر السيول . ونصر البلاد ينصرها أتاها . عن ابن الأعرابي ، ونصرت أرض بني فلان أي أتيتها ، ونصر الغيث الأرض نصرا ; أغاثها وسقاها وأنبتها . قال ;مــن كـان أخطـأه الـربيع فإنمـانصـر الحجـاز بغيـث عبـد الواحدونصر الغيث البلد ; إذا أعانه على الخصب والنبات . وقال أبو عبيدة ; نصرت البلاد ; إذا مطرت فهي منصورة ; أي ممطورة . ونصر القوم ; إذا أغيثوا . وفي الحديث . " إن هذه السحابة تنصر أرض بني كعب " أي تمطرهم .(3) في السند اختصار لعله من الناسخ .
أي: من كان يظن أن الله لا ينصر رسوله، وأن دينه سيضمحل، فإن النصر من الله ينزل من السماء { فَلْيَمْدُدْ } ذلك الظان { بِسَبَبٍ } أي: حبل { إِلَى السَّمَاءِ } وليرقى إليها { ثُمَّ لِيَقْطَعْ } النصر النازل عليه من السماء { فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ } أي: ما يكيد به الرسول، ويعمله من محاربته، والحرص على إبطال دينه، ما يغيظه من ظهور دينه، وهذا استفهام بمعنى النفي [وأنه]، لا يقدر على شفاء غيظه بما يعمله من الأسباب. ومعنى هذه الآية الكريمة: يا أيها المعادي للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، الساعي في إطفاء دينه، الذي يظن بجهله، أن سعيه سيفيده شيئا، اعلم أنك مهما فعلت من الأسباب، وسعيت في كيد الرسول، فإن ذلك لا يذهب غيظك، ولا يشفي كمدك، فليس لك قدرة في ذلك، ولكن سنشير عليك برأي، تتمكن به من شفاء غيظك، ومن قطع النصر عن الرسول -إن كان ممكنا- ائت الأمر مع بابه، وارتق إليه بأسبابه، اعمد إلى حبل من ليف أو غيره، ثم علقه في السماء، ثم اصعد به حتى تصل إلى الأبواب التي ينزل منها النصر، فسدها وأغلقها واقطعها، فبهذه الحال تشفي غيظك، فهذا هو الرأي: والمكيدة، وأما ما سوى هذه الحال فلا يخطر ببالك أنك تشفي بها غيظك، ولو ساعدك من ساعدك من الخلق. وهذه الآية الكريمة، فيها من الوعد والبشارة بنصر الله لدينه ولرسوله وعباده المؤمنين ما لا يخفى، ومن تأييس الكافرين، الذين يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره، ولو كره الكافرون، أي: وسعوا مهما أمكنهم.
(من) اسم شرط مبتدأ
(كان) ماض ناقص في محلّ جزم فعل الشرط، واسمه ضمير يعود على من(أن) مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، وضمير الغائب في(ينصره) يعود على النبيّ صلى الله عليه وسلم لأنّ سياق الكلام يشير إلى ذلك
(في الدنيا) متعلّق بـ (ينصره) ،
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(اللام) لام الأمر، وفاعلـ (يمدد) يعود على اسم الشرط من،
(بسبب) متعلّق بـ (يمدد) والباء للتعدية ،
(إلى السماء) متعلّق بنعت لسببـ (ليقطع، لينظر) مثل ليمدد
(هل) حرف استفهام
(يذهبنّ) مضارع مبنيّ على الفتح في محلّ رفع.. و (النون) للتوكيد
(ما) موصول مفعول به عامله يذهبنّ..
جملة: «من كان ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كان يظنّ ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة: «يظنّ ... » في محلّ نصب خبر كان.
وجملة: «لن ينصره الله ... » في محلّ رفع خبر
(أن) المخفّفة العاملة.والمصدر المؤوّلـ (أن لن ينصره..) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي يظنّ.
وجملة: «ليمدد ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «ليقطع ... » في محلّ جزم معطوفة على جملة يمدد.
وجملة: «لينظر ... » في محلّ جزم معطوفة على جملة ليقطع.
وجملة: «هل يذهبنّ كيده ... » في محلّ نصب مفعول به عامله ينظر وقد تعلّق الفعل بسبب الاستفهام.
وجملة: «يغيظ ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .