الرسم العثمانيوَهُدُوٓا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوٓا إِلٰى صِرٰطِ الْحَمِيدِ
الـرسـم الإمـلائـيوَهُدُوۡۤا اِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الۡقَوۡلِ ۖۚ وَهُدُوۡۤا اِلٰى صِرَاطِ الۡحَمِيۡدِ
تفسير ميسر:
لقد هداهم الله في الدنيا إلى طيب القول; من كلمة التوحيد وحَمْد الله والثناء عليه، وفي الآخرة إلى حمده على حسن العاقبة، كما هداهم من قبل إلى طريق الإسلام المحمود الموصل إلى الجنة.
وقوله " وهدوا إلى الطيب من القول " كقوله تعالى " وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام " وقوله " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " وقوله " لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما " فهدوا إلى المكان الذي يسمعون فيه الكلام الطيب وقوله " ويلقون فيها تحية وسلاما " لا كما يهان أهل النار بالكلام الذي يوبخون به ويقرعون به يقال لهم " ذوقوا عذاب الحريق " وقوله " وهدوا إلى صراط الحميد " أي إلى المكان الذي يحمدون فيه ربهم على ما أحسن إليهم وأنعم به وأسداه إليهم كما جاء في الحديث الصحيح " إنهم يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس " وقد قال بعض المفسرين في قوله " وهدوا إلى الطيب من القول " أي القرآن وقيل لا إله إلا الله وقيل الأذكار المشروعة " وهدوا إلى صراط الحميد " أي الطريق المستقيم في الدنيا وكل هذا لا ينافي ما ذكرناه والله أعلم.
قوله تعالى ; وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميدقوله تعالى ; وهدوا إلى الطيب من القول أي أرشدوا إلى ذلك . قال ابن عباس ; يريد لا إله إلا الله والحمد لله . وقيل ; القرآن ، ثم قيل ; هذا في الدنيا ، هدوا إلى الشهادة ، وقراءة القرآن . وهدوا إلى صراط الحميد أي إلى صراط الله . وصراط الله ; دينه وهو الإسلام . وقيل ; هدوا في الآخرة إلى الطيب من القول ، وهو الحمد لله ؛ لأنهم يقولون غدا الحمد لله الذي هدانا لهذا ، الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ؛ فليس في الجنة لغو ولا كذب فما يقولونه فهو طيب القول . وقد هدوا في الجنة إلى صراط الله ، إذ ليس في الجنة شيء من مخالفة أمر الله . وقيل ; الطيب من القول ما يأتيهم من الله من البشارات الحسنة . وهدوا إلى صراط الحميد أي إلى طريق الجنة .
قوله; ( وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ) يقول تعالى ذكره; وهداهم ربهم في الدنيا إلى شهادة أن لا إله إلا الله.كما حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; ابن زيد، في قوله; ( وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ) قال; هدوا إلى الكلام الطيب; لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله ؛ قال الله; إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ .حدثنا عليّ، قال; ثنا عبد الله، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس; ( وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ) قال; ألهموا.وقوله; ( وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ) يقول جلّ ثناؤه; وهداهم ربهم في الدنيا إلى طريق الربّ الحميد، وطريقه; دينه دين الإسلام الذي شرعه لخلقه وأمرهم أن يسلكوه؛ والحميد; فعيل، صرّف من مفعول إليه، ومعناه; أنه محمود عند أوليائه من خلقه، ثم صرّف من محمود إلى حميد.
{ هُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ } الذي أفضله وأطيبه كلمة الإخلاص، ثم سائر الأقوال الطيبة التي فيها ذكر الله، أو إحسان إلى عباد الله، { وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ } أي: الصراط المحمود، وذلك، لأن جميع الشرع كله محتو على الحكمة والحمد، وحسن المأمور به، وقبح المنهي عنه، وهو الدين الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، المشتمل على العلم النافع والعمل الصالح. أو: وهدوا إلى صراط الله الحميد، لأن الله كثيرا ما يضيف الصراط إليه، لأنه يوصل صاحبه إلى الله، وفي ذكر { الحميد } هنا، ليبين أنهم نالوا الهداية بحمد ربهم ومنته عليهم، ولهذا يقولون في الجنة: { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ } واعترض تعالى بين هذه الآيات بذكر سجود المخلوقات له، جميع من في السماوات والأرض، والشمس، والقمر، والنجوم، والجبال، والشجر، والدواب، الذي يشمل الحيوانات كلها، وكثير من الناس، وهم المؤمنون، { وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ } أي: وجب وكتب، لكفره وعدم إيمانه، فلم يوفقه للإيمان، لأن الله أهانه، { وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ } ولا راد لما أراد، ولا معارض لمشيئته، فإذا كانت المخلوقات كلها ساجدة لربها، خاضعة لعظمته، مستكينة لعزته، عانية لسلطانه، دل على أنه وحده، الرب المعبود، والملك المحمود، وأن من عدل عنه إلى عبادة سواه، فقد ضل ضلالا بعيدا، وخسر خسرانا مبينا.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الحج٢٢ :٢٤
Al-Hajj22:24