الرسم العثمانيذٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ الْبٰطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ
الـرسـم الإمـلائـيذٰ لِكَ بِاَنَّ اللّٰهَ هُوَ الۡحَـقُّ وَاَنَّ مَا يَدۡعُوۡنَ مِنۡ دُوۡنِهٖ هُوَ الۡبَاطِلُ وَاَنَّ اللّٰهَ هُوَ الۡعَلِىُّ الۡكَبِيۡرُ
تفسير ميسر:
ذلك بأن الله هو الإله الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له، وأن ما يعبده المشركون من دونه من الأصنام والأنداد هو الباطل الذي لا ينفع ولا يضرُّ، وأن الله هو العليُّ على خلقه ذاتًا وقدرًا وقهرًا، المتعالي عن الأشباه والأنداد، الكبير في ذاته وأسمائه فهو أكبر من كلِّ شيء.
قال " ذلك بأن الله هو الحق " أي الإله الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له لأنه ذو السلطان العظيم الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وكل شيء إليه فقير ذليل لديه " وأن ما يدعون من دونه هو الباطل " أي من الأصنام والأنداد والأوثان وكل ما عُبِد من دونه تعالى فهو باطل لأنه لا يملك ضرا ولا نفعا وقوله " وأن الله هو العلي الكبير " كما قال هو العلي العظيم وقال وهو الكبير المتعال " فكل شيء تحت قهره وسلطانه وعظمته لا إله إلا هو ولا رب سواه لأنه العظيم الذي لا أعظم منه العلي الذي لا أعلى منه الكبير الذي لا أكبر منه تعالى وتقدس وتنزه وجل عما يقول الظالمون المعتدون علوا كبيرا.
قوله تعالى ; ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير ذلك بأن الله هو الحق أي ذو الحق ؛ فدينه الحق وعبادته حق . والمؤمنون يستحقون منه النصر بحكم وعده الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل أي الأصنام التي لا استحقاق لها في العبادات . وقرأ نافع ، وابن كثير ، وابن عامر ، وأبو بكر ( وأن ما تدعون ) بالتاء على الخطاب ، واختاره أبو حاتم . الباقون بالياء على الخبر هنا وفي لقمان ، واختاره أبو عبيد . وأن الله هو العلي أي العالي على كل شيء بقدرته ، والعالي عن الأشباه والأنداد ، المقدس عما يقول الظالمون من الصفات التي لا تليق بجلاله . ( الكبير ) أي الموصوف بالعظمة والجلال وكبر الشأن . وقيل ; الكبير ذو الكبرياء . والكبرياء عبارة عن كمال الذات ؛ أي له الوجود المطلق أبدا وأزلا ، فهو الأول القديم ، والآخر الباقي بعد فناء خلقه .
يعني تعالى ذكره بقوله (ذلكَ) هذا الفعل الذي فعلت من إيلاجي الليل في النهار، وإيلاجي النهار في الليل، لأني أنا الحقّ الذي لا مثل لي ولا شريك ولا ندّ, وأن الذي يدعوه هؤلاء المشركون إلها من دونه هو الباطل الذي لا يقدر على صنعة شيء, بل هو المصنوع، يقول لهم تعالى ذكره; أفتتركون أيها الجهال عبادة من منه النفع وبيده الضر وهو القادر على كل شيء وكلّ شيء دونه, وتعبدون الباطل الذي لا تنفعكم عبادته. وقوله; ( وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) يعني بقوله; (العَلِي) ذو العلو على كل شيء, هو فوق كل شيء وكل شيء دونه.(الكَبِيرُ) يعني العظيم, الذي كل شيء دونه ولا شيء أعظم منه.وكان ابن جُرَيج يقول في قوله; ( وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ) ما حدثنا القاسم, قال; ثنا الحسين, قال; ثني حجاج, قال; قال ابن جُرَيج, في قوله; ( وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ) قال; الشيطان.واختلفت القرّاء في قراءة قوله; ( وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ) فقرأته عامة قرّاء العراق والحجاز; " تَدْعُون " بالتاء على وجه الخطاب; وقرأته عامة قرّاء العراق غير عاصم بالياء على وجه الخبر, والياء أعجب القراءتين إليّ, لأن ابتداء الخبر على وجه الخطاب.
{ ذَلِكَ } صاحب الحكم والأحكام { بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ } أي: الثابت، الذي لا يزال ولا يزول، الأول الذي ليس قبله شيء، الآخر الذي ليس بعده شيء، كامل الأسماء والصفات، صادق الوعد، الذي وعده حق ولقاؤه حق، ودينه حق، وعبادته هي الحق، النافعة الباقية على الدوام. { وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ } من الأصنام والأنداد، من الحيوانات والجمادات، { هُوَ الْبَاطِلُ } الذي، هو باطل في نفسه، وعبادته باطلة، لأنها متعلقة بمضمحل فان، فتبطل تبعا لغايتها ومقصودها، { وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } العلي في ذاته، فهو عال على جميع المخلوقات وفي قدره، فهو كامل الصفات، وفي قهره لجميع المخلوقات، الكبير في ذاته، وفي أسمائه، وفي صفاته، الذي من عظمته وكبريائه، أن الأرض قبضته يوم القيامة، والسماوات مطويات بيمينه، ومن كبريائه، أن كرسيه وسع السماوات والأرض، ومن عظمته وكبريائه، أن نواصي العباد بيده، فلا يتصرفون إلا بمشيئته، ولا يتحركون ويسكنون إلا بإرادته. وحقيقة الكبرياء التي لا يعلمها إلا هو، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، أنها كل صفة كمال وجلال وكبرياء وعظمة، فهي ثابتة له، وله من تلك الصفة أجلها وأكملها، ومن كبريائه، أن العبادات كلها، الصادرة من أهل السماوات والأرض، كلها المقصود منها، تكبيره وتعظيمه، وإجلاله وإكرامه، ولهذا كان التكبير شعارا للعبادات الكبار، كالصلاة وغيرها.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الحج٢٢ :٦٢
Al-Hajj22:62