الرسم العثمانيفَإِذَا نُفِخَ فِى الصُّورِ فَلَآ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ
الـرسـم الإمـلائـيفَاِذَا نُفِخَ فِى الصُّوۡرِ فَلَاۤ اَنۡسَابَ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَٮِٕذٍ وَّلَا يَتَسَآءَلُوۡنَ
تفسير ميسر:
فإذا كان يوم القيامة، ونفخ المَلَك المكلَّف في "القرن"، وبُعِثَ الناس من قبورهم، فلا تَفاخُرَ بالأنساب حينئذ كما كانوا يفتخرون بها في الدنيا، ولا يسأل أحد أحدًا.
يخبر تعالى أنه إذا نفخ في الصور نفخة النشور وقام الناس من القبور " فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون " أي لا تنفع الأنساب يومئذ ولا يرثي والد لولده ولا يلوي عليه قال الله تعالى " ولا يسأل حميم حميما يبصرونهم " أي لا يسأل القريب عن قريبه وهو يبصره ولو كان عليه من الأوزار ما قد أثقل ظهره وهو كان أعز الناس عليه في الدنيا ما التفت إليه ولا حمل عنه وزن جناح بعوضة قال الله تعالى " يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه " الآية وقال ابن مسعود; إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ثم نادى مناد; ألا من كان له مظلمة فليجئ فليأخذ حقه - قال - فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيرا ; ومصداق ذلك في كتاب الله قال الله تعالى " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون " رواه ابن أبي حاتم. وقال الإمام أحمد حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا عبدالله بن جعفر حدثتنا أم بكر بنت المسور بن مخرمة عن عبدالله بن أبي رافع عن المسور- هو ابن مخرمة - رضي الله عنه قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فاطمة بضعة مني يغيظني ما يغيظها وينشطني ما ينشطها وإن الانساب تنقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي وصهري "وهذا الحديث له أصل في الصحيحين عن المسور بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " فاطمة بضعة مني يريبني ما يريبها ويؤذيني ما آذاها "وقال الإمام أحمد حدثنا أبو عامر حدثنا زهير عن عبدالله بن محمد عن حمزة بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال; سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على هذا المنبر " ما بال رجال يقولون إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنفع قومه؟ بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة وإني أيها الناس فرط لكم إذا جئتم "قال رجل يا رسول الله أنا فلان بن فلان " فأقول لهم; أما النسب فقد عرفت ولكنكم أحدثتم بعدي وارتددتم القهقرى "وقد ذكرنا في مسند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من طرق متعددة عنه رضي الله عنه أنه لما تزوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب " قال; أما والله ما بي إلا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " كل سبب ونسب فإنه منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي "رواه الطبراني والبزار الهيثم بن كليب والبيهقي والحافظ الضياء في المختارة وذكر أنه أصدقها أربعين ألفا إعظاما وإكراما رضي الله عنه فقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي العاص بن الربيع زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق أبي القاسم البغوي حدثنا سليمان بن عمر بن الأقطع حدثنا إبراهيم بن عبد السلام عن إبراهيم بن يزيد عن محمد بن عباد بن جعفر سمعت ابن عمر يقول; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري "وروي فيها من طريق عمار بن سيف عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبدالله بن عمرو مرفوعا " سألت ربي عز وجل أن لا أتزوج إلى أحد من أمتي ولا يتزوج إلى أحد منهم إلا كان معي في الجنة فأعطاني ذلك "ومن حديث عمار بن سيف عن إسماعيل عن عبدالله بن عمرو.
قوله تعالى ; فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلونقوله تعالى ; فإذا نفخ في الصور المراد بهذا النفخ النفخة الثانية . فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون قال ابن عباس ; لا يفتخرون بالأنساب في الآخرة كما يفتخرون بها في الدنيا ، ولا يتساءلون فيها كما يتساءلون في الدنيا ؛ من أي قبيلة أنت ولا من أي نسب ، ولا يتعارفون لهول ما أذهلهم . وعن ابن عباس أن ذلك في النفخة الأولى حين يصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ، ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ، وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون . وسأل رجل ابن عباس ، عن [ ص; 140 ] هذه الآية وقوله ; فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون فقال ; لا يتساءلون في النفخة الأولى ؛ لأنه لا يبقى على الأرض حي ، فلا أنساب ولا تساؤل . وأما قوله فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون فإنهم إذا دخلوا الجنة تساءلوا . وقال ابن مسعود ; إنما عنى في هذه الآية النفخة الثانية . وقال أبو عمر زاذان ; دخلت على ابن مسعود فوجدت أصحاب الخير واليمنة قد سبقوني إليه ، فناديت بأعلى صوتي ; يا عبد الله بن مسعود ! من أجل أني رجل أعجمي أدنيت هؤلاء وأقصيتني ! فقال ; ادنه ؛ فدنوت ، حتى ما كان بيني وبينه جليس فسمعته يقول ; يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة فينصب على رءوس الأولين والآخرين ثم ينادي مناد ; هذا فلان بن فلان ، من كان له حق فليأت إلى حقه ؛ فتفرح المرأة أن يدور لها الحق على أبيها ، أو على زوجها ، أو على أخيها ، أو على ابنها ؛ ثم قرأ ابن مسعود ; فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فيقول الرب سبحانه وتعالى ( آت هؤلاء حقوقهم ) فيقول ; يا رب قد فنيت الدنيا فمن أين أوتيهم ؛ فيقول الرب للملائكة ; ( خذوا من حسناته فأعطوا كل إنسان بقدر طلبته ) فإن كان وليا لله فضلت من حسناته مثقال حبة من خردل فيضاعفها الله تعالى حتى يدخله بها الجنة ، ثم قرأ ابن مسعود ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ) . وإن كان شقيا قالت الملائكة ; رب ! فنيت حسناته وبقي طالبون ؛ فيقول الله تعالى ; ( خذوا من أعمالهم فأضيفوها إلى سيئاته وصكوا له صكا إلى جهنم ) .
اختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله; ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ ) من النفختين أيّتُهما عُنِيَ بِها، فقال بعضهم; عُنِي بها النفخة الأولى.*ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن حميد، قال; ثنا حكام بن سلم، قال; ثنا عمرو بن مطرف، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جُبير، أن رجلا أتى ابن عباس فقال; سمعت الله يقول; ( فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ ). .. الآية، وقال في آية أخرى; وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ فقال; أما قوله; ( فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ) فذلك في النفخة الأولى، فلا يبقى على الأرض شيء ( فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ) وأما قوله; وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا أبو أحمد، قال; ثنا سفيان، عن السدي، في قوله; ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ) قال; في النفخة الأولى.حدثنا عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله; ( فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ) فذلك حين ينفخ في الصور، فلا حي يبقى إلا الله وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ فذلك إذا بُعثوا في النفخة الثانية.قال أبو جعفر; فمعنى ذلك على هذا التأويل; فإذا نفخ في الصور، فصَعِق مَنْ في السماوات وَمَن في الأرض إلا مَنْ شاء الله، فلا أنساب بينهم يومئذ يتواصلون بها، ولا يتساءلون، ولا يتزاورون، فيتساءلون عن أحوالهم وأنسابهم.وقال آخرون; بل عُنِي بذلك النفخة الثانية.*ذكر من قال ذلك;حدثنا أبو كريب، قال; ثنا ابن فضيل، عن هارون بن أبي وكيع، قال; سمعت زاذان يقول; أتيت ابن مسعود، وقد اجتمع الناس إليه في داره، فلم أقدر على مجلس، فقلت; يا أبا عبد الرحمن، من أجل أني رجل من العجم تَحْقِرُني؟ قال; ادْنُ! قال; فدنوت، فلم يكن بيني وبينه جليس، فقال; يؤخَذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رءوس الأوّلين والآخرين، قال; وينادي مناد; ألا إن هذا فلان ابن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه، قال; فتفرح المرأة يومئذ أن يكون لها حقّ على ابنها، أو على أبيها، أو على أخيها، أو على زوجها( فلا أنساب بينهم يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ).حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثنا عيسى بن يونس، عن هارون بن عنترة، عن زاذان، قال; سمعت ابن مسعود يقول; يؤخذ العبد أو الأمة يوم القيامة، فينصب على رءوس الأولين والآخرين، ثم ينادي مناد، ثم ذكر نحوه، وزاد فيه; فيقول الربّ تبارك وتعالى للعبد; أعط هؤلاء حقوقهم، فيقول; أي ربّ، فَنِيت الدنيا، فمن أين أعطيهم؟ فيقول للملائكة; خذوا من أعماله الصالحة وأعطوا لكل إنسان بقدر طلبته، فإن كان له فضلُ مثقال حبة من خردل ضاعفها الله له حتى يدخله بها الجنة، ثم تلا ابن مسعود إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا وإن كان عبدا شقيا، قالت الملائكة; ربنا، فنيت حسناتُه وبقي طالبون كثير، فيقول; خذوا من أعمالهم السيئة فأضيفوها إلى سيئاته، وصُكُّوا له صَكًّا إلى النار.قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج; ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ) قال; لا يسأل أحد يومئذ بنسب شيئا، ولا يتساءلون، ولا يمتُّ إليه برحم.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني محمد بن كثير، عن حفص بن المغيرة، عن قتادة، قال; ليس شيء أبغض إلى الإنسان يوم القيامة من أن يرى من يعافه، مخافة أن يذوب له عليه شيء، ثم قرأ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ .قال; ثنا الحسن، قال; ثنا الحكم بن سنان، عن سدُوس صاحب السائريّ، عن أنس بن مالك، قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; " إذَا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةِ، وأهْلُ النَّار النَّارَ، نادى مُنادٍ منْ أهْلِ العَرْشِ; يا أهْلَ التَّظالُمِ تَدَارَكُوا مَظالمكُمْ، وادْخُلوا الجنَّةَ.".
يخبر تعالى عن هول يوم القيامة، وما في ذلك اليوم، من المزعجات والمقلقات، وأنه إذا نفخ في الصور نفخة البعث، فحشر الناس أجمعون، لميقات يوم معلوم، أنه يصيبهم من الهول ما ينسيهم أنسابهم، التي هي أقوى الأسباب، فغير الأنساب من باب أولى، وأنه لا يسأل أحد أحدا عن حاله، لاشتغاله بنفسه، فلا يدري هل ينجو نجاة لا شقاوة بعدها؟ أو يشقى شقاوة لا سعادة بعدها؟ قال تعالى: { يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ* لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ }
(الفاء) استئنافيّة
(في الصور) نائب الفاعل في محلّ رفع
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(لا) نافية للجنس
(أنساب) اسم لا مبنيّ على الفتح في محلّ نصبـ (بينهم) ظرف منصوب متعلّق بخبر لا
(يومئذ) ظرف منصوب- أو مبنيّ على الفتح- متعلّق بالخبر المحذوف، والتنوين عوض من جملة محذوفة أي: يوم إذ نفخ في الصور
(الواو) عاطفة
(لا) نافية.
جملة: «نفخ ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.. وجملة الشرط وفعله وجوابه لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لا أنساب بينهم» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «لا يتساءلون» لا محلّ لها معطوفة على جملة الجواب.
102-
(الفاء) عاطفة تفريعيّة
(من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(هم) ضمير فصل ،
(المفلحون) خبر المبتدأ
(أولئك) .
وجملة: «من ثقلت موازينه ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة
(فإذا نفخ ... ) .
وجملة: «ثقلت موازينه ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .وجملة: «أولئك.. المفلحون» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
103-
(الواو) عاطفة
(من خفّت.. أولئك الذين) مثل نظيرها..
(في جهنّم) متعلّق بالخبر الثاني
(خالدون) وجملة: «من خفّت موازينه» لا محلّ لها معطوفة على جملة من ثقلت.
وجملة: «خفّت موازينه ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «خسروا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
104-
(وجوههم) مفعول به مقدّم منصوبـ (فيها) متعلّق بـ (كالحون) الخبر.
وجملة: «تلفح.. النار» في محلّ نصب حال من الضمير في(خالدون) .
وجملة: «هم فيها كالحون» في محلّ نصب معطوفة على جملة الحال.
105-
(الهمزة) للاستفهام التقريعي- أو الإنكاريّ- ونائب الفاعل لفعلـ (تتلى) ضمير يعود على
(آياتي) ،
(عليكم) متعلّق بـ (تتلى) ،
(الفاء) عاطفة
(بها) متعلّق بـ (تكذّبون) .
وجملة: «لم تكن آياتي ... » في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر.
وجملة: «تتلى ... » في محلّ نصب خبر تكن.
وجملة: «كنتم بها تكذّبون ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة: «تكذّبون ... » في محلّ نصب خبر كنتم.
- القرآن الكريم - المؤمنون٢٣ :١٠١
Al-Mu'minun23:101