الرسم العثمانييٰعِبَادِىَ الَّذِينَ ءَامَنُوٓا إِنَّ أَرْضِى وٰسِعَةٌ فَإِيّٰىَ فَاعْبُدُونِ
الـرسـم الإمـلائـييٰعِبَادِىَ الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡۤا اِنَّ اَرۡضِىۡ وَاسِعَةٌ فَاِيَّاىَ فَاعۡبُدُوۡنِ
تفسير ميسر:
يا عبادي الذين آمنوا إن كنتم في ضيق من إظهار الإيمان وعبادة الله وحده، فهاجِروا إلى أرض الله الواسعة، وأخلصوا العبادة لي وحدي.
هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين بالهجرة من البلد الذي لا يقدرون فيه على إقامة الدين إلى أرض الله الواسعة حيث يمكن إقامة الدين بأن يوحدوا الله ويعبدوه كما أمرهم ولهذا قال تعالى; "يا عبادى الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياى فاعبدون" قال الإمام أحمد حدثنا يزيد بن عبدربه حدثنا بقية بن الوليد حدثني جبير بن عمرو القرشي حدثني أبو سعد الأنصاري عن أبي بحر مولى الزبير بن العوام عن الزبير بن العوام قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "البلاد بلاد الله والعباد عباد الله فحيثما أصبت خيرا فأقم" ولهذا لما ضاق على المستضعفين بمكة مقامهم بها خرجوا مهاجرين إلى أرض الحبشة ليأمنوا على دينهم هناك فوجدوا خير المنزلين هناك أصحمة النجاشي ملك الحبشة رحمه الله تعالى فأواهم وأيدهم بنصره وجعلهم سيوما ببلاده ثم بعد ذلك هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الباقون إلى المدينة النبوية يثرب المطهرة.
قوله تعالى ; يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة هذه الآية نزلت في تحريض المؤمنين الذين كانوا بمكة على الهجرة - في قول مقاتل والكلبي - فأخبرهم الله تعالى بسعة أرضه وأن البقاء في بقعة على أذى الكفار ليس بصواب . بل الصواب أن يتلمس عبادة الله في أرضه مع صالحي عباده ; أي إن كنتم في ضيق من إظهار الإيمان بها فهاجروا إلى المدينة فإنها واسعة ; لإظهار التوحيد بها . وقال ابن جبير وعطاء ; إن الأرض التي فيها الظلم والمنكر تترتب فيها هذه الآية وتلزم الهجرة عنها إلى بلد حق . وقاله مالك . وقال مجاهد ; إن أرضي واسعة فهاجروا وجاهدوا وقال مطرف بن الشخير ; المعنى ; إن رحمتي واسعة . وعنه أيضا ; إن رزقي لكم واسع فابتغوه في الأرض قال سفيان الثوري ; إذا كنت بأرض غالية فانتقل إلى غيرها تملأ فيها جرابك خبزا بدرهم . وقيل ; المعنى ; إن أرضي التي هي أرض الجنة واسعة فاعبدون حتى أورثكموها . فإياي فاعبدون ( إياي ) منصوب بفعل مضمر ; أي فاعبدوا ، إياي فاعبدون ، فاستغنى بأحد الفعلين عن الثاني . والفاء في قوله ; ( فإياي ) بمعنى الشرط أي إن ضاق بكم موضع فإياي فاعبدوني في غيره ; لأن أرضي واسعة .
القول في تأويل قوله تعالى ; يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56)يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من عباده; يا عبادي الذين وحَّدوني، وآمنوا بي، وبرسولي محمد صلى الله عليه وسلم (إنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ).واختلف أهل التأويل في المعنى الذي أريد من الخبر عن سعة الأرض، فقال بعضهم; أريد بذلك أنها لم تضق عليكم فتقيموا بموضع منها لا يحلّ لكم المُقام فيه، ولكن إذا عمل بمكان منها بمعاصي الله، فلم تقدروا على تغييره، فاهرُبوا منه.* ذكر من قال ذلك;حدثنا محمد بن بشار، قال; ثنا أبو أحمد، قال; ثنا سفيان، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير في قوله; (إنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ) قال; إذا عُمِل فيها بالمعاصي، فاخرج منها.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا سفيان، عن إسماعيل بن أبي &; 20-56 &; خالد، عن سعيد بن جُبير، في قوله; (إنَّ أرْضِي وَاسِعَةٌ) قال; إذا عمل فيها بالمعاصي، فاخرج منها.حدثنا ابن وكيع، قال; ثنا جرير، عن ليث، عن رجل، عن سعيد بن جُبَير قال; اهرُبوا؛ فإن أرضي واسعة.حدثنا ابن وكيع، قال; ثنا أبي، عن شريك، عن منصور، عن عطاء قال; إذا أمِرتم بالمعاصي فاهربوا، فإن أرضي واسعة.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا أبو أحمد، قال; ثنا شريك، عن منصور، عن عطاء (إنَّ أرْضِي وَاسِعَةٌ) قال; مجانبة أهل المعاصي.حدثنا محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله; (إنَّ أرْضِي وَاسِعَةٌ)، فهاجروا وجاهدوا.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد في قوله; ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ) فقلت; يريد بهذا من كان بمكة من المؤمنين، فقال; نعم.وقال آخرون; معنى ذلك; إن ما أخرج من أرضي لكم من الرزق واسع لكم.* ذكر من قال ذلك;حدثنا الحسن بن عرفة، قال; ثني زيد بن الحباب، عن شدّاد بن سعيد بن مالك أبي طلحة الراسبي، عن غَيْلان بن جرير المِعْولي، عن مطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير العامري في قول الله; (إنَّ أرْضِي وَاسِعَةٌ) ; قال; إن رزقي لكم واسع.حدثنا ابن وكيع، قال; ثنا زيد بن حُباب، عن شدّاد، عن غَيلان بن جرير، عن مُطَرِّف بن الشِّخِّير (إنَّ أرْضِي وَاسِعَةٌ) قال; رزقي لكم واسع.وأولى القولين بتأويل الآية، قول من قال; معنى ذلك; إن أرضي واسعة، فاهربوا ممن منعكم من العمل بطاعتي؛ لدلالة قوله; ( فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ) على ذلك، وأن ذلك هو أظهر معنييه، وذلك أن الأرض إذا وصفها بِسعَة، فالغالب من وصفه إياها بذلك لا تضيق جميعها على من ضاق عليه منها موضع، لا أنه وصفها بكثرة الخير والخصب.وقوله; ( فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ) يقول; فأخلصوا لي عبادتكم وطاعتكم، ولا تطيعوا في معصيتي أحدا من خلقي.
يقول تعالى: { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا } بي وصدقوا رسولي { إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ } فإذا تعذرت عليكم عبادة ربكم في أرض، فارتحلوا منها إلى أرض أخرى، حيث كانت العبادة للّه وحده، فأماكن العبادة ومواضعها، واسعة، والمعبود واحد.
(الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب نعت لعبادي
(الفاء) الأولى رابطة لجواب شرط مقدّر،
(الفاء) الثانية زائدة للتزيين
(إياي) ضمير منفصل في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف يفسّره ما بعده
(النون) في(اعبدون) للوقاية قبل الياء المحذوفة لمناسبة الفاصلة.جملة النداء: «يا عبادي» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «إنّ أرضي واسعة..» لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «
(اعبدوا) المقدّرة..» في محل جزم جواب الشرط المقدّر أي إن ضاقت عليكم أرضكم فاعبدوني في أيّ أرض تهاجرون إليها غير أرضكم.
وجملة: «اعبدون..» لا محلّ لها تفسيريّة.
(56)
(ثمّ) حرف عطف
(إلينا) متعلّق بـ (ترجعون) ، و (الواو) فيه نائب الفاعل.
وجملة: «كلّ نفس ذائقة..» لا محلّ لها استئنافيّة تعليليّة.
وجملة: «ترجعون..» لا محلّ لها معطوفة على التعليليّة.
- القرآن الكريم - العنكبوت٢٩ :٥٦
Al-'Ankabut29:56