وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَيَمْحَقَ الْكٰفِرِينَ
وَلِيُمَحِّصَ اللّٰهُ الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا وَيَمۡحَقَ الۡكٰفِرِيۡنَ
تفسير ميسر:
وهذه الهزيمة التي وقعت في "أُحد" كانت اختبارًا وتصفية للمؤمنين، وتخليصًا لهم من المنافقين وهلاكًا للكافرين.
أي يكفر عنهم من ذنوبهم إن كانت لهم ذنوب وإلا رفع لهم في درجاتهم بحسب ما أصيبوا به. وقوله "ويمحق الكافرين" أي فإنهم إذا ظفروا بغوا وبطروا فيكون ذلك سبب دمارهم وهلاكهم ومحقهم وفنائهم.
قوله تعالى ; وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين فيه ثلاثة أقوال ; يمحص يختبر . الثاني ; يطهر ; أي من ذنوبهم فهو على حذف مضاف . المعنى ; وليمحص الله ذنوب الذين آمنوا ; قاله الفراء . الثالث ; يمحص يخلص ; فهذا أغربها . قال الخليل ; يقال محص الحبل يمحص محصا إذا انقطع وبره ; ومنه ( اللهم محص عنا ذنوبنا ) أي خلصنا من عقوبتها . وقال أبو إسحاق الزجاج ; قرأت على محمد بن يزيد عن الخليل ; التمحيص التخليص . يقال ; محصه يمحصه محصا إذا خلصه ; فالمعنى عليه ليبتلي المؤمنين ليثيبهم ويخلصهم من ذنوبهم . ويمحق الكافرين أي يستأصلهم بالهلاك .
القول في تأويل قوله ; وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)قال أبو جعفر; يعني تعالى ذكره بقوله; " وليمحِّصَ الله الذين آمنوا "، وليختبرَ الله الذين صدَّقوا الله ورسوله، فيبتليهم بإدالة المشركين منهم، حتى يتبين المؤمن منهم المخلصَ الصحيحَ الإيمان، من المنافق. كما;-7918- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله; " وليمحص الله الذين آمنوا "، قال; ليبتلي. (1)7919- حدثنا المثني قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.7920- حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن في قوله; " وليمحص الله الذين آمنوا "، قال; ليمحص الله المؤمن حتى يصدِّق.7921- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي; " وليمحص الله الذين آمنوا "، يقول; يبتلي المؤمنين.7922- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس; " وليمحص الله الذين آمنوا "، قال; يبتليهم.7923- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله; " وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين "، فكان تمحيصًا للمؤمنين، ومحقًا للكافرين.7924- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق،" وليمحص الله الذين آمنوا "، أي يختبر الذين آمنوا، حتى يخلِّصهم بالبلاء الذي نـزل بهم، وكيف صَبْرهم ويقينُهم. (2)7925- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله; " وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين "، قال; يمحق من مُحق في الدنيا، وكان بقية من يمحق في الآخرة في النار.* * *وأما قوله; " ويمحق الكافرين "، فإنه يعني به; أنه ينقُصهم ويفنيهم.* * *يقال منه; " محقَ فلان هذا الطعام "، إذا نقصه أو أفناه،" يمحقه محقًا "، ومنه قيل لمحاق القمر; " مُحاق "، وذلك نقصانه وفناؤه، (3) كما;-7926- حدثنا القاسم قال; حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن &; 7-246 &; ابن جريج قال، قال ابن عباس; " ويمحق الكافرين "، قال; ينقصهم.7927- حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن في قوله; " ويمحق الكافرين "، قال; يمحق الكافر حتى يكذِّبه.7928- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق; " ويمحق الكافرين "، أي; يبطل من المنافقين قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، حتى يظهر منهم كفرهم الذي يستترون به منكم. (4)--------------------الهوامش ;(1) في المطبوعة; ". . . عن مجاهد مثله في قوله. . ." ، وزيادة"مثله" فساد ، وليس في المخطوطة.(2) الأثر; 7924- سيرة ابن هشام 3; 117 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها; 7917.(3) انظر تفسير"محق" فيما سلف 6; 15. و"المحاق" بضم الميم وكسرها.(4) الأثر; 7928- سيرة ابن هشام 3; 117 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها; 7924.
{ وليمحص الله الذين آمنوا } وهذا أيضا من الحكم أن الله يمحص بذلك المؤمنين من ذنوبهم وعيوبهم، يدل ذلك على أن الشهادة والقتال في سبيل الله يكفر الذنوب، ويزيل العيوب، وليمحص الله أيضا المؤمنين من غيرهم من المنافقين، فيتخلصون منهم، ويعرفون المؤمن من المنافق، ومن الحكم أيضا أنه يقدر ذلك، ليمحق الكافرين، أي: ليكون سببا لمحقهم واستئصالهم بالعقوبة، فإنهم إذا انتصروا، بغوا، وازدادوا طغيانا إلى طغيانهم، يستحقون به المعاجلة بالعقوبة، رحمة بعباده المؤمنين.
(الواو) عاطفة
(ليمحّص ... آمنوا) مثل ليعلم الله الذين آمنوا في الآية السابقة.والمصدر المؤوّلـ (أن يمحص الله) في محلّ جرّ باللام متعلّق بما تعلّق به ليعلم في الآية السابقة فهو معطوف عليه.
(الواو) عاطفة
(يمحق) مضارع منصوب معطوف على يمحّص، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الكافرين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «يمحّص الله ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة: «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «يمحق ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يمحّص.