هُمْ دَرَجٰتٌ عِندَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌۢ بِمَا يَعْمَلُونَ
هُمۡ دَرَجٰتٌ عِنۡدَ اللّٰهِ ؕ وَاللّٰهُ بَصِيۡرٌۢ بِمَا يَعۡمَلُوۡنَ
تفسير ميسر:
أصحاب الجنة المتبعون لما يرضي الله متفاوتون في الدرجات، وأصحاب النار المتبعون لما يسخط الله متفاوتون في الدركات، لا يستوون. والله بصير بأعمالهم لا يخفى عليه منها شيء.
ال تعالى "هم درجات عند الله" قال الحسن البصري ومحمد بن إسحاق; يعني أهل الخير وأهل الشر درجات وقال أبو عبيدة والكسائي; منازل يعني متفاوتون في منازلهم درجاتهم في الجنة ودركاتهم في النار كقوله تعالى "ولكل درجات مما علموا" الآية ولهذا قال تعالى "والله بصير بما يعملون" أي وسيوفيهم إياها لا يظلمهم خيرا ولا يزيدهم شرا بل يجازي كل عامل بعمله.
هم درجات عند الله أي ليس من [ ص; 248 ] اتبع رضوان الله كمن باء بسخط منه . قيل ; هم درجات متفاوتة ، أي هم مختلفو المنازل عند الله ; فلمن اتبع رضوانه الكرامة والثواب العظيم ، ولمن باء بسخط منه المهانة والعذاب الأليم . ومعنى هم درجات - أي ذوو درجات . أو على درجات ، أو في درجات ، أو لهم درجات . وأهل النار أيضا ذوو درجات ; كما قال ; ( وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح ) . فالمؤمن والكافر لا يستويان في الدرجة ; ثم المؤمنون يختلفون أيضا ، فبعضهم أرفع درجة من بعض ، وكذلك الكفار . والدرجة الرتبة ، ومنه الدرج ; لأنه يطوى رتبة بعد رتبة . والأشهر في منازل جهنم دركات ; كما قال ; إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار فلمن لم يغل درجات في الجنة ، ولمن غل دركات في النار . قال أبو عبيدة ; جهنم أدراك ، أي منازل ; يقال لكل منزل منها ; درك ودرك . والدرك إلى أسفل ، والدرج إلى أعلى .
القول في تأويل قوله تعالى ; هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163)قال أبو جعفر; يعني تعالى ذكره بذلك; أنّ من اتبع رضوان الله ومن باء بسخَط من الله، مختلفو المنازل عند الله. فلمن اتبع رضوان الله، الكرامةُ والثواب الجزيل، ولمن باء بسخط من الله، المهانةُ والعقاب الأليم، كما;-8172- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق; " هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون "، أي; لكلٍّ درجات مما عملوا في الجنة والنار، إنّ الله لا يخفى عليه أهل طاعته من أهل معصيته. (63) .8173- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس; " هم درجات عند الله "، يقول; بأعمالهم.* * *وقال آخرون; معنى ذلك; لهم درجات عند الله، يعني; لمن اتبع رضوان الله منازلُ عند الله كريمة.*ذكر من قال ذلك;8174- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله; " هم درجات عند الله "، قال; هي كقوله; ( " لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ " ).8175- حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي; " هم درجات عند الله "، يقول; لهم درجاتٌ عند الله.* * *وقيل; قوله " هم درجات " كقول القائل; " هم طبقات "، (64) كما قال ابن هَرْمة;أرَجْمًــا لِلْمَنُــونِ يَكُــونُ قَـوْميلِــرَيْبِ الدَّهْــرِ أَمْ دَرَجُ السّــيولِ (65)* * *وأما قوله; " والله بصير بما يعملون "، فإنه يعني; والله ذو علم بما يعمل أهل طاعته ومعصيته، لا يخفى عليه من أعمالهم شيء، يحصى على الفريقين جميعًا أعمالهم، حتى توفى كل نفس منهم جزاء ما كسبت من خير وشر، كما;-8176- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق; " والله بصير بما يعملون "، يقول; إن الله لا يخفى عليه أهل طاعته من أهل معصيته. (66) .-------------------الهوامش ;(60) الأثر; 8171- سيرة ابن هشام 3; 124 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها; 8168 ، وفي بعض لفظه اختلاف يسير.(61) انظر تفسير"باء" فيما سلف 2; 138 ، 345 / ثم 7; 116.(62) انظر تفسير"المصير" فيما سلف 3; 56 / 6 ; 128 ، 317. وسياق الجملة; "وبئس المصير. . . جهنم" وما بينهما تفسير"المصير".(63) الأثر; 8172- سيرة ابن هشام 3; 124 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها; 8171.(64) انظر تفسير درجة فيما سلف 4; 533 - 536.(65) مضى تخريجه وشرحه فيما سلف 2;547 ، 548 ، والاستشهاد بهذا البيت لمعنى الدفع ، غريب من مثل أبي جعفر ، فراجع شرح البيت هناك.(66) الأثر; 8176- سيرة ابن هشام 3; 124 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها; 8172 ، وجزء منه.
يخبر تعالى أنه لا يستوي من كان قصده رضوان ربه، والعمل على ما يرضيه، كمن ليس كذلك، ممن هو مكب على المعاصي، مسخط لربه، هذان لا يستويان في حكم الله، وحكمة الله، وفي فطر عباد الله. { أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون } ولهذا قال هنا: { هم درجات عند الله } أي: كل هؤلاء متفاوتون في درجاتهم ومنازلهم بحسب تفاوتهم في أعمالهم. فالمتبعون لرضوان الله يسعون في نيل الدرجات العاليات، والمنازل والغرفات، فيعطيهم الله من فضله وجوده على قدر أعمالهم، والمتبعون لمساخط الله يسعون في النزول في الدركات إلى أسفل سافلين، كل على حسب عمله، والله تعالى بصير بأعمالهم، لا يخفى عليه منها شيء، بل قد علمها، وأثبتها في اللوح المحفوظ، ووكل ملائكته الأمناء الكرام، أن يكتبوها ويحفظوها، ويضبطونها.
(هم) ضمير منفصل مبتدأ في محلّ رفع
(درجات)خبر مرفوع بحذف مضاف أي ذوو درجات
(عند) ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف نعت لدرجات
(الله) لفظ الجلالة مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع
(بصير) خبر مرفوع
(الباء) حرف جرّ
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ببصير
(يعملون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة: «هم درجات» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «الله بصير ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «يعملون» لا محلّ لها صلة الموصول الاسميّ أو الحرفيّ.