الرسم العثمانيفَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنٰهُمْ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
الـرسـم الإمـلائـيفَكَيۡفَ اِذَا جَمَعۡنٰهُمۡ لِيَوۡمٍ لَّا رَيۡبَ فِيۡهِ وَوُفِّيَتۡ كُلُّ نَفۡسٍ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُوۡنَ
تفسير ميسر:
فكيف يكون حالهم إذا جمعهم الله ليحاسَبوا في يوم لا شك في وقوعه -وهو يوم القيامة-، وأخذ كل واحد جزاءَ ما اكتسب، وهم لا يظلمون شيئا؟
قال الله تعالى متهددا لهم ومتوعدا "فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه" أي كيف يكون حالهم وقد افتروا على الله وكذبوا رسله وقتلوا أنبياءه والعلماء من قومهم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والله تعالى سائلهم عن ذلك كله وحاكم عليهم ومجازيهم به ولهذا قال تعالى "فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه" أي لا شك في وقوعه وكونه "ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون".
قوله تعالى ; فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون [ ص; 50 ] خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته على جهة التوقيف والتعجب ، أي فكيف يكون حالهم أو كيف يصنعون إذا حشروا يوم القيامة واضمحلت عنهم تلك الزخارف التي ادعوها في الدنيا ، وجوزوا بما اكتسبوه من كفرهم واجترائهم وقبيح أعمالهم . واللام في قوله ليوم بمعنى " في " ; قاله الكسائي ، وقال البصريون ; المعنى لحساب يوم ، الطبري ; لما يحدث في يوم .
القول في تأويل قوله ; فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (25)قال أبو جعفر; يعني بقوله جل ثناؤه; " فكيف إذا جمعناهم "، فأيُّ حال يكون حالُ هؤلاء القوم الذين قالوا هذا القول، وفعلوا ما فعلوا من إعراضهم عن كتاب الله، واغترارهم بربهم، وافترائهم الكذب؟ وذلك من الله عز وجل وعيدٌ لهم شديد، وتهديدٌ غليظٌ.وإنما يعني بقوله; " فكيف إذا جمعناهم " الآية; فما أعظم ما يلقوْن من عقوبة الله وتنكيله بهم، إذا جمعهم ليوم يُوفَّى كلّ عامل جزاءَ عمله على قدر استحقاقه، غير مظلوم فيه، لأنه لا يعاقب فيه إلا على ما اجترم، ولا يؤاخذُ إلا بما عمل، يُجزَي المحسنُ بإحسانه، والمسيء بإساءته، لا يخاف أحدٌ من خلقه منه يومئذ ظلمًا ولا هضمًا. (15)* * *فإن قال قائل; وكيف قيل; " فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه "، ولم يقل; في يوم لا رَيب فيه؟قيل; لمخالفة معنى " اللام " في هذا الموضع معنى " في". وذلك أنه لو كان مكان " اللام "" في"، لكان معنى الكلام; فكيف إذا جمعناهم في يوم القيامة، ماذا يكون لهم من العذاب والعقاب؟ وليس ذلك المعنى في دخول " اللام "، ولكن معناه مع " اللام "; فكيف إذا جمعناهم لما يحدُث في يوم لا ريب فيه، ولما يكون في ذلك اليوم من فَصْل الله القضاءَ بين خلقه، ماذا لهم حينئذ من العقاب وأليم العذاب؟ فمع " اللام " في" ليوم لا ريب فيه " نيَّة فِعْل، وخبرٌ مطلوب قد &; 6-295 &; ترك ذكره، أجزأت دلالةُ دخول " اللام " في" اليوم " عليه، منه. (16) وليس ذلك مع " في"، فلذلك اختيرت " اللام " فأدخلت في" اليوم "، دون " في". (17)* * *وأما تأويل قوله; " لا ريب فيه "، فإنه; لا شك في مجيئه. وقد دللنا على أنه كذلك بالأدلة الكافية، مع ذكر من قال ذلك في تأويله فيما مضى، بما أغنى عن إعادته. (18)* * *وعنى بقوله; " ووُفِّيت "، ووَفَّى الله =" كلُّ نفس ما كسبت "، يعني; ما عملت من خير وشر (19) =" وهم لا يظلمون "، يعني أنه لا يبخس المحسن جزاءَ إحسانه، ولا يعاقب مسيئًا بغير جرمه.---------------------------الهوامش ;(15) انظر ألفاظ هذه الآية مفسرة فيما سلف ، واطلبها في فهارس اللغة من الأجزاء الماضية.(16) في المطبوعة والمخطوطة; "قد ترك ذكره أخيرًا بدلالة دخول اللام في اليوم عليه منه" ، وهو كلام خلو من المعنى ، والظاهر أن الناسخ رأى تاء"أجزأت" متصلة بدال"دلالة" ، فجعلها ، "بدلالة" وجعل"أجزأ""أخيرًا" فذهب الكلام هدرًا ولغوًا. وسياق العبارة كما أثبتناها; "أجزأت منه دلالة دخول اللام في اليوم" فأخر"منه" على عادته في تأخير مثل ذلك في كل كلامه.(17) انظر معاني القرآن للفراء 1; 202 ، 203 ، وعبارته هناك."تقول في الكلام; جمعوا ليوم الخميس ، وكأن اللام لفعل مضمر في"الخميس" ، كأنهم جمعوا لما يكون يوم الخميس. وإذا قلت; جمعوا في يوم الخميس = لم تضمر فعلا. وقوله; جمعناهم ليوم لا ريب فيه = أي للحساب والجزاء".(18) انظر ما سلف 1; 228 ، 378 / ثم 6; 221.(19) انظر تفسير"كسب" فيما سلف 2; 273 ، 274 / 3; 101 ، 128 / 4 ; 449 / 6; 131.
أي: كيف يكون حالهم ووخيم ما يقدمون عليه، حالة لا يمكن وصفها ولا يتصور قبحها لأن ذلك اليوم يوم توفية النفوس ما كسبت ومجازاتها بالعدل لا بالظلم، وقد علم أن ذلك على قدر الأعمال، وقد تقدم من أعمالهم ما يبين أنهم من أشد الناس عذابا.
الفاء) استئنافيّة
(كيف) اسم استفهام مبنيّ على الفتح في محلّ رفع خبر مقدّم لمبتدأ محذوف تقديره صنعهم أو حالهم ،
(إذا) ظرف مجرّد عن الشرط في محلّ نصب متعلّق بالمبتدأ المقدّر لأنه بتقدير مصدر ،
(جمعنا) ، فعل ماض مبنيّ على السكون.. و (نا) فاعل و (هم) ضمير مفعول به،
(ليوم) جارّ ومجرور متعلّق بـ (جمعناهم) على حذف مضاف أى لجزاء يوم
(لا) نافية للجنس
(ريب) اسم لا مبنيّ على الفتح في محلّ نصبـ (في) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر لا
(الواو) عاطفة
(وفّيت) فعل ماض مبنيّ للمجهول.. و (التاء) للتأنيث
(كلّ) نائب فاعل مرفوع
(نفس) مضاف إليه مجرور
(ما) اسم موصول في محلّ نصب مفعول به
(كسبت) فعل ماض.. و (التاء) للتأنيث والفاعل ضمير مستتر تقديره هي
(الواو) حاليّة
(هم) ضمير منفصل مبتدأ
(لا) نافية
(يظلمون) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع.. و (الواو) نائب فاعل.جملة: «كيف
(حالهم) » لا محلّ لها استئنافيّة.وجملة: «جمعناهم» في محلّ جرّ مضاف إليه.وجملة: «لا ريب فيه» في محلّ جرّ نعت ليوم.وجملة: «وفّيت كلّ نفس» في محلّ جرّ معطوفة على جملة لا ريب فيه. وفي الجملة رابط مقدّر أي وفّيت فيه كلّ نفس.وجملة: «كسبت» لا محلّ لها صلة الموصول والعائد محذوف أي كسبته.وجملة: «هم لا يظلمون» في محلّ نصب حال.وجملة: «لا يظلمون» في محلّ رفع خبر المبتدأ هم.
- القرآن الكريم - آل عمران٣ :٢٥
Ali 'Imran3:25