الرسم العثمانيوَمِنْ ءَايٰتِهِۦٓ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرٰتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِۦ وَلِتَجْرِىَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِۦ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِۦ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَمِنۡ اٰيٰتِهٖۤ اَنۡ يُّرۡسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرٰتٍ وَّلِيُذِيۡقَكُمۡ مِّنۡ رَّحۡمَتِهٖ وَلِتَجۡرِىَ الۡفُلۡكُ بِاَمۡرِهٖ وَلِتَبۡتَغُوۡا مِنۡ فَضۡلِهٖ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُوۡنَ
تفسير ميسر:
ومن آيات الله الدالة على أنه الإله الحق وحده لا شريك له وعلى عظيم قدرته إرسال الرياح أمام المطر مبشرات بإثارتها للسحاب، فتستبشر بذلك النفوس؛ وليذيقكم من رحمته بإنزاله المطر الذي تحيا به البلاد والعباد، ولتجري السفن في البحر بأمر الله ومشيئته، ولتبتغوا من فضله بالتجارة وغيرها؛ فعل الله ذلك من أجل أن تشكروا له نعمه وتعبدوه وحده.
يذكر تعالى نعمه على خلقه في إرساله الرياح مبشرات بين يدي رحمته بمجيء الغيث عقبها ولهذا قال تعالى "وليذيقكم من رحمته" أي المطر الذي ينزله فيحيي به العباد والبلاد "ولتجري الفلك بأمره" أي في البحر وإنما سيرها بالريح "ولتبتغوا من فضله" أي في التجارات والمعايش والسير من إقليم إلى إقليم وقطر إلى قطر "ولعلكم تشكرون" أي تشكرون الله على ما أنعم به عليكم من النعم الظاهرة والباطنة التي لا تعد ولا تحصى.
قوله تعالى ; ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون .قوله تعالى ; ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات أي ومن أعلام كمال قدرته إرسال الرياح مبشرات ؛ أي بالمطر لأنها تتقدمه . وقد مضى في ( الحجر ) بيانه . وليذيقكم من رحمته يعني الغيث والخصب . ولتجري الفلك بأمره أي في البحر عند هبوبها . وإنما زاد بأمره لأن الرياح قد تهب ولا تكون مواتية ، فلا بد من إرساء السفن والاحتيال بحبسها ، وربما عصفت فأغرقتها بأمره . ولتبتغوا من فضله يعني الرزق بالتجارة ولعلكم تشكرون هذه النعم بالتوحيد والطاعة . وقد مضى هذا كله مبينا .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46)يقول تعالى ذكره; ومن أدلته على وحدانيته، وحججه عليكم، على أنه إله كلّ شيء (أنْ يُرْسِلَ الرّياحَ مُبَشِّراتٍ) بالغيث والرحمة (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) يقول; ولينـزل عليكم من رحمته، وهي الغيث الذي يحيي به البلاد، ولتجري السفن في البحار بها بأمره إياها(وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) يقول; ولتلتمسوا من أرزاقه ومعايشكم التي قسمها بينكم (وَلَعلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) يقول; ولتشكروا ربكم على ذلك، أرسل هذه الرياح مبشرات.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (الرّياحَ مُبَشِّراتٍ) قال; بالمطر.وقالوا في قوله; (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) مثل الذي قلنا فيه.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله; (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) قال; المطر.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) ; المطر.
أي: ومن الأدلة الدالة على رحمته وبعثه الموتى وأنه الإله المعبود والملك المحمود، { أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ } أمام المطر { مُبَشِّرَاتٍ } بإثارتها للسحاب ثم جمعها فتبشر بذلك النفوس قبل نزوله.{ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ } فينزل عليكم من رحمته مطرا تحيا به البلاد والعباد، وتذوقون من رحمته ما تعرفون أن رحمته هي المنقذة للعباد والجالبة لأرزاقهم، فتشتاقون إلى الإكثار من الأعمال الصالحة الفاتحة لخزائن الرحمة.{ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ } في البحر { بِأَمْرِهِ } القدري { وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ } بالتصرف في معايشكم ومصالحكم. { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } من سخر لكم الأسباب وسير لكم الأمور. فهذا المقصود من النعم أن تقابل بشكر اللّه تعالى ليزيدكم اللّه منها ويبقيها عليكم.وأما مقابلة النعم بالكفر والمعاصي فهذه حال من بدَّل نعمة اللّه كفرا ونعمته محنة وهو معرض لها للزوال والانتقال منه إلى غيره.
(الواو) استئنافيّة
(من آياته أن يرسل..) مثل من آياته أنخلقكم ،
(مبشّرات) حال منصوبة من الرياح، وعلامة النصب الكسرة
(الواو) عاطفة
(اللام) للتعليل في المواضع الثلاثة
(يذيقكم) مثل يجزي ،
(من رحمته) متعلّق بـ (يذيقكم) ،
(تجري) مثل يجزي ،،
(بأمره) متعلّق بـ (تجري) ،
(تبتغوا) مثل يجزي .
(من فضله) متعلّق بـ (تبتغوا) ،
(الواو) عاطفة ...والمصدر المؤوّلـ (أن يرسل ... ) في محلّ رفع مبتدأ مؤخّر.
والمصدر المؤوّلـ (أن يذيقكم ... ) في محلّ جر باللام متعلّق بفعل مقدّر أي يرسلها .
والمصدر المؤوّلـ (أن تجري..) في محلّ جرّ باللام متعلّق بفعل مقدّر أي يرسلها.
وجملة: «
(أن
(تبتغوا) » في محلّ جرّ باللام متعلّق بفعل مقدّر أي يرسلها.
جملة: «من آياته
(إرسال) الرياح» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يرسل» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة: «يذيقكم» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي(أن) المضمر.
وجملة: «تجري الفلك ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر الثاني.
وجملة: «تبتغوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) الثالث.وجملة: «لعلّكم تشكرون» لا محلّ لها معطوفة على تعليل مقدّر أي: فعل ذلك لعلّكم تفلحون ولعلّكم تشكرون.
وجملة: «تشكرون» في محلّ رفع خبر لعلّ.
- القرآن الكريم - الروم٣٠ :٤٦
Ar-Rum30:46