يٰنِسَآءَ النَّبِىِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَآءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِى فِى قَلْبِهِۦ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا
يٰنِسَآءَ النَّبِىِّ لَسۡتُنَّ كَاَحَدٍ مِّنَ النِّسَآءِ اِنِ اتَّقَيۡتُنَّ فَلَا تَخۡضَعۡنَ بِالۡقَوۡلِ فَيَـطۡمَعَ الَّذِىۡ فِىۡ قَلۡبِهٖ مَرَضٌ وَّقُلۡنَ قَوۡلًا مَّعۡرُوۡفًا
تفسير ميسر:
يا نساء النبيِّ -محمد- لستنَّ في الفضل والمنزلة كغيركنَّ من النساء، إن عملتن بطاعة الله وابتعدتن عن معاصيه، فلا تتحدثن مع الأجانب بصوت لَيِّن يُطمع الذي في قلبه فجور ومرض في الشهوة الحرام، وهذا أدب واجب على كل امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، وقُلن قولا بعيدًا عن الريبة، لا تنكره الشريعة.
هذه آداب أمر الله تعالى بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساء الأمة تبع لهن في ذلك فقال تعالى مخاطبا لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بأنهن إذا اتقين الله عز وجل كما أمرهن فإنه لا يشبههن أحد من النساء ولا يلحقهن في الفضيلة والمنزلة ثم قال تعالى; "فلا تخضعن بالقول "قال السدي وغيره يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال ولهذا قال تعالى; "فيطمع الذي في قلبه مرض "أي دغل "وقلن قولا معروفا "قال ابن زيد قولا حسنا جميلا معروفا في الخير ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم أي لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها;.
قوله تعالى ; يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا .قوله تعالى ; يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن يعني في الفضل والشرف . وقال ; كأحد ولم يقل كواحدة ؛ لأن أحدا نفي من المذكر والمؤنث والواحد والجماعة . وقد يقال على ما ليس بآدمي ، يقال ; ليس فيها أحد ، لا شاة ولا بعير . وإنما خصص النساء بالذكر لأن فيمن تقدم آسية ومريم . وقد أشار إلى هذا قتادة ، وقد تقدم في ( آل عمران ) الاختلاف في التفضيل بينهن ، فتأمله هناك . ( إن اتقيتن ) أي خفتن الله . فبين أن الفضيلة إنما تتم لهن بشرط التقوى ، لما منحهن الله من صحبة الرسول وعظيم المحل منه ، ونزول القرآن في حقهن .قوله تعالى ; فلا تخضعن بالقول في موضع جزم بالنهي ، إلا أنه مبني كما بني الماضي ، هذا مذهب سيبويه ، أي لا تلن القول . أمرهن الله أن يكون قولهن جزلا وكلامهن فصلا ، ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين ، كما كانت الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال بترخيم الصوت ولينه ، مثل كلام المريبات والمومسات . فنهاهن عن مثل هذا .قوله تعالى ; فيطمع بالنصب على جواب النهي . ( الذي في قلبه مرض ) أي شك ونفاق ، عن قتادة والسدي . وقيل ; تشوف الفجور ، وهو الفسق والغزل ، قاله عكرمة . وهذا أصوب ، وليس للنفاق مدخل في هذه الآية . وحكى أبو حاتم أن الأعرج قرأ ( فيطمع ) بفتح الياء وكسر الميم . النحاس ; أحسب هذا غلطا ، وأن يكون قرأ ( فيطمع ) بفتح الميم وكسر العين بعطفه على تخضعن فهذا وجه جيد حسن . ويجوز ( فيطمع ) بمعنى فيطمع الخضوع أو القول .[ ص; 162 ] قوله تعالى ; وقلن قولا معروفا قال ابن عباس ; أمرهن بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . والمرأة تندب إذا خاطبت الأجانب وكذا المحرمات عليها بالمصاهرة إلى الغلظة في القول ، من غير رفع صوت ، فإن المرأة مأمورة بخفض الكلام . وعلى الجملة فالقول المعروف ; هو الصواب الذي لا تنكره الشريعة ولا النفوس .
القول في تأويل قوله تعالى ; يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا (32)يقول تعالى ذكره لأزواج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم; (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ) من نساء هذه الأمة (إنِ اتَّقَيْتُنَّ) الله فأطعتنه في ما أمركن ونهاكن.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ) يعني من نساء هذه الأمة.وقوله; (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) يقول; فلا تلن بالقول للرجال فيما يبتغيه أهل الفاحشة منكن. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) يقول; لا ترخصن بالقول، ولا تخضعن بالكلام.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب قال; قال ابن زيد في قوله (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) قال; خضع القول ما يكره من قول النساء للرجال مما يدخل في قلوب الرجال.وقوله (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) يقول; فيطمع الذي في قلبه ضعف، فهو لضعف إيمانه في قلبه؛ إما شاك في الإسلام منافق، فهو لذلك من أمره يستخف بحدود الله، وإما متهاون بإتيان الفواحش.وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك؛ فقال بعضهم; إنما وصفه بأن في قلبه مرضا، لأنه منافق.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) قال; نفاق.وقال آخرون; بل وصفه بذلك لأنهم يشتهون إتيان الفواحش.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) قال; قال عكرمة; شهوة الزنا.وقوله; (وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا) يقول; وقلن قولا قد أذن الله لكم به وأباحه.كما حدثنا يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد في قوله (وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا) قال; قولا جميلا حسنا معروفا في الخير.
يقول تعالى: { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ } خطاب لهن كلهن { لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ } اللّه، فإنكن بذلك، تفقن النساء، ولا يلحقكن أحد من النساء، فكملن التقوى بجميع وسائلها ومقاصدها. فلهذا أرشدهن إلى قطع وسائل المحرم، فقال: { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } أي: في مخاطبة الرجال، أو بحيث يسمعون فَتَلِنَّ في ذلك، وتتكلمن بكلام رقيق يدعو ويطمع { الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } أي: مرض شهوة الزنا، فإنه مستعد، ينظر أدنى محرك يحركه، لأن قلبه غير صحيح [فإن القلب الصحيح] ليس فيه شهوة لما حرم اللّه، فإن ذلك لا تكاد تُمِيلُه ولا تحركه الأسباب، لصحة قلبه، وسلامته من المرض. بخلاف مريض القلب، الذي لا يتحمل ما يتحمل الصحيح، ولا يصبر على ما يصبر عليه، فأدنى سبب يوجد، يدعوه إلى الحرام، يجيب دعوته، ولا يتعاصى عليه، فهذا دليل على أن الوسائل، لها أحكام المقاصد. فإن الخضوع بالقول، واللين فيه، في الأصل مباح، ولكن لما كان وسيلة إلى المحرم، منع منه، ولهذا ينبغي للمرأة في مخاطبة الرجال، أن لا تلِينَ لهم القول. ولما نهاهن عن الخضوع في القول، فربما توهم أنهن مأمورات بإغلاظ القول، دفع هذا بقوله: { وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا } أي: غير غليظ، ولا جاف كما أنه ليس بِلَيِّنٍ خاضع. وتأمل كيف قال: { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } ولم يقل: { فلا تَلِنَّ بالقول } وذلك لأن المنهي عنه، القول اللين، الذي فيه خضوع المرأة للرجل، وانكسارها عنده، والخاضع، هو الذي يطمع فيه، بخلاف من تكلم كلامًا لينًا، ليس فيه خضوع، بل ربما صار فيه ترفع وقهر للخصم، فإن هذا، لا يطمع فيه خصمه، ولهذا مدح اللّه رسوله باللين، فقال: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ } وقال لموسى وهارون: { اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } ودل قوله: { فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } مع أمره بحفظ الفرج وثنائه على الحافظين لفروجهم، والحافظات، ونهيه عن قربان الزنا، أنه ينبغي للعبد، إذا رأى من نفسه هذه الحالة، وأنه يهش لفعل المحرم عندما يرى أو يسمع كلام من يهواه، ويجد دواعي طمعه قد انصرفت إلى الحرام، فَلْيَعْرِفْ أن ذلك مرض. فَلْيَجْتَهِدْ في إضعاف هذا المرض وحسم الخواطر الردية، ومجاهدة نفسه على سلامتها من هذا المرض الخطر، وسؤال اللّه العصمة والتوفيق، وأن ذلك من حفظ الفرج المأمور به.
(نساء) منادى مضاف منصوبـ (كأحد) متعلّق بخبر ليس
(من النساء) متعلّق بنعت لأحد
(اتقيتنّ) فعل ماض مبنيّ في محلّ جزم فعل الشرط
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(لا) ناهية جازمة
(تخضعن) مضارع مبنيّ على السكون في محلّ جزم
(بالقول) متعلّق بـ (تخضعن) بتضمينه معنى تغتررن
(الفاء) فاء السببيّة
(يطمع) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء
(في قلبه) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ مرض
(قولا) مفعول به منصوب .جملة: «يا نساء ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لستنّ ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «إن اتقيتنّ ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «لا تخضعن ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «يطمع الذي ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
والمصدر المؤوّلـ (أن يطمع) في محلّ رفع معطوف بالفاء على مصدر مأخوذ من النهي السابق أي: لا يكن منكنّ خضوع فطمع ممن في قلبه مرض.
وجملة: «في قلبه مرض ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) .
وجملة: «قلن ... » في محلّ جزم معطوفة على جملة لا تخضعن.
(33)
(الواو) عاطفة
(قرن) فعل أمر مبنيّ على السكون ... والنون فاعلـ (في بيوتكنّ) متعلّق بـ (قرن) ،
(لا تبرجن) مثل لا تخضعن
(تبرّج) مفعول مطلق منصوبـ (إنّما) كافة ومكفوفة و (اللام) زائدة
(يذهب) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام
(عنكم) متعلّق بـ (يذهب) ،
(أهل) منادى مضاف منصوبـ (تطهيرا) مفعول مطلق منصوب.
والمصدر المؤوّلـ (أن يذهب) في محلّ نصب مفعول به عامله يريد.
وجملة: «قرن ... » في محلّ جزم معطوفة على جملة لا تخضعن.
وجملة: «لا تبرّجن ... » في محلّ جزم معطوفة على جملة لا تخضعن.وجملة: «أقمن ... » في محلّ جزم معطوفة على جملة لا تخضعن.
وجملة: «آتين ... » في محلّ جزم معطوفة على جملة لا تخضعن.
وجملة: «أطعن ... » في محلّ جزم معطوفة على لا تخضعن أو أقمن.
وجملة: «إنّما يريد الله ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «يذهب ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
وجملة: «يطهّركم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يذهب.
(34) -:
(الواو) عاطفة
(ما) اسم موصول في محلّ نصب مفعول به، ونائب الفاعل لفعلـ (يتلى) ضمير هو العائد
(في بيوتكنّ) متعلّق بـ (يتلى) ،
(من آيات) متعلّق بحال من نائب الفاعلـ (خبيرا) خبر ثان للناقص.
وجملة: «اذكرن ... » في محلّ جزم معطوفة على جملة أطعن.
وجملة: «يتلى ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «إنّ الله كان ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو تعليليّة-.
وجملة: «كان لطيفا ... » في محلّ رفع خبر إنّ.