الرسم العثمانييٰٓأَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوٰجَكَ الّٰتِىٓ ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمّٰتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خٰلٰتِكَ الّٰتِى هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِىِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِىُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۗ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِىٓ أَزْوٰجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمٰنُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا
الـرسـم الإمـلائـييٰۤاَيُّهَا النَّبِىُّ اِنَّاۤ اَحۡلَلۡنَا لَـكَ اَزۡوَاجَكَ الّٰتِىۡۤ اٰتَيۡتَ اُجُوۡرَهُنَّ وَمَا مَلَـكَتۡ يَمِيۡنُكَ مِمَّاۤ اَفَآءَ اللّٰهُ عَلَيۡكَ وَبَنٰتِ عَمِّكَ وَبَنٰتِ عَمّٰتِكَ وَبَنٰتِ خَالِكَ وَبَنٰتِ خٰلٰتِكَ الّٰتِىۡ هَاجَرۡنَ مَعَكَ وَامۡرَاَةً مُّؤۡمِنَةً اِنۡ وَّهَبَتۡ نَفۡسَهَا لِلنَّبِىِّ اِنۡ اَرَادَ النَّبِىُّ اَنۡ يَّسۡتَـنۡكِحَهَا خَالِصَةً لَّـكَ مِنۡ دُوۡنِ الۡمُؤۡمِنِيۡنَ ؕ قَدۡ عَلِمۡنَا مَا فَرَضۡنَا عَلَيۡهِمۡ فِىۡۤ اَزۡوَاجِهِمۡ وَمَا مَلَـكَتۡ اَيۡمَانُهُمۡ لِكَيۡلَا يَكُوۡنَ عَلَيۡكَ حَرَجٌ ؕ وَكَانَ اللّٰهُ غَفُوۡرًا رَّحِيۡمًا
تفسير ميسر:
يا أيها النبي إنَّا أبَحْنا لك أزواجك اللاتي أعطيتهن مهورهن، وأبَحْنا لك ما مَلَكَتْ يمينك من الإماء، مما أنعم الله به عليك، وأبحنا لك الزواج من بنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك، وأبحنا لك امرأة مؤمنة مَنَحَتْ نفسها لك من غير مهر، إن كنت تريد الزواج منها خالصة لك، وليس لغيرك أن يتزوج امرأة بالهِبَة. قد علمنا ما أوجبنا على المؤمنين في أزواجهم وإمائهم بألا يتزوجوا إلا أربع نسوة، وما شاؤوا من الإماء، واشتراط الوليِّ والمهر والشهود عليهم، ولكنا رخصنا لك في ذلك، ووسَّعْنا عليك ما لم يُوسَّع على غيرك؛ لئلا يضيق صدرك في نكاح مَن نكحت مِن هؤلاء الأصناف. وكان الله غفورًا لذنوب عباده المؤمنين، رحيمًا بالتوسعة عليهم.
يقول تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه قد أحل له من النساء أزواجه اللاتي أعطاهن مهورهن وهى الأجور ههنا كما قاله مجاهد وغير واحد وقد كان مهره لنسائه اثنتي عشرة أوقية ونشأ وهو نصف أوقية فالجميع خمسمائة درهم إلا أم حبيبة بنت أبي سفيان فإنه أمهرها عنه النجاشي رحمه الله تعالى أربعمائة دينار وإلا صفية بنت حيي فإنه اصطفاها من سبي خيبر ثم أعتقها وجعل عتقها صداقها وكذلك جويرية بنت الحارث المصطلقية أدى عنها كتابتها إلى ثابت بن قيس بن شماس وتزوجها "0 أجمعين وقوله تعالى "وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك "أي وأباح لك التسري مما أخذت من المغانم وقد ملك صفية وجويرية فأعتقهما وتزوجهما وملك ريحانه بنت شمعون النضرية ومارية القبطية أم ابنه إبراهيم عليهما السلام وكانتا من السراري رضي الله عنهما وقوله تعالى; "وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك "الآية هذا عدل وسط بين الإفراط والتفريط فإن النصارى لا يتزوجون المرأة إلا إذا كان الرجل بينه وبينها سبعة أجداد فصاعدا واليهود يتزوج أحدهم بنت أخيه وبنت أخته فجاءت هذه الشريعة الكاملة الطاهرة بهدم إفراط النصارى فأباح بنت العم والعمة وبنت الخال والخالة وتحريم ما فرطت فيه اليهود من إباحة بنت الأخ والأخت وهذا شنيع فظيع وإنما قال "وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك "فوحد لفظ الذكر لشرفه وجمع الإناث لنقصهن كقوله; "عن اليمين والشمائل " "يخرجهم من الظلمات إلى النور" وجعل الظلمات والنور "وله نظائر كثيرة وقوله تعالي; "اللاتي هاجرن معك "قال ابن أبي حاتم رحمه الله حدثنا محمد بن عمار بن الحارث الرازي حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا إسرائيل عن السدي عن أبي صالح عن أم هانئ قالت خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذرت إليه فعذرني ثم أنزل الله تعالى; "إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك "قالت فلم أكن أحل له لم أكن ممن هاجر معه كنت من الطلقاء ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن عبيد الله بن موسى به ثم رواه ابن أبي حاتم من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح عنها بنحوه ورواه الترمذي في جامعه وهكذا قال أبو رزين وقتادة أن المراد من هاجر معه إلى المدينة وفي رواية عن قتادة "اللاتي هاجرن معك "أي أسلمن وقال الضحاك قرأ ابن مسعود "واللائي هاجرن من معك " وقوله تعالى "وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك "الآية أي ويحل لك أيها النبي المرأة المؤمنة إن وهبت نفس لك أن تتزوجها بغير مهر إن شئت ذلك وهذه الآية توالي فيها شرطان كقوله تعالى إخبارا عن نوح "إنه قال لقومه ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم "وكقول موسى "يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين "وقال ههنا "وامرأة مؤمنه إن وهبت نفسها للنبي "الآية وقد قال الإمام أحمد حدثنا إسحاق أخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت يا رسول الله إنى قد وهبت نفسي لك فقامت قياما طويلا فقام رجل فقال يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ فقال ما عندي إلا إزاري هذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك فالتمس شيئا فقال لا أجد شيئا فقال التمس ولو خاتما من حديد فالتمس فلم يجد شيئا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم هل معك من القرآن شيء؟ قال نعم سورة كذا وسورة كذا السور يسميها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم زوجتكما; بما معك من القرآن أخرجاه من حديث مالك وقال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا مرحوم سمعت ثابتا يقول; كنت مع أنس جالسا وعنده ابنه له فقال أني جاءت أمرأته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا نبي الله هل لك في حاجة فقالت ابنته ما كان أقل حياءها فقال هي خير منك رغبت في النبي فعرضت عليه نفسها انفرد بإخراجه البخاري من حديث مرحوم بن عبد العزيز عن ثابت البناني عن أنس به; وقال أحمد أيضا حدثنا عبد الله بن بكير حدثنا سنان بن ربيعة عن الحضرمي عن أنس بن مالك أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ابنة لي كذا وكذا فذكرت من حسنها وجمالها فأثرتك بها فقال قد قبلتها فلم تزل تمدحها حتى ذكرت أنها لم تصدع ولم تشك شيئا قط فقال لا حاجة لي فى ابنتك لم يخرجوه وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا منصور بن أبي مزاحم حدثنا ابن أبي الوضاح يعني محمد بن مسلم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم خوله بنت حكيم وقال ابن وهب عن سعيد بن عبد الرحمن وابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه أن خولة بنت حكيم بن الأوقص من بني سليم كانت من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية له عن سعيد بن عبد الرحمن عن هشام عن أبيه كنا نتحدث أن خولة بنت حكيم كانت وهبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت امرأة صالحة فيحتمل أن أم سليم هي خولة بنت حكيم أو هي امرأة أخـرى وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي حدثنا وكيع حدثنا موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب وعمر بن الحكم وعبد الله بن عبيدة قالوا; تزوج رسول الله ثلاث عشرة امرأة ستا من قريش; خديجة وعائشة وحفصة وأم حبيبة وسودة وأم سلمة وثلاثة من بني عامر بن صعصعة وامرأتين من بني هلال بن عامر ميمونه بنت الحارث وهي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وزينب أم المساكين وامرأة من بني بكر بن كلاب من القرظيات وهي التي اختارت الدنيا وامرأة من بني الجون وهي التي استعاذت منه وزينب بنت جحش الأسدية والسبيتين صفية بنت حيي بن أخطب وجويرية بنت الحارث بن عمرو بن المصطلق الخزاعية وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس "وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي "قال هي ميمونه بنت الحارث فيه انقطاع هو مرسل والمشهور أن زينب التي كانت تدعى أم المسلمين هي زينب بنت خزمة الأنصارية وقد ماتت عند النبي صلى الله عليه وسلم في حياته فالله أعلم والغرض من هذا أن اللاتي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم كثير كما قال البخاري حدثنا زكريا بن يحيى حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم وأقول أتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله تعالى "ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك "قلت ما أرى ربك إلا يسارع في هواك وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا محمد بن منصور الجعفي حدثنا يونس بن بكير عن عنبسة بن الأزهر عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال لم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأه وهبت نفسها له ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن يونس بن بكير أي أنه لم يقبل واحدة ممن وهبت نفسها له وإن ذلك مباحا له ومخصوصا به لأنه مردود إلى مشيئته كما قال الله تعالى "إن أراد النبي أن يستنكحها "أي إن اختار ذلك وقوله تعالى "خالصة لك من دون المؤمنين "قال عكرمة أي لا تحل الموهوبة لغيرك ولو أن امرأة وهبت نفسها لرجل لم تحل له حتى يعطيها شيئا وكذا قال مجاهد والشعبي وغيرهما أي إنها إذا فوضت المرأة نفسها إلى رجل فإنه متى دخل بها وجب عليه بها مهر مثلها كما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم في تزويج بنت واشق لما فوضت فحكم لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بصداق مثلها لما توفي عنها زوجها والموت والدخول سواء في تقرير المهر وثبوت مهر المثل في المفوضة لغير النبي صلى الله عليه وسلم فأما هو عليه السلام فإنه لا يجب عليه للمفوضة شيء ولو دخل بها لأن له أن يتزوج بغير صداق ولا ولي ولا شهود كما في قصة زينب بنت جحش رضي الله عنها ولهذا قال قتادة في قوله "خالصة لك من دون المؤمنين "يقول ليس لامرأة تهب نفسها لرجل بغير ولي ولا مهر إلا للنبي صلى الله عليه وسلم وقوله تعالى "قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم "قال أبي بن كعب ومجاهد والحسن وقتادة وابن جرير في قوله "قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم "أي من حصرهم في أربع نسوة حرائر وما شاءوا س الإماء واشتراط الولي والمهر والشهود عليهم وهم الأمة وقد رخصنا لك فلم نوجب عليك شيئا منه "لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما ".
قوله تعالى ; يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما .فيه تسع عشرة مسألة ;الأولى ; روى السدي عن أبي صالح عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت ; خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذرت إليه فعذرني ، ثم أنزل الله تعالى ; إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك قالت ; فلم أكن أحل له ; لأني لم أهاجر ، كنت من الطلقاء . خرجه أبو عيسى وقال ; هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه . قال ابن العربي ; وهو ضعيف جدا ولم يأت هذا الحديث من طريق صحيح يحتج بها .الثانية ; لما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه فاخترنه ، حرم عليه التزوج بغيرهن والاستبدال بهن ، مكافأة لهن على فعلهن . والدليل على ذلك قوله تعالى ; لا يحل لك النساء من بعد الآية . وهل كان يحل له أن يطلق واحدة منهن بعد ذلك ؟ فقيل ; لا يحل له ذلك عزاء لهن على اختيارهن له . وقيل ; كان يحل له ذلك كغيره من النساء ولكن لا يتزوج بدلها . ثم نسخ هذا التحريم فأباح له أن يتزوج بمن شاء عليهن من النساء ، والدليل عليه قوله تعالى ; إنا أحللنا لك أزواجك والإحلال يقتضي تقدم حظر . وزوجاته اللاتي في حياته لم يكن محرمات عليه ، وإنما كان حرم عليه التزويج بالأجنبيات فانصرف الإحلال إليهن ، ولأنه قال في سياق الآية وبنات عمك وبنات عماتك الآية . ومعلوم أنه لم يكن تحته أحد من بنات عمه ولا من [ ص; 188 ] بنات عماته ولا من بنات خاله ولا من بنات خالاته ، فثبت أنه أحل له التزويج بهذا ابتداء . وهذه الآية وإن كانت مقدمة في التلاوة فهي متأخرة النزول على الآية المنسوخة بها ، كآيتي الوفاة في ( البقرة ) .وقد اختلف الناس في تأويل قوله تعالى ; إنا أحللنا لك أزواجك فقيل ; المراد بها أن الله تعالى أحل له أن يتزوج كل امرأة يؤتيها مهرها ، قال ابن زيد والضحاك . فعلى هذا تكون الآية مبيحة جميع النساء حاشا ذوات المحارم . وقيل ; المراد أحللنا لك أزواجك ، أي الكائنات عندك ، لأنهن قد اخترنك على الدنيا والآخرة ، قال الجمهور من العلماء . وهو الظاهر ؛ لأن قوله ; آتيت أجورهن ماض ، ولا يكون الفعل الماضي بمعنى الاستقبال إلا بشروط . ويجيء الأمر على هذا التأويل ضيقا على النبي صلى الله عليه وسلم . ويؤيد هذا التأويل ما قاله ابن عباس ; كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوج في أي الناس شاء ، وكان يشق ذلك على نسائه ، فلما نزلت هذه الآية وحرم عليه بها النساء إلا من سمي ، سر نساؤه بذلك .قلت ; والقول الأول أصح لما ذكرناه ويدل أيضا على صحته ما خرجه الترمذي عن عطاء قال ; قالت عائشة رضي الله عنها ; ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله تعالى له النساء . قال ; هذا حديث حسن صحيح .الثالثة ; قوله تعالى ; وما ملكت يمينك أحل الله تعالى السراري لنبيه صلى الله عليه وسلم ولأمته مطلقا ، وأحل الأزواج لنبيه عليه الصلاة والسلام مطلقا ، وأحله للخلق بعدد . وقوله مما أفاء الله عليك أي رده عليك من الكفار . والغنيمة قد تسمى فيئا ، أي مما أفاء الله عليك من النساء بالمأخوذ على وجه القهر والغلبة .الرابعة ; قوله تعالى ; وبنات عمك وبنات عماتك أي أحللنا لك ذلك زائدا من الأزواج اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك ، على قول الجمهور ، لأنه لو أراد أحللنا لك كل امرأة تزوجت وآتيت أجرها ، لما قال بعد ذلك ; وبنات عمك وبنات عماتك لأن ذلك داخل فيما تقدم .قلت ; وهذا لا يلزم ، وإنما خص هؤلاء بالذكر تشريفا ، كما قال تعالى ; فيهما فاكهة ونخل ورمان . والله أعلم .الخامسة ; قوله تعالى ; خالاتك اللاتي هاجرن فيه قولان ; الأول ; لا يحل لك من [ ص; 189 ] قرابتك كبنات عمك العباس وغيره من أولاد عبد المطلب ، وبنات أولاد بنات عبد المطلب ، وبنات الخال من ولد بنات عبد مناف بن زهرة إلا من أسلم ، لقوله صلى الله عليه وسلم ; المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله تعالى عنه . الثاني ; لا يحل لك منهن إلا من هاجر إلى المدينة ، لقوله تعالى ; والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا ومن لم يهاجر لم يكمل ، ومن لم يكمل لم يصلح للنبي صلى الله عليه وسلم الذي كمل وشرف وعظم ، صلى الله عليه وسلم .السادسة ; قوله تعالى ; ( معك ) المعية هنا الاشتراك في الهجرة لا في الصحبة فيها ، فمن هاجر حل له ، كان في صحبته إذ هاجر أو لم يكن . يقال ; دخل فلان معي وخرج معي ، أي كان عمله كعملي وإن لم يقترن فيه عملكما . ولو قلت ; خرجنا معا لاقتضى ذلك المعنيين جميعا ; الاشتراك في الفعل ، والاقتران فيه .السابعة ; ذكر الله تبارك وتعالى العم فردا والعمات جمعا . وكذلك قال ; خالك ، وخالاتك والحكمة في ذلك ; أن العم والخال في الإطلاق اسم جنس كالشاعر والراجز ، وليس كذلك العمة والخالة . وهذا عرف لغوي ، فجاء الكلام عليه بغاية البيان لرفع الإشكال ، وهذا دقيق فتأملوه ، قاله ابن العربي .الثامنة ; قوله تعالى ; وامرأة مؤمنة عطف على ( أحللنا ) المعنى وأحللنا كل امرأة تهب نفسها من غير صداق . وقد اختلف في هذا المعنى ، فروي عن ابن عباس أنه قال ; لم تكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة إلا بعقد نكاح أو ملك يمين . فأما الهبة فلم يكن عنده منهن أحد . وقال قوم ; كانت عنده موهوبة .قلت ; والذي في الصحيحين يقوي هذا القول ويعضده ، روى مسلم عن عائشة [ ص; 190 ] رضي الله عنها أنها قالت ; كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول ; أما تستحي امرأة تهب نفسها لرجل ! حتى أنزل الله تعالى ترجي من تشاء منهن وتئوي إليك من تشاء فقلت ; والله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك . وروى البخاري عن عائشة أنها قالت ; كانت خولة بنت حكيم من اللائي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدل هذا على أنهن كن غير واحدة . والله تعالى أعلم . الزمخشري ; . وقيل الموهبات أربع ; ميمونة بنت الحارث ، وزينب بنت خزيمة أم المساكين الأنصارية ، وأم شريك بنت جابر ، وخولة بنت حكيم .قلت ; وفي بعض هذا اختلاف . قال قتادة ; هي ميمونة بنت الحارث . وقال الشعبي ; هي زينب بنت خزيمة أم المساكين امرأة من الأنصار . وقال علي بن الحسين والضحاك ومقاتل ; هي أم شريك بنت جابر الأسدية . وقال عروة بن الزبير ; أم حكيم بنت الأوقص السلمية .التاسعة ; وقد اختلف في اسم الواهبة نفسها ، فقيل هي أم شريح الأنصارية ، اسمها غزية . وقيل غزيلة . وقيل ليلى بنت حكيم . وقيل ; هي ميمونة بنت الحارث حين خطبها النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاءها الخاطب وهي على بعيرها فقالت ; البعير وما عليه لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وقيل ; هي أم شريك العامرية ، وكانت عند أبي العكر الأزدي . وقيل عند الطفيل بن الحارث فولدت له شريكا . وقيل ; إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها ، ولم يثبت ذلك . والله تعالى أعلم ، ذكره أبو عمر بن عبد البر . وقال الشعبي وعروة ; وهي زينب بنت خزيمة أم المساكين . والله تعالى أعلم .العاشرة ; قرأ جمهور الناس إن وهبت بكسر الألف ، وهذا يقتضي استئناف الأمر ، أي إن وقع فهو حلال له . وقد روي عن ابن عباس ومجاهد أنهما قالا ; لم يكن عند النبي صلى الله عليه وسلم امرأة موهوبة ، وقد دللنا على خلافه . وروى الأئمة من طريق سهل وغيره في الصحاح ; أن امرأة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ; جئت أهب لك نفسي ، فسكت حتى قام رجل فقال ; زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة . فلو كانت هذه الهبة غير جائزة لما سكت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لا يقر على الباطل إذا سمعه ، غير أنه يحتمل أن يكون سكوته منتظرا بيانا ، فنزلت الآية بالتحليل والتخيير ، فاختار تركها وزوجها من غيره . ويحتمل أن يكون سكت ناظرا في ذلك حتى قام الرجل لها طالبا . وقرأ الحسن البصري وأبي بن كعب والشعبي ( أن ) بفتح الألف . وقرأ [ ص; 191 ] الأعمش ( وامرأة مؤمنة وهبت ) . قال النحاس ; وكسر إن أجمع للمعاني ، لأنه قيل إنهن نساء . وإذا فتح كان المعنى على واحدة بعينها ؛ لأن الفتح على البدل من امرأة ، أو بمعنى لأن .الحادية عشرة ; قوله تعالى ; ( مؤمنة ) يدل على أن الكافرة لا تحل له . قال إمام الحرمين ; وقد اختلف في تحريم الحرة الكافرة عليه . قال ابن العربي ; والصحيح عندي تحريمها عليه . وبهذا يتميز علينا ، فإنه ما كان من جانب الفضائل والكرامة فحظه فيه أكثر ، وما كان جانب النقائص فجانبه عنها أطهر ; فجوز لنا نكاح الحرائر الكتابيات ، وقصر هو صلى الله عليه وسلم لجلالته على المؤمنات . وإذا كان لا يحل له من لم تهاجر لنقصان فضل الهجرة فأحرى ألا تحل له الكافرة الكتابية لنقصان الكفر .الثانية عشرة ; قوله تعالى ; إن وهبت نفسها دليل على أن النكاح عقد معاوضة على صفات مخصوصة ، قد تقدمت في ( النساء ) وغيرها . وقال الزجاج ; معنى إن وهبت نفسها للنبي حلت . وقرأ الحسن ; ( أن وهبت ) بفتح الهمزة . و ( أن ) في موضع نصب . قال الزجاج ; أي لأن . وقال غيره ; ( أن وهبت ) بدل اشتمال من ( امرأة ) .الثالثة عشرة ; قوله تعالى ; إن أراد النبي أن يستنكحها أي إذا وهبت المرأة نفسها وقبلها النبي صلى الله عليه وسلم حلت له ، وإن لم يقبلها لم يلزم ذلك . كما إذا وهبت لرجل شيئا فلا يجب عليه القبول ، بيد أن من مكارم أخلاق نبينا أن يقبل من الواهب هبته . ويرى الأكارم أن ردها هجنة في العادة ، ووصمة على الواهب وأذية لقلبه ، فبين الله ذلك في حق رسوله صلى الله عليه وسلم وجعله قرآنا يتلى ، ليرفع عنه الحرج ، ويبطل بطل الناس في عادتهم وقولهم .الرابعة عشرة ; قوله تعالى خالصة لك أي هبة النساء أنفسهن خالصة ومزية لا تجوز ، فلا يجوز أن تهب المرأة نفسها لرجل . ووجه الخاصية أنها لو طلبت فرض المهر قبل الدخول لم يكن لها ذلك . فأما فيما بيننا فللمفوضة طلب المهر قبل الدخول ، ومهر المثل بعد الدخول .الخامسة عشرة ; أجمع العلماء على أن هبة المرأة نفسها غير جائز ، وأن هذا اللفظ من الهبة لا يتم عليه نكاح ، إلا ما روي عن أبي حنيفة وصاحبيه فإنهم قالوا ; إذا وهبت فأشهد هو على نفسه بمهر فذلك جائز . قال ابن عطية ; فليس في قولهم إلا تجويز العبارة ولفظة الهبة ، [ ص; 192 ] وإلا فالأفعال التي اشترطوها هي أفعال النكاح بعينه ، وقد تقدمت هذه المسألة في ( القصص ) مستوفاة . والحمد لله .السادسة عشرة ; خص الله تعالى رسوله في أحكام الشريعة بمعاني لم يشاركه فيها أحد - في باب الفرض والتحريم والتحليل - مزية على الأمة وهبت له ، ومرتبة خص بها ، ففرضت عليه أشياء ما فرضت على غيره ، وحرمت عليه أفعال لم تحرم عليهم ، وحللت له أشياء لم تحلل لهم ، منها متفق عليه ومختلف فيه .فأما ما فرض عليه فتسعة ; الأول - التهجد بالليل ، يقال ; إن قيام الليل كان واجبا عليه إلى أن مات ، لقوله تعالى ; يا أيها المزمل قم الليل الآية . والمنصوص أنه كان ، واجبا عليه ثم نسخ بقوله تعالى ; ومن الليل فتهجد به نافلة لك وسيأتي . الثاني ; الضحى . الثالث ; الأضحى . الرابع ; الوتر ، وهو يدخل في قسم التهجد . الخامس ; السواك . السادس ; قضاء دين من مات معسرا . السابع ; مشاورة ذوي الأحلام في غير الشرائع . الثامن ; تخيير النساء . التاسع ; إذا عمل عملا أثبته . زاد غيره ; وكان يجب عليه إذا رأى منكرا أنكره وأظهره ؛ لأن إقراره لغيره على ذلك يدل على جوازه ، ذكره صاحب البيان .وأما ما حرم عليه فجملته عشرة ; الأول ; تحريم الزكاة عليه وعلى آله . الثاني ; صدقة التطوع عليه ، وفي آله تفصيل باختلاف . الثالث ; خائنة الأعين ، وهو أن يظهر خلاف ما يضمر ، أو ينخدع عما يجب . وقد ذم بعض الكفار عند إذنه ثم ألان له القول عند دخوله . الرابع ; حرم الله عليه إذا لبس لأمته أن يخلعها عنه أو يحكم الله بينه وبين محاربه . الخامس ; الأكل متكئا . السادس ; أكل الأطعمة الكريهة الرائحة . السابع ; التبدل بأزواجه ، وسيأتي . الثامن ; نكاح امرأة تكره صحبته . التاسع ; نكاح الحرة الكتابية . العاشر ; نكاح الأمة .وحرم الله عليه أشياء لم يحرمها على غيره تنزيها له وتطهيرا . فحرم الله عليه الكتابة وقول الشعر وتعليمه ، تأكيدا لحجته وبيانا لمعجزته قال الله تعالى ; وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك . وذكر النقاش أن النبي صلى الله عليه وسلم ما مات حتى كتب ، والأول هو [ ص; 193 ] المشهور . وحرم عليه أن يمد عينيه إلى ما متع به الناس ، قال الله تعالى ; لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم الآية .وأما ما أحل له صلى الله عليه وسلم فجملته ستة عشر ; الأول ; صفي المغنم . الثاني ; الاستبداد بخمس الخمس أو الخمس . الثالث ; الوصال . الرابع ; الزيادة على أربع نسوة . الخامس ; النكاح بلفظ الهبة . السادس ; النكاح بغير ولي . السابع ; النكاح بغير صداق . الثامن ; نكاحه في حالة الإحرام . التاسع ; سقوط القسم بين الأزواج عنه ، وسيأتي . العاشر ; إذا وقع بصره على امرأة وجب على زوجها طلاقها ، وحل له نكاحها . قال ابن العربي ; هكذا قال إمام الحرمين ، وقد مضى ما للعلماء في قصة زيد من هذا المعنى . الحادي عشر ; أنه أعتق صفية وجعل عتقها صداقها . الثاني عشر ; دخول مكة بغير إحرام ، وفي حقنا فيه اختلاف . الثالث عشر ; القتال بمكة . الرابع عشر ; أنه لا يورث . وإنما ذكر هذا في قسم التحليل لأن الرجل إذا قارب الموت بالمرض زال عنه أكثر ملكه ، ولم يبق له إلا الثلث خالصا ، وبقي ملك رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما تقرر بيانه في آية المواريث ، وسورة ( مريم ) بيانه أيضا . الخامس عشر ; بقاء زوجيته من بعد الموت . السادس عشر ; إذا طلق امرأة تبقى حرمته عليها فلا تنكح . وهذه الأقسام الثلاثة تقدم معظمها مفصلا في مواضعها . وسيأتي إن شاء الله تعالى .وأبيح له عليه الصلاة والسلام أخذ الطعام والشراب من الجائع والعطشان ، وإن كان من هو معه يخاف على نفسه الهلاك ، لقوله تعالى ; النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم . وعلى كل أحد من المسلمين أن يقي النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه . وأبيح له أن يحمي لنفسه . وأكرمه الله بتحليل الغنائم . وجعلت الأرض له ولأمته مسجدا وطهورا . وكان من الأنبياء من لا تصح صلاتهم إلا في المساجد . ونصر بالرعب ، فكان يخافه العدو من مسيرة شهر . وبعث إلى كافة الخلق ، وقد كان من قبله من الأنبياء يبعث الواحد إلى بعض الناس دون بعض . وجعلت معجزاته كمعجزات الأنبياء قبله وزيادة . وكانت معجزة موسى عليه السلام العصا وانفجار الماء من الصخرة . وقد انشق القمر للنبي صلى الله عليه وسلم وخرج الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم وكانت معجزة عيسى صلى الله عليه وسلم إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص . وقد سبح الحصى في يد النبي صلى الله عليه وسلم ، وحن الجذع إليه ، وهذا أبلغ . وفضله الله عليهم بأن جعل القرآن معجزة له ، وجعل معجزته فيه باقية إلى يوم القيامة ; ولهذا جعلت نبوته مؤبدة لا تنسخ إلى يوم القيامة .[ ص; 194 ] السابعة عشرة ; أن يستنكحها أي ينكحها ، يقال ; نكح واستنكح ، مثل عجب واستعجب ، وعجل واستعجل . ويجوز أن يرد الاستنكاح بمعنى طلب النكاح ، أو طلب الوطء . و ( خالصة ) نصب على الحال ، قال الزجاج . وقيل ; حال من ضمير متصل بفعل مضمر دل عليه المضمر ، تقديره ; أحللنا لك أزواجك ، وأحللنا لك امرأة مؤمنة أحللناها خالصة ، بلفظ الهبة وبغير صداق وبغير ولي .الثامن عشر ; قوله تعالى من دون المؤمنين فائدته أن الكفار وإن كانوا مخاطبين بفروع الشريعة عندنا فليس لهم في ذلك دخول لأن تصريف الأحكام إنما يكون فيهم على تقدير الإسلام .قوله تعالى ; قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وهو ألا يتزوجوا إلا أربع نسوة بمهر وبينة وولي . قال معناه أبي بن كعب وقتادة وغيرهما .التاسع عشر ; لكيلا يكون عليك حرج أي ضيق في أمر أنت فيه محتاج إلى السعة ، أي بينا هذا البيان وشرحنا هذا الشرح لكيلا يكون عليك حرج . ف ( لكيلا ) متعلق بقوله ; إنا أحللنا أزواجك أي فلا يضيق قلبك حتى يظهر منك أنك قد أثمت عند ربك في شيء . ثم آنس تعالى جميع المؤمنين بغفرانه ورحمته فقال تعالى ; وكان الله غفورا رحيما .
القول في تأويل قوله تعالى ; يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (50)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم; ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ) يعني; اللاتي تزوجتهن بصداق مسمى.كما حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أَبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله ( أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ) قال; صدقاتهن .حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد في قوله ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ) قال; كان كل امرأة آتاها مهرا فقد أحلها الله له.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; أخبرنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ...) إلى قوله (خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ) فما كان من هذه التسمية ما شاء كثيرا أو قليلا.وقوله ( أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ ) يقول; وأحللنا لك إماءك اللواتي سبيتهن، فملكتهن بالسباء، وصرن لك بفتح الله عليك من الفيء ( وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ ) فأحل الله له صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من بنات عمه وعماته وخاله وخالاته، المهاجرات معه منهن دون من لم يهاجر منهن معه.كما حدثنا أَبو كريب، قال; ثنا عبد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، عن أَبي صالح، عن أم هانئ، قالت; خطبني النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فاعتذرت له بعذري، ثم أنـزل الله عليه ( إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ...) إلى قوله ( اللاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ ) قالت; فلم أُحل له؛ لم أهاجر معه، كنت من الطلقاء.وقد ذكر أن ذلك في قراءة ابن مسعود (وَبَنَاتِ خَالاتِكَ وَالَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ) بواو، وذلك وإن كان كذلك في قراءته محتمل أن يكون بمعنى قراءتنا بغير الواو، وذلك أن العرب تدخل الواو في نعت من تقدم ذكره أحيانا، كما قال الشاعر;فـإنَّ رُشَـيدًا وَابْـنَ مَـرَوَانَ لَم يَكُنْلِيَفْعَـلَ حَـتَّى يَصْـدُرَ الأمْـرُ مَصْدَرًا (1)ورشيد هو ابن مروان، وكان الضحاك بن مزاحم يتأول قراءة عبد الله هذه أنهن نوع غير بنات خالاته وأنهن كل مهاجرة هاجرت مع النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم .ذكر الخبر عنه بذلك;حدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; أخبرنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في حرف ابن مسعود (وَالَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ) يعني بذلك; كل شيء هاجر معه ليس من بنات العم والعمة، ولا من بنات الخال والخالة.وقوله ( وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ) يقول; وأحللنا له امرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي بغير صداق.كما حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أَبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله ( وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ) بغير صداق، فلم يكن يفعل ذلك وأحل له خاصة من دون المؤمنين.وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ) بغير إن، ومعنى ذلك ومعنى قراءتنا وفيها إن واحد، وذلك كقول القائل في الكلام; لا بأس أن يطأ جارية مملوكة إن ملكها، وجارية مملوكة ملكها.وقوله ( إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا ) يقول; إن أراد أن ينكحها فحلال له أن ينحكها وإذا وهبت نفسها له بغير مهر (خَالِصَةً لَكَ) يقول; لا يحل لأحد من أمتك أن يقرب امرأة وهبت نفسها له، وإنما ذلك لك يا محمد خالصة أخلصت لك من دون سائر أمتك.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ) يقول; ليس لامرأة أن تهب نفسها لرجل بغير أمر ولي ولا مهر، إلا للنبي، كانت له خالصة من دون الناس ويزعمون أنها نـزلت في ميمونة بنت الحارث أنها التي وهبت نفسها للنبي.حدثنا يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد في قوله ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ...) إلى قوله ( خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ) قال; كان كل امرأة آتاها مهرا فقد أحلها الله له إلى أن وهب هؤلاء أنفسهن له، فأحللن له دون المؤمنين بغير مهر خالصة لك من دون المؤمنين إلا امرأة لها زوج.حدثني يعقوب، قال; ثنا ابن علية، عن صالح بن مسلم، قال; سألت الشعبي عن امرأة وهبت نفسها لرجل، قال; لا يكون لا تحل له، إنما كانت للنبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم .واختلفت القراء في قراءة قوله; ( إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا ) فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار (إِنْ وَهَبَتْ) بكسر الألف على وجه الجزاء، بمعنى; إن تهب . وذكر عن الحسن البصري أنه قرأ; (أَنْ وَهَبَتْ) بفتح الألف، بمعنى; وأحللنا له امرأة مؤمنة أن ينكحها؛ لهبتها له نفسها.والقراءة التي لا أستجيز خلافها في كسر الألف لإجماع الحجة من القراء عليه.وأما قوله ( خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ) ليس ذلك للمؤمنين، وذكر أن لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قبل أن تنـزل عليه هذه الآية أن يتزوج أي النساء شاء، فقصره الله على هؤلاء، فلم يعدهن، وقصر سائر أمته على مثنى وثلاث ورباع.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا المعتمر بن سليمان، قال; سمعت داود بن أبي هند، عن محمد بن أَبي موسى، عن زياد رجل من الأنصار، عن أُبَي بن كعب، أن التي أحل الله للنبي من النساء هؤلاء اللاتي ذكر الله ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ...) إلى قوله (فِي أَزْوَاجِهِمْ) وإنما أحل الله للمؤمنين مثنى وثلاث ورباع.وحدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أَبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ...) إلى آخر الآية، قال; حرم الله عليه ما سوى ذلك من النساء، وكان قبل ذلك ينكح في أي النساء شاء، لم يحرم ذلك عليه، فكان نساؤه يجدن من ذلك وجدا شديدا أن ينكح في أي الناس أحب؛ فلما أنـزل الله; إني قد حرمت عليك من الناس سوى ما قصصت عليك أعجب ذلك نساءه.واختلف أهل العلم في التي وهبت نفسها لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من المؤمنات، وهل كانت عند رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم امرأة كذلك؟ فقال بعضهم; لم يكن عند رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم امرأة إلا بعقد نكاح أو ملك يمين، فأما بالهبة فلم يكن عنده منهن أحد .* ذكر من قال ذلك;حدثنا أبو كريب، قال; ثنا يونس بن بكير، عن عنبسة بن الأزهر، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال لم يكن عند رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم امرأة وهبت نفسها.حدثنا ابن المثنى، قال; ثنا محمد بن جعفر، قال; ثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد أنه قال في هذه الآية ( وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ) قال; أن تهب. وأما الذين قالوا; قد كان عنده منهن فإن بعضهم قال; كانت ميمونة بنت الحارث. وقال بعضهم; هي أم شريك . وقال بعضهم; زينب بنت خزيمة.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن بشار، قال; ثنا عبد الأعلى، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، عن ابن عباس، قال; ( وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ) قال; هي ميمونة بنت الحارث.وقال بعضهم; زينب بنت خزيمة أم المساكين امرأة من الأنصار.حدثنا ابن المثنى، قال; ثنا محمد بن جعفر، قال; ثنا شعبة، قال; ثني الحكم، قال; كتب عبد الملك إلى أهل المدينة يسألهم، قال; فكتب إليه علي، قال شعبة; وهو ظني علي بن حسين، قال; وقد أخبرني به أبان بن تغلب، عن الحكم، أنه علي بن الحسين الذي كتب إليه، قال; هي امرأة من الأسد يقال لها أم شريك، وهبت نفسها للنبي.قال; ثنا شعبة، قال; ثني عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبي، أنها امرأة من الأنصار، وهبت نفسها للنبي، وهي ممن أرجأ.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; ثني سعيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن خولة بنت حكيم بن الأوقص من بني سليم، كانت من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم .قال; ثني سعيد بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال; كنا نتحدث أن أم شريك كانت وهبت نفسها للنبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وكانت امرأة صالحة.وقوله; ( قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ ) يقول تعالى ذكره; قد علمنا ما فرضنا على المؤمنين في أزواجهم إذا أرادوا نكاحهن مما لم نفرضه عليك، وما خصصناهم به من الحكم في ذلك دونك وهو أنا فرضنا عليهم أنه لا يحل لهم عقد نكاح على حرة مسلمة إلا بولي عصبة وشهود عدول، ولا يحل لهم منهن أكثر من أربع.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه، قال; ثنا مطهر، قال; ثنا علي بن الحسين، قال; ثني أبي، عن مطر، عن قتادة في قول الله ( قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ ) قال; إن مما فرض الله عليهم أن لا نكاح إلا بولي وشاهدين.حدثنا محمد بن بشار، قال; ثنا أَبو أحمد، قال; ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد ( قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ ) قال; في الأربع.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ ) قال; كان مما فرض الله عليهم أن لا تزوج امرأة إلا بولي وصداق عند شاهدي عدل، ولا يحل لهم من النساء إلا أربع وما ملكت أيمانهم.وقوله; ( وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ) يقول تعالى ذكره; قد علمنا ما فرضنا على المؤمنين في أزواجهم، لأنه لا يحل لهم منهن أكثر من أربع، وما ملكت أيمانهم، فإن جميعهن إذا كن مؤمنات أو كتابيات، لهم حلال بالسباء والتسري وغير ذلك من أسباب الملك.وقوله ( لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) يقول تعالى ذكره; إنا أحللنا لك يا محمد أزواجك اللواتي ذكرنا في هذه الآية، وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي، إن أراد النبي أن يستنكحها؛ لكيلا يكون عليك إثم وضيق في نكاح من نكحت من هؤلاء الأصناف التي أبحت لك نكاحهن من المسميات في هذه الآية، وكان الله غفورا لك ولأهل الإيمان بك، رحيمًا بك وبهم أن يعاقبهم على سالف ذنب منهم سلف بعد توبتهم منه.------------------------الهوامش;(1) البيت من شواهد الفراء; (معاني القرآن، مصورة الجامعة ص 257) قال عند قوله تعالى; (وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك)، وفي قراءة عبد الله، يعني ابن مسعود; (وبنات خالك وبنات خالاتك واللاتي هاجرن معك) فقد تكون المهاجرات هن بنات الخال والخالة وإن كانت فيه الواو، فقال; واللاتي، والعرب تنعت بالواو وبغير الواو، كما قال الشاعر; (فإن رشيدا وابن مروان ... إلخ ). وأنت تقول في الكلام; إن زرت أخًا لك وابن عمك القريب لك؛ وإن قلت; والقريب لك. كان صوابا. وقد نقله المؤلف عن الفراء. وأوضحه بقوله في البيت; ورشيد هو ابن مروان.
يقول تعالى، ممتنًا على رسوله بإحلاله له ما أحل مما يشترك فيه، هو والمؤمنون، وما ينفرد به، ويختص: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ } أي: أعطيتهن مهورهن، من الزوجات، وهذا من الأمور المشتركة بينه وبين المؤمنين، [فإن المؤمنين] كذلك يباح لهم ما آتوهن أجورهن، من الأزواج.{ و } كذلك أحللنا لك { مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } أي: الإماء التي ملكت { مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ } من غنيمة الكفار من عبيدهم، والأحرار من لهن زوج منهم، ومن لا زوج لهن، وهذا أيضا مشترك.وكذلك من المشترك، قوله { وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ } شمل العم والعمة، والخال والخالة، القريبين والبعيدين، وهذا حصر المحللات.يؤخذ من مفهومه، أن ما عداهن من الأقارب، غير محلل، كما تقدم في سورة النساء، فإنه لا يباح من الأقارب من النساء، غير هؤلاء الأربع، وما عداهن من الفروع مطلقًا، والأصول مطلقًا، وفروع الأب والأم، وإن نزلوا، وفروع من فوقهم لصلبه، فإنه لا يباح.وقوله { اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ } قيد لحل هؤلاء للرسول، كما هو الصواب من القولين، في تفسير هذه الآية، وأما غيره عليه الصلاة والسلام، فقد علم أن هذا قيد لغير الصحة.{ و } أحللنا لك { وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } بمجرد هبتها نفسها.{ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا } أي: هذا تحت الإرادة والرغبة، { خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } يعني: إباحة الموهبة وأما المؤمنون، فلا يحل لهم أن يتزوجوا امرأة، بمجرد هبتها نفسها لهم.{ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } أي: قد علمنا ما على المؤمنين، وما يحل لهم، وما لا يحل، من الزوجات وملك اليمين. وقد علمناهم بذلك، وبينا فرائضه.فما في هذه الآية، مما يخالف ذلك، فإنه خاص لك، لكون اللّه جعله خطابًا للرسول وحده بقوله: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ } إلى آخر الآية.وقوله: { خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } وأبحنا لك يا أيها النبي ما لم نبح لهم، ووسعنا لك ما لم نوسع على غيرك، { لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ } وهذا من زيادة اعتناء اللّه تعالى برسوله صلى اللّه عليه وسلم.{ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } أي: لم يزل متصفًا بالمغفرة والرحمة، وينزل على عباده من مغفرته ورحمته، وجوده وإحسانه، ما اقتضته حكمته، ووجدت منهم أسبابه.
(يأيّها النبيّ) مثل يأيّها الذين ،
(لك) متعلّق بـ (أحللنا) ،
(اللاتي) اسم موصول في محلّ نصب نعت لأزواجك
(الواو)عاطفة في كلّ المواضع
(ما) اسم موصول في محلّ نصب معطوف على أزواجك
(ممّا) متعلّق بحال من العائد المحذوف أي: ما ملكتها يمينك
(عليك) متعلّق بـ (أفاء) ، وألفاظ
(بنات) الأربعة معطوفة على أزواجك منصوبة وعلامة النصب الكسرة فهو ملحق بجمع المؤنّث السالم
(اللاتي) اسم موصول في محلّ نصب نعت لبنات
(معك) ظرف منصوب متعلّق بـ (هاجرن)
(امرأة) معطوفة على أزواجك منصوبة
(وهبت) فعل ماض مبنيّ في محلّ جزم فعل الشرط
(للنبيّ) متعلّق بـ (وهبت) ،
(أراد) مثل وهبت
(أن) حرف مصدريّ ونصبـ (خالصة) حال منصوبة
(لك) متعلّق بخالصة
(من دون) متعلّق بحال من الضمير في خالصة ...والمصدر المؤوّلـ (أن يستنكحها) في محلّ نصب مفعول به عامله أراد ...(ما) اسم موصول في محلّ نصب مفعول به
(عليهم) متعلّق بـ (فرضنا) ،
(في أزواجهم) متعلّق بـ (فرضنا)
(ما) الثاني موصول في محلّ جرّ معطوف على أزواجهم بالواو (اللام) حرف جرّ
(كي) حرف مصدريّ ونصبـ (لا) نافية
(عليك) متعلّق بخبر يكون.
والمصدر المؤوّلـ (كي لا يكون ... ) في محلّ جرّ باللام متعلّق بـ (أحللنا) .
جملة النداء ... لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إنّا أحللنا ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «أحللنا ... » في محلّ رفع خبر إنّ.وجملة: «آتيت ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (اللاتي) .
وجملة: «ملكت يمينك» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «أفاء الله ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) الثاني.
وجملة: «هاجرن ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (اللاتي) .
وجملة: «وهبت ... » في محلّ نصب نعت ثان لامرأة .. وجواب الشرط محذوف أي: فهي حلّ له.
وجملة: «أراد النبيّ ... » لا محلّ لها اعتراضيّة ... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه الجواب السابق.
وجملة: «يستنكحها ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي(أن) .
وجملة: «علمنا ... » لا محلّ لها اعتراضيّة.
وجملة: «فرضنا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) الثالث.
وجملة: «ملكت أيمانهم ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) الرابع.
وجملة: «يكون عليك حرج ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(كي) .
وجملة: «كان الله غفورا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
- القرآن الكريم - الأحزاب٣٣ :٥٠
Al-Ahzab33:50