الرسم العثمانيوَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَآ ءَاتَيْنٰهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِى ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
الـرسـم الإمـلائـيوَكَذَّبَ الَّذِيۡنَ مِنۡ قَبۡلِهِمۡۙ وَمَا بَلَـغُوۡا مِعۡشَارَ مَاۤ اٰتَيۡنٰهُمۡ فَكَذَّبُوۡا رُسُلِىۡ فَكَيۡفَ كَانَ نَكِيۡرِ
تفسير ميسر:
وكذَّب الذين من قبلهم كعاد وثمود رسلنا، وما بلغ أهل "مكة" عُشرَ ما آتينا الأمم السابقة من القوة، وكثرة المال، وطول العمر وغير ذلك من النعم، فكذبوا رسلي فيما جاؤوهم به فأهلكناهم، فانظر -أيها الرسول- كيف كان إنكاري عليهم وعقوبتي إياهم؟
قال تعالى " وكذب الذين من قبلهم " أي من الأمم " وما بلغوا معشار ما آتيناهم " قال ابن عباس رضي الله عنهما أي من القوة في الدنيا وكذا قال قتادة والسدي وابن زيد كما قال تعالى " ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون أفلم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة " أي وما دفع ذلك عنهم عذاب الله ولا رده بل دمر الله عليهم لما كذبوا رسله ولهذا قال "فكذبوا رسلي فكيف كان نكير" أي فكيف كان عقابي ونكالي وانتصاري لرسلي.
وكذب الذين من قبلهم أي كذب قبلهم أقوام كانوا أشد من هؤلاء بطشا وأكثر أموالا وأولادا وأوسع عيشا ، فأهلكتهم كثمود وعاد . وما بلغوا أي ما بلغ أهل مكة معشار ما آتيناهم تلك الأمم . والمعشار والعشر سواء ، لغتان . وقيل ; المعشار عشر العشر . الجوهري ; ومعشار الشيء عشره ، ولا يقولون هذا في شيء سوى العشر . وقال ; ما بلغ الذين من قبلهم معشار شكر ما أعطيناهم ; حكاه النقاش . وقيل ; ما أعطى الله تعالى من قبلهم معشار ما أعطاهم من العلم والبيان والحجة والبرهان . قال ابن عباس ; فليس أمة أعلم من أمته ، ولا كتاب أبين من كتابه . وقيل ; المعشار هو عشر العشير ، والعشير هو عشر العشر فيكون جزءا من ألف جزء . الماوردي ; وهو الأظهر ؛ لأن المراد به المبالغة في التقليل . فكذبوا رسلي فكيف كان نكير أي عقابي في الأمم ، وفيه محذوف وتقديره ; فأهلكناهم فكيف كان نكيري .
وقوله (وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يقول; وكذب الذين من قبلهم من الأمم رسلنا وتنـزيلنا(وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتيْنَاهُمْ) يقول; ولم يبلغ قومك يا محمد عشر ما أعطينا الذين من قبلهم من الأمم من القوة والأيدي والبطش، وغير ذلك من النعم.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني علي قال; ثنا أَبو صالح قال; ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله (وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتيْنَاهُمْ) من القوة في الدنيا.حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله (وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتيْنَاهُمْ) يقول; ما جاوزوا معشار ما أنعمنا عليهم.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ ) يخبركم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم &; 20-417 &; من القوة وغير ذلك.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله (وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتيْنَاهُمْ) قال; ما بلغ هؤلاء، أمة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، معشار ما آتينا الذين من قبلهم، وما أعطيناهم من الدنيا، وبسطنا عليهم (فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِير) يقول; فكذبوا رسلي فيما أتوهم به من رسالتي، فعاقبناهم بتغييرنا بهم ما كنا آتيناهم من النعم، فانظر يا محمد كيف كان نكير، يقول; كيف كان تغييري بهم وعقوبتي.
ثم خوفهم ما فعل بالأمم المكذبين [قبلهم] فقال: { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا } أي: ما بلغ هؤلاء المخاطبون { مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ } { فَكَذَّبُوا } أي: الأمم الذين من قبلهم { رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي: إنكاري عليهم, وعقوبتي إياهم. قد أعلمنا ما فعل بهم من النكال, وأن منهم من أغرقه, ومنهم من أهلكه بالريح العقيم, وبالصيحة, وبالرجفة, وبالخسف بالأرض, وبإرسال الحاصب من السماء، فاحذروا يا هؤلاء المكذبون, أن تدوموا على التكذيب, فيأخذكم كما أخذ من قبلكم, ويصيبكم ما أصابهم.
(الواو) عاطفة
(من قبلهم) متعلّق بمحذوف صلة الموصول الذين
(الواو) حاليّة
(ما) نافية، والثانية اسم موصول في محلّ جرّ مضاف إليه، والمفعول الثاني لفعل آتيناهم محذوف
(الفاء) عاطفة في الموضعين
(كيف) اسم استفهام في محلّ نصب خبر كان
(نكير) اسم كان مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على ما قبل ياء المتكلّم المحذوفة لمراعاة فواصل الآيات ...جملة: «كذّب الذين من قبلهم..» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة .
وجملة: «ما بلغوا ... » في محلّ نصب حال .
وجملة: «آتيناهم ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «كذّبوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة كذّب الذين ...وجملة: «كان نكير ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة مقدّرة أي:
لمّا كذّبوا رسلي جاءهم إنكاري بالعقوبة فكيف كان نكير.. أي: كان إنكاري في محلّه.
- القرآن الكريم - سبإ٣٤ :٤٥
Saba'34:45