الرسم العثمانيوَقَدْ كَفَرُوا بِهِۦ مِن قَبْلُ ۖ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍۢ بَعِيدٍ
الـرسـم الإمـلائـيوَّقَدۡ كَفَرُوۡا بِهٖ مِنۡ قَبۡلُۚ وَيَقۡذِفُوۡنَ بِالۡغَيۡبِ مِنۡ مَّكَانٍۢ بَعِيۡدٍ
تفسير ميسر:
وقد كفروا بالحق في الدنيا، وكذبوا الرسل، ويرمون بالظن من جهة بعيدة عن إصابة الحق، ليس لهم فيها مستند لظنهم الباطل، فلا سبيل لإصابتهم الحق، كما لا سبيل للرامي إلى إصابة الغرض من مكان بعيد.
وقوله تعالى; "وقد كفروا به من قبل " أي كيف يحصل لهم الإيمان في الآخرة وقد كفروا بالحق في الدنيا وكذبوا الرسل " ويقذفون بالغيب من مكان بعيد " قال مالك عن زيد بن أسلم " ويقذفون بالغيب " قال بالظن قلت كما قال تعالى; " رجما بالغيب " فتارة يقولون شاعر وتارة يقولون كاهن وتارة يقولون ساحر وتارة يقولون مجنون إلى غير ذلك من الأقوال الباطلة ويكذبون بالبعث والنشور والمعاد " ويقولون إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين " قال قتادة ومجاهد يرجمون بالظن لا بعث ولا جنة ولا نار.
قوله تعالى ; وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد .قوله تعالى ; وقد كفروا به أي بالله عز وجل . وقيل ; بمحمد ( من قبل ) يعني في الدنيا . ويقذفون بالغيب من مكان بعيد العرب تقول لكل من تكلم بما لا يحقه ; هو يقذف ويرجم بالغيب . من مكان بعيد على جهة التمثيل لمن يرجم ولا يصيب ، أي يرمون بالظن فيقولون ; لا بعث ولا نشور ولا جنة ولا نار ، رجما منهم بالظن ; قاله قتادة . وقيل ; ( يقذفون ) أي يرمون في القرآن فيقولون ; سحر وشعر وأساطير الأولين . وقيل ; في محمد ; فيقولون ساحر [ ص; 285 ] شاعر كاهن مجنون . ( من مكان بعيد ) أي أن الله بعد لهم أن يعلموا صدق محمد . وقيل ; أراد البعد عن القلب ، أي من مكان بعيد عن قلوبهم . وقرأ مجاهد ( ويقذفون بالغيب ) غير مسمى الفاعل ، أي يرمون به . وقيل ; يقذف به إليهم من يغويهم ويضلهم .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53)يقول تعالى ذكره; (وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ) يقول; وقد كفروا بما يسألونه ربهم عند نـزول العذاب بهم، ومعاينتهم إياه من الإقالة له، وذلك الإيمان بالله وبمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وبما جاءهم به من عند الله.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة (وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ) ; أي بالإيمان في الدنيا.وقوله ( وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ) يقول; وهم اليوم يقذفون بالغيب محمدًا من مكان بعيد، يعني أنهم يرجمونه، وما أتاهم من كتاب الله بالظنون والأوهام، فيقول بعضهم; هو ساحر، وبعضهم شاعر، وغير ذلك.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أَبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد في قوله ( وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ) قال; قولهم ساحر بل هو كاهن بل هو شاعر.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) أي; يرجمون بالظن، يقولون; لا بعث ولا جنة ولا نار.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) قال; بالقرآن.
أي: يرمون { بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } بقذفهم الباطل, ليدحضوا به الحق، ولكن لا سبيل إلى ذلك, كما لا سبيل للرامي, من مكان بعيد إلى إصابة الغرض، فكذلك الباطل, من المحال أن يغلب الحق أو يدفعه, وإنما يكون له صولة, وقت غفلة الحق عنه, فإذا برز الحق, وقاوم الباطل, قمعه.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - سبإ٣٤ :٥٣
Saba'34:53