الرسم العثمانيوَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلٰىٓ ءَالِهَتِكُمْ ۖ إِنَّ هٰذَا لَشَىْءٌ يُرَادُ
الـرسـم الإمـلائـيوَانْطَلَقَ الۡمَلَاُ مِنۡهُمۡ اَنِ امۡشُوۡا وَاصۡبِرُوۡا عَلٰٓى اٰلِهَتِكُمۡ ۖۚ اِنَّ هٰذَا لَشَىۡءٌ يُّرَادُ
تفسير ميسر:
وانطلق رؤساء القوم وكبراؤهم يحرِّضون قومهم على الاستمرار على الشرك والصبر على تعدد الآلهة، ويقولون إن ما جاء به هذا الرسول شيء مدبَّر يقصد منه الرئاسة والسيادة، ما سمعنا بما يدعو إليه في دين آبائنا من قريش، ولا في النصرانية، ما هذا إلا كذب وافتراء.
"وانطلق الملأ منهم" وهم سادتهم وقادتهم ورؤساؤهم وكبراؤهم قائلين "امشوا" أي استمروا على دينكم "واصبروا على آلهتكم" ولا تستجيبوا لما يدعوكم إليه محمد من التوحيد وقوله تعالى "إن هذا لشيء يراد" قال ابن جرير إن هذا الذي يدعونا إليه محمد صلى الله عليه وسلم من التوحيد لشيء يريد به الشرف عليكم والاستعلاء وأن يكون له منكم أتباع ولسنا نجيبه إليه "ذكر سبب نزول هذه الآيات الكريمات "قال السدي إن ناسا من قريش اجتمعوا فيهم أبو جهل بن هشام والعاص بن وائل والأسود بن المطلب والأسود بن عبد يغوث في نفر من مشيخة قريش فقال بعضهم لبعض انطلقوا بنا إلى أبى طالب فلنكلمه فيه فلينصفنا منه فليكف عن شتم آلهتنا وندعه وإلهه الذي يعبده فإنا نخاف أن يموت هذا الشيخ فيكون منا إليه شيء فتعيرنا به العرب يقولون تركوه حتى إذا مات عنه تناولوه فبعثوا رجلا منهم يقال له المطلب فاستأذن لهم على أبي طالب فقال هؤلاء مشيخة قومك وسراتهم يستأذنون عليك قال أدخلهم فلما دخلوا عليه قالوا يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدنا فأنصفنا من ابن أخيك فمره فليكف عن شتم آلهتنا ندعه وإلهه قال فبعث إليه أبو طالب فلما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال; يا ابن أخي هؤلاء مشيخة قومك وسراتهم وقد سألوك أن تكف عن شتم آلهتهم ويدعوك وإلهك قال صلى الله عليه وسلم " يا عم أفلا أدعوهم إلى ما هو خير لهم ؟ "قال وإلام تدعوهم ؟ قال صلى الله عليه وسلم "أدعوهم أن يتكلموا بكلمة تدين لهم بها العرب ويملكون بها العجم "فقال أبو جهل لعنه الله من بين القوم ما هي وأبيك لنعطينكها وعشر أمثالها قال صلى الله عليه وسلم "تقولون لا إله إلا الله " فنفروا وقالوا سلنا غيرها قال صلى الله عليه وسلم "لو جئتمونى بالشمس حتى تضعوها في يدي ما سألتكم غيرها "فقاموا من عنده غضابا وقالوا والله لنشتمنك وإلهك الذي أمرك بهذا "وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد" ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير وزاد فلما خرجوا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه إلى قول لا إله إلا الله فأبى وقال بل على دين الأشياخ ونزلت "إنك لا تهدي من أحببت" وقال أبو جعفر بن جرير حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا أبو أسامة حدثنا الأعمش حدثنا عباد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال; لما مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل فقالوا; إن ابن أخيك يشتم آلهتنا ويفعل ويفعل ويقول ويقول فلو بعثت إليه فنهيته فبعث إليه فجاء النبي فدخل البيت وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس رجل قال فخشي أبو جهل لعنه الله إن جلس إلى جنب أبى طالب أن يكون أرق له عليه فوثب فجلس في ذلك المجلس ولم يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا قرب عمه فجلس عند الباب فقال له أبو طالب أي ابن أخي مال قومك يشكونك ويزعمون أنك تشتم آلهتهم وتقول وتقول ؟ قال وأكثروا عليه من القول وتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "يا عم إنى أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب وتؤدي إليهم بها العجم الجزية" ففزعوا لكلمته ولقوله فقال القوم كلمة واحدة نعم وأبيك عشرا فقالوا وما هي قال أبو طالب وأي كلمة هي يا ابن أخي ؟ قال صلى الله عليه وسلم "لا إله إلا الله" فقاموا فزعين منفضون ثيابهم وهم يقولون "أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب" قال ونزلت من هذا الموضع إلى قوله "بل لما يذوقوا عذاب" لفظ أبي كريب وهكذا رواه الإمام أحمد والنسائي من حديث محمد بن عبد الله بن نمير كلاهما عن أبى أسامة عن الأعمش عن عباد غير منسوب به نحوه ورواه الترمذي والنسائي وابن أبي سعيد وابن جرير أيضا كلهم في تفاسيرهم من حديث سفيان الثوري عن الأعمش عن يحيى بن عمارة الكوفي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما فذكر نحوه.
قوله تعالى ; وانطلق الملأ منهم أن امشوا الملأ الأشراف ، والانطلاق الذهاب بسرعة ، أي ; انطلق هؤلاء الكافرون من عند الرسول - عليه السلام - يقول بعضهم لبعض ; أن امشوا أي ; امضوا على ما كنتم عليه ولا تدخلوا في دينه واصبروا على آلهتكم . وقيل ; هو إشارة إلى مشيهم إلى أبي طالب في مرضه كما سبق . وفي رواية محمد بن إسحاق أنهم أبو جهل بن هشام ، وشيبة وعتبة أبناء ربيعة بن عبد شمس ، وأمية بن خلف ، والعاص بن وائل ، وأبو معيط ، وجاءوا إلى أبي طالب فقالوا ; أنت سيدنا وأنصفنا في أنفسنا ، فاكفنا أمر ابن أخيك [ ص; 137 ] وسفهاء معه ، فقد تركوا آلهتنا وطعنوا في ديننا ، فأرسل أبو طالب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له ; إن قومك يدعونك إلى السواء والنصفة . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; إنما أدعوهم إلى كلمة واحدة . فقال أبو جهل ; وعشرا . قال ; تقولون لا إله إلا الله . فقاموا وقالوا ; أجعل الآلهة إلها واحدا الآيات . " أن امشوا " أن في موضع نصب ، والمعنى بأن امشوا . وقيل ; أن بمعنى أي ; أي ; وانطلق الملأ منهم أي ; امشوا ، وهذا تفسير انطلاقهم لا أنهم تكلموا بهذا اللفظ .وقيل ; المعنى انطلق الأشراف منهم فقالوا للعوام ; امشوا واصبروا على آلهتكم أي ; على عبادة آلهتكم .إن هذا أي هذا الذي جاء به محمد - عليه السلام -لشيء يراد أي يراد بأهل الأرض من زوال نعم قوم وغير تنزل بهم . وقيل ; إن هذا لشيء يراد كلمة تحذير ، أي ; إنما يريد محمد بما يقول الانقياد له ليعلو علينا ، ونكون له أتباعا فيتحكم فينا بما يريد ، فاحذروا أن تطيعوه . وقال مقاتل ; إن عمر لما أسلم وقوي به الإسلام شق ذلك على قريش فقالوا ; إن إسلام عمر في قوة الإسلام لشيء يراد .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَانْطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6)يقول تعالى ذكره; وانطلق الأشراف من هؤلاء الكافرين من قريش, القائلين; أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا بأن امضُوا فاصبروا على دينكم وعبادة آلهتكم. فـ " أن " من قوله ( أَنِ امْشُوا ) في موضع نصب يتعلق انطلقوا بها, كأنه قيل; انطلقوا مشيا, ومضيا على دينكم. وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله; " وَانْطَلَقَ المَلأ مِنْهُمْ يَمْشُونَ أنِ اصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ". وذُكر أن قائل ذلك كان عُقْبَة بن أبي مُعيط.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن بشار, قال; ثنا عبد الرحمن, قال; ثنا سفيان, عن إبراهيم بن مهاجر, عن مجاهد; ( وَانْطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ ) قال; عقبة بن أبى معيط.وقوله ( إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ ) ; أي إن هذا القول الذي يقول محمد, ويدعونا إليه, من قول لا إله إلا الله, شيء يريده منا محمد يطلب به الاستعلاء علينا, وأن نكون له فيه أتباعا ولسنا مجيبيه إلى ذلك.
{ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ } المقبول قولهم، محرضين قومهم على التمسك بما هم عليه من الشرك. { أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ } أى: استمروا عليها، وجاهدوا نفوسكم في الصبر عليها وعلى عبادتها، ولا يردكم عنها راد، ولا يصدنكم عن عبادتها، صاد. { إِنَّ هَذَا } الذي جاء به محمد، من النهي عن عبادتها { لَشَيْءٌ يُرَادُ } أي: يقصد، أي: له قصد ونية غير صالحة في ذلك، وهذه شبهة لا تروج إلا على السفهاء، فإن من دعا إلى قول حق أو غير حق، لا يرد قوله بالقدح في نيته، فنيته وعمله له، وإنما يرد بمقابلته بما يبطله ويفسده، من الحجج والبراهين، وهم قصدهم، أن محمدا، ما دعاكم إلى ما دعاكم، إلا ليرأس فيكم، ويكون معظما عندكم، متبوعا.
(الواو) عاطفة
(منهم) متعلّق بحال من الملأ
(أن) حرف تفسير ،
(على آلهتكم) متعلّق بـ (اصبروا) بتضمينه معنى اثبتوا أي اثبتوا على عبادتها
(اللام) المزحلقة للتوكيد، ونائب الفاعل لفعلـ (يراد) ضمير مستتر يعود على شيء.
جملة: «انطلق الملأ ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة قال الكافرون .
وجملة: «امشوا ... » لا محلّ لها تفسيريّة .وجملة: «اصبروا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة امشوا ...وجملة: «إنّ هذا لشيء ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «يراد ... » في محلّ رفع نعت لشيء.
(7) -
(ما) نافية
(بهذا) متعلّق بـ (سمعنا) ،
(في الملّة) متعلّق بـ (سمعنا) ،
(إن) حرف نفي(إلّا) للحصر.
وجملة: «ما سمعنا ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز اعتراضهم وجملة: «إن هذا إلّا اختلاق» لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو تعليل-
(8)
(الهمزة) للاستفهام التعجّبيّ
(عليه) متعلّق بـ (أنزل) ،
(الذكر) نائب الفاعل مرفوع
(من بيننا) متعلّق بحال من الضمير في(عليه) ،
(بل) للإضراب الانتقاليّ في الموضعين
(في شك) متعلّق بخبر المبتدأ هم
(من ذكري) متعلّق بشكّ
(لمّا) حرف نفي وقلب وجزم
(عذاب) مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الياء المحذوفة للتخفيف لمناسبة فواصل الآي ... و (الياء) مضاف إليه.
وجملة: «أنزل ... الذكر» لا محلّ لها استئناف في حيّز الاعتراض.
وجملة: «هم في شكّ ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لمّا يذوقوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة..
- القرآن الكريم - ص٣٨ :٦
Sad38:6