الرسم العثمانيأَفَمَن يَتَّقِى بِوَجْهِهِۦ سُوٓءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيٰمَةِ ۚ وَقِيلَ لِلظّٰلِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ
الـرسـم الإمـلائـياَ فَمَنۡ يَّتَّقِىۡ بِوَجۡهِهٖ سُوۡٓءَ الۡعَذَابِ يَوۡمَ الۡقِيٰمَةِ ؕ وَقِيۡلَ لِلظّٰلِمِيۡنَ ذُوۡقُوۡا مَا كُنۡـتُمۡ تَكۡسِبُوۡنَ
تفسير ميسر:
أفمن يُلْقى في النار مغلولا- فلا يتهيأ له أن يتقي النار إلا بوجهه؛ لكفره وضلاله- خير أم من ينعم في الجنة؛ لأن الله هداه؟ وقيل يومئذ للظالمين; ذوقوا وبال ما كنتم في الدنيا تكسبون من معاصي الله.
يقول تعالى "أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة" ويقرع فيقال له ولأمثاله من الظالمين "ذوقوا ما كنتم تكسبون" كمن يأتي آمنا يوم القيامة كما قال عز وجل "أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أم من يمشي سويا على صراط مستقيم" وقال جل وعلا "يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر" وقال تبارك وتعالى "أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة" واكتفى في هذه الآية بأحد القسمين عن الآخر كقول الشاعر; فما أدري إذا يممت أرضا أريد الخير أيهما يليني يعنى الخير أو الشر.
قوله تعالى ; أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب قال عطاء وابن زيد ; يرمى به مكتوفا في النار ، فأول شيء تمس منه النار وجهه . وقال مجاهد ; يجر على وجهه في النار . وقال مقاتل ; هو أن الكافر يرمى به في النار مغلولة يداه إلى عنقه ، وفي عنقه صخرة عظيمة كالجبل العظيم من الكبريت ، فتشتعل النار في الحجر وهو معلق في عنقه ، فحرها ووهجها على وجهه ، لا يطيق دفعها عن وجهه من أجل الأغلال . والخبر محذوف . قال الأخفش ; أي ; أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب أفضل أم من سعد ، مثل ; أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة .وقيل للظالمين أي وتقول الخزنة للكافرين ذوقوا ما كنتم تكسبون أي جزاء كسبكم من المعاصي . ومثله هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون .
القول في تأويل قوله تعالى ; أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24)اختلف أهل التأويل في صفة اتقاء هذا الضالّ بوجهه سُوء العذاب, فقال بعضهم; هو أن يُرْمى به في جهنم مكبوبا على وجهه, فذلك اتقاؤه إياه.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو, قال; ثنا أبو عاصم, قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال; ثنا الحسن, قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله; ( أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ ) قال; يَخِرّ على وجهه في النار, يقول; هو مثل أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟.وقال آخرون; هو أن ينطلق به إلى النار مكتوفا, ثم يُرمى به فيها, فأوّل ما تَمس النار وجهه، وهذا قول يُذكر عن ابن عباس من وجه كرهت أن أذكره لضعف سنده، وهذا أيضا مما ترك جوابه استغناء بدلالة ما ذكر من الكلام عليه عنه. ومعنى الكلام; أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة خير, أم من ينعم في الجنان؟.وقوله; ( وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ) يقول; ويقال يومئذ للظالمين أنفسهم بإكسابهم إياها سخط الله. ذوقوا اليوم أيها القوم وبال ما كنتم في الدنيا تكسبون من معاصي الله.
أي: أفيستوي هذا الذي هداه اللّه، ووفقه لسلوك الطريق الموصلة لدار كرامته، كمن كان في الضلال واستمر على عناده حتى قدم القيامة، فجاءه العذاب العظيم فجعل يتقي بوجهه الذي هو أشرف الأعضاء، وأدنى شيء من العذاب يؤثر فيه، فهو يتقي فيه سوء العذاب لأنه قد غلت يداه ورجلاه، { وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ } أنفسهم، بالكفر والمعاصي، توبيخا وتقريعا: { ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ }
(الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ
(الفاء) عاطفة
(من) اسم موصول في محلّ رفع مبتدأ خبره محذوف تقديره كمن أمن منه
(بوجهه) متعلّق بـ (يتّقي) ،
(يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق بـ (يتّقي) ،
(الواو) واو الحالـ (للظالمين) متعلّق بـ (قيل) ،
(ما) موصول في محلّ نصب مفعول به بحذف مضاف أي جزاء ما كنتم ، والعائد محذوف.
جملة: «من يتّقي ... كمن أمن» لا محلّ لها معطوفة على مستأنف مقدّر أي: أكل الناس سواء فمن يتّقي ...وجملة: «يتّقي ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة: «قيل» في محلّ نصب حال بتقدير قد .
وجملة: «ذوقوا ... » في محلّ رفع نائب الفاعل .
وجملة: «كنتم تكسبون» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «تكسبون» في محلّ نصب خبر كنتم.
- القرآن الكريم - الزمر٣٩ :٢٤
Az-Zumar39:24