الرسم العثمانيفَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَآءَهُۥٓ ۚ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكٰفِرِينَ
الـرسـم الإمـلائـيفَمَنۡ اَظۡلَمُ مِمَّنۡ كَذَبَ عَلَى اللّٰهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدۡقِ اِذۡ جَآءَهٗ ؕ اَ لَيۡسَ فِىۡ جَهَنَّمَ مَثۡـوًى لِّـلۡـكٰفِرِيۡنَ
تفسير ميسر:
لا أحد أظلم ممن افترى على الله الكذب; بأن نسب إليه ما لا يليق به كالشريك والولد، أو قال; أوحي إليَّ، ولم يوحَ إليه شيء، ولا أحد أظلم ممن كذَّب بالحق الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم. أليس في النار مأوى ومسكن لمن كفر بالله، ولم يصدق محمدًا صلى الله عليه وسلم ولم يعمل بما جاء به؟ بَلَى.
يقول عز وجل مخاطبا للمشركين الذين افتروا على الله وجعلوا معه آلهة أخرى وادعوا أن الملائكة بنات الله وجعلوا لله ولدا تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا ومع هذا كذبوا بالحق إذ جاءهم على ألسنة رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ولهذا قال عز وجل "فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه" أي لا أحد أظلم من هذا لأنه جمع بين طرفي الباطل كذب على الله وكذب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا الباطل وردوا الحق ولهذا قال جلت عظمته متوعدا لهم "أليس في جهنم مثوى للكافرين" وهم الجاحدون المكذبون.
فمن أظلم أي لا أحد أظلم ممن كذب على الله فزعم أن له ولدا وشريكا وكذب بالصدق إذ جاءه يعني القرآن أليس في جهنم استفهام تقرير مثوى للكافرين أي مقام للجاحدين ، وهو مشتق من ثوى بالمكان إذا أقام به يثوي ثواء وثويا مثل مضى مضاء ومضيا ، ولو كان من أثوى لكان مثوى . وهذا يدل على أن ثوى هي اللغة الفصيحة . وحكى أبو عبيد أثوى ، وأنشد قول الأعشى ;أثوى وقصر ليلة ليزودا ومضى وأخلف من قتيلة موعداوالأصمعي لا يعرف إلا ثوى ، ويروي البيت ; ( أثوى ) على الاستفهام . وأثويت غيري يتعدى ولا يتعدى .
القول في تأويل قوله تعالى ; فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32)وقوله; ( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ ) يقول تعالى ذكره; فمن من خلق الله أعظم فرية ممن كذب على الله, فادّعى أن له ولد وصاحبة, أو أنه حرَّم ما لم يحرمه من المطاعم ( وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ ) يقول; وكذّب بكتاب الله إذ أنـزله على محمد, وابتعثه الله به رسولا وأنكر قول لا إله إلا الله.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر, قال; ثنا يزيد, قال; ثنا سعيد, عن قتادة ( وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ ) ; أي بالقرآن.وقوله; ( أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ ) يقول تبارك وتعالى; أليس في النار مأوى ومسكن لمن كفر بالله, وامتنع من تصديق محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , واتباعه على ما يدعوه إليه مما أتاه به من عند الله من التوحيد, وحكم القرآن؟.
يقول تعالى، محذرا ومخيرا: أنه لا أظلم وأشد ظلما { مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ } إما بنسبته إلى ما لا يليق بجلاله، أو بادعاء النبوة، أو الإخبار بأن اللّه تعالى قال كذا، أو أخبر بكذا، أو حكم بكذا وهو كاذب، فهذا داخل في قوله تعالى: { وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } إن كان جاهلا، وإلا فهو أشنع وأشنع. { وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ } أي: ما أظلم ممن جاءه الحق المؤيد بالبينات فكذبه، فتكذيبه ظلم عظيم منه، لأنه رد الحق بعد ما تبين له، فإن كان جامعا بين الكذب على اللّه والتكذيب بالحق، كان ظلما على ظلم.{ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ } يحصل بها الاشتفاء منهم، وأخذ حق اللّه من كل ظالم وكافر. { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }
(الفاء) استئنافيّة
(من) اسم استفهام مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ خبره أظلم
(ممّن) متعلّق بأظلم
(على الله) متعلّق بـ (كذب) ،
(الواو) عاطفة
(بالصّدق) متعلّق بـ (كذّب) ،
(إذ) ظرف للزمن الماضي فيمحلّ نصب متعلّق بـ (كذّب) ،
(الهمزة) للاستفهام التقريريّ
(في جهنّم) متعلّق بمحذوف خبر ليس
(مثوى) اسم ليس مؤخّر مرفوع
(للكافرين) متعلّق بمثوى.
جملة: «من أظلم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كذب ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة: «كذّب ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «جاءه ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «ليس في جهنّم مثوى ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
- القرآن الكريم - الزمر٣٩ :٣٢
Az-Zumar39:32