يٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا شَهٰدَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ ءَاخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِى الْأَرْضِ فَأَصٰبَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ ۚ تَحْبِسُونَهُمَا مِنۢ بَعْدِ الصَّلٰوةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِى بِهِۦ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبٰى ۙ وَلَا نَكْتُمُ شَهٰدَةَ اللَّهِ إِنَّآ إِذًا لَّمِنَ الْءَاثِمِينَ
يٰۤـاَيُّهَا الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا شَهَادَةُ بَيۡنِكُمۡ اِذَا حَضَرَ اَحَدَكُمُ الۡمَوۡتُ حِيۡنَ الۡوَصِيَّةِ اثۡـنٰنِ ذَوَا عَدۡلٍ مِّنۡكُمۡ اَوۡ اٰخَرَانِ مِنۡ غَيۡـرِكُمۡ اِنۡ اَنۡـتُمۡ ضَرَبۡتُمۡ فِى الۡاَرۡضِ فَاَصَابَتۡكُمۡ مُّصِيۡبَةُ الۡمَوۡتِ ؕ تَحۡبِسُوۡنَهُمَا مِنۡۢ بَعۡدِ الصَّلٰوةِ فَيُقۡسِمٰنِ بِاللّٰهِ اِنِ ارۡتَبۡتُمۡ لَا نَشۡتَرِىۡ بِهٖ ثَمَنًا وَّلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبٰى ۙ وَلَا نَـكۡتُمُ شَهَادَةَ ۙ اللّٰهِ اِنَّاۤ اِذًا لَّمِنَ الۡاٰثِمِيۡنَ
تفسير ميسر:
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه إذا قرب الموت من أحدكم، فلْيُشْهِد على وصيته اثنين أمينين من المسلمين أو آخرين من غير المسلمين عند الحاجة، وعدم وجود غيرهما من المسلمين، تُشهدونهما إن أنتم سافرتم في الأرض فحلَّ بكم الموت، وإن ارتبتم في شهادتهما فقفوهما من بعد الصلاة -أي صلاة المسلمين، وبخاصة صلاة العصر-، فيقسمان بالله قسمًا خالصًا لا يأخذان به عوضًا من الدنيا، ولا يحابيان به ذا قرابة منهما، ولا يكتمان به شهادة لله عندهما، وأنهما إن فَعَلا ذلك فهما من المذنبين.
اشتملت هذه الآية الكريمة على حكم عزيز قيل إنه منسوخ رواه العوفي من ابن عباس وقاله حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم أنها منسوخة وقال آخرون وهم الأكثرون فيما قاله ابن جرير بل هو محكم ومن ادعى نسخه فعليه البيان فقوله تعالى" يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان" هذا هو الخبر لقوله" شهادة بينكم" فقيل تقديره شهادة اثنين حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وقيل دل الكلام على تقدير أن يشهد اثنان وقوله تعالى" ذوا عدل" وصف الاثنين بأن يكونا عدلين وقوله" منكم" أي من المسلمين قاله الجمهور. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله ذوا عدل منكم قال من المسلمين رواه ابن أبي حاتم. ثم قال; وروي عن عبيدة وسعيد بن المسيب والحسن ومجاهد ويحيي بن يعمر والسدي وقتادة ومقاتل بن حيان وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم نحو ذلك قال ابن جرير وقال آخرون غير ذلك" ذوا عدل منكم" أي من أهل الموصي وذلك قول روي عن عكرمة وعبيدة وعدة غيرهما وقوله أو "آخران من غيركم" قال ابن أبي حاتم; حدثنا أبي حدثنا سعيد بن عوف حدثنا عبدالواحد بن زياد حدثنا حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير قال; قال ابن عباس في قوله أو" آخران من غيركم" قال من غير المسلمين يعني أهل الكتاب ثم قال; وروي عن عبيدة وشريح وسعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين ويحيى بن يعمر وعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير والشعبي وإبراهيم النخعي وقتادة وأبي مجلز والسدي ومقاتل بن حيان وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم نحو ذلك وعلى ما حكاه ابن جرير عن كرمة وعبيدة في قوله" منكم" أن المراد من قبيلة الموصي يكون المراد ههنا" أو آخران" من غيركم أي من غير قبيلة الموصي وروى ابن أبي حاتم مثله عن الحسن البصري والزهري رحمهما الله وقوله تعالى" إن أنتم ضربتم في الأرض" أي سافرتم " فأصابتكم مصيبة الموت" وهذان شرطان لجواز استشهاد الذميين عند فقد المؤمنين أن يكون ذلك في سفر وأن يكون في وصية كما صرح بذلك شريح القاضي; وقال ابن جرير; حدثنا عمرو بن على حدثنا أبو معاوية ووكيع قالا; حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن شريح قال; لا يجوز شهادة اليهود والنصاري إلا في سفر ولا تجوز في سفر إلا في الوصية ثم رواه عن أبي كريب عن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق السبيعي قال; قال شريح فذكر مثله وروي نحوه عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى وهذه المسألة من إفراده وخالفه الثلاثة فقالوا لا تجوز شهادة أهل الذمة على المسلمين وأجازها أبو حنيفة فيما بين بعضهم بعضا وقال ابن جرير; حدثنا عمرو بن علي حدثنا أبو داود حدثنا صالح بن أبي الأخضر عن الزهري قال; مضت السنة أن لا تجوز شهادة الكافر في حضر ولا سفر إنما هي في المسلمين. وقال ابن زيد; نزلت هذه الآية في رجل توفي وليس عنده أحد من أهل الإسلام وذلك في أول الإسلام والأرض حرب والناس كفار وكان الناس يتوارثون بالوصية ثم نسخت الوصية وفرضت الفرائض وعمل الناس بها. رواه ابن جرير وفي هذا نظر والله أعلم. وقال ابن جرير; اختلف في قوله شهادة بينكم" إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم" هل المراد به أن يوصي إليهما أو يشهدهما على قولين. "أحدهما" أن يوصي إليهما كما قال محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبدالله بن قسيط قال; سئل ابن مسعود رضي الله عنه عن هذه الآية قال هذا رجل سافر ومعه مال فأدركه قدره فإن وجد رجلين من المسلمين دفع إليهما تركته وأشهد عليهما عدلين من المسلمين رواه ابن أبي حاتم وفيه انقطاع. "والقول الثاني" أنهما يكونان شاهدين وهو ظاهر سياق الآية الكريمة فإن لم يكن وصي ثالث معهما اجتمع فيهما الوصفان الوصاية والشهادة كما في قصه تميم الداري وعدي بن بداء كما سيأتي ذكرهما آنفا إن شاء الله وبه التوفيق وقد استشكل ابن جرير كونهما شاهدين قال لأنا لا نعلم حكما يحلف فيه الشاهد وهذا لا يمنع الحكم الذي تضمنته هذه الآية الكريمة وهو حكم مستقل بنفسه لا يلزم أن يكون جاريا على قياس جميع الأحكام علي أن هذا حكم خاص بشهادة خاصة في محل خاص وقد اغتفر فيه من الأمور ما لم يغتفر فى غيره فإذا قامت قرينة الريبة حلف هذا الشاهد بمقتضي ما دلت عليه هذه الآية الكريمة وقوله تعالى" تحبسونهما من بعد الصلاة" قال العوفي عن ابن عباس; يعني صلاة العصر وكذا قال سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وقتادة وعكرمة ومحمد بن سيرين. وقال الزهري يعني صلاة المسلمين وقال السدي عن ابن عباس يعني صلاة أهل دينهما وروي عن عبدالرزاق عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة وكذا قال إبراهيم وقتادة وغير واحد والمقصود أن يقام هذان الشاهدان بعد صلاة اجتمع الناس فيها بحضرتهم" فيقسمان بالله" أي فيحلفان بالله" إن ارتبتم" أي إن ظهرت لكم منهما ريبة أنهما خانا أو غلا فيحلفان حينئذ بالله" لا نشتري به" أي بأيماننا قاله مقاتل بن حيان ثمنا أي لا نعتاض عنه بعوض قليل من الدنيا الفانية الزائلة ولو كان ذا قربى أي ولو كان المشهود عليه قريبا لنا لا نحابيه" ولا نكتم شهادة الله" أضافها إلى الله تشريفا لها وتعظيما لأمرها وقرأ بعضهم" ولا نكتم شهادة الله" مجرورا على القسم رواها ابن جرير عن عامر الشعبي وحكى عن بعضهم أنه قرأها ولا نكتم شهادة الله والقراءة الأولى هي المشهورة" إنا إذا لمن الآثمين" أي إن فعلنا شيئا من ذلك من تحريف الشهادة أو تبديلها أو تغييرها أو كتمها بالكلية.
ياأيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمينفيه احدى وعشرون مسألة ;الأولى ; قال مكي رحمه الله ; هذه الآيات الثلاث عند أهل المعاني من أشكل ما في القرآن إعرابا ومعنى وحكما ; قال ابن عطية ; هذا كلام من لم يقع له الثلج في تفسيرها ; وذلك بين من كتابه رحمه الله .قلت ; ما ذكره مكي - رحمه الله - ذكره أبو جعفر النحاس قبله أيضا ، ولا أعلم خلافا أن هذه الآيات نزلت بسبب تميم الداري وعدي بن بداء . روى البخاري والدارقطني وغيرهما عن ابن عباس قال ; كان تميم الداري وعدي بن بداء يختلفان إلى مكة ، فخرج معهما فتى من بني سهم فتوفي بأرض ليس بها مسلم ، فأوصى إليهما ; فدفعا تركته إلى أهله وحبسا جاما من فضة مخوصا بالذهب ، فاستحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كتمتما ولا اطلعتما ثم وجد الجام بمكة فقالوا ; اشتريناه من عدي وتميم ، فجاء رجلان من ورثة السهمي فحلفا أن هذا الجام للسهمي ، ولشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا ; قال ; فأخذوا الجام ; وفيهم نزلت هذه الآية . لفظ الدارقطني ، وروى الترمذي عن تميم الداري في هذه الآية يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم برئ منها الناس غيري وغير عدي بن بداء - وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبل الإسلام ، فأتيا الشام بتجارتهما ، وقدم عليهما مولى لبني سهم يقال له ; بديل بن أبي مريم بتجارة ، ومعه جام من فضة يريد به الملك ، وهو عظم تجارته ، فمرض فأوصى إليهما ، [ ص; 266 ] وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله ; قال تميم ; فلما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم ثم اقتسمناها أنا وعدي بن بداء ، فلما قدمنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا ، وفقدوا الجام فسألونا عنه فقلنا ; ما ترك غير هذا ، وما دفع إلينا غيره ; قال تميم ; فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة تأثمت من ذلك ، فأتيت أهله وأخبرتهم الخبر ، وأديت إليهم خمسمائة درهم ، وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها ، فأتوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألهم البينة فلم يجدوا ، فأمرهم أن يستحلفوه بما يقطع به على أهل دينه ، فحلف فأنزل الله عز وجل ; يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إلى قوله ( بعد أيمانهم ) فقام عمرو بن العاص ورجل آخر منهم فحلفا فنزعت الخمسمائة من يدي عدي بن بداء . قال أبو عيسى ; هذا حديث غريب وليس إسناده بصحيح ، وذكر الواقدي أن الآيات الثلاث نزلت في تميم وأخيه عدي ، وكانا نصرانيين ، وكان متجرهما إلى مكة ، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة قدم ابن أبي مريم مولى عمرو بن العاص المدينة وهو يريد الشام تاجرا ، فخرج مع تميم وأخيه عدي ; وذكر الحديث ، وذكر النقاش قال ; نزلت في بديل بن أبي مريم مولى العاص بن وائل السهمي ; كان خرج مسافرا في البحر إلى أرض النجاشي ، ومعه رجلان نصرانيان أحدهما يسمى تميما وكان من لخم وعدي بن بداء ، فمات بديل وهم في السفينة فرمي به في البحر ، وكان كتب وصيته ثم جعلها في المتاع فقال ; أبلغا هذا المتاع أهلي ، فلما مات بديل قبضا المال ، فأخذا منه ما أعجبهما فكان فيما أخذا إناء من فضة فيه ثلاثمائة مثقال ، منقوشا مموها بالذهب ; وذكر الحديث ، وذكره سنيد وقال ; فلما قدموا الشام مرض بديل وكان مسلما ; الحديث .الثانية ; وقوله تعالى ; شهادة بينكم ورد " شهد " في كتاب الله تعالى بأنواع مختلفة ; منها قوله تعالى ; واستشهدوا شهيدين من رجالكم قيل ; معناه أحضروا ، ومنها " شهد " بمعنى قضى أي ; أعلم ; قاله أبو عبيدة كقوله تعالى ; شهد الله أنه لا إله إلا هو ، ومنها " شهد " بمعنى أقر ; كقوله تعالى ; والملائكة يشهدون . ومنها " شهد " بمعنى حكم ; قال الله تعالى ; وشهد شاهد من أهلها ، ومنها " شهد " بمعنى حلف ; كما في اللعان . " وشهد " بمعنى وصى ; كقوله تعالى ; يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم وقيل ; معناها هنا الحضور للوصية ; يقال ; شهدت وصية فلان أي ; حضرتها ، وذهب الطبري إلى أن الشهادة بمعنى اليمين ; فيكون المعنى يمين ما بينكم أن يحلف اثنان ; واستدل على أن ذلك غير [ ص; 267 ] الشهادة التي تؤدى للمشهود له بأنه لا يعلم لله حكم يجب فيه على الشاهد يمين ، واختار هذا القول القفال . وسميت اليمين شهادة ; لأنه يثبت بها الحكم كما يثبت بالشهادة ، واختار ابن عطية أن الشهادة هنا هي الشهادة التي تحفظ فتؤدى ، وضعف كونها بمعنى الحضور واليمين .الثالثة ; وقوله تعالى ; بينكم قيل ; معناه ما بينكم فحذفت " ما " وأضيفت الشهادة إلى الظرف ، واستعمل اسما على الحقيقة ، وهو المسمى عند النحويين بالمفعول على السعة ; كما قال - هو رجل من بني عامر - ;ويوما شهدناه سليما وعامرا قليلا سوى الطعن النهال نوافلهأراد شهدنا فيه ، وقال تعالى ; بل مكر الليل والنهار أي ; مكركم فيهما ، وأنشد ;تصافح من لاقيت لي ذا عداوة صفاحا وعني بين عينيك منزويأراد ما بين عينيك فحذف ; ومنه قوله تعالى ; هذا فراق بيني وبينك أي ; ما بيني وبينك .الرابعة ; قوله تعالى ; إذا حضر أحدكم معناه إذا قارب الحضور ، وإلا فإذا حضر الموت لم يشهد ميت ، وهذا كقوله تعالى ; فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله ، وكقوله ; إذا طلقتم النساء فطلقوهن ومثله كثير ، والعامل في إذا المصدر الذي هو شهادة .الخامسة ; قوله تعالى ; حين الوصية اثنان حين ظرف زمان والعامل فيه حضر وقوله ; اثنان يقتضي بمطلقه شخصين ، ويحتمل رجلين ، إلا أنه لما قال بعد ذلك ; ذوا عدل بين أنه أراد رجلين ; لأنه لفظ لا يصلح إلا للمذكر ، كما أن " ذواتا " لا يصلح إلا للمؤنث ، وارتفع اثنان على أنه خبر المبتدأ الذي هو شهادة قال أبو علي شهادة رفع بالابتداء والخبر في قوله ; اثنان التقدير شهادة بينكم في وصاياكم شهادة اثنين ; فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ; كما قال تعالى ; وأزواجه أمهاتهم أي ; مثل أمهاتهم ، ويجوز أن يرتفع اثنان ب شهادة ; التقدير وفيما أنزل عليكم أو ليكن منكم أن يشهد اثنان ، أو ليقم الشهادة اثنان .السادسة ; قوله تعالى ; ذوا عدل منكم ( ذوا عدل ) صفة لقوله ; اثنان [ ص; 268 ] و ( منكم ) صفة بعد صفة ، وقوله ; أو آخران من غيركم أي ; أو شهادة آخرين من غيركم ; فمن غيركم صفة لآخرين ، وهذا الفصل هو المشكل في هذه الآية ، والتحقيق فيه أن يقال ; اختلف العلماء فيه على ثلاثة أقوال ;الأول ; أن الكاف والميم في قوله ; منكم ضمير للمسلمين أو آخران من غيركم للكافرين فعلى هذا تكون شهادة أهل الكتاب على المسلمين جائزة في السفر إذا كانت وصية ، وهو الأشبه بسياق الآية ، مع ما تقرر من الأحاديث ، وهو قول ثلاثة من الصحابة الذين شاهدوا التنزيل ; أبو موسى الأشعري وعبد الله بن قيس وعبد الله بن عباس فمعنى الآية من أولها إلى آخرها على هذا القول أن الله تعالى أخبر أن حكمه في الشهادة على الموصي إذا حضر الموت أن تكون شهادة عدلين ، فإن كان في سفر وهو الضرب في الأرض ، ولم يكن معه أحد من المؤمنين ، فليشهد شاهدين ممن حضره من أهل الكفر ، فإذا قدما وأديا الشهادة على وصيته حلفا بعد الصلاة أنهما ما كذبا وما بدلا ، وأن ما شهدا به حق ، ما كتما فيه شهادة وحكم بشهادتهما ; فإن عثر بعد ذلك على أنهما كذبا أو خانا ، ونحو هذا مما هو إثم حلف رجلان من أولياء الموصي في السفر ، وغرم الشاهدان ما ظهر عليهما . هذا معنى الآية على مذهب أبي موسى الأشعري ، وسعيد بن المسيب ، ويحيى بن يعمر ; وسعيد بن جبير وأبي مجلز وإبراهيم وشريح وعبيدة السلماني ; وابن سيرين ومجاهد وقتادة والسدي وابن عباس وغيرهم ، وقال به من الفقهاء سفيان الثوري ; ومال إليه أبو عبيد القاسم بن سلام لكثرة من قال به ، واختاره أحمد بن حنبل وقال ; شهادة أهل الذمة جائزة على المسلمين في السفر عند عدم المسلمين كلهم يقولون منكم من المؤمنين ومعنى من غيركم يعني الكفار . قال بعضهم ; وذلك أن الآية نزلت ولا مؤمن إلا بالمدينة ; وكانوا يسافرون بالتجارة صحبة أهل الكتاب وعبدة الأوثان وأنواع الكفرة ، والآية محكمة على مذهب أبي موسى وشريح وغيرهما .القول الثاني ; أن قوله سبحانه ; أو آخران من غيركم منسوخ ; هذا قول زيد بن أسلم والنخعي ومالك ; والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم من الفقهاء ; إلا أن أبا حنيفة خالفهم فقال ; تجوز شهادة الكفار بعضهم على بعض ; ولا تجوز على المسلمين واحتجوا بقوله تعالى ; ممن ترضون من الشهداء وقوله ; وأشهدوا ذوي عدل منكم ; فهؤلاء زعموا أن آية الدين من آخر ما نزل ; وأن فيها ممن ترضون من الشهداء فهو ناسخ لذلك ; ولم يكن الإسلام يومئذ إلا بالمدينة ; فجازت شهادة أهل الكتاب ; وهو اليوم طبق الأرض [ ص; 269 ] فسقطت شهادة الكفار ; وقد أجمع المسلمون على أن شهادة الفساق لا تجوز ; والكفار فساق فلا تجوز شهادتهم .قلت ; ما ذكرتموه صحيح إلا أنا نقول بموجبه ; وأن ذلك جائز في شهادة أهل الذمة على المسلمين في الوصية في السفر خاصة للضرورة بحيث لا يوجد مسلم ; وأما مع وجود مسلم فلا ; ولم يأت ما ادعيتموه من النسخ عن أحد ممن شهد التنزيل ; وقد قال بالأول ثلاثة من الصحابة وليس ذلك في غيره ; ومخالفة الصحابة إلى غيرهم ينفر عنه أهل العلم ، ويقوي هذا أن سورة " المائدة " من آخر القرآن نزولا حتى قال ابن عباس والحسن وغيرهما ; إنه لا منسوخ فيها ، وما ادعوه من النسخ لا يصح فإن النسخ لا بد فيه من إثبات الناسخ على وجه يتنافى الجمع بينهما مع تراخي الناسخ ; فما ذكروه لا يصح أن يكون ناسخا ; فإنه في قصة غير قصة الوصية لمكان الحاجة والضرورة ; ولا يمتنع اختلاف الحكم عند الضرورات ; ولأنه ربما كان الكافر ثقة عند المسلم يرتضيه عند الضرورة ; فليس فيما قالوه ناسخ .القول الثالث ; أن الآية لا نسخ فيها ; قاله الزهري والحسن وعكرمة ، ويكون معنى قوله ; منكم أي ; من عشيرتكم وقرابتكم ; لأنهم أحفظ وأضبط وأبعد عن النسيان . ومعنى أو آخران من غيركم أي ; من غير القرابة والعشيرة ; قال النحاس ; وهذا ينبني على معنى غامض في العربية ; وذلك أن معنى " آخر " في العربية من جنس الأول ; تقول ; مررت بكريم وكريم آخر ; فقوله " آخر " يدل على أنه من جنس الأول ; ولا يجوز عند أهل العربية مررت بكريم وخسيس آخر ; ولا مررت برجل وحمار آخر ; فوجب من هذا أن يكون معنى قوله ; أو آخران من غيركم أي ; عدلان ; والكفار لا يكونون عدولا فيصح على هذا قول من قال من غيركم من غير عشيرتكم من المسلمين ، وهذا معنى حسن من جهة اللسان ; وقد يحتج به لمالك ومن قال بقوله ; لأن المعنى عندهم من غيركم من غير قبيلتكم على أنه قد عورض هذا القول بأن في أول الآية يا أيها الذين آمنوا فخوطب الجماعة من المؤمنين .السابعة ; واستدل أبو حنيفة بهذه الآية على جواز شهادة الكفار من أهل الذمة فيما بينهم ; قال ; ومعنى أو آخران من غيركم أي ; من غير أهل دينكم ; فدل على جواز شهادة بعضهم على بعض ; فيقال له ; أنت لا تقول بمقتضى هذه الآية ; لأنها نزلت في قبول شهادة أهل الذمة على المسلمين وأنت لا تقول بها ، فلا يصح احتجاجك بها . فإن قيل ; هذه الآية دلت على جواز قبول شهادة أهل الذمة على المسلمين من طريق النطق ; ودلت على قبول شهادتهم على أهل الذمة من طريق التنبيه ; وذلك أنه إذا قبلت شهادتهم على المسلمين فلأن تقبل على أهل [ ص; 270 ] الذمة أولى ; ثم دل الدليل على بطلان شهادتهم على المسلمين ; فبقي شهادتهم على أهل الذمة على ما كان عليه ; وهذا ليس بشيء ; لأن قبول شهادة أهل الذمة على أهل الذمة فرع لقبول شهادتهم على المسلمين ; فإذا بطلت شهادتهم على المسلمين وهي الأصل فلأن تبطل شهادتهم على أهل الذمة وهي فرعها أحرى وأولى . والله أعلم .الثامنة ; قوله تعالى ; إن أنتم ضربتم في الأرض أي ; سافرتم ; وفي الكلام حذف تقديره إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت فأوصيتم إلى اثنين عدلين في ظنكم ; ودفعتم إليهما ما معكم من المال ; ثم متم وذهبا إلى ورثتكم بالتركة فارتابوا في أمرهما ; وادعوا عليهما خيانة ; فالحكم أن تحبسوهما من بعد الصلاة ; أي ; تستوثقوا منهما ; وسمى الله تعالى الموت في هذه الآية مصيبة ; قال علماؤنا ; والموت وإن كان مصيبة عظمى ، ورزية كبرى ; فأعظم منه الغفلة عنه ، والإعراض عن ذكره ، وترك التفكر فيه ; وترك العمل له ; وإن فيه وحده لعبرة لمن اعتبر ، وفكرة لمن تفكر ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ; لو أن البهائم تعلم من الموت ما تعلمون ما أكلتم منها سمينا ، ويروى أن أعرابيا كان يسير على جمل له ; فخر الجمل ميتا فنزل الأعرابي عنه ، وجعل يطوف به ويتفكر فيه ويقول ; ما لك لا تقوم ؟ ! ما لك لا تنبعث ؟ ! هذه أعضاؤك كاملة ، وجوارحك سالمة ; ما شأنك ؟ ! ما الذي كان يحملك ؟ ! ما الذي كان يبعثك ؟ ! ما الذي صرعك ؟ ! ما الذي عن الحركة منعك ؟ ! ثم تركه وانصرف متفكرا في شأنه ، متعجبا من أمره .التاسعة ; قوله تعالى ; تحبسونهما قال أبو علي ; تحبسونهما صفة ل آخران واعترض بين الصفة والموصوف بقوله ; إن أنتم ، وهذه الآية أصل في حبس من وجب عليه حق ; والحقوق على قسمين ; منها ما يصلح استيفاؤه معجلا ; ومنها ما لا يمكن استيفاؤه إلا مؤجلا ; فإن خلي من عليه الحق غاب واختفى وبطل الحق وتوي فلم يكن بد من التوثق منه ; فإما بعوض عن الحق وهو المسمى رهنا ; وإما بشخص ينوب منابه في المطالبة والذمة وهو الحميل ; وهو دون الأول ; لأنه يجوز أن يغيب كمغيبه ويتعذر وجوده كتعذره ; ولكن لا يمكن أكثر من هذا فإن تعذرا جميعا لم يبق إلا التوثق بحبسه حتى تقع منه التوفية لما كان عليه من حق ; أو تبين عسرته .العاشرة ; فإن كان الحق بدنيا لا يقبل البدل كالحدود والقصاص ولم يتفق استيفاؤه معجلا ; لم يكن فيه إلا التوثق بسجنه ; ولأجل هذه الحكمة شرع السجن ; روى أبو داود [ ص; 271 ] والترمذي وغيرهما عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة ، وروى أبو داود عن عمرو بن الشريد عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ; لي الواجد يحل عرضه وعقوبته . قال ابن المبارك يحل عرضه يغلظ له ، وعقوبته يحبس له . قال الخطابي ; الحبس على ضربين ; حبس عقوبة ، وحبس استظهار ، فالعقوبة لا تكون إلا في واجب ، وأما ما كان في تهمة فإنما يستظهر بذلك ليستكشف به ما وراءه ; وقد روي أنه حبس رجلا في تهمة ساعة من نهار ثم خلى عنه ، وروى معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال ; كان شريح إذا قضى على رجل بحق أمر بحبسه في المسجد إلى أن يقوم فإن أعطاه حقه وإلا أمر به إلى السجن .الحادية عشرة ; قوله تعالى ; من بعد الصلاة يريد صلاة العصر ; قاله الأكثر من العلماء ; لأن أهل الأديان يعظمون ذلك الوقت ويتجنبون فيه الكذب واليمين الكاذبة ، وقال الحسن ; صلاة الظهر ، وقيل ; أي صلاة كانت ، وقيل ; من بعد صلاتهما على أنهما كافران ; قاله السدي ، وقيل ; إن فائدة اشتراطه بعد الصلاة تعظيم للوقت ، وإرهاب به ; لشهود الملائكة ذلك الوقت ; وفي الصحيح من حلف على يمين كاذبة بعد العصر لقي الله وهو عليه غضبان .الثانية عشرة ; وهذه الآية أصل في التغليظ في الأيمان ، والتغليظ يكون بأربعة أشياء ; أحدها ; الزمان كما ذكرنا . الثاني ; المكان كالمسجد والمنبر ، خلافا لأبي حنيفة وأصحابه حيث يقولون ; لا يجب استحلاف أحد عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا بين الركن والمقام لا في قليل الأشياء ولا في كثيرها ; وإلى هذا القول ذهب البخاري - رحمه الله - حيث ترجم ( باب يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين ولا يصرف من موضع إلى غيره ) ، وقال مالك والشافعي ; ويجلب في أيمان القسامة إلى مكة من كان من أعمالها ، فيحلف بين الركن والمقام ، ويجلب إلى المدينة من كان من أعمالها ، فيحلف عند المنبر . الثالث ; الحال روى مطرف وابن الماجشون وبعض أصحاب الشافعي أنه يحلف قائما مستقبل القبلة ; لأن ذلك أبلغ في الردع والزجر ، وقال ابن كنانة ; يحلف جالسا ; قال ابن العربي ; والذي عندي أنه يحلف كما يحكم عليه بها إن كان قائما فقائما وإن جالسا فجالسا إذ لم يثبت في أثر ولا نظر اعتبار ذلك من قيام أو جلوس .قلت ; قد استنبط بعض العلماء من قوله في حديث علقمة بن وائل عن أبيه ; " فانطلق ليحلف " القيام - والله أعلم - أخرجه مسلم . الرابع ; التغليظ باللفظ ; فذهبت طائفة إلى [ ص; 272 ] الحلف بالله لا يزيد عليه ; لقوله تعالى ; فيقسمان بالله وقوله ; قل إي وربي وقال ; وتالله لأكيدن أصنامكم وقوله عليه السلام ; من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ، وقول الرجل ; والله لا أزيد عليهن ، وقال مالك ; يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما له عندي حق ، وما ادعاه علي باطل ; والحجة له ما رواه أبو داود حدثنا مسدد قال حدثنا أبو الأحوص قال حدثنا عطاء بن السائب عن أبي يحيى عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ; - يعني لرجل حلفه - احلف بالله الذي لا إله إلا هو ما له عندك شيء يعني للمدعي ; قال أبو داود ; أبو يحيى اسمه زياد كوفي ثقة ثبت ، وقال الكوفيون ; يحلف بالله لا غير ، فإن اتهمه القاضي غلظ عليه اليمين ; فيحلفه بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وزاد أصحاب الشافعي التغليظ بالمصحف . قال ابن العربي ; وهو بدعة ما ذكرها أحد قط من الصحابة ، وزعم الشافعي أنه رأى ابن مازن قاضي صنعاء يحلف بالمصحف ويأمر أصحابه بذلك ويرويه عن ابن عباس ، ولم يصح .قلت ; وفي كتاب ( المهذب ) وإن حلف بالمصحف وما فيه من القرآن فقد حكى الشافعي عن مطرف أن ابن الزبير كان يحلف على المصحف ، قال ; ورأيت مطرفا بصنعاء يحلف على المصحف ; قال الشافعي ; وهو حسن . قال ابن المنذر ; وأجمعوا على أنه لا ينبغي للحاكم أن يستحلف بالطلاق والعتاق والمصحف .قلت ; قد تقدم في الأيمان ; وكان قتادة يحلف بالمصحف ، وقال أحمد وإسحاق ; لا يكره ذلك ; حكاه عنهما ابن المنذر .الثالثة عشرة ; اختلف مالك والشافعي من هذا الباب في قدر المال الذي يحلف به في مقطع الحق ; فقال مالك ; لا تكون اليمين في مقطع الحق في أقل من ثلاثة دراهم قياسا على القطع ، وكل مال تقطع فيه اليد وتسقط به حرمة العضو فهو عظيم ، وقال الشافعي ; لا تكون اليمين في ذلك في أقل من عشرين دينارا قياسا على الزكاة ، وكذلك عند منبر كل مسجد .الرابعة عشرة ; قوله تعالى ; فيقسمان بالله الفاء في فيقسمان عاطفة جملة على [ ص; 273 ] جملة ، أو جواب جزاء ; لأن تحبسونها معناه احبسوهما ، أي ; لليمين ; فهو جواب الأمر الذي دل عليه الكلام كأنه قال ; إذا حبستموهما أقسما ; قال ذو الرمة ;وإنسان عيني يحسر الماء مرة فيبدو وتارات يجم فيغرقتقديره عندهم ; إذا حسر بدا .الخامسة عشرة ; واختلف من المراد بقوله ; فيقسمان ؟ فقيل ; الوصيان إذا ارتيب في قولهما وقيل ; الشاهدان إذا لم يكونا عدلين وارتاب بقولهما الحاكم حلفهما . قال ابن العربي مبطلا لهذا القول ; والذي سمعت - وهو بدعة - عن ابن أبي ليلى أنه يحلف الطالب مع شاهديه أن الذي شهدا به حق ; وحينئذ يقضى له بالحق ; وتأويل هذا عندي إذا ارتاب الحاكم بالقبض فيحلف إنه لباق ، وأما غير ذلك فلا يلتفت إليه ; هذا في المدعي فكيف يحبس الشاهد أو يحلف ؟ ! هذا ما لا يلتفت إليه .قلت ; وقد تقدم من قول الطبري في أنه لا يعلم لله حكم يجب فيه على الشاهد يمين ، وقد قيل ; إنما استحلف الشاهدان لأنهما صارا مدعى عليهما ، حيث ادعى الورثة أنهما خانا في المال .السادسة عشرة ; قوله تعالى ; إن ارتبتم شرط لا يتوجه تحليف الشاهدين إلا به ، ومتى لم يقع ريب ولا اختلاف فلا يمين . قال ابن عطية ; أما إنه يظهر من حكم أبي موسى في تحليف الذميين أنه باليمين تكمل شهادتهما وتنفذ الوصية لأهلها ، روى أبو داود عن الشعبي أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقاء هذه ، ولم يجد أحدا من المسلمين حضره يشهده على وصيته ، فأشهد رجلين من أهل الكتاب ، فقدما الكوفة فأتيا الأشعري فأخبراه ، وقدما بتركته ووصيته ; فقال الأشعري ; هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ; فأحلفهما بعد العصر ; " بالله ما خانا ولا كذبا ولا بدلا ولا كتما ولا غيرا وإنها لوصية الرجل وتركته " فأمضى شهادتهما . قال ابن عطية ; وهذه الريبة عند من لا يرى الآية منسوخة تترتب في الخيانة ، وفي الاتهام بالميل إلى بعض الموصى لهم دون بعض ، وتقع مع ذلك اليمين عنده ; وأما من يرى الآية منسوخة فلا يقع تحليف إلا أن يكون الارتياب في خيانة أو تعد بوجه من وجوه التعدي ; فيكون التحليف عنده بحسب الدعوى على منكر لا على أنه تكميل للشهادة . قال ابن العربي ; يمين الريبة والتهمة على قسمين ; أحدهما ; ما تقع الريبة فيه بعد ثبوت الحق وتوجه الدعوى فلا خلاف في وجوب اليمين . الثاني ; التهمة المطلقة في الحقوق والحدود ، [ ص; 274 ] وله تفصيل بيانه في كتب الفروع ; وقد تحققت هاهنا الدعوى وقويت حسبما ذكر في الروايات .السابعة عشرة ; الشرط في قوله ; إن ارتبتم يتعلق بقوله ; تحبسونهما لا بقوله فيقسمان لأن هذا الحبس سبب القسم .الثامنة عشرة ; قوله تعالى ; لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى أي ; يقولان في يمينهما لا نشتري بقسمنا عوضا نأخذه بدلا مما أوصى به ولا ندفعه إلى أحد ولو كان الذي نقسم له ذا قربى منا ، وإضمار القول كثير ، كقوله ; والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم أي ; يقولون ; سلام عليكم . والاشتراء هاهنا ليس بمعنى البيع ، بل هو التحصيل .التاسعة عشرة ; اللام في قوله ; لا نشتري جواب لقوله ; فيقسمان لأن أقسم يلتقي بما يلتقي به القسم ; وهو " لا " و " ما " في النفي ، " وإن " واللام في الإيجاب ، والهاء في به عائد على اسم الله تعالى ، وهو أقرب مذكور ; المعنى ; لا نبيع حظنا من الله تعالى بهذا العرض . ويحتمل أن يعود على الشهادة وذكرت على معنى القول ; كما قال صلى الله عليه وسلم ; واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب فأعاد الضمير على معنى الدعوة الذي هو الدعاء ، وقد تقدم في سورة " النساء " .الموفية عشرين ; قوله تعالى ; ثمنا قال الكوفيون ; المعنى ذا ثمن أي ; سلعة ذا ثمن ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، وعندنا وعند كثير من العلماء أن الثمن قد يكون هو ويكون السلعة ; فإن الثمن عندنا مشترى كما أن المثمون مشترى ; فكل واحد من المبيعين ثمنا ومثمونا كان البيع دائرا على عرض ونقد ، أو على عرضين ، أو على نقدين ; وعلى هذا الأصل تنبني مسألة ; إذا أفلس المبتاع ووجد البائع متاعه هل يكون أولى به ؟ قال أبو حنيفة ; لا يكون أولى به ; وبناه على هذا الأصل ، وقال ; يكون صاحبها أسوة الغرماء ، وقال مالك ; هو أحق بها في الفلس دون الموت ، وقال الشافعي ; صاحبها أحق بها في الفلس والموت . تمسك أبو حنيفة بما ذكرنا ، وبأن الأصل الكلي أن الدين في ذمة المفلس والميت ، وما بأيديهما محل للوفاء ; فيشترك جميع الغرماء فيه بقدر رءوس أموالهم ، ولا فرق في ذلك بين أن تكون أعيان السلع موجودة أو لا ، إذ قد خرجت عن ملك بائعها ووجبت أثمانها لهم في الذمة بالإجماع ، [ ص; 275 ] فلا يكون لهم إلا أثمانها أو ما وجد منها . وخصص مالك والشافعي هذه القاعدة بأخبار رويت في هذا الباب رواها الأئمة أبو داود وغيره .الحادية والعشرون ; قوله تعالى ; ولا نكتم شهادة الله أي ; ما أعلمنا الله من الشهادة ، وفيها سبع قراءات من أرادها وجدها في ( التحصيل ) وغيره .
القول في تأويل قوله ; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْقال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره للمؤمنين به; " يا أيها الذين آمنوا شهادةُ بينكم " ، يقول; ليشهد بينكم =" إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية " ، يقول; وقت الوصية=" اثنان ذوا عدل منكم "، يقول; ذوا رشد وعقل وحِجًى من المسلمين، (48) كما;-12882 - حدثنا محمد بن بشار وعبيد الله بن يوسف الجبيري قالا حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال ، حدثنا شعبة, عن قتادة, عن سعيد بن المسيب في قوله; وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ [سورة الطلاق; 2]، قال; ذَوَي عقل. (49)واختلف أهل التأويل في تأويل قوله; " ذوا عدل منكم " .فقال بعضهم; عنى به; من أهل ملتكم.* ذكر من قال ذلك;12883 - حدثنا حميد بن مسعدة قال ، حدثنا يزيد بن زريع, عن سعيد, عن قتادة, عن سعيد بن المسيب قال ; شاهدان " ذوا عدل منكم "، من المسلمين.12884 - حدثنا عمران بن موسى القزاز قال ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال ، حدثنا إسحاق بن سويد, عن يحيى بن يعمر في قوله; " اثنان ذوا عدل منكم " ، من المسلمين.12885- حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا ابن أبي عدي, عن سعيد, عن قتادة, عن سعيد بن المسيب في قوله; " اثنان ذوا عدل منكم "، قال; اثنان من أهل دينكم.12886 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا ابن إدريس, عن أشعث, عن ابن سيرين, عن عبيدة قال ; سألته, عن قول الله تعالى ذكره; " اثنان ذوا عدل منكم " ، قال; من الملة.12887- حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا ابن إدريس, عن هشام, عن ابن سيرين, عن عبيدة, بمثله = إلا أنه قال فيه; من أهل الملة.12888- حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية, عن هشام, عن ابن سيرين قال ; سألت عبيدة عن هذه الآية; " اثنان ذوا عدل منكم " ، قال; من أهل الملة.12889- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي, عن ابن عون, عن ابن سيرين, عن عبيدة, مثله.12890- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا حسين, عن زائدة, عن هشام, عن ابن سيرين قال ; سألت عبيدة, فذكر مثله.12891 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن مهدي, عن حماد, عن ابن أبي نجيح = وقال، حدثنا مالك بن إسماعيل, عن حماد بن زيد, عن ابن أبي نجيح = عن مجاهد, مثله.12892 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس; " ذوا عدل منكم " ، قال; ذوا عدل من أهل الإسلام.12893 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله; " ذوا عدل منكم " ، قال; من المسلمين.12894- حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد, عن قتادة قال ; كان سعيد بن المسيب يقول; " اثنان ذوا عدل منكم " ، أي; من أهل الإسلام.* * *وقال آخرون; عنى بذلك; ذوا عدل من حَيِّ الموصِي. وذلك قول روي عن عكرمة وعبيدة وعدّة غيرهما.* * *واختلفوا في صفة " الاثنين " اللذين ذكرهما الله في هذه الآية، ما هي, وما هما؟فقال بعضهم; هما شاهدان يشهدان على وصية الموصي.* * *وقال آخرون; هما وصيان.* * *وتأويل الذين زعموا أنهما شاهدان. قولَه; " شهادة بينكم " ، ليشهد شاهدان ذوا عدل منكم على وصيتكم.* * *وتأويل الذين قالوا; " هما وصيان لا شاهدان " قولَه; " شهادة بينكم "، بمعنى الحضور والشهود لما يوصيهما به المريضُ, من قولك; " شهدت وصية فلان ", بمعنى حضرته. (50)* * *قال أبو جعفر; وأولى التأويلين بقوله; " اثنان ذوا عدل منكم " ، تأويلُ من تأوّله بمعنى أنهما من أهل الملة، دون من تأوّله أنهما من حيّ الموصي.وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالآية, لأن الله تعالى ذكره، عم المؤمنين بخطابهم بذلك في قوله; " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم " فغير جائز أن يصرف ما عمَّه الله تعالى ذكره إلى الخصوص إلا بحجة يجب التسليم لها. وإذ كان ذلك كذلك, فالواجب أن يكون العائدُ من ذكره على العموم, (51) كما كان ذكرهم ابتداءً على العموم.* * *وأولى المعنيين بقوله; " شهادة بينكم " اليمين, لا " الشهادة " التي يقوم بها مَنْ عنده شهادة لغيره، لمن هي عنده، على مَن هي عليه عند الحكام. (52) لأنا لا نعلم لله تعالى ذكره حكمًا يجب فيه على الشاهد اليمين, فيكون جائزًا صرفُ" الشهادة " في هذا الموضع، إلى " الشهادة " التي يقوم بها بعض الناس عند الحكام والأئمة.وفي حكم الآية في هذه، اليمينَ على ذوي العدل = وعلى من قام مقامهم، باليمين بقوله (53) " تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله " = أوضحُ الدليل على صحة ما قلنا في ذلك، من أن " الشهادة " فيه; الأيمان، دون الشهادة التي يقضَى بها للمشهود له على المشهود عليه = وفسادِ ما خالفه.* * *فإن قال قائل; فهل وجدتَ في حكم الله تعالى ذكره يمينًا تجب على المدَّعي، فتوجه قولك في الشهادة في هذا الموضع إلى الصحة؟فإن قلتَ; " لا ", تبين فساد تأويلك ذلك على ما تأوّلت, لأنه يجب على هذا التأويل أن يكون المقسمان في قوله; " فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحقّ من شهادتهما " ، هما المدعيين.وإن قلت; " بلى ", قيل لك; وفي أيّ حكم لله تعالى ذكره وجدتَ ذلك؟ قيل; وجدنا ذلك في أكثر المعاني. وذلك في حكم الرجل يدَّعي قِبَل رجل مالا فيقرّ به المدّعَى عليه قِبَله ذلك، ويدّعي قضاءه. فيكون القول قول ربّ الدين = (54)والرجل يعرّف في يد الرجل السلعةَ, فيزعم المعرّف في يده أنه اشتراها من المدّعِي، أو أنّ المدعي وهبها له, وما أشبه ذلك مما يكثر إحصاؤه. وعلى هذا الوجه أوجبَ الله تعالى ذكره في هذا الموضع اليمين على المدعيين اللذين عثرا على الخائنين فيما خانا فيه. (55)قال أبو جعفر; واختلف أهل العربية في الرافع قولَه; " شهادة بينكم ", وقولَه; " اثنان ذوا عدل منكم " .فقال بعض نحويي البصرة; معنى قوله; " شهادة بينكم " ، شهادة اثنين ذوي عدل, ثم ألقيت " الشهادة "، وأقيم " الاثنان " مقامها, فارتفعا بما كانت " الشهادة " به مرتفعة لو جعلت في الكلام. (56) قال; وذلك = في حذف ما حذف منه، وإقامة ما أقيم مقام المحذوف = نظيرُ قوله; وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ [سورة يوسف; 82] ، وإنما يريد; واسأل أهل القرية, وانتصبت " القرية " بانتصاب " الأهل "، وقامت مقامه, ثم عطف قوله; " أو آخران " على " الاثنين ".* * *وقال بعض نحويي الكوفة; رفع " الاثنين " ب " الشهادة "، أي; ليشهدكم اثنان من المسلمين, أو آخران من غيركم.* * *وقال آخر منهم; رفعت " الشهادة "، ب " إذا حضر ". وقال; إنما رفعت بذلك، لأنه قال; " إذا حضر " فجعلها " شهادة " محذوفة مستأنفة, ليست بالشهادة التي قد رفعت لكل الخلق, لأنه قال تعالى ذكره; " أو آخران من غيركم ", وهذه شهادة لا تقع إلا في هذا الحال, وليست مما يثبت. (57)* * *قال أبو جعفر; وأولى هذه الأقوال في ذلك عندي بالصواب, قولُ من قال; " الشهادة " مرفوعة بقوله; " إذا حضر " ، لأن قوله; " إذا حضر "، بمعنى; عند حضور أحدكم الموت, و " الاثنان " مرفوع بالمعنى المتوهَّم, وهو; أن يشهد اثنان = فاكتفي من قيل; " أن يشهد "، بما قد جرى من ذكر " الشهادة " في قوله; " شهادة بينكم ".وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب, لأن " الشهادة " مصدر في هذا الموضع, و " الاثنان " اسم, والاسم لا يكون مصدرًا. غير أن العرب قد تضع الأسماء مواضع الأفعال. (58) فالأمر وإن كان كذلك, فصرْفُ كل ذلك إلى أصح وُجوهه ما وجدنا إليه سبيلا أولى بنا من صرفه إلى أضعفها.* * *القول في تأويل قوله ; أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْقال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره للمؤمنين; ليشهد بينكم إذا حضر أحدكم الموت، عدلان من المسلمين, أو آخران من غير المسلمين.* * *وقد اختلف أهل التأويل في تأويل قوله; " أو آخران من غيركم " .فقال بعضهم; معناه; أو آخران من غير أهل ملتكم، نحو الذي قلنا فيه.* ذكر من قال ذلك;12859 - حدثنا حميد بن مسعدة وبشر بن معاذ قالا (59) حدثنا يزيد بن زريع, عن سعيد, عن قتادة, عن سعيد بن المسيب; " أو آخران من غيركم " ، من أهل الكتاب.12896- حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة قال ، سمعت قتادة يحدث, عن سعيد بن المسيب; " أو آخران من غيركم " ، من أهل الكتاب.12897- حدثني أبو حفص الجبيري، عبيد الله بن يوسف قال ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال ، حدثنا شعبة, عن قتادة, عن سعيد بن المسيب, مثله. (60)12898 - حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا ابن أبي عدي, عن سعيد, عن قتادة, عن سعيد, مثله.12899- حدثني يعقوب قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا مغيرة, عن إبراهيم وسليمان التيمي, عن سعيد بن المسيب, أنهما قالا في قوله; " أو آخران من غيركم " ، قالا من غير أهل ملتكم.12900- حدثني يعقوب قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا مغيرة قال ، حدثني من سمع سعيد بن جبير يقول, مثل ذلك.12901 - حدثني يعقوب قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا التيمي, عن أبي مجلز قال ; من غير أهل ملتكم.12902 - حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة, عن مغيرة, عن إبراهيم, مثله.12903 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جرير, عن مغيرة, عن إبراهيم قال ; إن كان قُرْبَه أحدٌ من المسلمين أشهدهم, وإلا أشهد رجلين من المشركين.12904 - حدثنا عمرو بن علي قال ، حدثنا أبو قتيبة قال ، حدثنا هشيم, عن المغيرة, عن إبراهيم وسعيد بن جبير في قوله; " أو آخران من غيركم " ، قالا من غير أهل ملتكم. (61)12905- حدثنا عمرو قال ، حدثنا يحيى بن سعيد قال ، حدثنا سعيد, عن قتادة, عن سعيد; " أو آخران من غيركم "، قال; من أهل الكتاب.12906- حدثنا عمرو قال ، حدثنا محمد بن سواء قال ، حدثنا سعيد, عن قتادة, عن سعيد بن المسيب, مثله. (62)12907- حدثنا هناد قال ، حدثنا وكيع = وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي = عن شعبة, عن قتادة, عن سعيد بن المسيب, مثله.12908 - حدثنا عمران بن موسى قال ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال ، حدثنا إسحاق بن سويد, عن يحيى بن يعمر في قوله; " اثنان ذوا عدل منكم "، من المسلمين, فإن لم تجدوا من المسلمين, فمن غير المسلمين.12909 - حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا عبد الأعلى قال ، حدثنا داود, عن عامر, عن شريح في هذه الآية; " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموتُ حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم " ، قال; إذا كان الرجل بأرض غُرْبة ولم يجد مسلمًا يشهده على وصيته, فأشهد يهوديًّا أو نصرانيًّا أو مجوسيًّا, فشهادتهم جائزة. (63) فإن جاء رجلان مسلمان فشهدا بخلاف شهادتهما, أجيزت شهادة المسلمين, وأبطلت شهادة الآخرَيْن. (64)12910 - حدثني يعقوب قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا الأعمش, عن إبراهيم, عن شريح; أنه كان لا يجيز شهادة اليهود والنصارى على مسلم إلا في الوصية, ولا يجيز شهادتهما على الوصية إلا إذا كانوا في سفَر.12911- حدثنا عمرو بن علي قال ، حدثنا أبو معاوية ووكيع قالا حدثنا الأعمش, عن إبراهيم, عن شريح قال ; لا تجوز شهادة اليهودي والنصرانيّ إلا في سفر, ولا تجوز في سفر إلا في وصية. (65)12912 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن الأعمش, عن إبراهيم, عن شريح, نحوه.12913 - حدثنا عمرو بن علي قال ، حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي قال ، حدثنا سفيان, عن منصور, عن إبراهيم قال ; كتب هشام بن هُبَيرة لمسلمة عن شهادة المشركين على المسلمين, فكتب; " لا تجوز شهادة المشركين على المسلمين إلا في وصية, ولا يجوز في وصية إلا أن يكون الرجل مسافرًا ".12914 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا ابن إدريس, عن أشهب, عن ابن سيرين, عن عبيدة قال ; سألته عن قول الله تعالى ذكره; " أو آخران من غيركم " ، قال; من غير الملة.12915- حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا ابن إدريس, عن هشام, عن ابن سيرين, عن عبيدة, بمثله.12916- حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية, عن هشام, عن ابن سيرين قال ; سألت عبيدة, عن ذلك فقال; من غير أهل الملة.12917- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جرير, عن هشام, عن ابن &; 11-164 &; سيرين, عن عبيدة قال ; من غير أهل الصلاة.12918- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن إدريس, عن هشام, عن ابن سيرين, عن عبيدة قال ; من غير أهل دينكم.12919- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا حسين, عن زائدة, عن هشام, عن ابن سيرين, عن عبيدة قال ; من غير أهل الملة.12920- حدثنا عمرو بن علي قال ، حدثنا أبو داود قال ، حدثنا أبو حرّة, عن محمد بن سيرين, عن عبيدة; " أو آخران من غيركم " ، قال; من غير أهل ملتكم.12921- حدثنا عمرو بن علي قال ، حدثنا عبد الرحمن بن عثمان قال، حدثنا هشام بن محمد قال ، سألت سعيد بن جبير عن [ قول الله; " أو آخران من غيركم " ، قال; من غير أهل ملتكم] . (66)12922 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا مالك بن إسماعيل, عن حماد بن زيد, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.12923- حدثنا عمرو قال ، حدثنا أبو داود قال ، حدثنا حماد بن زيد, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال ; من غير أهل ملتكم.12924 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس; " أو آخران من غيركم " ، من غير أهل الإسلام.12925 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا أبو بكر بن عياش قال ، قال أبو إسحاق; " أو آخران من غيركم " ، قال; من اليهود والنصارى = قال قال شريح; لا تجوز شهادة اليهوديّ والنصراني إلا في وصية, ولا تجوز في وصية إلا في سفر.12926 - حدثني يعقوب قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا زكريا, عن الشعبي; أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدَقوقَا هذه. (67) قال; فحضرته الوفاة ولم يجد أحدًا من المسلمين يشهده على وصيته, فأشهده رجلين من أهل الكتاب، فقدما الكوفة, فأتيا الأشعريّ فأخبراه, وقدِما بتركته ووصيته, فقال الأشعري; هذا أمر لم يكن بعدَ الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم! فأحلفهما وأمضى شهادتهما. (68)12927 - حدثنا عمرو بن علي قال ، حدثنا أبو داود قال ، حدثنا شعبة, عن مغيرة الأزرق, عن الشعبي; أن أبا موسى قضى بها بدَقوقَا.12928 - حدثنا عمرو قال ، حدثنا عثمان بن الهيثم قال ، حدثنا عوف, عن محمد; أنه كان يقول في قوله; " اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم " ، شاهدان من المسلمين وغير المسلمين.12929 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد; " أو آحران من غيركم " ، من غير أهل الإسلام.12930- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال ، أخبرنا أبو حفص, عن ليث, عن مجاهد قال ; من غير أهل الإسلام.12931 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، أخبرني عبد الله بن عياش قال ; قال زيد بن أسلم في هذه الآية; " شهادة بينكم " الآية كلها، قال; كان ذلك في رجل تُوُفّيَ وليس عنده أحد من أهل الإسلام, وذلك في أوّل الإسلام، والأرض حرب، والناس كفار, إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالمدينة, وكان الناس يتوارثون بالوصية, ثم نُسِخت الوصية وفرضت الفرائض, وعمل المسلمون بها. (69)* * *وقال آخرون; بل معنى ذلك; أو آخران من غير حَيِّكم وعشيرتكم.* ذكر من قال ذلك;12932 - حدثنا عمرو بن علي قال ، حدثنا عثمان بن الهيثم بن الجهم قال ، حدثنا عوف, عن الحسن في قوله; " اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم " ، قال; شاهدان من قومكم ومن غير قومكم. (70)12933 - حدثنا عمرو قال ، حدثنا أبو داود قال ، حدثنا صالح بن أبي الأخضر, عن الزهري قال ; مضت السُّنة أن لا تجوز شهادة كافر في حضر ولا سفر, إنما هي في المسلمين. (71)12934- حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد, عن قتادة قال ; كان الحسن يقول; " اثنان ذوا عدل منكم " ، أي; من عشيرته =" أو آخران من غيركم " ، قال; من غير عشيرته.12935 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو أسامة, عن ثابت بن زيد, عن عاصم, عن عكرمة; " أو آخران من غيركم " ، قال; من غير أهل حيِّكم.12936- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن مهدي, عن ثابت بن زيد, عن عاصم, عن عكرمة; " أو آخران من غيركم "، قال; من غير حيكم.12937- حدثنا عمرو بن علي قال ، حدثنا أبو داود قال ، حدثنا ثابت بن زيد, عن عاصم الأحول, عن عكرمة في قول الله تعالى ذكره; " أو آخران من غيركم " ، قال; من غير أهل حيه = يعني; من المسلمين.12938- حدثني الحارث بن محمد قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا مبارك, عن الحسن; " أو آخران من غيركم " ، قال; من غير عشيرتك, ومن غير قومك، كلهم من المسلمين.12939- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر, عن أيوب, عن ابن سيرين, عن عبيدة قوله; " أو آخران من غيركم " ، قال; مسلمين من غير حيكم.12940 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني الليث قال ، حدثني عقيل قال; سألت ابن شهاب عن قول الله تعالى ذكره; " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت " ، إلى قوله; وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ، قلت; أرأيت الاثنين اللذين ذكر الله، من غير أهل المرء الموصي، أهما من المسلمين، أم هما من أهل الكتاب؟ وأرأيت الآخرين اللذين يقومان مقامهما, أتراهما من [غير] أهل المرء الموصي، (72) أم هما من غير المسلمين؟ قال ابن شهاب; لم نسمع في هذه الآية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أئمة العامة، سنة أذكرها, وقد كنا نتذاكرها أناسًا من علمائنا أحيانًا, فلا يذكرون فيها سُنة معلومة، ولا قضاءً من إمام عادل, ولكنه يختلف فيها رأيهم. وكان أعجبهم فيها رأيًا إلينا، الذين كانوا يقولون; هي فيما بين أهل الميراث من المسلمين, يشهد بعضهم الميت الذي يرثونه، ويغيب عنه بعضهم, ويشهد من شهده على ما أوصى به لذوي القربى، فيخبرون من غاب عنه منهم بما حضرُوا من وصية. فإن سلّموا جازت وصيته، وإن ارتابوا أن يكونوا بدَّلوا قولَ الميت، وآثروا بالوصية من أرادوا ممن لم يوص لهم الميت بشيء، حَلَف اللذان يشهدان على ذلك بعد الصلاة، وهي صلاة المسلمين, فيقسمان بالله; " إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذًا لمن الآثمين ". فإذا أقسما على ذلك جازت شهادتهما وأيمانهما، ما لم يعثر على أنهما [استحقا إثمًا في شيء من ذلك, فإن عُثر على أنهما استحقا إثمًا في شيء من ذلك ] ، (73) قام آخران مقامهما من أهل الميراث، من الخصم الذين ينكرون ما شهد به عليه الأوَّلان المستحلفان أول مرة, فيقسمان بالله لشهادتنا [ أحق من شهادتكما] ، (74) على تكذيبكما أو إبطال ما شهدتما به = وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ = ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ ، الآية.* * *قال أبو جعفر; وأولى التأويلين في ذلك عندنا بالصواب، تأويل من تأوّله; أو آخران من غير أهل الإسلام. وذلك أن الله تعالى عرَّف عباده المؤمنين عند &; 11-169 &; الوصية، شهادة اثنين من عدول المؤمنين، أو اثنين من غير المؤمنين. ولا وجه لأن يقال في الكلام صفة شهادة مؤمنين منكم، أو رجلين من غير عشيرتكم, وإنما يقال; صفة شهادة رجلين من عشيرتكم أو من غير عشيرتكم = أو رجلين من المؤمنين أو من غير المؤمنين.فإذ كان لا وجه لذلك في الكلام, فغير جائز صرف معنى كلام الله تعالى ذكره إلا إلى أحسن وجوهه. (75)وقد دللنا قبل على أن قوله تعالى; " ذوا عدل منكم " ، إنما هو من أهل دينكم وملتكم، بما فيه كفاية لمن وفق لفهمه.وإذ صح ذلك بما دللنا عليه, فمعلوم أن معنى قوله; " أو آخران من غيركم " ، إنما هو; أو آخران من غير أهل دينكم وملتكم. وإذ كان ذلك كذلك, فسواء كان الآخران اللذان من غير أهل ديننا، يهوديين كانا أو نصرانيين أو مجوسيين أو عابدَيْ وثَن، أو على أي دين كانا. لأنّ الله تعالى ذكره لم يخصص آخرين من أهل ملة بعينها دونَ ملة، بعد أن يكونا من [غير] أهل الإسلام. (76)* * *القول في تأويل قوله ; إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِقال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره للمؤمنين; صفة شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموتُ وقتَ الوصية, أن يشهد اثنان ذوا عدل منكم، أيها المؤمنون، أو رجلان آخران من غير أهل ملتكم, إن أنتم سافرتم ذاهبين وراجعين في الأرض.* * *وقد بينا فيما مضى السبب الذي من أجله قيل للمسافر; " الضارب في الأرض ". (77)=" فأصابتكم مصيبة الموت " ، يقول; فنـزل بكم الموت. (78)* * *ووجَّه أكثر التأويل هذا الموضع إلى معنى التعقيب دون التخيير، وقالوا; معناه; شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية، اثنان ذوا عدل منكم إن وجدا, فإن لم يوجدا فآخران من غيركم = وإنما فعل ذلك من فعله, لأنه وجَّه معنى " الشهادة " في قوله; " شهادة بينكم " ، إلى معنى الشهادة التي توجب للقوم قيامَ صاحبها عند الحاكم, أو يُبطلها. * ذكر بعض من تأول ذلك كذلك;12941 - حدثنا عمران بن موسى القزاز قال ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال ، حدثنا إسحاق بن سويد, عن يحيى بن يعمر في قوله; " ذوا عدل منكم " ، من المسلمين. فإن لم تجدوا من المسلمين، فمن غير المسلمين.12942 - حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا حدثنا ابن أبي عدي, عن سعيد, عن قتادة, عن سعيد بن المسيب في قوله; " اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم " ، قال; اثنان من أهل دينكم =" أو آخران من غيركم " ، من أهل الكتاب، إذا كان ببلادٍ لا يجد غيرهم.12943 - حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا عبد الأعلى قال ، حدثنا داود, عن عامر, عن شريح في هذه الآية; " شهادة بينكم " إلى قوله; " أو آخران من غيركم " ، قال; إذا كان الرجل بأرض غربة ولم يجد مسلمًا يشهده على وصيته, فأشهد يهوديًّا أو نصرانيًّا، أو مجوسيًّا, فشهادتهم جائزة.12944 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط, عن السدي; " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم " ، قال; هذا في الحضر=" أو آخران من غيركم " ، في السفر =" إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت " ، هذا، الرجل يدركه الموت في سفره وليس بحضرته أحد من المسلمين, (79) فيدعو رجلين من اليهود والنصارى والمجوس, فيوصي إليهما.12945 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا مغيرة, عن إبراهيم وسعيد بن جبير أنهما قالا في هذه الآية; " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم " الآية ، قال ; إذا حضر الرجلَ الوفاةُ في سفر, فيشهد رجلين من المسلمين. فإن لم يجد رجلين من المسلمين، فرجلين من أهل الكتاب.12946 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس; " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم " إلى قوله; " ذوا عدل منكم " ، فهذا لمن مات وعنده المسلمون, فأمره الله أن يشهد على وصيته عَدْلين من المسلمين. ثم قال; " أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت " ، فهذا لمن مات وليس عنده أحد من المسلمين, فأمره الله تعالى ذكره بشهادة رجلين من غير المسلمين.* * *ووجَّه ذلك آخرون إلى معنى التخيير, وقالوا; إنما عنى بالشهادة في هذا الموضع، الأيمان على الوصية التي أوصى إليهما، وائتمانَ الميت إياهما على ما ائتمنهما عليه من مال ليؤدِّياه إلى ورثته بعد وفاته، إن ارتيب بهما. قالوا; وقد يتَّمِن الرجلُ على ماله من رآه موضعًا للأمانة من مؤمن وكافر في السفر والحضر. (80) وقد ذكرنا الرواية عن بعض من قال هذا القول فيما مضى, وسنذكر بقيته إن شاء الله تعالى بعد.* * *القول في تأويل قوله ; تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىقال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله; شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت, إن شهد اثنان ذوا عدل منكم, أو كان أوصى إليهما = أو آخران من غيركم إن كنتم في سفر فحضرتكم المنيّة، فأوصيتم إليهما، ودفعتم إليهما ما كان معكم من مال وتركة لورثتكم. فإذا أنتم أوصيتم إليهما ودفعتم إليهما ما كان معكم من مال، فأصابتكم مصيبة الموت, فأدَّيا إلى ورثتكم ما اتَّمنتموهما وادَّعوا عليهما خيانة خاناها مما اتُّمنا عليه, (81) فإن الحكم فيهما حينئذ أن تحبسوهما = يقول; تستوقفونهما بعد الصلاة. وفي الكلام محذوف اجتزئ بدلالة ما ظهر منه على ما حذف, وهو; " فأصابتكم مصيبة الموت، وقد أسندتم وصيتكم إليهما، ودفعتم إليهما ما كان معكم من مال ", فإنكم تحبسونهما من بعد الصلاة =" فيقسمان بالله إن ارتبتم " ، يقول; فيحلفان بالله إن اتهمتموهما بخيانة فيما اُّتمنا عليه من تغيير وصية أوصى إليهما بها أو تبديلها = و " الارتياب "، هو الاتهام (82) =" لا نشتري به ثمنًا " ، &; 11-173 &; يقول; يحلفان بالله لا نشتري بأيماننا بالله ثمنًا, يقول; لا نحلف كاذبين على عوض نأخذه عليه، وعلى مال نذهب به، (83) أو لحقّ نجحده لهؤلاء القوم الذين أوصى إلينا وَليُّهم وميِّتهم. (84)* * *و " الهاء " في قوله; " به "، من ذكر " الله " , والمعنيُّ به الحلف والقسم، ولكنه لما كان قد جرى قبل ذلك ذكر القسم به, فعُرِف معنى الكلام, اكتفي به من إعادة ذكر القسم والحلف. (85)=" ولو كان ذا قربى " ، يقول; يقسمان بالله لا نطلب بإقسامنا بالله عوضًا فنكذب فيها لأحد, ولو كان الذي نقسم به له ذا قرابة منا. (86)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك روي الخبر عن ابن عباس.* ذكر من قال ذلك;12947- حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله; " أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت "، فهذا لمن مات وليس عنده أحد من المسلمين, فأمره الله بشهادة رجلين من غير المسلمين. فإن ارتيب في شهادتهما، استحلفا بعد الصلاة بالله; لم نشتر بشهادتنا ثمنًا قليلا.* * *وقوله; " تحبسونهما من بعد الصلاة " ، من صلاة الآخرين. ومعنى الكلام; أو آخران من غيركم تحبسونهما من بعد الصلاة، إن ارتبتم بهما, فيقسمان بالله لا نشتري به ثمنًا ولو كان ذا قربى.* * *واختلفوا في" الصلاة " التي ذكرها الله تعالى في هذه الآية، فقال; " تحبسونهما من بعد الصلاة " .فقال بعضهم; هي صلاة العصر.* ذكر من قال ذلك;12948 - حدثني يعقوب قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا زكريا عن الشعبي; أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقا, فلم يجد أحدًا من المسلمين يشهده على وصيته, فأشهد رجلين من أهل الكتاب. قال; فقدما الكوفة, فأتيا الأشعري فأخبراه, وقدما بتركته ووصيته, فقال الأشعري; هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال; فأحلفهما بعد العصر; بالله ما خانا ولا كذبا ولا بَدّلا ولا كتما، ولا غيَّرا, وإنها لوصية الرجل وتركته. قال; فأمضى شهادتهما. (87)12949 - حدثنا ابن بشار وعمرو بن علي قالا حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة, عن أبي بشر, عن سعيد بن جبير; " أو آخران من غيركم " ، قال; إذا كان الرجل بأرض الشرك، فأوصى إلى رجلين من أهل الكتاب, فإنهما يحلفان بعد العصر.12950 - حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة, عن مغيرة, عن إبراهيم, بمثله.12951 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله; " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم " إلى " فأصابتكم مصيبة الموت "، فهذا رجل مات بغُرْبة من الأرض، وترك تركته، وأوصى بوصيته، وشهد على وصيته رجلان. فإن ارتيب في شهادتهما، استحلفا بعد العصر. وكان يقال; عندها تصير الأيمان.12952 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني هشيم قال ، أخبرنا مغيرة, عن إبراهيم وسعيد بن جبير; أنهما قالا في هذه الآية; " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم " ، قالا إذا حضر الرجل الوفاة في سفر, فليشهد رجلين من المسلمين. فإن لم يجد فرجلين من أهل الكتاب. فإذا قدما بتركته, فإن صدّقهما الورثة قُبِل قولهما, وإن اتهموهما أحلفا بعد صلاة العصر; بالله ما كذبنا ولا كتمنا ولا خُنَّا ولا غيَّرنا.12953- حدثنا عمرو بن علي قال ، حدثنا يحيى بن القطان قال ، حدثنا زكريا قال ، حدثنا عامر; أن رجلا توفي بدَقُوقا, فلم يجد من يشهده على وصيته إلا رجلين نصرانيين من أهلها. فأحلفهما أبو موسى دُبُر صلاة العصر في مسجد الكوفة; بالله ما كتما ولا غيرا, وأن هذه الوصية. فأجازها. (88)* * *وقال آخرون; بل يستحلفان بعد صلاة أهل دينهما وملتهما.* ذكر من قال ذلك;12954 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط, عن السدي; " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم " إلى قوله; " ذوا عدل منكم " ، قال; هذا في الوصية عند الموت، يوصي ويشهد رجلين من المسلمين على ما لَهُ وعليه، قال ; هذا في الحضر=" أو آخران من غيركم " في السفر =" إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت " ، هذا، الرجل يدركه الموت في سفره وليس بحضرته أحد من المسلمين, فيدعو رجلين من اليهود والنصارى والمجوس, فيوصي إليهما، ويدفع إليهما ميراثه. فيقبلان به. فإن رضي أهل الميت الوصية وعرفوا مالَ صاحبهم، تركوا الرجلين. وإن ارتابوا، رفعوهما إلى السلطان. فذلك قوله; " تحبسونهما من بعد الصلاة إن ارتبتم " . قال عبد الله بن عباس; كأني أنظر إلى العِلْجين حين انتُهِى بهما إلى أبي موسى الأشعري في داره, (89) ففتح الصحيفة، فأنكر أهل الميت، وخوَّنوهما. فأراد أبو موسى أن يستحلفهما بعد العصر, فقلت له; " إنهما لا يباليان صلاة العصر, ولكن استحلفهما بعد صلاتهما في دينهما, فيوقف الرجلان بعد صلاتهما في دينهما, ويحلفان بالله; لا نشتري ثمنًا قليلا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنّا إذًا لمن الآثمين, أنّ صاحبهم لبهذا أوصى, وأنّ هذه لتركته. فيقول لهما الإمام قبل أن يحلفا; إنكما إن كنتما كتمتما أو خنتما فضحتكما في قومكما, ولم تجز لكما شهادة، وعاقبتكما! فإذا قال لهما ذلك, فإن ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها.* * *قال أبو جعفر; وأولى القولين في ذلك بالصواب عندنا, قولُ من قال; " تحبسونهما من بعد صلاة العصر ". لأن الله تعالى عرَّف " الصلاة " في هذا الموضع بإدخال " الألف واللام " فيها, ولا تدخلهما العرب إلا في معروف, إما في جنس, أو في واحد معهود معروف عند المتخاطبين. فإذا كان كذلك, وكانت " الصلاة " في هذا الموضع مجمعًا على أنه لم يُعْنَ بها جميع الصلوات, لم يجز أن يكون مرادًا بها صلاة المستحلَف من اليهود والنصارى, لأن لهم صلوات ليست واحدة, فيكون معلومًا أنها المعنيَّة بذلك. فإذْ كان ذلك كذلك, صح أنها صلاة بعينها من صلوات المسلمين. وإذ كان ذلك كذلك, وكان النبي صلى الله عليه وسلم صحيحًا عنه أنه إذْ لاعَنَ بين العَجْلانيين، لاعَن بينهما بعد العصر دون غيره من الصلوات (90) = كان معلومًا أنّ التي عنيت بقوله; " تحبسونهما من بعد الصلاة "، هي الصلاة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخيَّرها لاستحلاف من أراد تغليظَ اليمين عليه. هذا مع ما عند أهل الكفر بالله من تعظيم ذلك الوقت, وذلك لقربه من غروب الشمس.* * *وكان ابن زيد يقول في قوله; " لا نشتري به ثمنًا " ، ما;-12955 - حدثني به يونس بن عبد الأعلى قال ، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله; " لا نشتري به ثمنًا " ، قال; نأخذ به رشوة.* * *القول في تأويل قوله ; وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ (106)قال أبو جعفر; اختلفت القرأة في قراءة ذلك.فقرأته عامة قرأة الأمصار; ( ولا نكتم شهادة الله ) ، بإضافة " الشهادة " إلى " الله " ، وخفض اسم الله تعالى = يعني; لا نكتم شهادة لله عندنا.* * *وذكر عن الشعبي أنه كان يقرؤه كالذي;-12956 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو أسامة, عن ابن عون, عن عامر; أنه كان يقرأ; ( ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين ) = بقطع " الألف "، وخفض اسم الله = هكذا حدثنا به ابن وكيع.* * *وكأن الشعبي وجَّهَ معنى الكلام إلى; أنهما يقسمان بالله لا نشتري به ثمنًا، &; 11-178 &; ولا نكتم شهادةً عندنا. ثم ابتدأ يمينًا باستفهام; بالله أنهما إن اشتريا بأيمانهما ثمنًا أو كتما شهادته عندهما، لمن الآثمين.* * *وقد روي عن الشعبي في قراءة ذلك رواية تخالف هذه الرواية, وذلك ما;-12957- حدثني أحمد بن يوسف التغلبي قال ، حدثنا القاسم بن سلام قال ، حدثنا عباد بن عباد, عن ابن عون, عن الشعبي; أنه قرأ; ( ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين ) = (91) قال أحمد; قال أبو عبيد; تنوّن " شهادة " ويخفض " الله " على الاتصال. قال; وقد رواها بعضهم بقطع " الألف " على الاستفهام. (92)* * *قال أبو جعفر; وحفظي أنا لقراءة الشعبي بترك الاستفهام. (93)* * *وقرأها بعضهم; ( ولا نكتم شهادة الله ) ، بتنوين " الشهادة "، ونصب اسم " الله " بمعنى; ولا نكتم الله شهادةً عندنا.* * *قال أبو جعفر; وأولى القراءات في ذلك عندنا بالصواب, قراءة من قرأ; ( ولا نكتم شهادة الله ) ، بإضافة " الشهادة " إلى اسم " الله " ، وخفض اسم " الله " لأنها القراءة المستفيضة في قرأة الأمصار التي لا تتناكر صحَّتَها الأمة.* * *وكان ابن زيد يقول في معنى ذلك; ولا نكتم شهادة الله، وإن كان بعيدًا. (94)12958 - حدثني بذلك يونس قال ، أخبرنا ابن زيد، عنه.----------------------------الهوامش ;(48) انظر تفسير ألفاظ هذه الآية فيما سلف من فهارس اللغة.(49) الأثر; 12882 -"عبيد الله بن يوسف الجبيري" ، "أبو حفص البصري" ، شيخ الطبري ، ثقة. روي له ابن ماجه. مترجم في التهذيب. وفي المخطوطة; "عبد الله بن يوسف" ، وهو خطأ. ومضى في رقم; 109 ، ولم يترجم هناك.وهذا الخبر في تفسير الآية الثانية من"سورة الطلاق" ، ولم يذكره أبو جعفر هناك في تفسير الآية. فهذا من ضروب اختصاره تفسيره.(50) انظر تفسير"شهد" فيما سلف من فهارس اللغة ، واختلاف معانيها.(51) في المطبوعة; "من ذكرهم" ، وما في المخطوطة صواب محض.(52) كان صدر هذه العبارة في المخطوطة; "شهادة بينكم ، لأن الشهادة . . ." ، أسقط لفظ"اليمين" ، وجعل"لا الشهادة" ، "لأن الشهادة" ، وهو فاسد ، والذي في المطبوعة هو الصواب المحض إن شاء الله ، وهو مطابق لما رواه القرطبي في تفسيره 6; 348 ، عن أبي جعفر الطبري.(53) في المطبوعة هنا"في اليمين بقوله" غير ما في المخطوطة ، وأفسد الكلام. والسياق"وفي حكم الآية . . . باليمين . . . أوضح الدليل . . .".(54) قوله; "والرجل يعترف" ، معطوف على قوله; "في حكم الرجل . . . .". وكان في المطبوعة هنا"والرجل يعترف . . . فيزعم المعترفة" ، وهو خطأ ، وصوابه ما أثبت كما في المخطوطة.(55) في المطبوعة; " . . . على الجانبين فيما جنيا فيه" ، وهو لا معنى له هنا. وفي المخطوطة; "على الجانبين فيما صاهما فيه" ، وصواب قراءتها ما أثبت.(56) في المطبوعة والمخطوطة; "بما كانت الشاهدة به مرتفعة" ، وهو خطأ لا شك فيه ، صوابه ما أثبت.(57) في المطبوعة; "مما ثبت" ، وأثبت ما في المخطوطة.(58) "الأفعال"; المصادر. وانظر فهارس المصطلحات فيما سلف.(59) في المطبوعة والمخطوطة; "يونس بن معاذ" ، وهو خطأ محض. و"بشر بن معاذ" عن يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة" إسناد دائر في أكثر صفحات هذا التفسير.(60) الأثر; 12897 -"أبو حفص الجبيري" ، "عبيد الله بن يوسف" ، مضى قريبًا رقم; 12882.(61) الأثر; 12904 -"أبو قتيبة" هو"سلم بن قتيبة الشعيري الفريابي". مضى برقم; 1899 ، 1924 ، 6395 ، 9714. وكان في المطبوعة; "قتيبة" ، غير كنية ، والصواب من المخطوطة.(62) الأثر; 12906 -"عمرو" هو"عمرو بن علي الفلاس" ، مضى مرارًا.و"محمد بن سواء بن عنبر السدوسي العنبري". صدوق ، ثقة ، متكلم فيه. مترجم في التهذيب.وكان في المطبوعة; "محمد بن سوار" وهو خطأ ، وفي المخطوطة; "محمد بن سوا" ، وأساء الناشر قراءته.(63) في المطبوعة; "فشهادتها" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو الصواب ، وسيأتي كذلك في رقم; 12974.(64) الأثر; 12909 - في المخطوطة والمطبوعة; "حدثني المثنى". والصواب ما أثبته ، وسيأتي هذا الخبر في موضعين بهذا الإسناد على الصواب ، وذلك رقم; 12943 ، 12974 ، ولذلك رددته إلى الصواب.(65) في المطبوعة; "اليهود والنصارى" ، وأثبت ما في المخطوطة.(66) الأثر; 12921 - انتهى هذا الأثر في المخطوطة عند قوله; " . . . سعيد بن جبير عن" ووضع الناسخ في المخطوطة حرف (ط) بالأحمر في الهامش ، دلالة على الخطأ والشك. أما المطبوعة ، فزادت ما وضعته بين القوسين ، وهو صواب في المعنى إن شاء الله.(67) "دقوقا" و"دقوقاء" ، مقصورًا وممدودًا؛ مدينة بين إربل وبغداد معروفة ، لها ذكر في الأخبار والفتوح ، كان بها وقعة للخوارج ، وكثر ذكرها في بعض أشعار الخوارج.وكان في المطبوعة; " . . . بدقوقا ، ولم يجد أحدًا من المسلمين" ، حذف ما أثبته من المخطوطة.وأساء. وظاهر من الخبر أن الشعبي قال هذا ، وهو يومئذ بدقوقا. وهو أيضًا ثابت في سنن أبي داود.(68) الأثر; 12926 - رواه أبو داود في سننه 3; 417 رقم; 3605 .(69) الأثر; 12931 -"عبد الله بن عياش بن عباس القتباني" ، "أبو حفص" المصري. مضى برقم; 12177. وكان في المطبوعة; "عبد الله بن عباس" ، وهو خطأ ، وهو على الصواب في المخطوطة.(70) الأثر; 12932 -"عثمان بن الهيثم بن الجهم بن عيسى العصري العبدي" ، وهو"الأشج العصري" ثقة. علق عنه البخاري. يروي عن عوف الأعرابي ، مترجم في التهذيب.(71) الأثر; 12933 -"صالح بن أبي الأخضر اليمامي" ، خادم الزهري ، مضى برقم; 9312.(72) الزيادة التي بين القوسين لا بد منها. وفي المخطوطة كما كانت في المطبوعة ، إلا أن الناسخ وضع في الهامش علامة الشك ، وهي هكذا (1) ، فأثبت الصواب إن شاء الله.(73) هذه الجملة التي بين القوسين ، ليست في المخطوطة ، ووضع في المطبوعة مكانها; "فإن عثر" ، واقتصر على ذلك ، واستظهرت الجملة من سياق أبي جعفر.(74) هذه الزيادة بين القوسين لا بد منها ، استظهرتها من الآية والسياق.(75) في المطبوعة; "صرف مغلق كلام الله" ، وفي المخطوطة; "معلق" ، وصواب قراءتها"معنى"(76) هذه الزيادة بين القوسين ، لا بد منها ، وإلا فسد الكلام.(77) انظر تفسير"الضرب في الأرض" فيما سلف 5; 593/7; 332/9; 123.(78) انظر تفسير"الإصابة" فيما سلف 8; 514 ، 538 ، 555/10; 393 ، 404(79) في المطبوعة; "هذا الرجل" ، زاد"في" ، وأثبت ما في المخطوطة. وسيأتي على الصواب في رقم; 12954.(80) في المطبوعة; "وقد يأمن الرجل على ماله" ، وفي المخطوطة; "سمى الرجل" غير منقوطة ، وصواب قراءتها ما أثبت."أمن الرجل على كذا ، وائتمنه ، واتمنه" (الأخيرة ، مشددة التاء). وانظر ما سلف 5; 298 ، تعليق; 4.(81) في المطبوعة في المواضع كلها"ائتمن" مكان"اتمن" ، وانظر التعليق السالف.(82) انظر تفسير"الارتياب" فيما سلف 6; 78 ، وتفسير"الريب" فيما سلف 8; 592 ، تعليق; 5 ، والمراجع هناك.(83) انظر تفسير"الاشتراء" و"الثمن" فيما سلف من فهارس اللغة (شرى) و (ثمن).(84) في المطبوعة; "أوصى إلينا وإليهم وصيهم" ، غير ما في المخطوطة مع وضوحه!!(85) في المطبوعة; "فيعرف من معنى الكلام ، واكتفى به . . ." ، وفي المخطوطة; "فيعرف معنى الكلام" ، والصواب ما أثبت ، بجعل"فيعرف""فعرف" ، وحذف"من" ، وحذف الواو من"واكتفى".(86) انظر تفسير"ذو القربى" فيما سلف 2; 292/3; 344/8; 334 .(87) الأثر; 12948 - انظر الأثر السالف رقم; 12926 ، والتعليق عليه. والأثر التالي رقم; 12953.(88) الأثر; 12953 - انظر التعليق على رقم; 12948.(89) "العلج" (بكسر العين وسكون اللام); الرجل من كفار العجم.(90) انظر خبر العجلانيين في السنن الكبرى للبيهقي 7; 398 ، وما بعدها.(91) في المطبوعة; "شهادة الله" ، هو خطأ ، صوابه في المخطوطة. وقراءة الشعبي أو قراءاته التي رويت عنه - مذكورة في تفسير أبي حيان 4; 44 ، والمحتسب لابن جني ، فراجعها هناك.(92) الأثر; 12957 -"أحمد بن يوسف التغلبي الأحول" ، مضى برقم; 5919 ، 5954 ، 7664 ، وكان في المطبوعة هنا"الثعلبي" ، وهو خطأ بيناه هناك.و"عباد بن عباد الرملي الأرسوفي" ، "أبو عتبة الخواص". روى عن ابن عون. مترجم في التهذيب.(93) في المطبوعة; "وخفض إنا لقراءة الشعبي" ، وهو خلط لا معنى له ، صوابه من المخطوطة.(94) في المطبوعة; "وإن كان صاحبها بعيدًا" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وأنا في شك منه على كل حال ، أخشى أن يكون سقط من الكلام شيء. ولم أجد مقالة ابن زيد فيما بين يدي من الكتب.
يخبر تعالى خبرا متضمنا للأمر بإشهاد اثنين على الوصية، إذا حضر الإنسان مقدماتُ الموت وعلائمه. فينبغي له أن يكتب وصيته، ويشهد عليها اثنين ذوي عدل ممن تعتبر شهادتهما. { أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } أي: من غير أهل دينكم، من اليهود أو النصارى أو غيرهم، وذلك عند الحاجة والضرورة وعدم غيرهما من المسلمين. { إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ } أي: سافرتم فيها { فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ } أي: فأشهدوهما، ولم يأمر بشهادتهما إلا لأن قولهما في تلك الحال مقبول، ويؤكد عليهما، بأن يحبسا { مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ } التي يعظمونها. { فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ } أنهما صدقا، وما غيرا ولا بدلا، هذا { إِنِ ارْتَبْتُمْ } في شهادتهما، فإن صدقتموهما، فلا حاجة إلى القسم بذلك. ويقولان: { لَا نَشْتَرِي بِهِ } أي: بأيماننا { ثَمَنًا } بأن نكذب فيها، لأجل عرض من الدنيا. { وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } فلا نراعيه لأجل قربه منا { وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ } بل نؤديها على ما سمعناها { إِنَّا إِذًا } أي: إن كتمناها { لَمِنَ الْآثِمِينَ }
(يأيها الذين آمنوا) ،
(شهادة) مبتدأ مرفوع
(بين)مضاف إليه مجرور ، و (كم) ضمير إليه ... وخبر المبتدأ محذوف تقديره: في ما فرض عليكم وهو مقدّم ،
(إذا) ظرف للزمن المستقبل مجرد عن الشرط في محلّ نصب متعلق بشهادة
(حضر) فعل ماض
(أحد) مفعول به مقدّم منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه
(الموت) فاعل مرفوع على حذف مضاف أي أسباب الموت
(حين) ظرف منصوب متعلق بـ (حضر) ،
(الوصّية) مضاف إليه مجرور
(اثنان) فاعل المصدر شهادة مرفوع وعلامة الرفع الألف
(ذوا) نعت لـ (اثنان) مرفوع وعلامة الرفع الألف
(عدل) مضاف إليه مجرور
(من) حرف جر و (كم) ضمير في محلّ جر متعلق بمحذوف نعت لـ (اثنان) ،
(أو) حرف عطف
(آخران) معطوف على
(اثنان) مرفوع وعلامة الرفع الألف
(من غير) جار ومجرور نعت لـ (آخران) ، و (كم) ضمير مضاف إليه
(إن) حرف شرط جازم
(أنتم) ضمير منفصل في محلّ رفع فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعده ،
(ضربتم) فعل ماض مبني على السكون..
(وتم) ضمير فاعلـ (في الأرض) جار ومجرور متعلق بـ (ضربتم) بتضمينه معنى سافرتم
(الفاء) عاطفة
(أصابت) فعل ماض ... والتاء للتأنيث و (كم) ضمير مفعول به
(مصيبة) فاعل مرفوع
(الموت) مضاف إليه مجرور
(تحبسون) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون ... والواو فاعل و (هما) ضمير مفعول به، أي آخران،
(من بعد) جار ومجرور متعلقبـ (تحبسون) ،
(الصّلاة) مضاف إليه مجرور
(الفاء) عاطفة
(يقسمان) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون ... والألف ضمير فاعلـ (بالله) جار ومجرور متعلق بـ (يقسمان) ،
(إن) مثل الأولـ (ارتبتم) فعل ماض مبني على السكون في محلّ جزم فعل الشرط ...
(وتم) ضمير فاعلـ (لا) نافية
(نشتري) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدّرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن
(الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق بـ (نشتري) بتضمينه معنى نستبدلـ (ثمنا) مفعول به منصوبـ (الواو) حاليّة
(لو) حرف شرط غير جازم
(كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو يعود على المشهود له أو المقسم له المفهوم من سياق الآية
(ذا) خبر كان منصوب وعلامة النصب الألف
(قربى) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الكسرة المقدرة على الألف
(الواو) عاطفة
(لا) نافية
(نكتم) مثل نشتري
(شهادة) مفعول به منصوبـ (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(إنّ) حرف مشبه بالفعل و (نا) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ
(إذاً) حرف جواب لا عمل له
(اللام) هي المزحلقة تفيد التوكيد
(من الآثمين) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر إنّ وعلامة الجر الياء.
جملة النداء «يأيها الذين» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة «شهادة بينكم ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «حضر ... الموت» في محلّ جر بالإضافة.
وجملة «
(ضربتم) المقدّرة» لا محلّ لها اعتراضيّة.
وجملة «ضربتم المذكورة» لا محلّ لها تفسيريّة.
وجملة «أصابتكم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ضربتم المذكورة ... وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله أي: فاستشهدوا آخرين.
وجملة «تحبسونهما» في محلّ رفع نعت لـ (آخران) .
وجملة «يقسمان....» في محلّ رفع معطوفة على جملة تحبسونهما.
وجملة «ارتبتم مع جوابها» لا محلّ لها اعتراضية ... والجواب محذوف تقديره فخلفوهما.
وجملة «لا نشتري ... » لا محلّ لها جواب القسم.
وجملة «كان ذا قربى» في محلّ نصب حال ... وجواب لو محذوف دل عليه ما قبله أي لا نشهد كذبا ولا نشتري به ثمنا ...وجملة «لا نكتم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة لا نشتري.
وجملة «إنا ... لمن الآثمين» لا محلّ لها استئناف ماني وهي جواب سؤال مقدر أي: ماذا سيكون من أمركم إن فعلتم.
(107)
(الفاء) عاطفة
(إن) مثل الأولـ (عثر) فعل ماض مبني للمجهول مبني في محلّ جزم فعل الشرط
(على) حرف جر
(أنّ) حرف مشبه بالفعل و (هما) ضمير في محلّ نصب اسم أنّ
(استحقّا) فعل ماض وفاعله
(إثما) مفعول به منصوب.
والمصدر المؤولـ (أنهما استحقا) في محلّ جر بحرف الجار والمجرور نائب فاعل في محلّ رفع.
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(آخران) خبر لمبتدأ محذوف تقديره
الشاهدان ،
(يقومان) مثل يقسمان
(مقام) مفعول مطلق منصوب و (هما) ضمير مضاف إليه
(من) حرف جر
(الذين) اسم موصول مبني في محلّ جر متعلق بحال من فاعل يقومان ،
(استحق) فعل ماض
(على) حرف جر و (هم) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (استحق) بتضمينه معنى استوجبـ (الأوليان) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الألف ،
(الفاء) عاطفة
(يقسمان) مثل الأولـ (بالله) جار ومجرور متعلق بـ (يقسمان) ،
(اللام) لام القسم
(شهادة) مبتدأ مرفوع و (نا) ضمير مضاف إليه
(أحقّ) خبر مرفوع
(من شهادة) جار ومجرور متعلق بـ (أحق) ، و (هما) ضمير مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(ما) نافية
(اعتدينا) فعل ماض مبني على السكون ...
(ونا) ضمير فاعلـ (إنا إذا لمن الظالمين) مثل إنّا ... لمن الآثمين .
جملة «عثر ... » لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة «استحقّا....» في محلّ رفع خبر أنّ.وجملة «
(الشاهدان) آخران» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «استحقّ ... الأوليان» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة «يقومان ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة يقومان.
وجملة «شهادتنا أحق ... » لا محلّ لها جواب القسم.
وجملة «ما اعتدينا» لا محلّ لها معطوفة على جواب القسم.
وجملة «إنا ... لمن الظّالمين» لا محلّ لها استئناف بياني.
(108)
(ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ، والإشارة إلى شرعيّة الحكم السابق، و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطابـ (أدنى) خبر مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدّرة
(أن) حرف مصدري
(يأتوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون والواو فاعلـ (بالشّهادة) جار ومجرور متعلق بـ (يأتوا) ،
(على وجه) جار ومجرور متعلق بحال من الشهادة و (ها) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّلـ (أن يأتوا ... ) في محلّ جر بحرف جر محذوف تقديره إلى أن يأتوا متعلق بأدنى.
(أو) حرف عطف للتخيير أو بمعنى الواو (يخافوا) مثل يأتوا ومعطوف عليه
(أن) مثل الأولـ (ترد) مضارع منصوب مبني للمجهولـ (أيمان) نائب فاعل مرفوع
(بعد) ظرف منصوب متعلق بـ (تردّ) ،
(أيمان) مضاف إليه مجرور و (هم) ضمير مضاف إليه.والمصدر المؤولـ (أن ترد) في محلّ نصب مفعول به عامله يخافوا.
(الواو) استئنافية
(اتّقوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعلـ (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوبـ (الواو) عاطفة
(اسمعوا) مثل اتّقوا.
(الواو) استئنافية
(الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع
(لا) نافية
(يهدي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (القوم) مفعول به منصوبـ (الفاسقين) نعت للقوم منصوب وعلامة النصب الياء.
وجملة «ذلك أدنى ... » لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «يأتوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي
(أن) .
وجملة «يخافوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفي.
وجملة «تردّ أيمان» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي
(أن) الثاني.
وجملة «اتّقوا....» لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «اسمعوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة اتّقوا ...وجملة «الله لا يهدي ... » لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «لا يهدي القوم....» في محل رفع خبر المبتدأ
(الله) .