الرسم العثمانيإِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصّٰبِـُٔونَ وَالنَّصٰرٰى مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْءَاخِرِ وَعَمِلَ صٰلِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
الـرسـم الإمـلائـياِنَّ الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا وَالَّذِيۡنَ هَادُوۡا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصٰرٰى مَنۡ اٰمَنَ بِاللّٰهِ وَالۡيَوۡمِ الۡاٰخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًـا فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُوۡنَ
تفسير ميسر:
إن الذين آمنوا (وهم المسلمون) واليهود، والصابئين (وهم قوم باقون على فطرتهم، ولا دين مقرر لهم يتبعونه) والنصارى (وهم أتباع المسيح) من آمن منهم بالله الإيمان الكامل، وهو توحيد الله والتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، وآمن باليوم الآخر، وعمل العمل الصالح، فلا خوف عليهم من أهوال يوم القيامة، ولا هم يحزنون على ما تركوه وراءهم في الدنيا.
قال" إن الذين آمنوا وهم المسلمون "والذين هادوا" وهم حملة التوراة والصابئون لما طال الفصل حسن العطف بالرفع والصابئون طائفة من النصارى والمجوس ليس لهم دين قاله مجاهد وعنه من اليهود والمجوس وقال سعيد بن جبير من اليهود والنصارى وعن الحسن والحكم إنهم كالمجوس وقال قتادة هم قوم يعبدون الملائكة ويصلون إلى غير القبلة ويقرءون الزبور وقال وهب بن منبه هم قوم يعرفون الله وحده وليست لهم شريعة يعملون بها ولم يحدثوا كفرا وقال ابن وهب أخبرني ابن أبي الزناد عن أبيه قال هم قوم مما يلي العراق وهم بكوثي وهم يؤمنون بالنبيين كلهم ويصومون كل سنة ثلاثين يوما ويصلون كل يوم خمس صلوات وقيل غير ذلك وأما النصارى فمعروفون وهم حملة الإنجيل والمقصود أن كل فرقة آمنت بالله وباليوم الآخر وهو الميعاد والجزاء يوم الدين وعملت عملا صالحا ولا يكون ذلك كذلك حتى يكون موافقا للشريعة المحمدية بعد إرسال صاحبها المبعوث إلى جميع الثقلين فمن اتصف بذلك فلا خوف عليهم فيما يستقبلونه ولا على ما تركوا وراء ظهورهم ولا هم يحزنون وقد تقدم الكلام على نظيراتها في سورة البقرة بما أغنى عن إعادته ههنا.
قوله تعالى ; إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنونتقدم الكلام في هذا كله فلا معنى لإعادته . والذين هادوا معطوف ، وكذا والصابئون معطوف على المضمر في هادوا في قول الكسائي والأخفش . قال النحاس ; سمعت الزجاج يقول ; وقد ذكر له قول الأخفش والكسائي ; هذا خطأ من جهتين ; إحداهما أن المضمر المرفوع يقبح العطف عليه حتى يؤكد . والجهة الأخرى أن المعطوف [ ص; 182 ] شريك المعطوف عليه فيصير المعنى أن الصابئين قد دخلوا في اليهودية وهذا محال ، وقال الفراء ; إنما جاز الرفع في والصابئون لأن إن ضعيفة فلا تؤثر إلا في الاسم دون الخبر ; والذين هنا لا يتبين فيه الإعراب فجرى على جهة واحدة الأمران ، فجاز رفع الصابئين رجوعا إلى أصل الكلام . قال الزجاج ; وسبيل ما يتبين فيه الإعراب وما لا يتبين فيه الإعراب واحد ، وقال الخليل وسيبويه ; الرفع محمول على التقديم والتأخير ; والتقدير ; إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والصابئون والنصارى كذلك ، وأنشد سيبويه وهو نظيره ;وإلا فاعلموا أنا وأنتم بغاة ما بقينا في شقاقوقال ضابئ البرجمي ;فمن يك أمسى بالمدينة رحله فإني وقيار بها لغريبوقيل ; إن بمعنى " نعم " فالصابئون مرتفع بالابتداء ، وحذف الخبر لدلالة الثاني عليه ، فالعطف يكون على هذا التقدير بعد تمام الكلام وانقضاء الاسم والخبر ، وقال قيس الرقيات ;بكر العواذل في الصبا ح يلمنني وألومهنهويقلن شيب قد علا ك وقد كبرت فقلت إنهقال الأخفش ; ( إنه ) بمعنى ( نعم ) ، وهذه ( الهاء ) أدخلت للسكت .
القول في تأويل قوله ; إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (69)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; إن الذين صدّقوا الله ورسوله، وهم أهل الإسلام=" والذين هادوا "، وهم اليهود (42) = " والصابئون "، وقد بينا أمرهم (43) =" والنصارى من آمن منهم بالله واليوم الآخر "، فصدّق بالبعث بعد الممات=" وعمل "، من العمل=" صالحًا " لمعاده " فلا خوف عليهم "، فيما قَدِموا عليه من أهوال القيامة=" ولا هم يحزنون "، على ما خلَّفوا وراءهم من الدنيا وعيشها، بعد معاينتهم ما أكرمهم الله به من جزيل ثوابه. (44)* * *وقد بينا وجه الإعراب فيه فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته. (45)-----------------الهوامش ;(42) انظر تفسير"هاد" فيما سلف ص; 341 ، تعليق; 1 ، والمراجع هناك.(43) انظر تفسير"الصابئون" فيما سلف 2; 145- 147.(44) انظر تفسير"عمل صالحًا" فيما سلف 2; 148 (وفهارس اللغة).= وتفسير"اليوم الآخر" ، فيما سلف من فهارس اللغة (أخر).= وتفسير"لا خوف عليهم ولا هم يحزنون" فيما سلف 2; 150 ، وسائر فهارس اللغة.(45) انظر ما سلف 3; 352- 354/ ثم انظر الموضع الذي أشار إليه 9; 395- 399. ثم انظر أيضًا معاني القرآن للفراء 1; 105- 108 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1; 172 ، ومشكل القرآن لابن قتيبة; 36- 39.
يخبر تعالى عن أهل الكتب من أهل القرآن والتوراة والإنجيل، أن سعادتهم ونجاتهم في طريق واحد، وأصل واحد، وهو الإيمان بالله واليوم الآخر [والعمل الصالح] فمن آمن منهم بالله واليوم الآخر، فله النجاة، ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه من الأمور المخوفة، ولا هم يحزنون على ما خلفوا منها. وهذا الحكم المذكور يشمل سائر الأزمنة.
(إنّ) حرف مشبّه بالفعلـ (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب اسم إنّ
(آمنوا) : فعل ماض مبني على الضم.. والواو فاعلـ (الواو) عاطفة
(الذين هادوا) مثل الذين آمنوا ومعطوف عليه ،،
(الواو) عاطفة
(الصائبون) مبتدأ مرفوع على نيّة التأخير خبره محذوف دلّ عليه خبر إنّ ،
(الواو) عاطفة
(النصارى) معطوف على
(الذين هادوا) منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف
(من) اسم موصول مبني في محلّ نصب بدل من(الذين آمنوا) وما عطف عليه »بدل بعض من كلّ
(آمن) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بالله) جارّ ومجرور متعلّق بـ (آمن) ،
(الواو) عاطفة
(اليوم) معطوف على لفظ الجلالة مجرور
(الآخر) نعت لليوم مجرور
(الواو) عاطفة
(عمل) مثل آمن(صالحا) مفعول به منصوبـ (الفاء) زائدة لمشابهة الموصول بالشرط
(لا) نافية مهملة ،
(خوف) مبتدأ مرفوع
(على) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ
(الواو) عاطفة
(لا) زائدة لتأكيد النفي(هم) ضمير منفصل مبتدأ
(يحزنون) مضارع مرفوع والواو فاعل.
جملة «إنّ الذين آمنوا» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الأول.
وجملة «هادوا» : لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الثاني.
وجملة «الصابئون وخبره المقدّر» : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة «آمن بالله» : لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة «عمل ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة آمن.
وجملة «لا خوف عليهم» : في محلّ رفع خبر إنّ الذين آمنوا وما عطف عليه.
وجملة «هم يحزنون» : في محلّ رفع معطوفة على جملة لا خوف عليهم.
وجملة «يحزنون» : في محلّ رفع خبر المبتدأ
(هم) .
- القرآن الكريم - المائدة٥ :٦٩
Al-Ma'idah5:69