وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ ۙ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ
وَعَدَ اللّٰهُ الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ ۙ لَهُمۡ مَّغۡفِرَةٌ وَّاَجۡرٌ عَظِيۡمٌ
تفسير ميسر:
وعد الله الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا الصالحات أن يغفر لهم ذنوبهم، وأن يثيبهم على ذلك الجنة، والله لا يخلف وعده.
"وعد الله الدين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم" أي لذنوبهم " وأجر عظيم " وهو الجنة التي هي من رحمته على عباده لا ينالوها بأعمالهم بل برحمة منه وفضل وإن كان سبب وصول الرحمة إليهم أعمالهم وهو تعالى الذي جعلها أسبابا إلى نيل رحمته وفضله وعفوه ورضوانه فالكل منه وله فله الحمد والمنة.
ومعنى لهم مغفرة وأجر عظيم أي ; قال الله في حق المؤمنين ; لهم مغفرة وأجر عظيم أي ; لا تعرف كنهه أفهام الخلق ; كما قال ; فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ، وإذا قال الله تعالى ; أجر عظيم و أجر كريم و أجر كبير فمن ذا الذي يقدر قدره ؟ ، ولما كان الوعد من قبيل القول حسن إدخال اللام في قوله ; لهم مغفرة وهو في موضع نصب ; لأنه وقع موقع الموعود به ، على معنى وعدهم أن لهم مغفرة أو وعدهم مغفرة إلا أن الجملة وقعت موقع المفرد ; كما قال الشاعر ;وجدنا الصالحين لهم جزاء وجنات وعين سلسبيلوموضع الجملة نصب ; ولذلك عطف عليها بالنصب ، وقيل ; هو في موضع رفع على أن يكون الموعود به محذوفا ; على تقدير لهم مغفرة وأجر عظيم فيما وعدهم به ، وهذا المعنى عن الحسن .
القول في تأويل قوله عز ذكره ; وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9)قال أبو جعفر; يعني جل ثناؤه بقوله; " وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات "، وعد الله أيها الناس الذين صدّقوا الله ورسوله، وأقرُّوا بما جاءهم به من عند ربهم، وعملوا بما واثقهم الله به، وأوفوا بالعقود التي عاقدَهم عليها بقولهم; " لنسمعن ولنطيعنَّ الله ورسوله " فسمعوا أمر الله ونهيه وأطاعوه، فعملوا بما أمرهم الله به، وانتهوا عما نهاهم عنه. (201)ويعني بقوله; " لهم مغفرة " لهؤلاء الذين وفوا بالعقود والميثاق الذي واثقهم به ربهم=" مغفرة " وهي ستر ذنوبهم السالفة منهم عليهم وتغطيتها بعفوه لهم عنها، وتركه عقوبتهم عليها وفضيحتهم بها (202) =" وأجر عظيم " يقول; ولهم مع عفوه لهم عن ذنوبهم السالفة منهم، جزاءً على أعمالهم التي عملوها ووفائهم بالعقود التي عاقدوا ربهم عليها=" أجر عظيم "، و " العظيم " من خيره غير محدود مبلغه، ولا يعرف منتهاه غيره تعالى ذكره. (203)* * *فإن قال قائل; إن الله جل ثناؤه أخبر في هذه الآية أنه وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ولم يخبر بما وعدهم، فأين الخبر عن الموعود؟قيل; بلى (204) إنه قد أخبَر عن الموعود، والموعود هو قوله; " لهم مغفرة وأجر عظيم ".فإن قال; فإن قوله; " لهم مغفرة وأجر عظيم " خبرٌ مبتدأ، ولو كان هو الموعود لقيل; " وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة وأجرًا عظيمًا "، ولم يدخل في ذلك " لهم "، وفي دخول ذلك فيه، دلالة على ابتداء الكلام، وانقضاء الخبر عن الوعد!قيل; إن ذلك وإن كان ظاهره ما ذكرتَ، فإنه مما اكتُفي بدلالة ما ظهر من الكلام على ما بطن من معناه= من ذكر بعضٍ قد ترك ذكره فيه، وذلك أن معنى الكلام; وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن يغفر لهم ويأجرهم أجرًا عظيما= لأن من شأن العرب أن يُصْحِبوا " الوعد "" أن " ويعملوه فيها، فتركت " أن " إذ كان " الوعد " قولا. ومن شأن " القول " أن يكون ما بعده من جمل الأخبار مبتدأ، وذكر بعده جملة الخبر اجتزاءً بدلالة ظاهر الكلام على معناه، وصرفا للوعد= الموافق للقول في معناه وإن كان للفظه مخالفا= إلى معناه، (205) فكأنه قيل; " قال الله; للذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة وأجر عظيم ".* * *وكان بعض نحويي البصرة يقول، إنما قيل; " وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم "، في الوعد الذي وُعِدوا (206) =فكأن معنى الكلام على تأويل قائل هذا القول; وعد الله الذي آمنوا وعملوا الصالحات، لهم مغفرة وأجر عظيم، [فيما وعدهم به]. (207)* * *---------------الهوامش;(201) انظر تفسير"الصالحات" فيما سلف من فهارس اللغة.(202) انظر تفسير"المغفرة" فيما سلف من فهارس اللغة.(203) انظر تفسير"الأجر" و"عظيم" فيما سلف من فهارس اللغة.(204) "بلى" تكون جوابا للكلام الذي فيه الجحد كقوله; "ألست بربكم قالوا بلى". هكذا قالوا ، وقال ابن هشام في المغنى في باب"بلى"; "ولكن وقع في كتب الحديث أنها يجاب بها الاستفهام المجرد ، ففي صحيح البخاري في كتاب الإيمان; أنه عليه الصلاة والسلام قال لأصحابه; أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قالوا; بلى = وفي صحيح مسلم في كتاب الهبة; أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال ، بلى! قال ، فلا إذن = وفيه أيضا أنه قال ، أنت الذي لقيتني بمكة؟ فقال له; بلى".فمن أجل ذلك استعمله الطبري في جواب الاستفهام الذي لا جحد فيه ، فكأنه عد سؤال السائل جحدا لذكره في الآية ، فقال في جوابه"بلى" ، بمعنى; ليس ذلك كما تزعم ، وانظر ما سلف 2; 280 ، 510 ، وما سيأتي في الأثر رقم; 11818.(205) السياق; "وصرفا للوعد.. إلى معناه" ، أي; إلى معنى القول.(206) في المطبوعة; "الوعد الذي وعدوا" بإسقاط"في" ، وهي في المخطوطة مكتوبة بسن القلم بين"عظيم" و"الوعد".(207) اقتصر في هذا الموضع في المطبوعة والمخطوطة على نص الآية ، واستظهرت تمام الكلام من تفسير القرطبي 6; 110 ، وقد عقب عليه بقوله; "وهذا المعنى عن الحسن" ، فلا أدري أأصبت في ذلك ، أم أخطأني التوفيق!
أي { وَعَدَ اللَّهُ ْ} الذي لا يخلف الميعاد وهو أصدق القائلين -المؤمنين به وبكتبه ورسله واليوم الآخر، { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ْ} من واجبات ومستحبات- بالمغفرة لذنوبهم، بالعفو عنها وعن عواقبها، وبالأجر العظيم الذي لا يعلم عظمه إلا الله تعالى. { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُم مِن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ْ}
(وعد) فعل ماض
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به
(آمنوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعلـ (الواو) عاطفة
(عملوا) مثل آمنوا
(الصالحات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة، والمفعول الثاني لفعل وعد محذوف تقديره الجنّة،
(اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم
(مغفرة) مبتدأ مؤخّر مرفوع
(الواو) عاطفة
(أجر) معطوف على مغفرة مرفوع مثله
(عظيم) نعت لأجر مرفوع.
جملة «وعد الله ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة «عملوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «لهم مغفرة ... » : لا محلّ لها تفسيريّة للمفعول الثاني تفسير السبب للمسبّب، فالجنّة مسبّبة عن المغفرة وحصول الأجر العظيم..
أو هي استئناف بيانيّ.
(الواو) عاطفة
(الذين) اسم موصول مبتدأ
(كفروا) مثل آمنوا ومثله
(كذّبوا) ،
(بآيات) جارّ ومجرور متعلّق بـ (كذّبوا) ، و (نا) ضمير مضاف إليه
(أولئك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ.. و (الكاف)
للخطابـ (أصحاب) خبر مرفوع
(الجحيم) مضاف إليه مجرور.
وجملة «الذين كفروا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة وعد الله ...وجملة «كفروا ... » : لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة «كذّبوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «أولئك أصحاب ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الذين) .