فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُۥ فِى صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ
فَاَقۡبَلَتِ امۡرَاَتُهٗ فِىۡ صَرَّةٍ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوۡزٌ عَقِيۡمٌ
تفسير ميسر:
فلما سمعت زوجة إبراهيم مقالة هؤلاء الملائكة بالبشارة أقبلت نحوهم في صيحة، فلطمت وجهها تعجبًا من هذا الأمر، وقالت; كيف ألد وأنا عجوز عقيم لا ألد؟
أي في صرخة عظيمة ورنة قاله ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وعكرمة وأبو صالح والضحاك وزيد بن أسلم والثوري والسدي وهي قولها "يا ويلتا" "فصكت وجهها" أي ضربت بيدها على جبينها قاله مجاهد وابن سابط وقال ابن عباس رضي الله عنهما لطمت أي تعجبا كما تتعجب النساء من الأمر الغريب "وقالت عجوز عقيم" أي كيف ألد وأنا عجوز وقد كنت في حال الصبا عقيما لا أحبل؟.
قوله تعالى ; فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها أي في صيحة وضجة ; عن ابن عباس وغيره . ومنه أخذ صرير الباب وهو صوته . وقال عكرمة وقتادة ; إنها الرنة والتأوه ولم يكن هذا الإقبال من مكان إلى مكان . قال الفراء ; وإنما هو كقولك أقبل يشتمني أي أخذ في شتمي . وقيل ; أقبلت في صرة أي في جماعة من النساء تسمع كلام الملائكة . قال الجوهري ; الصرة الضجة والصيحة ، والصرة الجماعة ، والصرة الشدة من كرب وغيره ، قال امرؤ القيس ;فألحقه بالهاديات ودونه جواحرها في صرة لم تزيليحتمل هذا البيت الوجوه الثلاثة . وصرة القيظ شدة حره . فلما سمعت سارة البشارة صكت وجهها ; أي ضربت يدها على وجهها على عادة النسوان عند التعجب ; قاله سفيان الثوري وغيره . وقال ابن عباس ; صكت وجهها لطمته . وأصل الصك الضرب ; صكه أي ضربه ; قال الراجز ;يا كروانا صك فاكبأنا[ ص; 45 ] قال الأموي ; كبن الظبي إذا لطأ بالأرض واكبأن انقبض .وقالت عجوز عقيم أي أتلد عجوز عقيم . الزجاج ; أي ; وقالت أنا عجوز عقيم فكيف ألد كما قالت ; يا ويلتا أألد وأنا عجوز
قوله ( فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ ) يعنى; سارّة, وليس ذلك إقبال نقلة من موضع إلى موضع, ولا تحوّل من مكان إلى مكان, وإنما هو كقول القائل; أقبل يشتمني, بمعنى; أخذ في شتمي. وقوله ( فِي صَرَّةٍ ) يعني; في صيحة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ, قال; ثنا أبو صالح, قال; ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( فِي صَرَّةٍ ) يقول; في صيحة.حدثني محمد بن سعد, قال; ثني أبي, قال; ثني عمي, قال; ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ) يعني بالصرّة; الصيحة.حدثني محمد بن عمرو, قال; ثنا أبو عاصم, قال; ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال; ثنا الحسن, قال; ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فِي صَرَّةٍ ) قال; صيحة.حدثنا بشر, قال; ثنا يزيد, قال; ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ ) ; أي أقبلت في رنة.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال; ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( صَرَّةٍ ) قال; أقبلت ترنَ. (7)حدثنا ابن حُمَيد, قال; ثنا مهران, عن سفيان, عن العلاء بن عبد الكريم اليامي, عن ابن سابَط, قوله ( فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ ) قال; في صيحة.حدثنا يونس, قال; أخبرنا ابن وهب, قال; قال ابن زيد, في قوله ( فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ ) قال; الصرّة; الصيحة.حُدثت عن الحسين, قال; سمعت أبا معاذ يقول; أخبرنا عبيد, قال; سمعت الضحاك يقول في قوله ( فِي صَرَّةٍ ) يعني; صيحة. وقد قال بعضهم; إنَّ تلك الصيحة أوَّه مقصورة الألف.وقوله ( فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ) اختلف أهل التأويل في معنى صكها, والموضع الذي ضربته من وجهها, فقال بعضهم; معنى صكها وجهها; لَطْمِها إياه.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ, قال; ثنا أبو صالح, قال; ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ) يقول; لَطَمت.وقال آخرون; بل ضربت بيدها جبهتها تعجبا.* ذكر من قال ذلك;حدثني موسى بن هارون, قال; ثنا عمرو بن حماد, قال; ثنا أسباط, عن السديّ, قال; لما بَشَّر جبريل سارةَ بإسحاق, ومن وراء إسحاق يعقوب, ضربت جبهتها عجبا, فذلك قوله ( فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ) .حدثني محمد بن عمرو, قال; ثنا أبو عاصم, قال; ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال; ثنا الحسن, قال; ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ) قال; جبهتها.حدثني ابن حُمَيد, قال; ثنا مهران, عن سفيان, عن العلاء بن عبد الكريم الياميّ, عن ابن سابط, قوله ( فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ) قال; قالت هكذا; وضرب سفيان بيده على جبهته.قال; ثنا مهران; عن سفيان ( فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ) وضعت يدها على جبهتها تعجبا, والصكّ عند العرب; هو الضرب. وقد قيل; إن صكها وجهها, أن جمعت أصابعها, فضربت بها جبهتها( وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ) يقول; وقالت; أتلد، وحذفت أتلد لدلالة الكلام عليه, وبضمير أتلد رفعت عجوز عقيم, وعني بالعقيم; التي لا تلد.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن المثنى, قال; ثنا سليمان, أبو داود, قال; ثنا شعبة, عن مشاش, قال; سمعت الضحاك يقول في قوله ( عَجُوزٌ عَقِيمٌ ) قال; لا تلد.حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال; ثنا هشيم, قال; أخبرنا رجل من أهل خراسان من الأزد, يكني أبا ساسان, قال; سألت الضحاك, عن قوله ( عَقِيمٌ ) قال; التي ليس لها ولد.-----------------الهوامش ;(7) الرنة ; الصيحة الحزينة . ورنت ترن رنينًا ، وأرانت ; صاحت .
فلما سمعت المرأة البشارة { أقبلت } فرحة مستبشرة { فِي صَرَّةٍ } أي: صيحة { فَصَكَّتْ وَجْهَهَا } وهذا من جنس ما يجري من لنساء عند السرور [ونحوه] من الأقوال والأفعال المخالفة للطبيعة والعادة، { وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } أي: أنى لي الولد، وأنا عجوز، قد بلغت من السن، ما لا تلد معه النساء، ومع ذلك، فأنا عقيم، غير صالح رحمي للولادة أصلاً، فثم مانعان، كل منهما مانع من الولد، وقد ذكرت المانع الثالث في سورة هود بقولها: { وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ }
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة