وَأَنَّهُۥ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكٰى
وَاَنَّهٗ هُوَ اَضۡحَكَ وَاَبۡكٰىۙ
تفسير ميسر:
وأنه سبحانه وتعالى أضحك مَن شاء في الدنيا بأن سرَّه، وأبكى من شاء بأن غَمَّه.
أي خلق في عباده الضحك والبكاء وسببهما وهما مختلفان.
قوله تعالى ; وأنه هو أضحك وأبكى ذهبت الوسائط وبقيت الحقائق لله سبحانه وتعالى فلا فاعل إلا هو ; وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت ; لا والله ما قال رسول الله قط ; إن الميت يعذب ببكاء أحد ، ولكنه قال ; إن الكافر يزيده الله ببكاء أهله عذابا وإن الله لهو أضحك وأبكى وما تزر وازرة وزر أخرى . وعنها قالت ; مر النبي صلى الله عليه وسلم على قوم من أصحابه وهم يضحكون ، فقال ; لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا فنزل عليه جبريل فقال ; يا محمد ! إن الله يقول لك ; وأنه هو أضحك وأبكى . فرجع إليهم [ ص; 108 ] فقال ; ما خطوت أربعين خطوة حتى أتاني جبريل فقال ; ايت هؤلاء فقل لهم إن الله تعالى يقول ; هو أضحك وأبكى أي قضى أسباب الضحك والبكاء . وقال عطاء بن أبي مسلم ; يعني أفرح وأحزن ; لأن الفرح يجلب الضحك والحزن يجلب البكاء . وقيل لعمر ; هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون ؟ قال ; نعم ! والإيمان والله أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي . وقد تقدم هذا المعنى في ( النمل ) و ( التوبة ) . قال الحسن ; أضحك الله أهل الجنة في الجنة ، وأبكى أهل النار في النار . وقيل ; أضحك من شاء في الدنيا بأن سره وأبكى من شاء بأن غمه . الضحاك ; أضحك الأرض بالنبات وأبكى السماء بالمطر . وقيل ; أضحك الأشجار بالنوار ، وأبكى السحاب بالأمطار . وقال ذو النون ; أضحك قلوب المؤمنين والعارفين بشمس معرفته ، وأبكى قلوب الكافرين والعاصين بظلمة نكرته ومعصيته . وقال سهل بن عبد الله ; أضحك الله المطيعين بالرحمة وأبكى العاصين بالسخط . وقال محمد بن علي الترمذي ; أضحك المؤمن في الآخرة وأبكاه في الدنيا . وقال بسام بن عبد الله ; أضحك الله أسنانهم وأبكى قلوبهم . وأنشد ;السن تضحك والأحشاء تحترق وإنما ضحكها زور ومختلق يا رب باك بعين لا دموع لهاورب ضاحك سن ما به رمقوقيل ; إن الله تعالى خص الإنسان بالضحك والبكاء من بين سائر الحيوان ، وليس في سائر الحيوان من يضحك ويبكي غير الإنسان . وقد قيل ; إن القرد وحده يضحك ولا يبكي ، وإن الإبل وحدها تبكي ولا تضحك . وقال يوسف بن الحسين ; سئل طاهر المقدسي أتضحك الملائكة ؟ فقال ; ما ضحكوا ولا كل من دون العرش منذ خلقت جهنم .
وقوله ( وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ) يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم; وأن إلى ربك يا محمد انتهاء جميع خلقه ومرجعهم, وهو المجازي جميعهم بأعمالهم, صالحهم وطالحهم, ومحسنهم ومسيئهم.
{ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى } أي: هو الذي أوجد أسباب الضحك والبكاء، وهو الخير والشر، والفرح والسرور والهم [والحزن]، وهو سبحانه له الحكمة البالغة في ذلك،
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة