الرسم العثمانيمَّن ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥٓ أَجْرٌ كَرِيمٌ
الـرسـم الإمـلائـيمَنۡ ذَا الَّذِىۡ يُقۡرِضُ اللّٰهَ قَرۡضًا حَسَنًا فَيُضٰعِفَهٗ لَهٗ وَلَهٗۤ اَجۡرٌ كَرِيۡمٌ
تفسير ميسر:
من ذا الذي ينفق في سبيل الله محتسبًا من قلبه بلا مَنٍّ ولا أذى، فيضاعف له ربه الأجر والثواب، وله جزاء كريم، وهو الجنة؟
وقوله تعالى "من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا" قال عمر بن الخطاب هو الإنفاق في سبيل الله. وقيل هو النفقة على العيال والصحيح أنه أعم من ذلك فكل من أنفق في سبيل الله بنية خالصة وعزيمة صادقة دخل في عموم هذه الآية ولهذا قال تعالى "من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له" كما قال في الآية الأخرى "أضعافا كثيرة" " وله أجر كريم" أي جزاء جميل ورزق باهر وهو الجنة يوم القيامة قال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبدالله بن الحارث عن عبدالله بن مسعود قال; لما نزلت هذه الآية "من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له" قال أبو الدحداح الأنصاري يا رسول الله وإن الله ليريد منا القرض؟ "قال نعم يا أبا الدحداح" قال أرني يدك يا رسول الله قال فناوله يده قال فإني قد أقرضت ربى حائطي وله حائط فيه ستمائة نخلة وأم الدحداح فيه وعيالها قال فجاء أبو الدحداح فناداها يا أم الدحداح قالت لبيك قال اخرجي فقد أقرضته ربي عز وجل. وفي رواية أنها قالت له ربح بيعك يا أبا الدحداح ونقلت منه متاعها وصبيانها وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "كم من عذق رداح في الجنة لأبي الدحداح - وفي لفظ - رب نخلة مدلاة عروقها در وياقوت لأبي الدحداح في الجنة".
قوله تعالى ; من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريمقوله تعالى ; من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ندب إلى الإنفاق في سبيل الله . وقد مضى في ( البقرة ) القول فيه . والعرب تقول لكل من فعل فعلا حسنا ; قد أقرض ، كما قال ;وإذا جوزيت قرضا فاجزه إنما يجزي الفتى ليس الجملوسمي قرضا ، لأن القرض أخرج لاسترداد البدل . أي ; من ذا الذي ينفق في سبيل الله حتى يبدله الله بالأضعاف الكثيرة . قال الكلبي ; قرضا أي ; صدقة حسنا أي ; محتسبا من قلبه بلا من ولا أذى .فيضاعفه له ما بين السبع إلى سبعمائة إلى ما شاء الله من الأضعاف . وقيل ; القرض الحسن هو أن يقول ; سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، رواه سفيان عن أبي حيان . وقال زيد بن أسلم ; هو النفقة على الأهل . الحسن ; التطوع بالعبادات . وقيل ; إنه عمل الخير ، والعرب تقول ; لي عند فلان قرض صدق وقرض سوء . القشيري ; والقرض الحسن أن يكون المتصدق صادق النية طيب النفس ، يبتغي به وجه الله دون الرياء والسمعة ، وأن يكون من الحلال . ومن القرض الحسن ألا يقصد إلى الرديء فيخرجه ، لقوله تعالى ; ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون وأن يتصدق في حال يأمل الحياة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أفضل الصدقة فقال ; أن تعطيه وأنت صحيح شحيح تأمل العيش ولا تمهل حتى إذا [ ص; 220 ] بلغت التراقي قلت ; لفلان كذا ولفلان كذا وأن يخفي صدقته ، لقوله تعالى ; وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم وألا يمن ؛ لقوله تعالى ; لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى وأن يستحقر كثير ما يعطي ، لأن الدنيا كلها قليلة ، وأن يكون من أحب أمواله ، لقوله تعالى ; لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وأن يكون كثيرا ، لقوله صلى الله عليه وسلم ; أفضل الرقاب أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها .فيضاعفه له وقرأ ابن كثير وابن عامر " فيضعفه " بإسقاط الألف إلا ابن عامر ويعقوب نصبوا الفاء . وقرأ نافع وأهل الكوفة والبصرة " فيضاعفه " بالألف وتخفيف العين إلا أن عاصما نصب الفاء . ورفع الباقون عطفا على يقرض . وبالنصب جوابا على الاستفهام . وقد مضى في ( البقرة ) القول في هذا مستوفى .وله أجر كريم يعني الجنة .
يقول تعالى ذكره; من هذا الذي ينفق في سبيل الله في الدنيا، محتسبا في نفقته، مبتغيًا ما عند الله، وذلك هو القرض الحسن، يقول; فيضاعف له ربه قرضه ذلك الذي أقرضه، بإنفاقه في سبيله، فيجعل له بالواحدة سبع مئة. وكان بعض نحوّيي البصرة يقول في قوله; (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ) فهو كقول العرب; لي عندك قرض صدق، وقرض سَوْء إذا فعل به خيرا؛ وأنشد ذلك بيتا للشنفرى;سَـنجْزِي سَـلامانَ بنَ مُفْرِجَ قَرْضَهابِمَــا قَــدَّمَتْ أيْــدِيهم فــأزَلَّتِ (1)(وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ) يقول; وله ثواب وجزاء كريم، يعني بذلك الأجر; الجنة، وقد ذكرنا الرواية عن أهل التأويل في ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته.------------------------الهوامش;(1) نسب المؤلف البيت إلى الشنفرى. وسلامان بن مفرج قبيلة من العرب. والقرض كما في (اللسان; قرض) بفتح القاف وكسرها; ما يتجازى به الناس بينهم، ويتقاضونه، وجمعه قروض، وهو ما أسلفه من إحسان، ومن إساءة. قال أمية بن أبي الصلت;كـلُّ امْرِئٍ سوْفَ يُجْزَى قرْضَه حَسَناأوْ سَــيِّئا وَمَدِينــا مِثْـلَ مـا دَانـاقد سبق استشهاد المؤلف ببيت أمية هذا في (2 ; 592) من هذه الطبعة.
حث على النفقة في سبيله، لأن الجهاد متوقف على النفقة فيه، وبذل الأموال في التجهز له، فقال: { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا } وهي النفقة [الطيبة] التي تكون خالصة لوجه الله، موافقة لمرضاة الله، من مال حلال طيب، طيبة به نفسه، وهذا من كرم الله تعالى [حيث] سماه قرضا، والمال ماله، والعبد عبده، ووعد بالمضاعفة عليه أضعافا كثيرة، وهو الكريم الوهاب، وتلك المضاعفة محلها وموضعها يوم القيامة، يوم كل يتبين فقره، ويحتاج إلى أقل شيء من الجزاء الحسن، ولذلك قال:
(من) اسم استفهام في محلّ رفع مبتدأ
(ذا) اسم إشارة في محلّ رفع خبر ،
(الذي) موصول في محل رفع بدل من ذا
(قرضا) مفعول مطلق منصوبـ (الفاء) فاء السببيّة
(يضاعفه) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء، والفاعل هو أي اللَّه
(له) متعلّق بـ (يضاعفه) ،
(له) الثاني خبر مقدّم للمبتدأ المؤخّر
(أجر) ...والمصدر المؤوّلـ (أن يضاعفه ... ) في محلّ رفع معطوف على مصدر مأخوذ من الاستفهام المتقدّم أى: أثمّة إقراض منكم للَّه فمضاعفه منه لكم في الأداء ...جملة: «من ذا الذي ... » لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: «يقرض ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) وجملة: «يضاعفه ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر وجملة: «له أجر ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يضاعفه 12-
(يوم) ظرف زمان منصوب متعلق بالاستقرار الذي تعلّق به
(له) ،
(بين) ظرف منصوب متعلّق بـ (يسعى)
(بأيمانهم) متعلّق بما تعلّق به الظرفبين فهو معطوف عليه
(بشراكم) مبتدأ مرفوع
(اليوم) ظرف منصوب متعلّق بفعل مقدّر أي يقال لهم بشراكم
(جنّات) خبر المبتدأ بحذف مضاف أي دخول جنّات
(من تحتها) متعلّق بـ (تجري) وفيه حذف مضاف أي من تحت أشجارها..
(خالدين) حال منصوبة من الضمير المستتر في المضاف المقدّر أي دخولكم جنّات خالدين فيها ،
(فيها) متعلّق بـ (خالدين) ،
(هو) ضمير فصل ..
وجملة: «ترى ... » في محلّ جرّ مضاف إليه وجملة: «يسعى نورهم ... » في محلّ نصب حال من المؤمنين وجملة: «بشراكم ... » في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر أي تقول لهم الملائكة وجملة: «تجري ... » في محلّ رفع نعت لجنّات وجملة: «ذلك ... الفوز ... » لا محلّ لها اعتراضيّة «4» 13-
(يوم) ظرف بدل من يوم الأولـ (للذين) متعلّق بـ (يقول) ،
(نقتبس) مضارع مجزوم جواب الأمر
(من نوركم) متعلّق بـ (نقتبس) ،
(وراءكم) ، ظرف مكان منصوب متعلّق بـ (ارجعوا) ،
(الفاء) عاطفة في الموضعين
(بينهم) ظرف منصوب متعلّق بـ (ضرب) ،
(بسور) نائب الفاعلـ (له) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ المؤخّر
(باب) ، وكذلك
(فيه) خبر المبتدأ
(الرحمة) و (من قبله) خبر المبتدأ
(العذاب) .
وجملة: «يقول المنافقون ... » في محلّ جرّ مضاف إليهوجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) وجملة: «انظرونا ... » في محلّ نصب مقول القول وجملة: «نقتبس» لا محلّ لها جواب شرط مقدّر غير مقترنة بالفاء وجملة: «قيل» لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: «ارجعوا» في محلّ رفع نائب الفاعل وجملة: «التمسوا ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة ارجعوا وجملة: «ضرب ... » لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي فرجعوا فضرب ...وجملة: «له باب ... » في محلّ جرّ نعت لسور وجملة: «باطنه فيه الرحمة ... » في محلّ رفع نعت لباب وجملة: «فيه الرحمة ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(باطنه) وجملة: «ظاهره من قبله العذاب» في محلّ رفع معطوفة على جملة باطنه فيه الرحمة وجملة: «من قبله العذاب» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(ظاهره) 14-
(الهمزة) للاستفهام التعجبي
(معكم) ظرف منصوب متعلّق بخبر نكن
(بلى) حرف جواب لإثبات الإيجابـ (الواو) عاطفة
(حتّى) حرف غاية وجرّ
(باللَّه) متعلّق بـ (غرّكم) بحذف مضافين أي: بسعة رحمة اللَّه أو مضاف واحد وجملة: «ينادونهم ... » لا محلّ لها استئناف بياني وجملة: «ألم نكن معكم ... » في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر وجملة: «قالوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: «لكنّكم فتنتم ... » في محلّ نصب معطوفة على مقول القول المقدّر وجملة: «فتنتم ... » في محلّ رفع خبر لكنّ وجملة: «تربّصتم ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة فتنتم وجملة: «ارتبتم ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة فتنتم ...وجملة: «غرّتكم الأماني ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة فتنتم وجملة: «جاء أمر ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) لمضمر والمصدر المؤوّلـ (أن جاء أمر ... ) في محلّ جرّ بـ (حتّى) متعلّق بـ (غرّتكم) وجملة: «غرّكم باللَّه الغرور» لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفيّ
- القرآن الكريم - الحديد٥٧ :١١
Al-Hadid57:11