الرسم العثمانيمَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلٰىٓ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِىَ الْفٰسِقِينَ
الـرسـم الإمـلائـيمَا قَطَعۡتُمۡ مِّنۡ لِّيۡنَةٍ اَوۡ تَرَكۡتُمُوۡهَا قَآٮِٕمَةً عَلٰٓى اُصُوۡلِهَا فَبِاِذۡنِ اللّٰهِ وَلِيُخۡزِىَ الۡفٰسِقِيۡنَ
تفسير ميسر:
ما قطعتم -أيها المؤمنون- من نخلة أو تركتموها قائمة على ساقها، من غير أن تتعرضوا لها، فبإذن الله وأمره؛ وليُذلَّ بذلك الخارجين عن طاعته المخالفين أمره ونهيه، حيث سلَّطكم على قطع نخيلهم وتحريقها.
اللين نوع من التمر وهو جيد. قال أبو عبيدة وهو ما خالف العجوة والبرني من التمر وقال كثيرون من المفسرين اللينة ألوان التمر سوى العجوة. قال ابن جرير هو جميع النخل ونقله عن مجاهد وهو البويرة أيضا وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حاصرهم أمر بقطع نخيلهم إهانه لهم وإرهابا وإرعابا لقلوبهم فروى محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان وقتادة ومقاتل بن حيان أنهم قالوا فبعث بنو قريظة يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنك تنهي عن الفساد فما بالك تأمر بقطع الأشجار؟ فأنزل الله هذه الآية الكريمة أي "ما قطعتم من لينة" وما تركتم من الأشجار فالجميع بإذنه ومشيئته وقدره ورضـاه وفيه نكاية بالعدو وخزي لهم وإرغام لأنوفهم وقال مجاهد نهى بعض المهاجرين بعضا عن قطع النخل وقالوا إنما هي مغانم المسلمين فنزل القرآن بتصديق من نهى عن قطعه وتحليل من قطعه من الإثم وإنما قطعه وتركه بإذنه وقد روى نحو هذا مرفوعا فقال النسائي أخبرنا الحسن بن محمد بن عفان حدثنا حفص بن غياث حدثنا حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله "ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين" قال يستنزلونهم من حصونهم وأمروا بقطع النخل فحاك في صدورهم فقال المسلمون; قطعنا بعضا وتركنا بعضا فلنسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لنا فيما قطعنا من أجر؟ وهل علينا فيما تركنا من وزر؟ فأنزل الله "ما قطعتم من لينة" وقال الحافظ يعلى في مسنده حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا حفص عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن جابر وعن أبي الزبير عن جابر قال رخص لهم في قطع النخل ثم شدد عليهم فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله علينا إثم فيما قطعنا أو علينا وزر فيما تركنا؟ فأنزل الله عز وجل "ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله" وقال الإمام أحمد حدثنا عبدالرحمن حدثنا سفيان عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير وحرق وأخرجه صاحبا الصحيح من رواية موسى بن عقبة بنحوه ولفظ البخاري من طريق عبدالرزاق عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال حاربت النضير وقريظة فأجلى بني النضير وأقر قريظة ومن عليهم حتى حارب قريظة فقتل من رجالهم وسبى وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين إلا بعضهم لحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فأمنهم وأسلموا وأجلى يهود المدينة كلهم بني قينقاع وهم رهط عبدالله بن سلام ويهود بني حارثة وكل يهود بالمدينة ولهما أيضا عن قتيبة عن الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير وقطع وهي البويرة فأنزل الله عز وجل فيه "ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزى الفاسقين". وللبخاري رحمه الله من رواية جويرية بن أسماء عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير وقطع وهي البويرة ولها يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه وهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير فأجابه أبو سفيان بن الحارث يقول; أدام الله ذلك من صنيع وحرق في نواحيهـا السعير ستعلم أينا منها بنزه وتعلم أي أرضينا نضير كذا رواه البخاري ولم يذكره ابن إسحاق وقال محمد بن إسحاق وقال كعب بن مالك يذكر إجلاء بني النضير وقتل ابن الأشرف لقد خـزيت بغدرتها الحبور كذاك الدهر ذو صرف يدور وذلك أنهـم كفروا برب عظيم أمره أمر كبير وقد أوتوا معا فهما وعلما وجاءهمو من الله النذير نذير صادق أدى كتابا وآيات مبينة تنير فقالوا ما أتيت بأمر صدق وأنت بمنكر منا جدير فقال بلى لقد أديت حقا يصدقني به الفهـم الخبير فمن يتبعه يهد لكل رشد ومن يكفر به يجز الكفور فلما أشربوا غدرا وكفرا وجد بهـم عن الحق النفور أرى الله النبي برأي صدق وكان الله يحكم لا يجور فأيده وسلطه عليهم وكان نصيره نعم النصير فغودر منهمو كعب صريعا فذلت بعد مصرعة النضير على الكفين ثم وقد علته بأيدينا مشهرة ذكور بأمر محمد إذ دس ليلا إلى كعب أخا كعـب يسير فماكره فأنزله بمكر ومحمود أخو ثقـة جسور فتلك بنوا النضير بدار سوء أبادهمو بما اجترمالمبير غداة أتاهمو في الزحف زهوا رسول الله وهو بهم بصير وغسان الحماة موازروه على الأعداء وهو لهم وزير فقال السلم ويحكمو فصدوا وخالف أمرهم كذب وزور فذاقوا غب أمرهمو وبالا لكل ثلاثة منهم بعير وأجلوا عامدين لقينقاع وغودر منهمو نخل ودور قال وكان مما قيل من الأشعار في بني النضير قول ابن القيم العبسي ويقال قالها قيس بن بحر بن طريف قال ابن هشام الأشجعي; اهلي فداء لامريء غير هالك أجلى اليهود بالحسى المزنم يقيلون في حمر العضاه وبدلوا أهيضب عوذا بالودى المكمم فإن يك ظني صادقا بمحمد يروا خيله بين الصلا ويرمرم ش يؤم بها عمرو بن بهثة إنهم عدو وما حي صديق كمجرم عليهن أبطال مساعير في الوغى يهزون أطراف الوشيج المقوم وكل رقيق الشفرتين مهند تورث من أزمان عاد وجرهم فمن مبلغ عني قريشا رسالة فهل بعدهم في المجد من متكرم بأن أخاكم فاعلمن محمدا تليد الندى بين الحجون وزمزم فدينوا له بالحق تحسم أموركم وتسموا من الدنيا إلى كل معظم نبي تلاقته من الله رحمة ولا تسألوه أمر غيب مرجم فقد كان في بدر لعمري عبرة لكم يا قريش والقـليـب الملمم غداة أتى قي الخزرجيه عامدا إليكم مطيعا للعظيم المكرم معانا بروح القدس ينكي عدوه رسولا من الرحمن حقا بمعلم رسولا من الرحمن يتلو كتابه فلما أنار الحق لم يتلعثم أرى أمره يزداد في كل موطن علوا لأمر حمه الله محكم وقد أورد ابن إسحاق رحمه الله ههنا أشعارا كثيرة فيها آداب ومواعظ وحكم وتفاصيل للقصة تركنا باقيها اختصارا واكتفاء بما ذكرناه ولله الحمد والمنة. قال ابن إسحاق كانت وقعة بني النضير بعد وقعة أحد وبعد بئر معونه وحكى البخاري عن الزهري عن عروة أنه قال كانت وقعة بني النضير بعد بدر بستة أشهر.
قوله تعالى ; ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين فيه خمس مسائل ;الأولى ; قوله تعالى ; ما قطعتم من لينة ما في محل نصب ب ; " قطعتم " ; كأنه قال ; أي شيء قطعتم . وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل على حصون بني النضير - وهي البويرة - حين نقضوا العهد بمعونة قريش عليه يوم أحد ، أمر بقطع نخيلهم وإحراقها . واختلفوا في عدد ذلك ; فقال قتادة والضحاك ; إنهم قطعوا من نخيلهم وأحرقوا ست نخلات . وقال محمد بن إسحاق ; إنهم قطعوا نخلة وأحرقوا نخلة . وكان ذلك عن إقرار رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بأمره ; إما لإضعافهم بها ، وإما لسعة المكان بقطعها . فشق ذلك عليهم فقالوا وهم يهود أهل الكتاب ; يا محمد ، ألست تزعم أنك نبي تريد الصلاح ، أفمن الصلاح قطع النخل وحرق الشجر ؟ وهل وجدت فيما أنزل الله عليك إباحة الفساد في الأرض ؟ فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم . ووجد المؤمنون في أنفسهم حتى اختلفوا ; فقال بعضهم ; لا تقطعوا مما أفاء الله علينا . وقال بعضهم ; اقطعوا لنغيظهم بذلك . فنزلت الآية بتصديق من نهى عن القطع وتحليل من قطع من الإثم ، وأخبر أن قطعه وتركه بإذن الله . وقال شاعرهم سماك اليهودي في ذلك ;[ ص; 9 ]ألسنا ورثنا الكتاب الحكيم على عهد موسى ولم نصدف وأنتم رعاء لشاء عجافبسهل تهامة والأخيف ترون الرعاية مجدا لكملدى كل دهر لكم مجحف فيا أيها الشاهدون انتهواعن الظلم والمنطق المؤنف لعل الليالي وصرف الدهوريدلن من العادل المنصف بقتل النضير وإجلائهاوعقر النخيل ولم تقطففأجابه حسان بن ثابت ;تفاقد معشر نصروا قريشا وليس لهم ببلدتهم نصيرهموا أوتوا الكتاب فضيعوه وهم عمي عن التوراة بوركفرتم بالقران وقد أبيتم بتصديق الذي قال النذيروهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطيرفأجابه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ;أدام الله ذلك من صنيع وحرق في نواحيها السعيرستعلم أينا منها بنزه وتعلم أي أرضينا تصيرفلو كان النخيل بها ركابا لقالوا لا مقام لكم فسيرواالثانية ; كان خروج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم في ربيع الأول أول السنة الرابعة من الهجرة ، وتحصنوا منه في الحصون ، وأمر بقطع النخل وإحراقها ، وحينئذ نزل تحريم الخمر . ودس عبد الله بن أبي ابن سلول ومن معه من المنافقين إلى بني النضير ; إنا معكم ، وإن قوتلتم قاتلنا معكم ، وإن أخرجتم خرجنا معكم ; فاغتروا بذلك . فلما جاءت الحقيقة خذلوهم وأسلموهم وألقوا بأيديهم ، وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكف عن دمائهم ويجليهم ; على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا السلاح ، فاحتملوا كذلك إلى خيبر ، ومنهم من سار إلى الشام . وكان ممن سار منهم إلى خيبر أكابرهم ; كحيي بن أخطب ، وسلام بن أبي الحقيق ، وكنانة بن الربيع . فدانت لهم خيبر .[ ص; 10 ] الثالثة ; ثبت في صحيح مسلم وغيره عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير وحرق . ولها يقول حسان ;وهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطيروفي ذلك نزلت ; ما قطعتم من لينة الآية .واختلف الناس في تخريب دار العدو وتحريقها وقطع ثمارها على قولين ; الأول ; أن ذلك جائز ; قاله في المدونة . الثاني ; إن علم المسلمون أن ذلك لهم لم يفعلوا ، وإن يئسوا فعلوا ; قاله مالك في الواضحة . وعليه يناظر أصحاب الشافعي . ابن العربي ; والصحيح الأول . وقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخل بني النضير له ; ولكنه قطع وحرق ليكون ذلك نكاية لهم ووهنا فيهم حتى يخرجوا عنها . وإتلاف بعض المال لصلاح باقيه مصلحة جائزة شرعا ، مقصودة عقلا .الرابعة ; قال الماوردي ; إن في هذه الآية دليلا على أن كل مجتهد مصيب . وقاله الكيا الطبري قال ; وإن كان الاجتهاد يبعد في مثله مع وجود النبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم ، ولا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ذلك وسكت ; فتلقوا الحكم من تقريره فقط . قال ابن العربي ; وهذا باطل ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معهم ، ولا اجتهاد مع حضور رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يدل على اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم فيما لم ينزل عليه ; أخذا بعموم الأذية للكفار ، ودخولا في الإذن للكل لما يقضي عليهم بالاجتياح والبوار ; وذلك قوله تعالى ; وليخزي الفاسقين .الخامسة ; اختلف في اللينة ما هي ; على أقوال عشرة ; الأول ; النخل كله إلا العجوة ; قاله الزهري ومالك وسعيد بن جبير وعكرمة والخليل . وعن ابن عباس ومجاهد والحسن ; أنها النخل كله ، ولم يستثنوا عجوة ولا غيرها . وعن ابن عباس أيضا ; أنها لون من النخل . وعن الثوري ; أنها كرام النخل . وعن أبي عبيدة ; أنها جميع ألوان التمر سوى العجوة والبرني . وقال جعفر بن محمد ; إنها العجوة خاصة . وذكر أن العتيق والعجوة كانتا مع نوح عليه السلام في السفينة . والعتيق ; الفحل . وكانت العجوة أصل الإناث كلها فلذلك شق على اليهود قطعها ; حكاه الماوردي . وقيل ; هي ضرب من النخل يقال لتمره ; اللون ، تمره أجود التمر ، [ ص; 11 ] وهو شديد الصفرة ، يرى نواه من خارجه ويغيب فيه الضرس ; النخلة منها أحب إليهم من وصيف . وقيل ; هي النخلة القريبة من الأرض .وأنشد الأخفش ;قد شجاني الحمام حين تغنى بفراق الأحباب من فوق لينهوقيل ; إن اللينة الفسيلة ; لأنها ألين من النخلة . ومنه قول الشاعر ;غرسوا لينها بمجرى معين ثم حفوا النخيل بالآجاموقيل ; إن اللينة الأشجار كلها للينها بالحياة ; قال ذو الرمة ;طراق الخوافي واقع فوق لينة ندى ليله في ريشه يترقرقوالقول العاشر ; أنها الدقل ; قاله الأصمعي . قال ; وأهل المدينة يقولون ; لا تنتفخ الموائد حتى توجد الألوان ; يعنون الدقل . قال ابن العربي ; والصحيح ما قاله الزهري ومالك لوجهين ; أحدهما ; أنهما أعرف ببلدهما وأشجارهما . الثاني ; أن الاشتقاق يعضده ، وأهل اللغة يصححونه ; فإن اللينة وزنها لونة ، واعتلت على أصولهم فآلت إلى لينة فهي لون ، فإذا دخلت الهاء كسر أولها ; كبرك الصدر ( بفتح الباء ) وبركه ( بكسرها ) لأجل الهاء . وقيل لينة أصلها لونة فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها . وجمع اللينة لين . وقيل ; ليان ; قال امرؤ القيس يصف عنق فرسه ;وسالفة كسحوق الليا ن أضرم فيها الغوي السعروقال الأخفش ; إنما سميت لينة اشتقاقا من اللون لا من اللين . المهدوي ; واختلف في اشتقاقها ; فقيل ; هي من اللون وأصلها لونة . وقيل ; أصلها لينة من لان يلين . وقرأ عبد الله " ما قطعتم من لينة ولا تركتم قوماء على أصولها " أي قائمة على سوقها . وقرأ الأعمش " ما قطعتم من لينة أو تركتموها قوما على أصولها " المعنى لم تقطعوها . وقرئ " قوماء على أصلها " . وفيه وجهان ; أحدهما ; أنه جمع أصل ; كرهن ورهن . والثاني ; اكتفي فيه بالضمة عن [ الواو ] . وقرئ ; " قائما على أصوله " ذهابا إلى لفظ " ما " .فبإذن الله أي بأمره وليخزي الفاسقين أي ليذل اليهود الكفار به وبنبيه وكتبه .
القول في تأويل قوله تعالى ; مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)يقول تعالى ذكره; ما قطعتم من ألوان النخل، أو تركتموها قائمة على أصولها.اختلف أهل التأويل في معنى اللينة، فقال بعضهم; هي جميع أنواع النخل سوى العجوة.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن بشار، قال; ثنا أَبو عاصم، قال; ثنا سفيان، عن داود بن أَبي هند، عن عكرِمة; (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ) قال; النخلة.حدثنا ابن المثنى، قال; ثنا عبد الأعلى، قال; ثنا داود، عن عكرمة أنه قال في هذه الآية; (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا ) قال; اللينة; ما دون العجوة من النخل.حدثنا ابن حُمَيد، قال; ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن يزيد بن رومان، في قوله; (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ) قال; اللينة ما خالف العجوة من التمر.وحدثنا به مرة أخرى فقال; من النخل.حدثني يعقوب، قال; ثنا ابن علية، عن سعيد، عن قتادة، في قوله; (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ) قال; النخل كله ما خلا العجوة.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله; (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ )، واللينة; ما خلا العجوة من النخل.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ); ألوان النخل كلها إلا العجوة.حدثنا ابن حُميد، قال; ثنا مهران، قال; ثنا سفيان، عن داود بن أَبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ) قال; النخلة دون العجوة.وقال آخرون; النخل كله لينة، العجوة منه وغير العجوة.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن حُمَيد، قال; ثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مجاهد (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ) قال; النخلة.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله; (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ) قال; نخلة. قال; نهى بعض المهاجرين بعضا عن قطع النخل، وقالوا; إنما هي مغانم المسلمين، ونـزل القرآن بتصديق من نهى عن قطعه، وتحليل من قطعه من الإثم، وإنما قطعه وتركه بإذنه.حدثنا ابن المثنى، قال; ثنا يحيى بن أَبي بكير، قال; ثنا شريك، عن أَبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ) قال; النخلة.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله; (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ) قال; اللينة; النخلة؛ عجوة كانت أو غيرها، قال الله; (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ) قال; الذي قطعوا من نخل النضير حين غدرت النضير.وقال آخرون; هي لون من النخل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أَبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أَبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ) قال; اللينة; لون من النخل.وقال، آخرون; هي كرام النخل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن حُمَيْد، قال; ثنا مهران، قال; ثنا سفيان في (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ) قال; من كرام نخلهم.والصواب من القول في ذلك قول من قال; اللينة; النخلة، وهن من ألوان النخل ما لم تكن عجوة، وإياها عنى ذو الرُّمَّة بقوله;طِـرَاقُ الخَـوَافِي وَاقِـعٌ فَـوْقَ لِيَنـةٍنَــدَى لَيْلـهِ فِـي رِيشِـهِ يَـترَقْرَقُ (1)وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول; اللينة من اللون، والليان في الجماعة واحدها اللينة. قال; وإنما سميت لينة لأنه فعلة من فَعْل، هو اللون، وهو ضرب من النخل، ولكن لما انكسر ما قبلها انقلبت إلى الياء. وكان بعضهم ينكر هذا القول ويقول; لو كان كما قال لجمعوه; اللوان لا الليان. وكان بعض نحويي الكوفة يقول; جمع اللينة لين، وإنما أُنـزلت هذه الآية فيما ذُكر من أجل أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لما قطع نخل بني النضير وحرّقها، قالت بنو النضير لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم; إنك كنت تنهى عن الفساد وتعيبه، فما بالك تقطع نخلنا وتُحرقها؟ فأنـزل الله هذه الآية، فأخبرهم أن ما قطع من ذلك رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أو ترك، فعن أمر الله فعل.وقال آخرون; بل نـزل ذلك لاختلاف كان من المسلمين في قطعها وتركها.* ذكر من قال; نـزل ذلك لقول اليهود للمسلمين ما قالوا;حدثنا ابن حُميد، قال; ثنا سلمة بن الفضل، قال; ثنا محمد بن إسحاق، قال; ثنا يزيد بن رومان، قال; لما نـزل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بهم، يعني ببني النضير تحصنوا منه في الحصون، فأمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بقطع النخل، والتحريق فيها، فنادوْه; يا محمد، قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه، فما بال قطع النخل وتحريقها؟ فأنـزل الله عزّ وجلّ; (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ ) .* ذكر من قال; نـزل ذلك لاختلاف كان بين المسلمين في أمرها;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا ) ... الآية، أي ليعظهم، فقطع المسلمون يومئذ النخل، وأمسك آخرون كراهية أن يكون إفسادًا، فقالت اليهود; آلله أذن لكم في الفساد؟ فأنـزل الله; (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ) .حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله; (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا ) قال; نهى بعض المهاجرين بعضًا عن قطع النخل، وقالوا; إنما هي مغانم المسلمين، ونـزل القرآن بتصديق من نهى عن قطعه، وتحليل من قطعه من الإثم، وإنما قطعه وتركه بإذنه.حدثنا سليمان بن عمر بن خالد البرقي، قال ابن المبارك، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر قال; قطع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نخل بني النضير، وفي ذلك نـزلت (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ) ... الآية، وفي ذلك يقول حسان بن ثابت;وَهَــانَ عَــلَى سَـرَاةَ بَنِـي لُـؤَيّحَـــرِيقٌ بـــالبُوَيْرَةِ مُسْــتَطِيرُ (2)وقوله; (فَبِإِذْنِ اللَّهِ ) يقول; فبأمر الله قطعتم ما قطعتم، وتركتم ما تركتم، وليغيظ بذلك أعداءه، ولم يكن فسادًا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن حُميد قال; ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن يزيد بن رومان (فَبِإِذْنِ اللَّهِ ) ; أي فبأمر الله قطعت، ولم يكن فسادًا، ولكن نقمة من الله، وليخزي الفاسقين.وقوله; (وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ ) وليذلّ الخارجين عن طاعة الله عزّ وجلّ، المخالفين أمره ونهيه، وهم يهود بني النضير.-------------------الهوامش;(1) البيت لذي الرمة (اللسان; ريع) والرواية فيه "ريعه" في موضع "لينة" واللينة; النخلة، وكل شيء من النخل سوى العجوة فهو من اللين. وقد سبق استشهاد المؤلف بالبيت عند قوله تعالى; "أتبنون بكل ريع آية"، وشرحناه هناك شرحًا مفصلا، فارجع إليه في (19 ; 93)(2) البيت لحسان بن ثابت (معجم ما استعجم للبكري; رسم البويرة 285) قال البويرة، بضم أوله، وبالراء المهملة، على لفظ التصغير، وهي من تيماء. قال أبو عبيدة في كتاب الأموال; أحرق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير، وقطع زهو البويرة، فنزل فيهم; "ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين". قال حسان; "هان على سراة ... البيت". قال ذلك حسان، لأن قريشًا هم الذين حملوا كعب بن أسد القرظي، صاحب عقد بني قريظة، على نقض العقد بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى خرج معهم إلى الخندق، وعند ذلك اشتد البلاء والخوف على المسلمين. ا هـ
ولما لام بنو النضير رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين في قطع النخيل والأشجار، وزعموا أن ذلك من الفساد، وتوصلوا بذلك إلى الطعن بالمسلمين، أخبر تعالى أن قطع النخيل إن قطعوه أو إبقاءهم إياه إن أبقوه، إنه بإذنه تعالى، وأمره { وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ } حيث سلطكم على قطع نخلهم، وتحريقها، ليكون ذلك نكالا لهم، وخزيا في الدنيا، وذلا يعرف به عجزهم التام، الذي ما قدروا على استنقاذ نخلهم، الذي هو مادة قوتهم. واللينة: اسم يشمل سائر النخيل على أصح الاحتمالات وأولاها، فهذه حال بني النضير، وكيف عاقبهم الله في الدنيا.
(ما) اسم شرط جازم في محلّ نصب مفعول به عامله قطعتم
(من لينة) متعلّق بحال من ما ،
(أو) حرف عطف، والواو في(تركتموها) زائدة إشباع حركة الميم
(قائمة) حال منصوبة من ضمير الغائب المفعولـ (الفاء) رابطة لجواب الشرط
(بإذن) متعلّق بخبر لمبتدأ محذوف تقديره فعلكم- أو قطعها-
(الواو) عاطفة
(اللام) للتعليلـ (يخزي) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والفاعل هو يعود على لفظ الجلالة..
والمصدر المؤوّلـ (أن يخزي..) في محلّ جرّ باللام متعلّق بفعل محذوف هو والمعطوف عليه أي: أذن الله في قطعها ليسرّ المؤمنين وليخزي الفاسقين.جملة: «قطعتم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تركتموها ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «
(فعلكم) بإذن الله ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «يخزي ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
6-
(الواو) عاطفة
(ما أفاء) مثل ما قطعتم
(على رسوله) متعلّق بـ (أفاء) ، وكذلك
(منهم) ،
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(ما) نافية
(عليه) متعلّق بـ (أوجفتم) ،
(خيل) مجرور لفظا منصوب محلّا مفعول به
(لا) زائدة لتأكيد النفي(ركاب) معطوف على خيل بالواو مجرور لفظا
(الواو) عاطفة
(على من) متعلّق بـ (يسلّط) ، وفاعلـ (يشاء) ضمير يعود على لفظ الجلالة
(الواو) عاطفة
(على كلّ) متعلّق بالخبر
(قدير) .
وجملة: «ما أفاء الله ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ما قطعتم.
وجملة: «ما أوجفتم ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترن بالفاء.
وجملة: «لكنّ الله يسلّط ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ما أفاء الله.
وجملة: «يسلّط ... » في محلّ رفع خبر لكنّ.
وجملة: «يشاء ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة: «الله ... قدير» لا محلّ لها معطوفة على جملة الاستدراك.
- القرآن الكريم - الحشر٥٩ :٥
Al-Hasyr59:5