الرسم العثمانيلِلْفُقَرَآءِ الْمُهٰجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيٰرِهِمْ وَأَمْوٰلِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوٰنًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ ۚ أُولٰٓئِكَ هُمُ الصّٰدِقُونَ
الـرسـم الإمـلائـيلِلۡفُقَرَآءِ الۡمُهٰجِرِيۡنَ الَّذِيۡنَ اُخۡرِجُوۡا مِنۡ دِيَارِهِمۡ وَاَمۡوَالِهِمۡ يَبۡتَغُوۡنَ فَضۡلًا مِّنَ اللّٰهِ وَرِضۡوَانًا وَّيَنۡصُرُوۡنَ اللّٰهَ وَرَسُوۡلَهٗؕ اُولٰٓٮِٕكَ هُمُ الصّٰدِقُوۡنَۚ
تفسير ميسر:
وكذلك يُعطى من المال الذي أفاءه الله على رسوله الفقراء المهاجرون، الذين اضطرهم كفار "مكة" إلى الخروج من ديارهم وأموالهم يطلبون من الله أن يتفضل عليهم بالرزق في الدنيا والرضوان في الآخرة، وينصرون دين الله ورسوله بالجهاد في سبيل الله، أولئك هم الصادقون الذين صدَّقوا قولهم بفعلهم.
يقول تعالى مبينا حال الفقراء المستحقين لمال الفيء أنهم "الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا" أي خرجوا من ديارهم وخالفوا قومهم ابتغاء مرضاة الله ورضوانه "وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون" أي هؤلاء الذين صدقوا قولهم بفعلهم وهؤلاء هم سادات المهاجرين.
قوله تعالى ; للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقونأي الفيء والغنائم للفقراء المهاجرين وقيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء ولكن يكون للفقراء . وقيل ; هو بيان لقوله ; ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل [ ص; 20 ] فلما ذكروا بأصنافهم قيل المال لهؤلاء ، لأنهم فقراء ومهاجرون وقد أخرجوا من ديارهم ; فهم أحق الناس به . وقيل ; ولكن الله يسلط رسله على من يشاء للفقراء المهاجرين لكيلا يكون المال دولة للأغنياء من بني الدنيا . وقيل ; والله شديد العقاب للمهاجرين ; أي شديد العقاب للكفار بسبب الفقراء المهاجرين ومن أجلهم . ودخل في هؤلاء الفقراء المتقدم ذكرهم في قوله تعالى ; ولذي القربى واليتامى . وقيل ; هو عطف على ما مضى ، ولم يأت بواو العطف كقولك ; هذا المال لزيد لبكر لفلان لفلان . والمهاجرون هنا ; من هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم حبا فيه ونصرة له . قال قتادة ; هؤلاء المهاجرون الذين تركوا الديار والأموال والأهلين والأوطان حبا لله ولرسوله ، حتى إن الرجل منهم كان يعصب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع ، وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ما له دثار غيرها . وقال عبد الرحمن بن أبزى وسعيد بن جبير ; كان ناس من المهاجرين لأحدهم العبد والزوجة والدار والناقة يحج عليها ويغزو فنسبهم الله إلى الفقر وجعل لهم سهما في الزكاة . ومعنى أخرجوا من ديارهم أي أخرجهم كفار مكة ; أي أحوجوهم إلى الخروج ; وكانوا مائة رجل .يبتغون يطلبون .فضلا من الله أي غنيمة في الدنيا .ورضوانا في الآخرة ; أي مرضاة ربهم .وينصرون الله ورسوله في الجهاد في سبيل الله .أولئك هم الصادقون في فعلهم ذلك . وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب بالجابية فقال ; من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب ، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت ، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل ، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني ; فإن الله تعالى جعلني له خازنا وقاسما . ألا وإني باد بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فمعطيهن ، ثم المهاجرين الأولين ; أنا وأصحابي أخرجنا من مكة من ديارنا وأموالنا .
القول في تأويل قوله تعالى ; لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8)يقول تعالى ذكره; كيلا يكون ما أفاء الله على رسوله دُولة بين الأغنياء منكم، ولكن يكون للفقراء المهاجرين. وقيل; عُني بالمهاجرين; مهاجرة قريش.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أَبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ من قريظة جعلها لمهاجرة قريش.حدثنا ابن حُمَيد، قال; ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جُبَير، وسعيد بن عبد الرحمن بن أبْزى، قالا كان ناس من المهاجرين لأحدهم الدار والزوجة والعبد والناقة يحجّ عليها ويغزو، فنسبهم الله إلى أنهم فقراء، وجعل لهم سهمًا في الزكاة.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ ) ... إلى قوله; ( أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) قال; هؤلاء المهاجرون تركوا الديار والأموال والأهلين والعشائر، خرجوا حبًا لله ولرسوله، واختاروا الإسلام على ما فيه من الشدّة، حتى لقد ذكر لنا أن الرجل كان يعصب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع، وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ماله دثار غيرها.وقوله; ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ) ، وقوله; ( يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ) موضع يبتغون نصب، لأنه في موضع الحال؛ وقوله; ( وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) يقول; وينصرون دين الله الذي بعث به رسوله محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم. وقوله; ( أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) يقول; هؤلاء الذين وصف صفتهم من الفقراء المهاجرين هم الصادقون فيما يقولون.--------الهوامش ;(3) لعل لفظ "حتى" زائد من النساخ
ثم ذكر تعالى الحكمة والسبب الموجب لجعله تعالى الأموال أموال الفيء لمن قدرها له، وأنهم حقيقون بالإعانة، مستحقون لأن تجعل لهم، وأنهم ما بين مهاجرين قد هجروا المحبوبات والمألوفات، من الديار والأوطان والأحباب والخلان والأموال، رغبة في الله ونصرة لدين الله، ومحبة لرسول الله، فهؤلاء هم الصادقون الذين عملوا بمقتضى إيمانهم، وصدقوا إيمانهم بأعمالهم الصالحة والعبادات الشاقة، بخلاف من ادعى الإيمان وهو لم يصدقه بالجهاد والهجرة وغيرهما من العبادات،
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الحشر٥٩ :٨
Al-Hasyr59:8