الرسم العثمانيوَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَاِنۡ تُطِعۡ اَكۡثَرَ مَنۡ فِى الۡاَرۡضِ يُضِلُّوۡكَ عَنۡ سَبِيۡلِ اللّٰهِؕ اِنۡ يَّتَّبِعُوۡنَ اِلَّا الظَّنَّ وَاِنۡ هُمۡ اِلَّا يَخۡرُصُوۡنَ
تفسير ميسر:
ولو فُرض -أيها الرسول- أنك أطعت أكثر أهل الأرض لأضلُّوك عن دين الله، ما يسيرون إلا على ما ظنوه حقًّا بتقليدهم أسلافهم، وما هم إلا يظنون ويكذبون.
يخبر تعالى عن حال أكثر أهل الأرض من بني آدم أنه الضلال كما قال تعالى "ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين" وقال تعالى "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين" وهم في ضلالهم ليسوا على يقين من أمرهم وإنما هم في ظنون كاذبة وحسبان باطل "إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون" فإن الخرص هو الحزر ومنه خرص النخل وهو حزر ما عليها من التمر وذلك كله عن قدر الله ومشيئته.
وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصونقوله تعالى وإن تطع أكثر من في الأرض أي الكفار .يضلوك عن سبيل الله أي عن الطريق التي تؤدي إلى ثواب الله .إن يتبعون إلا الظن " إن " بمعنى ما . وكذلك وإن هم إلا يخرصون أي يحدسون ويقدرون ; ومنه الخرص ، وأصله القطع . قال الشاعر ;ترى قصد المران فينا كأنه تذرع خرصان بأيدي الشواطبيعني جريدا يقطع طولا ويتخذ منه الخرص . وهو جمع الخرص ; ومنه خرص يخرص النخل خرصا إذا حزره ليأخذ الخراج منه . فالخارص يقطع بما لا يجوز القطع به ; إذ لا يقين معه . وسيأتي لهذا مزيد بيان في " الذاريات " إن شاء الله تعالى .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ (116)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; لا تطع هؤلاء العادلين بالله الأنداد، يا محمد، فيما دعوك إليه من أكل ما ذبحوا لآلهتهم, وأهلُّوا به لغير ربهم، وأشكالَهم من أهل الزيغ والضلال, فإنك إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن دين الله، ومحجة الحق والصواب، فيصدُّوك عن ذلك .وإنما قال الله لنبيه; (وإن تطع أكثر من في الأرض)، من بني آدم, لأنهم كانوا حينئذ كفارًا ضلالا فقال له جل ثناؤه; لا تطعهم فيما دعوك إليه, فإنك إن تطعهم ضللت ضلالهم، وكنتَ مثلهم، لأنهم لا يدعونك إلى الهدى وقد أخطئوه . ثم أخبر جل ثناؤه عن حال الذين نَهَى نبيه عن طاعتهم فيما دعوه إليه في أنفسهم, فقال; (إن يتبعون إلا الظن)، فأخبر جل ثناؤه أنهم من أمرهم على ظن عند أنفسهم, وحسبان على صحة عزمٍ عليه، (25) وإن كان خطأ في الحقيقة =(وإن هم إلا يخرصون)، يقول; ما هم إلا متخرِّصون، يظنون ويوقعون حَزْرًا، لا يقينَ علمٍ. (26)* * *يقال منه; " خرَصَ يخرُصُ خَرْصًا وخروصًا "، (27)أي كذب، و " تخرّص بظن "، و " تخرّص بكذب ", و " خرصتُ النخل أخرُصه ", و " خَرِصَتْ إبلك "، أصابها البردُ والجوع .------------------الهوامش ;(25) هكذا في المطبوعة و المخطوطة ، وأنا في شك من صوابه .(26) انظر مجاز القرآن أبي عبيدة 1 ; 206 .(27) في المطبوعة ; (( خرصا وخرصا )) ، وأثبت ما في المخطوطة ، ولم أجد (( خروصًا )) ، مصدرًا لهذا الفعل ، في شيء مما بين يدي من كتب اللغة ، ولكن ذكره أبو حيان في تفسيره أيضًا 4 ; 205 .
يقول تعالى، لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، محذرا عن طاعة أكثر الناس: { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } فإن أكثرهم قد انحرفوا في أديانهم وأعمالهم، وعلومهم. فأديانهم فاسدة، وأعمالهم تبع لأهوائهم، وعلومهم ليس فيها تحقيق، ولا إيصال لسواء الطريق. بل غايتهم أنهم يتبعون الظن، الذي لا يغني من الحق شيئا، ويتخرصون في القول على الله ما لا يعلمون، ومن كان بهذه المثابة، فحرى أن يحذِّر الله منه عبادَه، ويصف لهم أحوالهم؛ لأن هذا –وإن كان خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم- فإن أمته أسوة له في سائر الأحكام، التي ليست من خصائصه.
(الواو) عاطفة
(إن) حرف شرط جازم
(تطع) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت
(أكثر) مفعول به منصوبـ (من) اسم موصول مبني في محلّ جر مضاف إليه
(في الأرض) جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصولـ (يضلّوا) مضارع مجزوم جواب الشرط وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل و (الكاف) ضمير مفعول به
(عن سبيل) جار ومجرور متعلق بـ (يضلّوك) ،
(الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(إن) نافية
(يتّبعون) مضارع مرفوع ... والواو فاعلـ (إلا) أداة حصر
(الظن) مفعول به منصوبـ (الواو) عاطفة
(إن) نافية
(هم) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ
(إلا) مثل الأولى
(يخرصون) مثل يتبعون.جملة «تطع ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة تمت في الآية السابقة.
وجملة «يضلّوك ... » لا محلّ لها جواب الشرط غير مقترنة بالفاء.
وجملة «يتبعون ... » لا محلّ لها استئنافية .
وجملة «إن هم إلّا يخرصون» لا محلّ لها معطوفة على جملة يتبعون....وجملة «يخرصون» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(هم) .
(ّإن) حرف مشبه بالفعل- ناسخ-
(ربّ) اسم إن منصوب و (الكاف) ضمير مضاف إليه
(هو) ضمير فصل لا عمل له يفيد التوكيد
(أعلم) خبر إن مرفوع
(من) اسم موصول مبني في محلّ نصب على نزع الخافض أي هو أعلم بمن يضل ،
(يضل) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد
(عن سبيل) جار ومجرور متعلق بـ (يضل) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(هو) ضمير منفصل مبتدأ في محلّ رفع
(أعلم) خبر المبتدأ مرفوع
(بالمهتدين) جار ومجرور متعلق بأعلم، وعلامة الجر الياء.
وجملة «إن ربك ... أعلم» لا محلّ لها معطوفة استئنافيّة.
وجملة «يضلّ ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .وجملة «هو أعلم ... » في محلّ رفع معطوفة على خبر إن لفظا أو جملة.
- القرآن الكريم - الأنعام٦ :١١٦
Al-An'am6:116