الرسم العثمانيوَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِۦ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ
الـرسـم الإمـلائـيوَهُوَ الۡقَاهِرُ فَوۡقَ عِبَادِهٖ ؕ وَهُوَ الۡحَكِيۡمُ الۡخَبِيۡرُ
تفسير ميسر:
والله سبحانه هو الغالب القاهر فوق عباده؛ خضعت له الرقاب وذَلَّتْ له الجبابرة، وهو الحكيم الذي يضع الأشياء مواضعها وَفْق حكمت، الخبير الذي لا يخفى عليه شيء. ومن اتصف بهذه الصفات يجب ألا يشرك به. وفي هذه الآية إثبات الفوقية لله -تعالى- على جميع خلقه، فوقية مطلقة تليق بجلاله سبحانه.
ولهذا قال تعالى "وهو القاهر فوق عباده" أي هو الذي خضعت له الرقاب وذلت له الجبابرة وعنت له الوجوه وقهر كل شيء ودانت له الخلائق وتواضعت لعظمة جلاله وكبريائه وعظمته وعلوه وقدرته على الأشياء واستكانت وتضاءلت بين يديه وتحت قهره وحكمه "وهو الحكيم"أي في جميع أفعاله "الخبير" بمواضع الأشياء ومحالها فلا يعطي إلا من يستحق ولا يمنع إلا من يستحق.
قوله تعالى ; وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبيرقوله تعالى ; وهو القاهر فوق عباده القهر الغلبة ، والقاهر الغالب ، وأقهر الرجل إذا صير بحال المقهور الذليل ; قال الشاعر ;تمنى حصين أن يسود جذاعه فأمسى حصين قد أذل وأقهراوقهر غلب . ومعنى فوق عباده فوقية الاستعلاء بالقهر والغلبة عليهم ; أي ; هم تحت [ ص; 310 ] تسخيره لا فوقية مكان ; كما تقول ; السلطان فوق رعيته أي ; بالمنزلة والرفعة . وفي القهر معنى زائد ليس في القدرة ، وهو منع غيره عن بلوغ المراد . وهو الحكيم في أمره الخبير بأعمال عباده ، أي ; من اتصف بهذه الصفات يجب ألا يشرك به .
القول في تأويل قوله ; وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)قال أبو جعفر; يعني تعالى ذكره بقوله; " وهو "، نفسَه، يقول; والله الظاهر فوق عباده (41) = ويعني بقوله; " القاهر " ، المذلِّل المستعبد خلقه، العالي عليهم. وإنما قال; " فوق عباده ", لأنه وصف نفسه تعالى ذكره بقهره إياهم. ومن صفة كلّ قاهر شيئًا أن يكون مستعليًا عليه .فمعنى الكلام إذًا; والله الغالب عبادَه, المذلِّلهم, العالي عليهم بتذليله لهم، وخلقه إياهم, فهو فوقهم بقهره إياهم, وهم دونه =" وهو الحكيم " ، يقول; والله الحكيم في علِّوه على عباده، وقهره إياهم بقدرته، وفي سائر تدبيره (42) =" الخبير "، بمصالح الأشياء ومضارِّها, الذي لا يخفي عليه عواقب الأمور وبواديها, ولا يقع في تدبيره خلل , ولا يدخل حكمه دَخَل. (43)* * *---------------الهوامش ;(41) في المطبوعة; "والله القاهر" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو الصواب في التفسير.(42) انظر تفسير"الحكيم" فيما سلف من فهارس اللغة (حكم).(43) انظر تفسير (الخبير" فيما سلف من فهارس اللغة (خبر).
{ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } فلا يتصرف منهم متصرف، ولا يتحرك متحرك، ولا يسكن ساكن، إلا بمشيئته، وليس للملوك وغيرهم الخروج عن ملكه وسلطانه، بل هم مدبرون مقهورون، فإذا كان هو القاهر وغيره مقهورا، كان هو المستحق للعبادة. { وَهُوَ الْحَكِيمُ } فيما أمر به ونهى، وأثاب، وعاقب، وفيما خلق وقدر. { الْخَبِيرُ } المطلع على السرائر والضمائر وخفايا الأمور، وهذا كله من أدلة التوحيد.
(الواو) استئنافيّة
(هو) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ
(القاهر) خبر مرفوع
(فوق) ظرف مكان منصوب متعلق بـ (القاهر) ،
(عباد) مضاف إليه مجرور و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(هو الحكيم) مثل هو القاهر
(الخبير) خبر ثان مرفوع.جملة «هو القاهر ... » لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «هو الحكيم....» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
- القرآن الكريم - الأنعام٦ :١٨
Al-An'am6:18