الرسم العثمانيالَّذِينَ ءَاتَيْنٰهُمُ الْكِتٰبَ يَعْرِفُونَهُۥ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ ۘ الَّذِينَ خَسِرُوٓا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
الـرسـم الإمـلائـياَ لَّذِيۡنَ اٰتَيۡنٰهُمُ الۡـكِتٰبَ يَعۡرِفُوۡنَهٗ كَمَا يَعۡرِفُوۡنَ اَبۡنَآءَهُمُۘ اَ لَّذِيۡنَ خَسِرُوۡۤا اَنۡفُسَهُمۡ فَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُوۡنَ
تفسير ميسر:
الذين آتيناهم التوراة والإنجيل، يعرفون محمدًا صلى الله عليه وسلم بصفاته المكتوبة عندهم كمعرفتهم أبناءهم، فكما أن أبناءهم لا يشتبهون أمامهم بغيرهم، فكذلك محمد صلى الله عليه وسلم لا يشتبه بغيره لدقة وصفه في كتبهم، ولكنهم اتبعوا أهواءهم، فخسروا أنفسهم حين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به.
ثم قال تعالى مخبرا عن أهل الكتاب أنهم يعرفون هذا الذي جئتهم به كما يعرفون أبناءهم بما عندهم من الأخبار والأنباء عن المرسلين المتقدمين والأنبياء فإن الرسل كلهم بشروا بوجود محمد صلى الله عليه وسلم ونعته وصفتة وبلده ومهاجره وصفة أمته ولهذا قال بعده "الذين خسروا أنفسهم" أي خسروا كل الخسارة "فهم لا يؤمنون" بهذا الأمر الجلي الظاهر الذي بشرت به الأنبياء ونوهت به في قديم الزمان وحديثه.
قوله تعالى ; الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنونقوله تعالى ; الذين آتيناهم الكتاب . يريد اليهود والنصارى الذين عرفوا وعاندوا ، وقد تقدم معناه في البقرة ، و ( الذين ) في موضع رفع بالابتداء . يعرفونه في موضع الخبر ; أي ; يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم ; عن الحسن وقتادة ، وهو قول الزجاج . وقيل ; يعود على الكتاب ، أي ; يعرفونه على ما يدل عليه ، أي ; على الصفة التي هو بها من دلالته على صحة أمر النبي صلى الله عليه وسلم وآله . الذين خسروا أنفسهم في موضع النعت ; ويجوز أن يكون مبتدأ وخبره فهم لا يؤمنون .
القول في تأويل قوله ; الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; الذين "آتيناهم الكتاب "، التوراة والإنجيل = يعرفون أنما هو إله واحد =، لا جماعة الآلهة, وأن محمدًا نبيُّ مبعوث =" كما يعرفون أبناءهم " .وقوله; " الذين خسروا أنفسهم " ، من نعت " الذين " الأولى.* * *ويعنى بقوله; " خسروا أنفسهم " ، أهلكوها وألقوها في نار جهنم، بإنكارهم محمدًا أنه لله رسول مرسل, وهم بحقيقة ذلك عارفون (8) =" فهم لا يؤمنون " ، يقول; فهم بخسارتهم بذلك أنفسهم لا يؤمنون.* * *وقد قيل; إنّ معنى " خسارتهم أنفسهم "، أن كل عبد له منـزل في الجنة ومنـزل في النار. فإذا كان يوم القيامة، جعل الله لأهل الجنة منازلَ أهل النار في الجنة, وجعل لأهل النار منازلَ أهل الجنة في النار, فذلك خسران الخاسرين منهم، لبيعهم منازلهم من الجنة بمنازل أهل الجنة من النار, بما فرط منهم في الدنيا من معصيتهم الله، وظلمهم أنفسهم, وذلك معنى قول الله تعالى ذكره; الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ، [سورة المؤمنون; 11] . (9)* * *وبنحو ما قلنا في معنى قوله; " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم " قال أهل التأويل. (10)* ذكر من قال ذلك;13130 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله ; " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم " ، يعرفون أنّ الإسلام دين الله, وأن محمدًا رسول الله, يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل .13131- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق, عن معمر, عن قتادة في قوله; " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم "، النصارى واليهود , يعرفون رسول الله في كتابهم, كما يعرفون أبناءهم.13132 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي; " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم "، [يعني; النبي صلى الله عليه وسلم; (11) =" كما يعرفون أبناءهم "، لأن نَعْته معهم في التوراة].13133- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قوله; " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم " ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم . قال; زعم أهل المدينة عن أهل الكتاب ممن أسلم, أنهم قالوا; والله لنحن أعرف به من أبنائنا، من أجل الصفة والنعت الذي نجده في الكتاب، وأما أبناؤنا فلا ندري ما أحدثَ النساء ! (12)------------------الهوامش ;(8) انظر تفسير"خسر" فيما سلف قريبًا ص; 281 ، تعليق; 1 ، والمراجع هناك.(9) انظر معاني القرآن للفراء 1; 329 ، 230.(10) انظر تأويل نظيرة هذه الآية فيما سلف 3; 187 ، 188 ، [سورة; البقرة 146] .(11) الأثر; 13132 - هذا الأثر مبتور في المطبوعة والمخطوطة ، والزيادة بين القوسين من الدر المنثور 3; 8 ، من تفسير السدي ، من رواية أبي الشيخ ، والظاهر أن هذا النقص قديم في نسخ تفسير أبي جعفر ، وأن نسخة السيوطي ، كانت مبتورة هنا أيضًا ، ولذلك لم ينسب هذا الأثر إلا إلى أبي الشيخ وحده ، دون ابن جرير.(12) يعني; لا يدرون أسلم لهم أبناؤهم من أصلابهم ، أم خالطهم سفاح من سفاحهن! وانظر رواية ذلك في خبر عمر بن الخطاب ، وسؤاله عبد الله بن سلام ، والله أعلم بصحيح ذلك = في معاني القرآن للفراء 1; 329.
لما بيَّن شهادته وشهادة رسوله على التوحيد، وشهادةَ المشركين الذين لا علم لديهم على ضده، ذكر أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى. { يَعْرِفُونَهُ } أي: يعرفون صحة التوحيد { كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } أي: لا شك عندهم فيه بوجه، كما أنهم لا يشتبهون بأولادهم، خصوصا البنين الملازمين في الغالب لآبائهم. ويحتمل أن الضمير عائد إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وأن أهل الكتاب لا يشتبهون بصحة رسالته ولا يمترون بها، لما عندهم من البشارات به، ونعوته التي تنطبق عليه ولا تصلح لغيره، والمعنيان متلازمان. قوله { الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ } أي: فوتوها ما خلقت له، من الإيمان والتوحيد، وحرموها الفضل من الملك المجيد { فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } فإذا لم يوجد الإيمان منهم، فلا تسأل عن الخسار والشر، الذي يحصل لهم.
(الذين) اسم موصول مبني في محلّ رفع مبتدأ
(آتينا) فعل ماض مبني على السكون ...
(ونا) فاعل و (هم) ضمير مفعول به أولـ (الكتاب) مفعول به ثان منصوبـ (يعرفون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل و (الهاء) ضمير مفعول به
(الكاف) حرف جر
(ما) حرف مصدري
(يعرفون) مثل الأولـ (أبناء) مفعول به و (هم) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤولـ (ما يعرفون) في محلّ جر بالكاف متعلق بمحذوف مفعولمطلق أي يعرفون عرفانا كعرفانهم أبناءهم.
(الذين خسروا) مثل الذين آتينا
(أنفس) مفعول به منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه
(الفاء) زائدة لمشابهة الموصول للشرط
(هم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ
(لا) نافية
(يؤمنون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل.
جملة «الذين آتيناهم..» لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «آتيناهم الكتاب» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الأول.
وجملة «يعرفونه» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الذين) .
وجملة «يعرفون أبناءهم» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي(ما) .
وجملة «الذين خسروا» لا محلّ لها بدل من جملة الاستئناف- أو استئنافية.
وجملة «خسروا..» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الثاني.
وجملة «هم لا يؤمنون» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الذين) .
وجملة «لا يؤمنون» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(هم) .
- القرآن الكريم - الأنعام٦ :٢٠
Al-An'am6:20