الرسم العثمانيفَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلٰوةُ فَانتَشِرُوا فِى الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
الـرسـم الإمـلائـيفَاِذَا قُضِيَتِ الصَّلٰوةُ فَانْتَشِرُوۡا فِى الۡاَرۡضِ وَابۡتَغُوۡا مِنۡ فَضۡلِ اللّٰهِ وَاذۡكُرُوا اللّٰهَ كَثِيۡرًا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُوۡنَ
تفسير ميسر:
فإذا سمعتم الخطبة، وأدَّيتم الصلاة، فانتشروا في الأرض، واطلبوا من رزق الله بسعيكم، واذكروا الله كثيرًا في جميع أحوالكم؛ لعلكم تفوزون بخيري الدنيا والآخرة.
وقوله تعالى "فإذا قضيت الصلاة" أي فرغ منها "فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله" لما حجر عليهم في التصرف بعد النداء وأمرهم بالاجتماع أذن لهم بعد الفراغ في الانتشار في الأرض والابتغاء من فضل الله كما كان عراك بن مالك رضي الله عنه إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد فقال; اللهم إني أجبت دعوتك وصليت فريضتك وانتشرت كما أمرتني فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين رواه ابن أبي حاتم. وروي عن بعض السلف أنه قال; من باع واشترى في يوم الجمعة بعد الصلاة بارك الله له سبعين مرة لقول الله تعالى "فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله". وقوله تعالى "واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون" أي حال بيعكم وشرائكم وأخذكم وإعطائكم اذكروا الله ذكرا كثيرا ولا تشغلكم الدنيا عن الذي ينفعكم في الدار الآخرة ولهذا جاء في الحديث "من دخل سوقا من الأسواق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة". وقال مجاهد; لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا.
قوله تعالى ; فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون قوله تعالى ; فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض هذا أمر إباحة ; كقوله تعالى ; وإذا حللتم فاصطادوا . يقول ; إذا فرغتم من الصلاة فانتشروا في الأرض للتجارة والتصرف في حوائجكم ." وابتغوا من فضل الله " أي من رزقه . وكان عراك بن مالك إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد فقال ; اللهم إني أجبت دعوتك ، وصليت فريضتك ، وانتشرت كما أمرتني ، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين . وقال جعفر بن محمد في قوله تعالى ; وابتغوا من فضل الله إنه العمل في يوم السبب . وعن الحسن بن سعيد بن المسيب ; طلب العمل . وقيل ; التطوع . وعن ابن عباس ; لم يؤمروا بطلب شيء من الدنيا ; إنما هو عيادة المرضى ، وحضور الجنائز ، وزيارة الأخ في الله تعالى .قوله تعالى ; واذكروا الله كثيرا أي بالطاعة واللسان ، وبالشكر على ما به أنعم عليكم من التوفيق لأداء الفرائض .لعلكم تفلحون كي تفلحوا . قال سعيد بن جبير ; الذكر طاعة الله تعالى ، فمن أطاع الله فقد ذكره ومن لم يطعه فليس بذاكر وإن كان كثير التسبيح . وقد مضى هذا مرفوعا في " البقرة " .
يقول تعالى ذكره; فإذا قُضيت صلاة الجمعة يوم الجمعة، فانتشروا في الأرض إن شئتم، ذلك رخصة من الله لكم في ذلك.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك ;حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال; ثنا هشيم، قال; أخبرنا حصين، عن مجاهد أنه قال; هي رخصة، يعني قوله; (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ ) .حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; ثنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ ) قال; هذا إذن من الله، فمن شاء خرج، ومن شاء جلس.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد; أذن الله لهم إذا فرغوا من الصلاة، (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ) فقد أحللته لكم.وقوله; (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ) ذُكر عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في تأويل ذلك ما;حدثني العباس بن أَبي طالب، قال; ثنا عليّ بن المعافى بن يعقوب الموصليّ، قال; ثنا أبو عامر الصائغ من الموصل، عن أَبي خلف، عن أنس، قال; قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في قوله; (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ) قال; " لَيْسَ لِطَلَبِ دُنْيَا، وَلَكِنْ عِيَادَةُ مَرِيضٍ، وَحُضُورُ جَنَازَةٍ، وَزِيَارَةُ أخٍ فِي اللهِ".وقد يحتمل قوله; (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ) أن يكون معنيا به; والتمسوا من فضل الله الذي بيده مفاتيح خزائنه لدنياكم وآخرتكم.وقوله; (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) يقول; واذكروا الله بالحمد له، والشكر على ما أنعم به عليكم من التوفيق لأداء فرائضه، لتفلحوا، فتدركوا طلباتكم عند ربكم، وتصلوا إلى الخلد في جنانه.
{ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ } لطلب المكاسب والتجارات ولما كان الاشتغال في التجارة، مظنة الغفلة عن ذكر الله، أمر الله بالإكثار من ذكره، فقال: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا } أي في حال قيامكم وقعودكم وعلى جنوبكم، { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } فإن الإكثار من ذكر الله أكبر أسباب الفلاح.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الجمعة٦٢ :١٠
Al-Jumu'ah62:10