الرسم العثمانيالَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمٰوٰتٍ طِبَاقًا ۖ مَّا تَرٰى فِى خَلْقِ الرَّحْمٰنِ مِن تَفٰوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرٰى مِن فُطُورٍ
الـرسـم الإمـلائـيالَّذِىۡ خَلَقَ سَبۡعَ سَمٰوٰتٍ طِبَاقًا ؕ مَا تَرٰى فِىۡ خَلۡقِ الرَّحۡمٰنِ مِنۡ تَفٰوُتٍ ؕ فَارۡجِعِ الۡبَصَرَۙ هَلۡ تَرٰى مِنۡ فُطُوۡرٍ
تفسير ميسر:
الذي خلق سبع سموات متناسقة، بعضها فوق بعض، ما ترى في خلق الرحمن- أيها الناظر- من اختلاف ولا تباين، فأعد النظر إلى السماء; هل ترى فيها مِن شقوق أو صدوع؟
ثم قال تعالى "الذي خلق سبع سماوات طباقا" أي طبقة بعد طبقة وهل هن متواصلات بمعنى أنهن علويات بعضهم على بعض أو متفاصلات بينهن خلاء؟ فيه قولان أصحهما الثاني كما دل ذلك حديث الإسراء وغيره وقوله تعالى "ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت" أي بل هو مصطحب مستو ليس فيه اختلاف ولا تنافر ولا مخافة ولا نقص ولا عيب ولا خلل ولهذا قال تعالى "فارجع البصر هل ترى من فطور" أي انظر إلى السماء هل ترى فيها عيبا أو نقصا أو خللا أو فطورا قال ابن عباس ومجاهد والضحاك والثوري وغيرهم في قوله تعالى "فارجع البصر هل ترى من فطور" أي شقوق وعن السدي "هل ترى من فطور" أي من خروق وقال ابن عباس في رواية "من فطور" أي من وهاء وقال قتادة "هل ترى من فطور" أي هل ترى خللا يا ابن آدم؟.
قوله تعالى ; الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطورقوله تعالى ; الذي خلق سبع سماوات طباقا أي بعضها فوق بعض . والملتزق منها أطرافها ; كذا روي عن ابن عباس . و " طباقا " نعت ل " سبع " فهو وصف بالمصدر . وقيل ; مصدر بمعنى المطابقة ; أي خلق سبع سموات وطبقها تطبيقا أو مطابقة . أو على طوبقت طباقا . وقال سيبويه ; نصب طباقا لأنه مفعول ثان .قلت ; فيكون خلق بمعنى جعل وصير . وطباق جمع طبق ; مثل جمل وجمال . وقيل ; جمع طبقة . وقال أبان بن تغلب ; سمعت بعض الأعراب يذم رجلا فقال ; شره طباق ، وخيره غير باق . ويجوز في غير القرآن سبع سموات طباق ; بالخفض على النعت لسموات . ونظيره ( وسبع سنبلات خضر ) .ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت قراءة حمزة والكسائي " من تفوت " بغير ألف مشددة . وهي قراءة ابن مسعود وأصحابه . الباقون ( من تفاوت ) بألف . وهما لغتان مثل التعاهد والتعهد ، والتحمل والتحامل ، والتظهر [ ص; 193 ] والتظاهر ، وتصاغر وتصغر ، وتضاعف وتضعف ، وتباعد وتبعد ; كله بمعنى . واختار أبو عبيد " من تفوت " واحتج بحديث عبد الرحمن بن أبي بكر ; " أمثلي يتفوت عليه في بناته ! " النحاس ; وهذا أمر مردود على أبي عبيد ، لأن يتفوت يفتات بهم . وتفاوت في الآية أشبه . كما يقال تباين يقال ; تفاوت الأمر إذا تباين وتباعد ; أي فات بعضها بعضا . ألا ترى أن قبله قوله تعالى ; الذي خلق سبع سموات طباقا . والمعنى ; ما ترى في خلق الرحمن من اعوجاج ولا تناقض ولا تباين - بل هي مستقيمة مستوية دالة على خالقها - وإن اختلفت صوره وصفاته . وقيل ; المراد بذلك السموات خاصة ; أي ما ترى في خلق السموات من عيب . وأصله من الفوت ، وهو أن يفوت شيء شيئا فيقع الخلل لقلة استوائها ; يدل عليه قول ابن عباس رضي الله عنه ; من تفرق . وقال أبو عبيدة ; يقال ; تفوت الشيء أي فات .ثم أمر بأن ينظروا في خلقه ليعتبروا به فيتفكروا في قدرته ; فقال ;فارجع البصر هل ترى من فطور أي اردد طرفك إلى السماء . ويقال ; قلب البصر في السماء . ويقال ; اجهد بالنظر إلى السماء . والمعنى متقارب . وإنما قال ; فارجع بالفاء وليس قبله فعل مذكور ; لأنه قال ; ما ترى . والمعنى انظر ثم ارجع البصر هل ترى من فطور ; قاله قتادة . والفطور ; الشقوق ، عن مجاهد والضحاك . وقال قتادة ; من خلل . السدي ; من خروق . ابن عباس ; من وهن . وأصله من التفطر والانفطار وهو الانشقاق . قال الشاعر ;بنى لكم بلا عمد سماء وزينها فما فيها فطوروقال آخر ;شققت القلب ثم ذررت فيه هواك فليم فالتأم الفطورتغلغل حيث لم يبلغ شراب ولا سكر ولم يبلغ سرور
القول في تأويل قوله تعالى ; الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)يقول تعالى ذكره; مخبرا عن صفته; ( الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ) طبقا فوق طبق، بعضها فوق بعض.وقوله; ( مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ) يقول جل ثناؤه; ما ترى في خلق الرحمن الذي خلق لا في سماء ولا في أرض، ولا في غير ذلك من تفاوت، يعني من اختلاف.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ) ; ما ترى فيهم من اختلاف.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله; ( مِنْ تَفَاوُتٍ ) قال; من اختلاف.واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين; ( مِنْ تَفَاوُتٍ ) بألف. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة; ( مِنْ تَفَوُّتٍ ) بتشديد الواو بغير ألف.والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان بمعنى واحد، كما قيل; ولا تُصَاعِرْ، ولا تُصَعِّر ؛ وتعهَّدت فلانا، وتعاهدته ؛ وتظهَّرت، وتظاهرت ؛ وكذلك التفاوت والتفوّت.وقوله; ( فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ )يقول; فرد البصر، هل ترى فيه من صُدوع؟ وهي من قول الله; تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ بمعنى يتشققن ويتصدّعن، الفُطُور مصدر فُطِر فطُورا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، &; 23-507 &; عن أبيه، عن ابن عباس ( هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ) قال; الفطور; الوهي.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ) يقول; هل ترى من خلل يا ابن آدم.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( مِنْ فُطُورٍ ) قال; من خللحدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان ( هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ) قال; من شقوق.
{ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا } أي: كل واحدة فوق الأخرى، ولسن طبقة واحدة، وخلقها في غاية الحسن والإتقان { مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ } أي: خلل ونقص. وإذا انتفى النقص من كل وجه، صارت حسنة كاملة، متناسبة من كل وجه، في لونها وهيئتها وارتفاعها، وما فيها من الشمس والقمر والكواكب النيرات، الثوابت منهن والسيارات. ولما كان كمالها معلومًا، أمر [الله] تعالى بتكرار النظر إليها والتأمل في أرجائها، قال: { فَارْجِعِ الْبَصَرَ } أي: أعده إليها، ناظرًا معتبرًا { هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ } أي: نقص واختلال.
(الذي) في محلّ رفع خبر ثالث للمبتدأ هو ،
(طباقا) نعت لسبع منصوب ،
(ما) نافية
(في خلق) متعلّق بحال من تفاوت
(تفاوت) مجرور لفظا منصوب محلّا مفعول به لفعل الرؤية
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(هل) حرف استفهام
(فطور) مجرور لفظا منصوب محلّا مفعول به ... وجملة: «خلق
(الثانية) » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) الثالث. وجملة: «ما ترى ... » لا محلّ لها استئنافيّة «4» . وجملة: «ارجع البصر ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن أردت المعاينة فارجع ... وجملة: «هل ترى من فطور ... » في محلّ نصب مفعول به لفعل مقدّر معلّق بالاستفهام أي ارجع البصر وانظر هل ترى ...
- القرآن الكريم - الملك٦٧ :٣
Al-Mulk67:3