الرسم العثمانيفَإِذَا جَآءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هٰذِهِۦ ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسٰى وَمَن مَّعَهُۥٓ ۗ أَلَآ إِنَّمَا طٰٓئِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ وَلٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
الـرسـم الإمـلائـيفَاِذَا جَآءَتۡهُمُ الۡحَسَنَةُ قَالُوۡا لَـنَا هٰذِهٖ ۚ وَاِنۡ تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٌ يَّطَّيَّرُوۡا بِمُوۡسٰى وَمَنۡ مَّعَهٗ ؕ اَلَاۤ اِنَّمَا طٰٓٮِٕرُهُمۡ عِنۡدَ اللّٰهِ وَلٰـكِنَّ اَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُوۡنَ
تفسير ميسر:
فإذا جاء فرعونَ وقومَه الخِصْبُ والرزقُ قالوا; هذا لنا بما نستحقه، وإن يُصِبْهم جدب وقحط يتشاءموا، ويقولوا; هذا بسبب موسى ومَن معه. ألا إنَّ ما يصيبهم من الجدب والقحط إنما هو بقضاء الله وقدره، وبسبب ذنوبهم وكفرهم، ولكن أكثر قوم فرعون لا يعلمون ذلك؛ لانغمارهم في الجهل والضلال.
"فإذا جاءتهم الحسنة" أي من الخصب والرزق "قالوا لنا هذه" أي هذا لنا بما نستحقه "وإن تصبهم سيئة" أي جدب وقحط "يطيروا بموسى ومن معه" أي هذا بسببهم وما جاءوا به "ألا إنما طائرهم عند الله" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "ألا إنما طائرهم عند الله" يقول مصائبهم عند الله "ولكن أكثرهم لا يعلمون" وقال ابن جريج عن ابن عباس قال "ألا إنما طائرهم عند الله" أي من قبل الله.
قوله تعالى فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون[ ص; 238 ] فيه مسألتان ;الأولى ; قوله تعالى فإذا جاءتهم الحسنة أي الخصب والسعة . قالوا لنا هذه أي أعطيناها باستحقاق .وإن تصبهم سيئة أي قحط ومرض وهي المسألة ;الثانية ; يطيروا بموسى أي يتشاءموا به . نظيره وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك . والأصل " يتطيروا " أدغمت التاء في الطاء . وقرأ طلحة ; ( تطيروا ) على أنه فعل ماض . والأصل في هذا من الطيرة وزجر الطير ، ثم كثر استعمالهم حتى قيل لكل من تشاءم ; تطير . وكانت العرب تتيمن بالسانح ; وهو الذي يأتي من ناحية اليمين . وتتشاءم بالبارح ; وهو الذي يأتي من ناحية الشمال . وكانوا يتطيرون أيضا بصوت الغراب ; ويتأولونه البين . وكانوا يستدلون بمجاوبات الطيور بعضها بعضا على أمور ، وبأصواتها في غير أوقاتها المعهودة على مثل ذلك . وهكذا الظباء إذا مضت سانحة أو بارحة ، ويقولون إذا برحت ; " من لي بالسانح بعد البارح " . إلا أن أقوى ما عندهم كان يقع في جميع الطير ; فسموا الجميع تطيرا من هذا الوجه . وتطير الأعاجم إذا رأوا صبيا يذهب به إلى المعلم بالغداة ، ويتيمنون برؤية صبي يرجع من عند المعلم إلى بيته ، ويتشاءمون برؤية السقاء على ظهره قربة مملوءة مشدودة ، ويتيمنون برؤية فارغ السقاء مفتوحة قربته ; ويتشاءمون بالحمال المثقل بالحمل ، والدابة الموقرة ، ويتيمنون بالحمال الذي وضع حمله ، وبالدابة يحط عنها ثقلها . فجاء الإسلام بالنهي عن التطير والتشاؤم بما يسمع من صوت طائر ما كان ، وعلى أي حال كان ; فقال عليه السلام ; أقروا الطير على مكناتها . وذلك أن كثيرا من أهل الجاهلية كان إذا أراد الحاجة أتى الطير في وكرها فنفرها ; فإذا أخذت ذات اليمين مضى لحاجته ، وهذا هو السانح عندهم . وإن أخذت ذات الشمال رجع ، وهذا هو البارح عندهم . فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا بقوله ; أقروا الطير على مكناتها هكذا في الحديث . وأهل العربية يقولون ; " وكناتها " قال امرؤ القيس ;وقد أغتدي والطير في وكناتهاوالوكنة ; اسم لكل وكر وعش . والوكن ; موضع الطائر الذي يبيض فيه ويفرخ ، وهو [ ص; 239 ] الخرق في الحيطان والشجر . ويقال ; وكن الطائر يكن وكونا إذا حضن بيضه . وكان أيضا من العرب من لا يرى التطير شيئا ، ويمدحون من كذب به . قال المرقش ;ولقد غدوت وكنت لا أغدو على واق وحاتمفإذا الأشائم كالأيا من والأيامن كالأشائموقال عكرمة ; كنت عند ابن عباس فمر طائر يصيح ; فقال رجل من القوم ; خير ، خير . فقال ابن عباس ; ما عند هذا لا خير ولا شر .قال علماؤنا ; وأما أقوال الطير فلا تعلق لها بما يجعل دلالة عليه ، ولا لها علم بكائن فضلا عن مستقبل فتخبر به ، ولا في الناس من يعلم منطق الطير ; إلا ما كان الله تعالى خص به سليمان صلى الله عليه وسلم من ذلك ، فالتحق التطير بجملة الباطل . والله أعلم . وقال صلى الله عليه وسلم ; ليس منا من تحلم أو تكهن أو رده عن سفره تطير . وروى أبو داود عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ; الطيرة شرك - ثلاثا - وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل . وروى عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ; من رجعته الطيرة عن حاجته فقد أشرك . قيل ; وما كفارة ذلك يا رسول الله ؟ قال ; أن يقول أحدهم ; اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك ثم يمضي لحاجته . وفي خبر آخر ; إذا وجد ذلك أحدكم فليقل اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يذهب بالسيئات إلا أنت لا حول ولا قوة إلا بك . ثم يذهب متوكلا على الله ; فإن الله يكفيه ما وجد في نفسه من ذلك ، وكفاه الله تعالى ما يهمه . وقد تقدم في " المائدة " الفرق بين الفأل والطيرة .ألا إنما طائرهم عند الله وقرأ الحسن ( طيرهم ) جمع طائر . أي ما قدر لهم وعليهم .ولكن أكثرهم لا يعلمون أن ما لحقهم من القحط والشدائد إنما هو من عند الله عز وجل بذنوبهم لا من عند موسى وقومه .
القول في تأويل قوله ; فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ (131)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; فإذا جاءت آل فرعون العافية والخصب والرخاء وكثرة الثمار, ورأوا ما يحبون في دنياهم (1) =(قالوا لنا هذه)، نحن أولى بها =(وإن تصبهم سيئة)، يعني جدوب وقحوط وبلاء (2) =(يطيروا بموسى ومن معه)، يقول; يتشاءموا ويقولوا; ذهبت حظوظنا وأنصباؤنا من الرخاء والخصب والعافية, مذ جاءنا موسى عليه السلام .* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;14983 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله; (فإذا جاءتهم الحسنة)، العافية والرخاء =(قالوا لنا هذه)، نحن أحق بها =(وإن تصبهم سيئة)، بلاء وعقوبة =(يطيروا)، يتشاءموا بموسى.14984 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد بنحوه.14985 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد, في قوله; (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه)، قالوا; ما أصابنا هذا إلا بك يا موسى وبمن معك, ما رأينا شرًّا ولا أصابنا حتى رأيناك! وقوله; (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه)، قال; الحسنة ما يحبُّون. وإذا كان ما يكرهون قالوا; ما أصابنا هذا إلا بشؤم هؤلاء الذين ظلموا! قال قوم صالح; اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ، فقال الله إنما; طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ، [سورة النمل; 47]. (3)* * *القول في تأويل قوله ; أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (131)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; ألا ما طائر آل فرعون وغيرهم = وذلك أنصباؤهم من الرخاء والخصب وغير ذلك من أنصباء الخير والشر = " إلا عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون "، أن ذلك كذلك, فلجهلهم بذلك كانوا يطَّيّرون بموسى ومن معه.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;14986 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، ثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس; (ألا إنما طائرهم عند الله)، يقول; مصائبهم عند الله. قال الله; (ولكن أكثرهم لا يعلمون).14987 - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال; قال ابن عباس; (ألا إنما طائرهم عند الله)، قال; الأمر من قبل الله.--------------------الهوامش ;(1) انظر تفسير (( الحسنة )) فيما سلف من فهارس اللغة ( حسن ) .(2) انظر تفسير (( السيئة )) فيما سلف من فهارس اللغة ( سوأ ) .(3) في المخطوطة والمطبوعة ; (( إنما طائركم )) ، بزيادة (( إنما )) ، وهو خطأ ، تلك آية أخرى .
فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ أي: الخصب وإدرار الرزق قَالُوا لَنَا هَذِهِ أي: نحن مستحقون لها، فلم يشكروا اللّه عليها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ أي: قحط وجدب يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أي: يقولوا: إنما جاءنا بسبب مجيء موسى، واتباع بني إسرائيل له. قال اللّه تعالى: أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أي: بقضائه وقدرته، ليس كما قالوا، بل إن ذنوبهم وكفرهم هو السبب في ذلك، بل أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ أي: فلذلك قالوا ما قالوا.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الأعراف٧ :١٣١
Al-A'raf7:131