الرسم العثمانيقَالَ يٰمُوسٰىٓ إِنِّى اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسٰلٰتِى وَبِكَلٰمِى فَخُذْ مَآ ءَاتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشّٰكِرِينَ
الـرسـم الإمـلائـيقَالَ يٰمُوۡسٰٓى اِنِّى اصۡطَفَيۡتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسٰلٰتِىۡ وَ بِكَلَامِىۡ ۖ فَخُذۡ مَاۤ اٰتَيۡتُكَ وَكُنۡ مِّنَ الشّٰكِرِيۡنَ
تفسير ميسر:
قال الله يا موسى; إني اخترتك على الناس برسالاتي إلى خلقي الذين أرسلتك إليهم وبكلامي إياك مِن غير وساطة، فخذ ما أعطيتك مِن أمري ونهيي، وتمسَّك به، واعمل به، وكن من الشاكرين لله تعالى على ما آتاك من رسالته، وخصَّك بكلامه.
يذكر تعالى أنه خاطب موسى بأنه اصطفاه على عالمي زمانه برسالاته وكلامه ولا شك أن محمدا صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم من الأولين والآخرين ولهذا اختصه الله بأن جعله خاتم الأنبياء والمرسلين الذي تستمر شريعته إلى قيام الساعة وأتباعه أكثر من أتباع الأنبياء كلهم وبعده في الشرف والفضل إبراهيم الخليل ثم موسى بن عمران كليم الرحمن عليه السلام ولهذا قال الله تعالى له "فخذ ما آتيتك" أي من الكلام والمناجاة "وكن من الشاكرين" أي على ذلك ولا تطلب ما لا طاقة لك به.
قوله تعالى قال ياموسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين[ ص; 252 ] قوله تعالى قال ياموسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي الاصطفاء ; الاجتباء ; أي فضلتك . ولم يقل على الخلق ; لأن من هذا الاصطفاء أنه كلمه وقد كلم الملائكة وأرسله وأرسل غيره . فالمراد على الناس المرسل إليهم . وقرأ ( برسالتي ) على الإفراد نافع وابن كثير . والباقون بالجمع . والرسالة مصدر ، فيجوز إفرادها . ومن جمع على أنه أرسل بضروب من الرسالة فاختلفت أنواعها ، فجمع المصدر لاختلاف أنواعه ; كما قال ; إن أنكر الأصوات لصوت الحمير فجمع لاختلاف أجناس الأصوات واختلاف المصوتين . ووحد في قوله لصوت لما أراد به جنسا واحدا من الأصوات . ودل هذا على أن قومه لم يشاركه في التكليم ولا واحد من السبعين ; كما بيناه في " البقرة " .قوله تعالى فخذ ما آتيتك إشارة إلى القناعة ; أي اقنع بما أعطيتك .وكن من الشاكرين أي من المظهرين لإحساني إليك وفضلي عليك ; يقال ; دابة شكور إذا ظهر عليها من السمن فوق ما تعطى من العلف . والشاكر معرض للمزيد كما قال ; لئن شكرتم لأزيدنكم . ويروى أن موسى عليه السلام مكث بعد أن كلمه الله تعالى أربعين ليلة لا يراه أحد إلا مات من نور الله عز وجل .
القول في تأويل قوله ; قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره، قال الله لموسى; " يا موسى إني اصطفيتك على الناس "، يقول; اخترتك على الناس (1) = " برسالاتي" إلى خلقي, أرسلتك بها إليهم = " وبكلامي"، كلمتك وناجيتك دون غيرك من خلقي. = " فخذ ما آتيتك " يقول; فخذ ما أعطيتك من أمري ونهيي وتمسك به, واعمل به [...] (2) = " وكن من الشاكرين "، لله على ما آتاك من رسالته, وخصك به من النجوى، (3) بطاعته في أمره ونهيه، والمسارعة إلى رضاه.--------------------الهوامش ;(1) (1) انظر تفسير (( الاصطفاء )) فيما سلف 3 ; 91 ، 96 / 5 ; 312 / 6 ; 326 ، 393 .(2) (2) في المطبوعة ; (( واعمل به يريد )) وفي المخطوطة ; (( واعمل به يديك )) ، ولا معنى لذلك هنا ، وكأنها محرفة عن (( بجد )) أو ما أشبه ذلك ، ولكني لم أحسن معرفتها ، فتركت مكانها نقطا بين قوسين . وانظر تفسير قوله في (( سورة البقرة )) ; 63 (( خذوا ما آتيناكم بقوة )) ج2 ; 160 ، 161 .(3) (3) في المطبوعة والمخطوطة ; (( وحصل به من النجوى )) ، وصواب قراءتها ما أثبت .
يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ أي: اخترتك واجتبيتك وفضلتك وخصصتك بفضائل عظيمة، ومناقب جليلة، بِرِسَالاتِي التي لا أجعلها، ولا أخص بها إلا أفضل الخلق. وَبِكَلامِي إياك من غير واسطة، وهذه فضيلة اختص بها موسى الكليم، وعرف بها من بين إخوانه من المرسلين، فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ من النعم، وخذ ما آتيتك من الأمر والنهي بانشراح صدر، وتلقه بالقبول والانقياد، وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ لله على ما خصك وفضلك.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الأعراف٧ :١٤٤
Al-A'raf7:144