الرسم العثمانيذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا
الـرسـم الإمـلائـيذَرۡنِىۡ وَمَنۡ خَلَقۡتُ وَحِيۡدًا
تفسير ميسر:
دعني -أيها الرسول- أنا والذي خلقته في بطن أمه وحيدًا فريدًا لا مال له ولا ولد، وجعلت له مالا مبسوطًا واسعًا وأولادًا حضورًا معه في "مكة" لا يغيبون عنه، ويسَّرت له سبل العيش تيسيرًا، ثم يأمُل بعد هذا العطاء أن أزيد له في ماله وولده، وقد كفر بي. ليس الأمر كما يزعم هذا الفاجر الأثيم، لا أزيده على ذلك؛ إنه كان للقرآن وحجج الله على خلقه معاندًا مكذبًا، سأكلفه مشقة من العذاب والإرهاق لا راحة له منها. (والمراد به الوليد بن المغيرة المعاند للحق المبارز لله ولرسوله بالمحاربة، وهذا جزاء كلِّ من عاند الحق ونابذه).
يقول تعالى متوعدا لهذا الخبيث الذي أنعم الله عليه بنعم الدنيا فكفر بأنعم الله وبدلها كفرا وقابلها بالجحود بآيات الله والافتراء عليها وجعلها من قول البشر وقد عدد الله عليه نعمه حيث قال تعالى "ذرني ومن خلقت وحيدا" أي خرج من بطن أمه وحده لا مال له ولا ولد ثم رزقه الله تعالى.
قوله تعالى ; ذرني ومن خلقت وحيدا ذرني أي دعني ، وهي كلمة وعيد وتهديد ومن خلقت أي دعني والذي خلقته وحيدا ف ( وحيدا ) على هذا حال من ضمير المفعول المحذوف ، أي خلقته وحده ، لا مال له ولا ولد ، ثم أعطيته بعد ذلك ما أعطيته ، والمفسرون على أنه الوليد بن المغيرة المخزومي ، وإن كان الناس خلقوا مثل خلقه ، وإنما خص بالذكر لاختصاصه بكفر النعمة وإيذاء الرسول - عليه السلام - ، وكان يسمى الوحيد في قومه ، قال ابن عباس ; كان الوليد يقول ; أنا الوحيد ابن الوحيد ، ليس لي في العرب نظير ، ولا لأبي المغيرة نظير ، وكان يسمى الوحيد فقال الله تعالى ; ذرني ومن خلقت بزعمه وحيدا لا أن الله تعالى صدقه بأنه وحيد ، وقال قوم ; إن قوله تعالى ; وحيدا يرجع إلى الرب تعالى على معنيين ; أحدهما ; ذرني وحدي معه فأنا أجزيك في الانتقام منه عن كل منتقم ، والثاني ; أني انفردت بخلقه ولم يشركني فيه أحد ، فأنا أهلكه ولا أحتاج إلى ناصر في إهلاكه ف ( وحيدا ) على هذا حال من ضمير الفاعل ، وهو التاء في خلقت والأول قول مجاهد ، أي خلقته وحيدا في بطن أمه لا مال له ولا ولد ، فأنعمت عليه فكفر فقوله ; وحيدا على هذا يرجع إلى الوليد ، أي لم يكن له شيء فملكته ، وقيل ; أراد بذلك ليدله على أنه يبعث وحيدا كما خلق وحيدا ، وقيل ; الوحيد الذي لا يعرف أبوه ، وكان الوليد معروفا بأنه دعي ، كما ذكرنا في قوله تعالى ; عتل بعد ذلك زنيم وهو في صفة الوليد أيضا .
وقوله; ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; كِلْ يا محمد أمر الذي خلقته في بطن أمه وحيدًا، لا شيء له من مال ولا ولد إليّ.وذُكر أنه عُنِي بذلك; الوليد بن المغيرة المخزومي.* ذكر من قال ذلك;حدثنا سفيان، قال; ثنا وكيع، قال; ثنا يُونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، مولى زيد، عن سعيد بن جُبير أو عكرِمة، عن ابن عباس، قال; أنـزل الله في الوليد بن المغيرة قوله; ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) وقوله; فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ... إلى آخرها.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) قال; خلقته وحده ليس معه مال ولا ولد.حدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا وكيع، عن محمد بن شريك، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) قال; نـزلت في الوليد بن المغيرة، وكذلك الخلق كلهم.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) وهو الوليد بن المغيرة، أخرجه الله من بطن أمه وحيدًا، لا مال له ولا ولد، فرزقه الله المال والولد، والثروة والنماء.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد في قوله; ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ... ) إلى قوله; إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ... حتى بلغ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ قال; هذه الآية أُنـزلت في الوليد بن المُغيرة.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; أخبرنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) يعني الوليد بن المغيرة.
هذه الآيات، نزلت في الوليد بن المغيرة، معاند الحق، والمبارز لله ولرسوله بالمحاربة والمشاقة، فذمه الله ذما لم يذمه غيره، وهذا جزاء كل من عاند الحق ونابذه، أن له الخزي في الدنيا، ولعذاب الآخرة أخزى، فقال: { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا } أي: خلقته منفردا، بلا مال ولا أهل، ولا غيره، فلم أزل أنميه وأربيه
(الواو) عاطفة
(من) اسم موصول في محلّ نصب معطوف على محلّ الياء في(ذرني) ،
(وحيدا) حال من العائد المحذوف أي من خلقته منفردا
(له) متعلّق بمحذوف مفعول به ثان عامله جعلت و (له) الثاني متعلّق بـ (مهّدت) ،
(تمهيدا) مفعول مطلق منصوبـ (أن) حرف مصدريّ ونصب.
والمصدر المؤوّلـ (أن أزيد ... ) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف متعلّق بـ (يطمع) أي في أن أزيده أو بأن أزيده.
جملة: «ذرني ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «خلقت ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة: «جعلت ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة خلقت.
وجملة: «مهّدت ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة خلقت.
وجملة: «يطمع ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة مهّدت.
وجملة: «أزيد ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
- القرآن الكريم - المدثر٧٤ :١١
Al-Muddassir74:11