وَالَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ
وَالَّيۡلِ اِذۡ اَدۡبَرَۙ
تفسير ميسر:
ليس الأمر كما ذكروا من التكذيب للرسول فيما جاء به، أقسم الله سبحانه بالقمر، وبالليل إذ ولى وذهب، وبالصبح إذا أضاء وانكشف. إن النار لإحدى العظائم؛ إنذارًا وتخويفًا للناس، لمن أراد منكم أن يتقرَّب إلى ربه بفعل الطاعات، أو يتأخر بفعل المعاصي.
أي ولى.
( والليل إذ أدبر ) أي ولى وكذلك ( دبر ) . وقرأ نافع وحمزة وحفص إذ أدبر الباقون ( إذا ) بألف و ( دبر ) بغير ألف وهما لغتان بمعنى ; يقال دبر وأدبر ، وكذلك قبل الليل وأقبل . وقد قالوا ; أمس الدابر والمدبر ; قال صخر بن عمرو بن الشريد السلمي ;ولقد قتلناكم ثناء وموحدا وتركت مرة مثل أمس الدابرويروى " المدبر " . وهذا قول الفراء والأخفش . وقال بعض أهل اللغة ; دبر الليل ; إذا مضى ، وأدبر ; أخذ في الإدبار . وقال مجاهد ; سألت ابن عباس عن قوله تعالى ; ( والليل إذا دبر ) فسكت حتى إذا دبر قال ; يا مجاهد ، هذا حين دبر الليل . وقرأ محمد بن السميقع ( والليل إذا أدبر ) بألفين ، وكذلك في مصحف عبد الله وأبي بألفين . وقال قطرب من قرأ ( دبر ) فيعني أقبل ، من قول العرب دبر فلان ; إذا جاء من خلفي . قال أبو عمرو ; وهي لغة قريش . وقال ابن عباس في رواية عنه ; الصواب ; أدبر ، إنما يدبر ظهر البعير . واختار أبو عبيد ; [ ص; 78 ] ( إذا أدبر ) قال ; لأنها أكثر موافقة للحروف التي تليه ; ألا تراه يقول ; والصبح إذا أسفر ، فكيف يكون أحدهما إذ والآخر إذا وليس في القرآن قسم تعقبه إذ وإنما يتعقبه إذا
حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ) إذ ولَّى.وقال آخرون في ذلك ما حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي ؛ عن أبيه، عن ابن عباس ( وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ) دبوره; إظلامه.واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة ( إِذْ أَدْبَرَ )، وبعض قرّاء مكة والكوفة ( إذا دَبَرَ ).والصواب من القول في ذلك عندنا، أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.وقد اختلف أهل العلم بكلام العرب في ذلك، فقال بعض الكوفيين; هما لغتان، يقال; دبر النهار وأدبر، ودبر الصيف وأدبر ، قال; وكذلك قَبل وأقبل ؛ فإذا قالوا; أقبل الراكب وأدبر لم يقولوه إلا بالألف. وقال بعض البصريين; ( واللَّيْل إذَا دَبَرَ ) يعني; إذا دبر النهار وكان في آخره ؛ قال; ويقال; دبرني; إذا جاء خلفي، وأدبر; إذا ولَّى.والصواب من القول في ذلك عندي أنهما لغتان بمعنى، وذلك أنه محكيّ عن العرب; قبح الله ما قَبِل منه وما دبر. وأخرى أن أهل التفسير لم يميزوا في تفسيرهم بين القراءتين، وذلك دليل على أنهم فعلوا ذلك كذلك، لأنهما بمعنى واحد.
وبالليل وقت إدباره.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة